تُوِّج المشير عبدربه منصور هادي رئيساً ثانياً لليمن الموحد بعد علي عبدالله صالح الذي غادر السلطة بثورة شعبية أجبرته على التوقيع على المبادرة الخليجية التي أنهت حكما طال 33 عاما.
وهادي رجل عسكري ابن شيخ قبلي بارز وسليل قبيلة عريقة في جنوب اليمن، عمل مع المعسكر الاشتراكي الذي حكم اليمن الجنوبي قبل الوحدة، وعُرِف عنه صرامته الإدارية ونبذه للفساد، وغادر هادي الحزب الاشتراكي في الجنوب وعَمِلَ في الشمال في إطار نظام رأسمالي منفتح كان يشهد رفاهية معقولة قبل عام 90 بسبب الدعم الخليجي.
ونشرت صحيفة الشرق السعودية تقريراً أعده مراسلها في اليمن عصام السفياني الذي زار مسقط رأس الرئيس هادي في قرية ذكين بمحافظة أبين الجنوبية، والتقى هناك أناساً يشهدون له بنظافة اليد وطيب النفس، وتحدثت معهم عن بداياته وشبابه. حسب الصحيفة.
بدايات الرئيس الجديد
تقول الصحيفة، إن عبدربه هو الابن السادس للشيخ منصور هادي، وقبل الأخير من إخوته وهو ناصر الذي يعمل في جهاز الأمن السياسي (المخابرات اليمنية) مسئولا عن ثلاث محافظات هي لحج وعدن وأبين، درس الابتدائية في مدرسة "باروت" بمديرية الوضيع التي تقع فيها قريته، والمرحلة المتوسطة في زنجبار في مدرسة دار المعلمين أيام السلطنة الفضلية، والتحق بعدها بمدرسة المحمية البريطانية وهي الثانوية الوحيدة في عدن إبان الاحتلال البريطاني لجنوب اليمن.
ورئيس اليمن الجديد حصل على شهادته العليا من أوروبا، حيث كان الجيش البريطاني يختار كل عام اثنين من أبناء الجنوب ليوفدهما إلى بريطانيا للدراسة، فوقع الاختيار على عبدربه منصور وآخر يُدعى محمد سالم عزاني، وأوفد إلى بريطانيا للدراسة في كلية سانت هيرست الملكية البريطانية ثم إلى أكاديمية ناصر العسكرية بجمهورية مصر العربية وأكاديمية فرونزا في الاتحاد السوفيتي.
ويحسب للرئيس الجديد لليمن أنه لم يحط نفسه بالمتنفذين، حيث مكث طوال فترة نيابته لصالح بعيدا عن كل ما يشوه صورته ويلوث سمعته، فلم يسمع اليمنيين يوما أن أحد المقربين من عبدربه منصور هادي نهب أرض أحد أو اعتدى على أحد، بل إن عبدربه منصور، وحسب قيادي رفيع في المؤتمر الشعبي العام، شكا ذات يوم بعد توقيع المبادرة الخليجية من أنه اشترى قطعة أرض في صنعاء ودفع قيمتها ثلاث مرات؛ حيث كان كل مرة يخرج له مالك جديد ينازعه الملكية بالقوة وهو يرفض أن يجابه أحد بالقوة رغم قدرته على ذلك.
وتقول صحيفة "الشرق" إن هادي يحظى بدعم واسع في صفوف الجيش اليمني، وهو ما يؤهله للنجاح في مهمته القادمة.
هادي والقبيلة
ينتمي هادي إلى قبيلة آل مارم الفضلية التي تنتمي إلى قبائل آل بالليل أكبر قبائل آل فضل أكبر قبائل محافظة أبين والجنوب، ومن قبائل اليمن المشهورة وينتمي إليها كثير من قادة الجيش اليمني قبل وبعد الوحدة.
ورغم انتماء هادي إلى قبيلة كبيرة إلا أنه لم يقرِّب أحدا من شيوخ قبيلته أو يمنحهم مناصب أو مواقع مهمة في الحكومات المتعاقبة إبان وجوده في منصب نائب الرئيس، بل إن غالبية اليمنيين وتحديدا في شمال اليمن لا يعرفون أن هادي ابن شيخ مشايخ قبيلة آل مارم، ولا زال محمد شقيق هادي الأكبر هو شيخ القبيلة إلى الآن.
بينما عمل صالح طوال فترة حكمه على تقريب شيوخ القبائل منه ومنحهم الهبات والمناصب في الجيش والحكومة والتقرب منهم لتسهيل مهمته في حكم البلاد.
المدرسة التي تلقى فيها تعليمه الابتدائي بعد ترميمها (الشرق السعودية)
كيفية وصول هادي للرئاسة
بعد إصابة صالح وعدد من أركان حكمه في تفجير مسجد دار الرئاسة كانت اليمن على مفترق طرق، إما السير إلى الحرب بين نظام صالح الذي يقوده أقاربه والمعارضة بقيادة أبرز رجال الجيش اللواء علي محسن صالح وآل الشيخ الأحمر، أو حل للأزمة ينقذ البلاد من الانهيار.
وكان هادي يقف منتصف الجميع كشوكة ميزان، وكان عليه أن يتخذ قرارا مهما ومصيريا سيحاسبه التاريخ يوما عليه، فاختار خيارا وطنيا وتصدى للمهمة وأرسل رسالة قوية لطرفي الصراع في صنعاء مفادها "اليمن أهم منكم جميعا"، ووجه أبناء صالح بعدم التهور ووقف استخدام القوة وأحبط شرارة الحرب التي كانت تنتظر الجميع، كما وجه رسالة قوية لآل الأحمر مفادها أنكم لستم وحدكم أسياد اليمن، ودعاهم إلى وقف أعمالهم، حينها أيقن الجميع أنه مخرج اليمن الوحيد من دوامة الصراع الذي دخلته بداية عام 2011. وبذلك برهن هادي أنه الأقدر على حكم اليمن بعد أن تجاوز بها أحلك مرحلة شهدتها خلال العقود الأخيرة وكادت أن تعصف بالدولة وكل مقومات بقائها وإلى غير رجعة. بحسب صحيفة "الشرق".