في محافظة صعدة (معقل الحوثيين)، شمالاً، شرعت جماعة الحوثي في زرع مذهبها الشيعي المتطرف باستهداف تربوي للطلاب بمستوياتهم المختلفة من أجل غرس ثقافة طائفية سرعان ما وصلت من بين جدران منتديات الجماعة إلى حجرات التعليم النظامي. فقد أدرك مؤسس الحركة "حسين الحوثي" أهمية استهداف فئة الطلاب من أجل الحصول على جيل يمكن أن يدفع مستقبله وحياته بسهولة ثمناً في سبيل ما يعتقد.
لا تقول الحركة علناً بأنها تروج لمذهب مختلف عبر الوسائل التعليمية لكنها تفعل ذلك بشكل عملي وغير مباشر، ومن ذلك أن تصف نفسها بأنها حركة "قرآنية". ذلك أنها تروج أن ما يتعلمه طلاب المدارس والناس عن الدين عبر مناهج دينية مختلفة مثل كتب التفسير والحديث الشريف والتوحيد والسيرة النبوية والفقه وغيرها هي ممارسات خاطئة تصب في مصلحة السنة والمعتزلة والغرب وأعداء الإسلام بحسب قول مؤسسها حسين بدر الدين الحوثي، إذ لا يجب إتباع أي منهج ديني سوى استنباط كل ما يهم المسلم في دينه ودنياه من قراءة القرآن الكريم فقط والاستغناء تماماً عما سواه.
وقد نشأت الحركة الحوثية نشأة تعليمية للشباب المراهق، وكان الحوثي المؤسس يركز على توثيق محاضراته في أفلام فيديو وأوراق مطبوعة تسمى "ملازِم" ليوصلها أتباعه إلى باقي المناطق ومنها مدينة صنعاء. كانت بعض محاضراته تحث الشباب على رفض محتوى المناهج التعليمية ومنها ملزمته "خطورة المرحلة" وملزمة "مسؤولية آل البيت".
في العام 2004، كانت أفكار الحوثي لاتزال خارج حدود المدرسة رغم استهدافها للطلاب، لكن ما أن تمت السيطرة الكاملة للجماعة على صعدة في عام 2011، حتى قامت الجماعة، في ظل غياب شبه تام لتواجد الدولة، باستخدام المدارس الحكومية الموجودة في بعض مناطق محافظة صعدة لحرف العملية التعليمية عن مسارها الطبيعي عن طريق نشر ثقافتها الطائفية بالقوة وذلك عن طريق تغيير بعض المناهج.
وتم هذا غالبا في المدارس الواقعة في المناطق الخاضعة لسيطرة الجماعة بشكل كامل في كل من (مران، فوط، ذويب، ضحيان، الحمزات، ال جعفر، الشوارق، الجمعة، مدران). وبدأت الحركة بدمج تلك الأفكار داخل المدرسة عبر مدرسين من أتباعهم ممن يؤمنون بفكرها.
قامت الجماعة بتغيير مدير مكتب التربية والتعليم وتعيين شخص موالٍ لهم، لينتهي الأمر بتغييرات واسعة لمدراء مدارس مختلفة. يقول خالد عبدالكريم، وهو أحد أبناء صعدة النازحين، بأن جماعة الحوثي فرضت مدراء مدارس جُدد كما عملت على التضييق على المدرسين الذين ينحدرون من المحافظات والمناطق اليمنية الشافعية ذات المذهب السني (تعز، الحديدة، إب، ريمة وغيرها من المحافظات) ليتركوا مدارس صعدة ويتم استبدالهم بمواليين لهم تكون مهمتهم نشر الفكر الذي يحاربون لأجله.
وأضاف عبدالكريم لـ "العربي الجديد" بأن جماعة الحوثي عملت على اعتقال وسجن المدرسين الرافضين لأفكارهم الطائفية من أبناء صعدة، ودفعهم لترك وظائفهم بهدف توظيف آخرين يتبعونهم. مشيرا إلى أن الجماعة سخرت كل امكانيات وزارة التربية والتعليم من بنى تحتية ومرتبات للترويج لفكرها الطائفي المبني على أساس الحق الالهي في الولاية والحكم.
وبحسب عبدالكريم فإن الجماعة استخدمت وسائل مختلفة في تعزيز الطائفية لدى طلاب المدراس، أهمها توزيع مناهج خاصة بهم وهذا كان يتم في مديريات ومناطق محدودة في صعدة، "والثانية تعليم الطلاب المناهج المعتمدة من وزارة التربية والتعليم، لكنهم يؤكدون للطلاب أن ما جاء في هذه المناهج كذب وافتراء وليس صحيحا حيث يفقد الطلاب ثقتهم بالمدارس والمناهج الحكومية ويركزون على أدبيات وأفكار الجماعة".
ومن الأساليب المتبعة في التعبئة الطائفية بالمدرسة، هو تدريس بعض مقررات المنهج الدراسي المعتمد من الوزارة، "مع الحرص على تجاهل وحذف كل ما يختلف معهم فكريا مثل أحاديث أبو هريرة وأي أحداث أو مواقف عن أبو بكر وعمر وعثمان وعائشة".
في طابور الصباح
حرصت الجماعة على تخصيص أيام أسبوعية لتقوم قيادات دينية ومراجع دينية بإلقاء الخطب والكلمات أمام الطلاب في طابور الصباح، ويتم الحديث عن الخلاف التاريخي الإسلامي بين علي بن أبي طالب وبين الصحابة (عائشة وعمر وأبو بكر الصديق) من وجهة نظر حوثية، وتأكيد ضرورة التبرؤ من ما يسمونها الممارسات الخاطئة التي مورست خلال تلك الحقبة من الزمن ضد آل بيت رسول الله وليست انتهاء بحث الطلاب على الجهاد ضد قوى الاستكبار العالمي بحسب قولهم.
كما يستخدم الحوثيون الفعاليات الطلابية والمهرجانات وتحديد أيام معينة كمناسبات دينية يتم الاحتفاء بها في المدارس لتعزيز تواجدهم الطائفي في نفوس الطلاب.
صالح الحكمي أحد أبناء صعدة النازحين من الحرب يؤكد بأن جماعة الحوثي استحدثت مناسبات ليتم غرس الفكر الحوثي في نفوس الطلاب من خلالها مثل "اسبوع الصرخة" وهو شعار الحوثي والمستخدم أيضا في جمهورية إيران (الموت لأمريكا الموت لاسرائيل اللعنة على اليهود النصر للاسلام)، وأسبوع الشهيد، ومولد فاطمة بنت رسول الله والمولد النبوي ويوم الغدير ويوم عاشوراء وأربعينية الحسين ويوم القدس العالمي. لافتا إلى أن "الكادر التعليمي أصبح يستغل هذه المناسبات لتعزيز النظرة الطائفية للتاريخ الإسلامي في حين أن المفترض أن يتم ابعاد المدرسة والطلاب عن أي اشكاليات طائفية".
وأضاف الحكمي بأن هذه الانتهاكات في حق التعليم "كانت تُمارس خلال السنوات الماضية، أما اليوم وقد سيطرت جماعة الحوثي على عدد من محافظات الجمهورية فان هذه الممارسات قد تضاعفت".
شتات وصناعة مقاتلين
عاش طلاب المدارس في محافظة صعدة وبعض مديريات محافظة عمران فترة صعبة من الارتباك بسبب تغيّر ما كانوا يدرسونه عن "ثوابت" دينية وقومية وما أصبحوا يدرسونه من تناقض ملحوظ. أستاذ التربية الإسلامية خليل عبدالله أكد بأن كثير من الطلاب عاشوا فترات من الشتات أمام فرض واقع تعليمي جديد ينال من بعض رموز الدين الإسلامي. مشيرا إلى أن الجماعة دأبت على تغيير قناعات الطلاب التي كانوا قد جبلوا عليها منذ مستويات دراسية مبكرة.
وأضاف عبدالله بأن جماعة الحوثي استخدمت المدارس لحث الطلاب والأطفال على المشاركة في جبهات الحرب بمناطق يمنية مختلفة لدوافع طائفية بحتة. يقول لـ "العربي الجديد": "حرصت الجماعة على القاء الخطب والكلمات الحماسية في المدارس لحث الأطفال على المشاركة بالحرب، وقد توفي كثير من طلابي في حروب مختلفة". مشيرا إلى أنه كان مدرسا في أحد الصفوف يتجاوز عدد الطلاب فيه الستين طالبا، لكنه يعتقد أن الأحياء منهم اليوم لا يتجاوزون العشرة طلاب.
وأوضح عبدالله بأن كثيرا من أولياء الأمور يرفضون ما وصفه بـ "التعليم الطائفي" لكنهم لا يستطيعون رفضه علنا أو تغييره لأن مصير من يحتج هو الاعتقال أو النفي. مشيرا إلى أن العديد من الأسر غادرت صعدة في وقت مبكر حرصا على إبعاد أبنائها عن هذا النوع من التعليم.
إلى ذلك، كانت مواقع يمنية قد نشرت صورا لمناهج دراسية قامت مؤسسات دينية تابعة لجماعة الحوثي بطباعتها ليتم تدريسها في المناطق الخاصة بشكل كامل للجماعة.
وطبعت "مؤسسة الإمام الهادي الثقافية" وهي مؤسسة تابعة لجماعة الحوثيين المسلحة، بعض المناهج الدراسية التي تؤكد التعبئة الفكرية الطائفية وتعزيز العنف لدى الطلاب. حيث يركز كتاب الرياضيات، الذي يُدرسه الحوثيون لطلاب الصف الثاني الإبتدائي في محافظة صعدة، على استخدام الذخيرة والأسلحة والجنود وعمليات القتل والأسر كامثلة رياضية وحسابية.
رفض مستمر
مصادر في وزارة التربية والتعليم تؤكد تلقي الوزارة لشكاوى من أولياء الأمور أكدوا بأن الحوثيين يسخرون العملية التعليمية لتثبيت تواجدهم بالمحافظات التي يسيطرون عليها.
وأضاف المصدر الذي فضل عدم ذكر اسمه، بان أولياء الأمور ابدوا انزعاجهم من "الزج بأبنائهم في الخلافات السياسية والمذهبية"، حيث طالبوا مكاتب التربية "النأي بالتعليم عن المناكفات السياسية والمشاحنات الطائفيّة والحفاظ على قيمة التعايش ونبذ العنف والتشدد". مشيرا بأن الحوثيين "وإن اظهروا بأنهم يواجهون العدوان الخارجي (التحالف العربي)، لكنهم يعملون على نشر ثقافتهم الدينية والذي ينتهي باستقطاب الشباب وارسالهم إلى جبهات القتال المختلفة".
وفي وقت سابق، قوبل رئيس ما تسمى باللجنة الثورية العليا محمد علي الحوثي، بالحجارة وعبارات الرفض من قبل طلاب ثانوية الكويت بالعاصمة صنعاء الأسبوع الماضي.
وأظهر تسجيل مصور محمد الحوثي وهو يُقذف بالحجارة بعد أن انتفض الطلبة في وجهه ومن معه من إدارة المدرسة ليلقي عليهم خطابا يدعوهم فيه لمواجهة ما وصفه بـ "العدوان" والمخالفين للجماعة.
الموجه التربوي بدر علي يقول: المشكلة ليست في أن الحوثيين يدرسون أفكارهم لأتباعهم فهذا شأنهم، لكن الإشكال يتمثل في سعيهم لتعميم أفكارهم وفرضها على بقية أفراد المجتمع مستخدمة إمكانيات الدولة من مدارس وغيرها.. علما أن المنهج التعليمي في اليمن لم يكن يمثل مذهبا دون آخر بل كان خلاصة اجتماع فقهاء من عدة مذاهب بعضهم يعتبره الحوثيون من مراجعهم، والحديث هنا عن مناهج التربية الإسلامية تحديدا.
أما المشكلة الثانية برأي بدر فتكمن في أن العديد من أطروحات الحوثيين التعليمية هي في حقيقة الأمر مفردات تعبئة حربية وعسكرية ضد الآخر الذي لا يؤمن بأفكارهم، وهي بالتالي أفكار تكفيرية تبيح دماء المخالفين وهنا تكمن الخطورة. ويعتقد أن المهمة كبيرة بعد الانتصار على الحوثيين لغرس قيم الاعتدال والتسامح من جديد في المؤسسات التعليمية.
لا تقول الحركة علناً بأنها تروج لمذهب مختلف عبر الوسائل التعليمية لكنها تفعل ذلك بشكل عملي وغير مباشر، ومن ذلك أن تصف نفسها بأنها حركة "قرآنية". ذلك أنها تروج أن ما يتعلمه طلاب المدارس والناس عن الدين عبر مناهج دينية مختلفة مثل كتب التفسير والحديث الشريف والتوحيد والسيرة النبوية والفقه وغيرها هي ممارسات خاطئة تصب في مصلحة السنة والمعتزلة والغرب وأعداء الإسلام بحسب قول مؤسسها حسين بدر الدين الحوثي، إذ لا يجب إتباع أي منهج ديني سوى استنباط كل ما يهم المسلم في دينه ودنياه من قراءة القرآن الكريم فقط والاستغناء تماماً عما سواه.
وقد نشأت الحركة الحوثية نشأة تعليمية للشباب المراهق، وكان الحوثي المؤسس يركز على توثيق محاضراته في أفلام فيديو وأوراق مطبوعة تسمى "ملازِم" ليوصلها أتباعه إلى باقي المناطق ومنها مدينة صنعاء. كانت بعض محاضراته تحث الشباب على رفض محتوى المناهج التعليمية ومنها ملزمته "خطورة المرحلة" وملزمة "مسؤولية آل البيت".
في العام 2004، كانت أفكار الحوثي لاتزال خارج حدود المدرسة رغم استهدافها للطلاب، لكن ما أن تمت السيطرة الكاملة للجماعة على صعدة في عام 2011، حتى قامت الجماعة، في ظل غياب شبه تام لتواجد الدولة، باستخدام المدارس الحكومية الموجودة في بعض مناطق محافظة صعدة لحرف العملية التعليمية عن مسارها الطبيعي عن طريق نشر ثقافتها الطائفية بالقوة وذلك عن طريق تغيير بعض المناهج.
وتم هذا غالبا في المدارس الواقعة في المناطق الخاضعة لسيطرة الجماعة بشكل كامل في كل من (مران، فوط، ذويب، ضحيان، الحمزات، ال جعفر، الشوارق، الجمعة، مدران). وبدأت الحركة بدمج تلك الأفكار داخل المدرسة عبر مدرسين من أتباعهم ممن يؤمنون بفكرها.
قامت الجماعة بتغيير مدير مكتب التربية والتعليم وتعيين شخص موالٍ لهم، لينتهي الأمر بتغييرات واسعة لمدراء مدارس مختلفة. يقول خالد عبدالكريم، وهو أحد أبناء صعدة النازحين، بأن جماعة الحوثي فرضت مدراء مدارس جُدد كما عملت على التضييق على المدرسين الذين ينحدرون من المحافظات والمناطق اليمنية الشافعية ذات المذهب السني (تعز، الحديدة، إب، ريمة وغيرها من المحافظات) ليتركوا مدارس صعدة ويتم استبدالهم بمواليين لهم تكون مهمتهم نشر الفكر الذي يحاربون لأجله.
وأضاف عبدالكريم لـ "العربي الجديد" بأن جماعة الحوثي عملت على اعتقال وسجن المدرسين الرافضين لأفكارهم الطائفية من أبناء صعدة، ودفعهم لترك وظائفهم بهدف توظيف آخرين يتبعونهم. مشيرا إلى أن الجماعة سخرت كل امكانيات وزارة التربية والتعليم من بنى تحتية ومرتبات للترويج لفكرها الطائفي المبني على أساس الحق الالهي في الولاية والحكم.
وبحسب عبدالكريم فإن الجماعة استخدمت وسائل مختلفة في تعزيز الطائفية لدى طلاب المدراس، أهمها توزيع مناهج خاصة بهم وهذا كان يتم في مديريات ومناطق محدودة في صعدة، "والثانية تعليم الطلاب المناهج المعتمدة من وزارة التربية والتعليم، لكنهم يؤكدون للطلاب أن ما جاء في هذه المناهج كذب وافتراء وليس صحيحا حيث يفقد الطلاب ثقتهم بالمدارس والمناهج الحكومية ويركزون على أدبيات وأفكار الجماعة".
ومن الأساليب المتبعة في التعبئة الطائفية بالمدرسة، هو تدريس بعض مقررات المنهج الدراسي المعتمد من الوزارة، "مع الحرص على تجاهل وحذف كل ما يختلف معهم فكريا مثل أحاديث أبو هريرة وأي أحداث أو مواقف عن أبو بكر وعمر وعثمان وعائشة".
في طابور الصباح
حرصت الجماعة على تخصيص أيام أسبوعية لتقوم قيادات دينية ومراجع دينية بإلقاء الخطب والكلمات أمام الطلاب في طابور الصباح، ويتم الحديث عن الخلاف التاريخي الإسلامي بين علي بن أبي طالب وبين الصحابة (عائشة وعمر وأبو بكر الصديق) من وجهة نظر حوثية، وتأكيد ضرورة التبرؤ من ما يسمونها الممارسات الخاطئة التي مورست خلال تلك الحقبة من الزمن ضد آل بيت رسول الله وليست انتهاء بحث الطلاب على الجهاد ضد قوى الاستكبار العالمي بحسب قولهم.
كما يستخدم الحوثيون الفعاليات الطلابية والمهرجانات وتحديد أيام معينة كمناسبات دينية يتم الاحتفاء بها في المدارس لتعزيز تواجدهم الطائفي في نفوس الطلاب.
صالح الحكمي أحد أبناء صعدة النازحين من الحرب يؤكد بأن جماعة الحوثي استحدثت مناسبات ليتم غرس الفكر الحوثي في نفوس الطلاب من خلالها مثل "اسبوع الصرخة" وهو شعار الحوثي والمستخدم أيضا في جمهورية إيران (الموت لأمريكا الموت لاسرائيل اللعنة على اليهود النصر للاسلام)، وأسبوع الشهيد، ومولد فاطمة بنت رسول الله والمولد النبوي ويوم الغدير ويوم عاشوراء وأربعينية الحسين ويوم القدس العالمي. لافتا إلى أن "الكادر التعليمي أصبح يستغل هذه المناسبات لتعزيز النظرة الطائفية للتاريخ الإسلامي في حين أن المفترض أن يتم ابعاد المدرسة والطلاب عن أي اشكاليات طائفية".
وأضاف الحكمي بأن هذه الانتهاكات في حق التعليم "كانت تُمارس خلال السنوات الماضية، أما اليوم وقد سيطرت جماعة الحوثي على عدد من محافظات الجمهورية فان هذه الممارسات قد تضاعفت".
شتات وصناعة مقاتلين
عاش طلاب المدارس في محافظة صعدة وبعض مديريات محافظة عمران فترة صعبة من الارتباك بسبب تغيّر ما كانوا يدرسونه عن "ثوابت" دينية وقومية وما أصبحوا يدرسونه من تناقض ملحوظ. أستاذ التربية الإسلامية خليل عبدالله أكد بأن كثير من الطلاب عاشوا فترات من الشتات أمام فرض واقع تعليمي جديد ينال من بعض رموز الدين الإسلامي. مشيرا إلى أن الجماعة دأبت على تغيير قناعات الطلاب التي كانوا قد جبلوا عليها منذ مستويات دراسية مبكرة.
وأضاف عبدالله بأن جماعة الحوثي استخدمت المدارس لحث الطلاب والأطفال على المشاركة في جبهات الحرب بمناطق يمنية مختلفة لدوافع طائفية بحتة. يقول لـ "العربي الجديد": "حرصت الجماعة على القاء الخطب والكلمات الحماسية في المدارس لحث الأطفال على المشاركة بالحرب، وقد توفي كثير من طلابي في حروب مختلفة". مشيرا إلى أنه كان مدرسا في أحد الصفوف يتجاوز عدد الطلاب فيه الستين طالبا، لكنه يعتقد أن الأحياء منهم اليوم لا يتجاوزون العشرة طلاب.
وأوضح عبدالله بأن كثيرا من أولياء الأمور يرفضون ما وصفه بـ "التعليم الطائفي" لكنهم لا يستطيعون رفضه علنا أو تغييره لأن مصير من يحتج هو الاعتقال أو النفي. مشيرا إلى أن العديد من الأسر غادرت صعدة في وقت مبكر حرصا على إبعاد أبنائها عن هذا النوع من التعليم.
إلى ذلك، كانت مواقع يمنية قد نشرت صورا لمناهج دراسية قامت مؤسسات دينية تابعة لجماعة الحوثي بطباعتها ليتم تدريسها في المناطق الخاصة بشكل كامل للجماعة.
وطبعت "مؤسسة الإمام الهادي الثقافية" وهي مؤسسة تابعة لجماعة الحوثيين المسلحة، بعض المناهج الدراسية التي تؤكد التعبئة الفكرية الطائفية وتعزيز العنف لدى الطلاب. حيث يركز كتاب الرياضيات، الذي يُدرسه الحوثيون لطلاب الصف الثاني الإبتدائي في محافظة صعدة، على استخدام الذخيرة والأسلحة والجنود وعمليات القتل والأسر كامثلة رياضية وحسابية.
رفض مستمر
مصادر في وزارة التربية والتعليم تؤكد تلقي الوزارة لشكاوى من أولياء الأمور أكدوا بأن الحوثيين يسخرون العملية التعليمية لتثبيت تواجدهم بالمحافظات التي يسيطرون عليها.
وأضاف المصدر الذي فضل عدم ذكر اسمه، بان أولياء الأمور ابدوا انزعاجهم من "الزج بأبنائهم في الخلافات السياسية والمذهبية"، حيث طالبوا مكاتب التربية "النأي بالتعليم عن المناكفات السياسية والمشاحنات الطائفيّة والحفاظ على قيمة التعايش ونبذ العنف والتشدد". مشيرا بأن الحوثيين "وإن اظهروا بأنهم يواجهون العدوان الخارجي (التحالف العربي)، لكنهم يعملون على نشر ثقافتهم الدينية والذي ينتهي باستقطاب الشباب وارسالهم إلى جبهات القتال المختلفة".
وفي وقت سابق، قوبل رئيس ما تسمى باللجنة الثورية العليا محمد علي الحوثي، بالحجارة وعبارات الرفض من قبل طلاب ثانوية الكويت بالعاصمة صنعاء الأسبوع الماضي.
وأظهر تسجيل مصور محمد الحوثي وهو يُقذف بالحجارة بعد أن انتفض الطلبة في وجهه ومن معه من إدارة المدرسة ليلقي عليهم خطابا يدعوهم فيه لمواجهة ما وصفه بـ "العدوان" والمخالفين للجماعة.
الموجه التربوي بدر علي يقول: المشكلة ليست في أن الحوثيين يدرسون أفكارهم لأتباعهم فهذا شأنهم، لكن الإشكال يتمثل في سعيهم لتعميم أفكارهم وفرضها على بقية أفراد المجتمع مستخدمة إمكانيات الدولة من مدارس وغيرها.. علما أن المنهج التعليمي في اليمن لم يكن يمثل مذهبا دون آخر بل كان خلاصة اجتماع فقهاء من عدة مذاهب بعضهم يعتبره الحوثيون من مراجعهم، والحديث هنا عن مناهج التربية الإسلامية تحديدا.
أما المشكلة الثانية برأي بدر فتكمن في أن العديد من أطروحات الحوثيين التعليمية هي في حقيقة الأمر مفردات تعبئة حربية وعسكرية ضد الآخر الذي لا يؤمن بأفكارهم، وهي بالتالي أفكار تكفيرية تبيح دماء المخالفين وهنا تكمن الخطورة. ويعتقد أن المهمة كبيرة بعد الانتصار على الحوثيين لغرس قيم الاعتدال والتسامح من جديد في المؤسسات التعليمية.