الرئيسية / تقارير وحوارات / اليمن: معطيات تعزّز خيار العودة للمحادثات
اليمن: معطيات تعزّز خيار العودة للمحادثات

اليمن: معطيات تعزّز خيار العودة للمحادثات

12 مارس 2016 07:45 صباحا (يمن برس)
تغيّرت معطيات عدة في اليمن بشكل كبير، بين أسبوع وآخر، وانتقلت من الحديث عن معركة صنعاء وتقدم القوات الموالية للشرعية، إلى تهدئة في المناطق الحدودية بين اليمن والسعودية وبدء مفاوضات مباشرة بين الحوثيين والسعودية، الأمر الذي بدا مفاجئاً لكثيرين، غير أن له في المقابل عوامل مساعدة عديدة سياسياً وميدانياً وإقليمياً.

وكان لافتاً تراجع الحديث عن حلّ سياسي خلال الأشهر الأخيرة، من قبل المسؤولين في الحكومة اليمنية في ظلّ تصريحات لقيادات في التحالف تتحدث عن أن العمليات العسكرية وصلت مشارف صنعاء وستتواصل حتى تحريرها، خصوصاً مع ظهور مؤشرات بتراجع قوات الحوثيين والموالين للرئيس المخلوع علي عبدالله صالح. وقد جاء كل ذلك بعد فشل الجولة الثانية من المفاوضات، والتي رعتها الأمم المتحدة في سويسرا منتصف ديسمبر/ كانون الأول الماضي، ومن ثم تعثر استئناف المحادثات التي كانت مقررة في 14 يناير/كانون الثاني الماضي.

في المقابل، وعلى الرغم من المعطيات الميدانية المشجعة للشرعية بالحسم عسكرياً بعد ضعف شريكي الانقلاب، إلا أن التطورات الميدانية لم تكن سارة للتحالف، وفي مقدمتها الأوضاع في المحافظات الجنوبية، بعد سيطرة مسلحي تنظيم "القاعدة" على مدن في أبين ولحج وشبوة، مع استمرار سيطرتهم على المكلا، كما تبنّى تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) العديد من الهجمات في عدن.

بناءً عليه، اضطر الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي، إلى مغادرة مدينة عدن، "العاصمة المؤقتة" كما أطلق عليها، متوجهاً إلى السعودية في 13 فبراير/شباط الماضي، وكان من المقرر حسبما أفادت مصادر حكومية لـ"العربي الجديد" أن يعود إليها، إلا أن حالة عدم الاستقرار جعلته في الرياض حتى اليوم، بعد أن أقام هناك منذ مارس/آذار من العام الماضي وحتى نوفمبر/تشرين الثاني الماضي. مع العلم أنه في الوقت ذاته لا يزال أغلب مسؤولي الحكومة اليمنية خارج البلاد، الأمر الذي يعكس التوتر في المناطق "المحررة"، والتي قدّرها هادي في أحدث تصريحاته بـ85 في المائة من الأراضي اليمنية.

من جانب آخر، تعتبر الهزائم الميدانية التي تكبّدها الحوثيون وحلفاؤهم أخيراً من الأسباب المباشرة التي دفعت بالمسار السياسي مجدداً إلى الواجهة، وتفيد مختلف المصادر المقرّبة من الحكومة، أن الحوثيين وقوات صالح قدّموا تنازلات مع البحث عن مخارج وذلك عبر الأمم المتحدة، وعبر أطر خارجة عنها. وهو ما تجسّد بالوساطة التي قادتها شخصيات اجتماعية وقبلية يمنية، وفقاً لبيان قوات التحالف، ونجحت بإيجاد تهدئة على الحدود، وتوجه وفد من الحوثيين والقبليين المحسوبين عليهم إلى السعودية.

كما شهدت الأسابيع الماضية تحركات دبلوماسية ولقاءات مكثفة في العاصمة السعودية، تحديداً للسفيرين الأميركي والفرنسي في الرياض، بعد تعيين الفريق علي محسن الأحمر نائباً للقائد الأعلى للقوات المسلحة. كما صدر قرار غير ملزم من البرلمان الأوروبي، يطالب بحظر بيع الأسلحة للسعودية ويتهم التحالف بالفشل في تحقيق الاستقرار في اليمن، ويدين استمرار العمليات.

وبدءاً من منتصف فبراير/ شباط الماضي بدأ مجلس الأمن بعقد جلسة شبه أسبوعية حول الوضع في اليمن بطلب من روسيا، ليعقد بأقل من شهر عدة جلسات، حتى إصداره قراراً حمل الرقم 2266 في 23 فبراير/ شباط، يتضمن تجديد العقوبات ضد معرقلي التسوية (قيادات بجماعة الحوثي وصالح). ويعتبر أول قرار يصدر حول اليمن منذ صدور القرار 2216 بطلب من دول مجلس التعاون الخليجي في أبريل/ نيسان من العام الماضي.

وفي السياق، طُرح منذ أكثر من أسبوع على طاولة مجلس الأمن، مشروع قرار يدين الهجمات ضد المدنيين من قبل جميع الأطراف، ويدعو إلى وقف إطلاق النار، وهو الأمر الذي قالت تقارير إعلامية إن السعودية اعترضت على صدوره.

كما ارتفعت وتيرة التدهور الاقتصادي في البلاد على مختلف الصعد، مع استمرار الحرب منذ ما يقرب العام، ووصل الريال اليمني إلى أدنى مستوياته أمام الدولار (280 ريالاً للدولار)، فيما تشير التقارير إلى أن الحرب تسبّبت بإغلاق أو تعطل 70 في المائة من الشركات، وغير ذلك مما انعكس على الوضع الإنساني، ورفع المخاوف من مزيد من التدهور في حال استمرار الحرب.

مع العلم أن شهر مارس/ آذار الحالي يُصادف مرور عام على بدء التدخل العربي بقيادة السعودية، من خلال عمليات جوية بدأت بـ"عاصفة الحزم" في 26 من الشهر من نفسه، وفي 21 أبريل/ نيسان من العام الماضي، أعلن التحالف انتهاء عمليات العاصفة وبدء عملية "إعادة الأمل" التي تتضمن شقاً سياسياً مع استمرار العمليات العسكرية، غير أن المسار السياسي أخفق لتستمر العمليات، قرابة عام، ويعد هذا حسب مراقبين، أحد العوامل المساندة بدفع الحل السياسي إلى الأمام.

وعلى الرغم من المعطيات السابقة، وبالنظر إلى تجارب المحطات السياسية السابقة خلال العام الماضي، ما تزال التحديات التي تعترض طريق السلام كثيرة، وأولها مدى التزام الانقلابيين بمطالب الشرعية والتحالف الخاصة بتنفيذ القرار 2216، بالإضافة إلى حالة عدم الثقة بين الأطراف المختلفة داخلياً والمسار الميداني، فضلاً عن أن معالم التسوية المرتقبة لم تتضح حتى اليوم، ولم يُعرف مدى التنازلات التي قدمها الحوثيون خلال اللقاءات غير المعلنة. إلا أن التحالف يؤكد على أن أي تسوية لن تكون خارج إطار الشرعية والقرار 2216.
 
شارك الخبر