لم يعد تسرب آلاف الطلاب من المدارس أمراً مستغرباً في اليمن نتيجة الحرب الدائرة في أكثر من 20 محافظة، لكن جديد التعليم اليوم هو تسرب المدرسين وعدم التزام كثير منهم بالدوام في مدارسهم ليجبر ذلك إدارة المدارس على اتخاذ إجراءات يراها بعض أولياء الأمور غير قانونية وضارة بتعليم أبنائهم.
المشاركة في القتال
تتعدد الأسباب التي أجبرت كثيراً من المدرسين على ترك عملية التدريس، منها النزوح والبحث عن وسيلة معيشة أفضل بالإضافة إلى المشاركة في القتال، كلها أسباب جعلت طلاب بعض المدارس بلا مُعلمين.
فضّل محمد الذماري الالتحاق بالمقاومة الشعبية الموجودة بمدينة مأرب (شرق) بعدما حاولت جماعة أنصار الله (الحوثيين) اختطافه مراراً كونه ينتسب إلى حزب الإصلاح المؤيد لتدخل التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية من أجل استعادة الدولة التي تم الانقلاب عليها في اليمن.
يقول الذماري: "أجبرنا على ترك بلادنا بعدما حاصرتنا المليشيا الحوثية واختطفت الكثير من زملائنا رغم رفضنا المشاركة بالحرب في بدايتها بمارس/آذار الماضي وحرصنا على المضي بالعملية التعليمية رغم الحرب كواجب مقدس". مشيراً إلى أنه يشعر بالحزن كونه ترك مدرسته وطلابه وقلمه وحمل البندقية بدلاً عنها.
يضيف لـ "العربي الجديد": "نزحت في بداية الأمر إلى قريتي النائية بمحافظة ذمار (وسط)، لكن الحوثيين لم يتركوني وشأني ولهذا فضلت مغادرة المناطق التي تسيطر عليها جماعة الحوثي نهائياً وهي المرة الأولى التي أتخلف فيها عن القيام بواجبي كمدرس". لافتاً إلى أن كثيراً من زملائه المدرسين بعيدون عن مدارسهم بسبب النزوح أو المشاركة في جبهات القتال.
أسباب اقتصادية
إلى ذلك، ساءت أوضاع المدرسين بسبب الاستقطاعات المتكررة من مرتباتهم وعدم الاهتمام بحقوق المدرسين وجودة العملية التعليمية، ما دفع كثيراً منهم إلى ترك التدريس ليبحثوا عن أعمال إضافية أخرى توفر لهم وأسرهم حياة كريمة، حيث يعمل أغلبهم في التجارة وأعمال حرة أخرى.
وتسبب انعدام توفر المشتقات النفطية في توقف حركة المواصلات في المدن وبين المحافظات، ليكون ذلك سبباً في بقاء كثير من المدرسين في منازلهم لاسيما من يعملون في مدارس بعيدة عن قراهم ومناطق سكنهم. ويقابل هذا الغياب بتفهم إدارات المدارس التي تعمل على توفير مدرسين آخرين مقابل أجور رمزية يتم جمعها بطرق مختلفة.
حلول مؤقتة
في تلك الأثناء، يتهم أولياء الأمور بعض إدارات المدارس بممارسة الفساد من خلال إحلال مدرسين جدد بدلاً من آخرين متغيبين بطريقة غير قانونية، حيث تُجمع لهم مرتبات شهرية من الطلاب.
وأكد أحد أولياء الأمور الذي فضل عدم ذكر اسمه بأن مدرسة السمح بن مالك الحكومية للبنات التي تقع بمنطقة الجراف الغربي بالعاصمة صنعاء، فرضت مبالغ شهرية على الطلاب لتقدم كراتب شهري لمدرسات جُدد تتعاون معهن المدرسة نظراً لتغيب المدرسين الأساسيين لبعض المواد.
وقال المصدر لـ "العربي الجديد": "بسبب غياب مدرسين ومدرسات مواد معينة والاحتفاظ بمرتباتهم لهم أو للإدراة، يتم توظيف مدرسين (غير عاملين أو خريجين ثانوية أو كلية تربية) لأول مرة يزاولون هذا العمل ليقوموا بتدريس البنات بعد أن يتم الطلب من كل طالبة جمع مبلغ 300 ريال يمني (أقل من دولارين) شهرياً كراتب لمعلم المادة الواحدة". مشيراً إلى أن هذا الإجراء مخالف للقانون ويفتح باباً واسعاً للفساد.
المدارس تتحايل
يضيف المصدر: "تتعاقد المدرسة مع عاطلين عن العمل ليست لهم أي خبرة في التدريس (خريجي الثانوية أو جامعيين) مقابل جزء من رواتب المدرسين، لتكون الحصيلة تردي الوضع التعليمي والتحصيل العلمي".
من ناحية أخرى، ولذات السبب بالإضافة إلى عدم توفر الكتاب المدرسي، بدأ بعض المدرسين بفتح مراكز تعليمية صغيرة تقوم بتقديم دروس تقوية لموادهم ومواد أخرى تقارب تخصصاتهم والتخصصات الأدبية مقابل رسوم (4000 ريال لمادة العلمي و2000 للأدبي شهرياً).
من جانبه، أوضح مدير عام مكتب نائب وزير التربية والتعليم باليمن، أنيس ياسين، بأن الوزارة تعاني من مشاكل كبيرة خاصة بالقوى البشرية على رأسها المدرسون من قبل الحرب، لكن الظروف التي تعيشها اليمن زادت من تعقيد هذه المشاكل.
وأضاف ياسين في تصريح خاص لـ "العربي الجديد" بأن العملية التعليمية في بعض المناطق والمحافظات اليمنية مثل محافظة صعدة (معقل الحوثيين) متوقفة تماماً بسبب المواجهات المسلحة، ولهذا لا يُعرف مصير المعلمين فيها. مشيراً إلى أن "جزءاً كبيراً من المدرسين كانوا قد قد امتنعوا عن المداومة في مدارسهم في بداية العام الدراسي لأسباب مختلفة مثل النزوح لكن الوزارة طبقت عدداً من الاجراءات مثل إيقاف المرتبات واستقطاع مبالغ منها ما أجبر كثيراً منهم على العودة إلى المدارس".
وأكد ياسين وجود ممارسات فساد في بعض المراكز التعيلمية والمدارس، حيث تسمح هذه الجهات لعدد من المدرسين تحت سلطتها بالغياب ومن ثم تقاسم المرتبات أو المستحقات، وعندما ترسل الوزارة لجان للتقصي والاطلاع على مدى التزام المدارس، تقوم باستدعائهم. لافتاً إلى أن "معالجة هذه الإشكالية تحتاج وقتاً طويلاً وإمكانيات مختلفة لا تتوفر في زمن الحرب".
ومن التجاوزات التي أشار إليها ياسين، قيام بعض إدارات المدارس بالاتفاق مع بعض المدرسين على أن يتم السماح لهم بالتغيّب مقابل استقطاع جزء من مرتباتهم لصالح توظيف مدرسين جُدد لم يحصلوا على درجات وظيفية بدلاً عنهم. مبيناً بأن الوزارة شكلت بعض اللجان لمواجهة هذه التجاوزات والمشاكل، لكن ظروف اليمن بشكل عام تعوق أي اجراءات لتحقيق ذلك.
المشاركة في القتال
تتعدد الأسباب التي أجبرت كثيراً من المدرسين على ترك عملية التدريس، منها النزوح والبحث عن وسيلة معيشة أفضل بالإضافة إلى المشاركة في القتال، كلها أسباب جعلت طلاب بعض المدارس بلا مُعلمين.
فضّل محمد الذماري الالتحاق بالمقاومة الشعبية الموجودة بمدينة مأرب (شرق) بعدما حاولت جماعة أنصار الله (الحوثيين) اختطافه مراراً كونه ينتسب إلى حزب الإصلاح المؤيد لتدخل التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية من أجل استعادة الدولة التي تم الانقلاب عليها في اليمن.
يقول الذماري: "أجبرنا على ترك بلادنا بعدما حاصرتنا المليشيا الحوثية واختطفت الكثير من زملائنا رغم رفضنا المشاركة بالحرب في بدايتها بمارس/آذار الماضي وحرصنا على المضي بالعملية التعليمية رغم الحرب كواجب مقدس". مشيراً إلى أنه يشعر بالحزن كونه ترك مدرسته وطلابه وقلمه وحمل البندقية بدلاً عنها.
يضيف لـ "العربي الجديد": "نزحت في بداية الأمر إلى قريتي النائية بمحافظة ذمار (وسط)، لكن الحوثيين لم يتركوني وشأني ولهذا فضلت مغادرة المناطق التي تسيطر عليها جماعة الحوثي نهائياً وهي المرة الأولى التي أتخلف فيها عن القيام بواجبي كمدرس". لافتاً إلى أن كثيراً من زملائه المدرسين بعيدون عن مدارسهم بسبب النزوح أو المشاركة في جبهات القتال.
أسباب اقتصادية
إلى ذلك، ساءت أوضاع المدرسين بسبب الاستقطاعات المتكررة من مرتباتهم وعدم الاهتمام بحقوق المدرسين وجودة العملية التعليمية، ما دفع كثيراً منهم إلى ترك التدريس ليبحثوا عن أعمال إضافية أخرى توفر لهم وأسرهم حياة كريمة، حيث يعمل أغلبهم في التجارة وأعمال حرة أخرى.
وتسبب انعدام توفر المشتقات النفطية في توقف حركة المواصلات في المدن وبين المحافظات، ليكون ذلك سبباً في بقاء كثير من المدرسين في منازلهم لاسيما من يعملون في مدارس بعيدة عن قراهم ومناطق سكنهم. ويقابل هذا الغياب بتفهم إدارات المدارس التي تعمل على توفير مدرسين آخرين مقابل أجور رمزية يتم جمعها بطرق مختلفة.
حلول مؤقتة
في تلك الأثناء، يتهم أولياء الأمور بعض إدارات المدارس بممارسة الفساد من خلال إحلال مدرسين جدد بدلاً من آخرين متغيبين بطريقة غير قانونية، حيث تُجمع لهم مرتبات شهرية من الطلاب.
وأكد أحد أولياء الأمور الذي فضل عدم ذكر اسمه بأن مدرسة السمح بن مالك الحكومية للبنات التي تقع بمنطقة الجراف الغربي بالعاصمة صنعاء، فرضت مبالغ شهرية على الطلاب لتقدم كراتب شهري لمدرسات جُدد تتعاون معهن المدرسة نظراً لتغيب المدرسين الأساسيين لبعض المواد.
وقال المصدر لـ "العربي الجديد": "بسبب غياب مدرسين ومدرسات مواد معينة والاحتفاظ بمرتباتهم لهم أو للإدراة، يتم توظيف مدرسين (غير عاملين أو خريجين ثانوية أو كلية تربية) لأول مرة يزاولون هذا العمل ليقوموا بتدريس البنات بعد أن يتم الطلب من كل طالبة جمع مبلغ 300 ريال يمني (أقل من دولارين) شهرياً كراتب لمعلم المادة الواحدة". مشيراً إلى أن هذا الإجراء مخالف للقانون ويفتح باباً واسعاً للفساد.
المدارس تتحايل
يضيف المصدر: "تتعاقد المدرسة مع عاطلين عن العمل ليست لهم أي خبرة في التدريس (خريجي الثانوية أو جامعيين) مقابل جزء من رواتب المدرسين، لتكون الحصيلة تردي الوضع التعليمي والتحصيل العلمي".
من ناحية أخرى، ولذات السبب بالإضافة إلى عدم توفر الكتاب المدرسي، بدأ بعض المدرسين بفتح مراكز تعليمية صغيرة تقوم بتقديم دروس تقوية لموادهم ومواد أخرى تقارب تخصصاتهم والتخصصات الأدبية مقابل رسوم (4000 ريال لمادة العلمي و2000 للأدبي شهرياً).
من جانبه، أوضح مدير عام مكتب نائب وزير التربية والتعليم باليمن، أنيس ياسين، بأن الوزارة تعاني من مشاكل كبيرة خاصة بالقوى البشرية على رأسها المدرسون من قبل الحرب، لكن الظروف التي تعيشها اليمن زادت من تعقيد هذه المشاكل.
وأضاف ياسين في تصريح خاص لـ "العربي الجديد" بأن العملية التعليمية في بعض المناطق والمحافظات اليمنية مثل محافظة صعدة (معقل الحوثيين) متوقفة تماماً بسبب المواجهات المسلحة، ولهذا لا يُعرف مصير المعلمين فيها. مشيراً إلى أن "جزءاً كبيراً من المدرسين كانوا قد قد امتنعوا عن المداومة في مدارسهم في بداية العام الدراسي لأسباب مختلفة مثل النزوح لكن الوزارة طبقت عدداً من الاجراءات مثل إيقاف المرتبات واستقطاع مبالغ منها ما أجبر كثيراً منهم على العودة إلى المدارس".
وأكد ياسين وجود ممارسات فساد في بعض المراكز التعيلمية والمدارس، حيث تسمح هذه الجهات لعدد من المدرسين تحت سلطتها بالغياب ومن ثم تقاسم المرتبات أو المستحقات، وعندما ترسل الوزارة لجان للتقصي والاطلاع على مدى التزام المدارس، تقوم باستدعائهم. لافتاً إلى أن "معالجة هذه الإشكالية تحتاج وقتاً طويلاً وإمكانيات مختلفة لا تتوفر في زمن الحرب".
ومن التجاوزات التي أشار إليها ياسين، قيام بعض إدارات المدارس بالاتفاق مع بعض المدرسين على أن يتم السماح لهم بالتغيّب مقابل استقطاع جزء من مرتباتهم لصالح توظيف مدرسين جُدد لم يحصلوا على درجات وظيفية بدلاً عنهم. مبيناً بأن الوزارة شكلت بعض اللجان لمواجهة هذه التجاوزات والمشاكل، لكن ظروف اليمن بشكل عام تعوق أي اجراءات لتحقيق ذلك.