ما يجمع اليمن بدول الخليج العربي ليس فقط خريطة الجغرافيا أو النسيج الواسع من العلاقات الاجتماعية والثقافية، أو ما يمثله الخليج لليمنيين من سوق للأيدي العاملة، بل تمتد إلى المصير المشترك أمنياً واقتصادياً وسياسياً في ظل تمدد المليشيات المدعومة من إيران وانتشار القاعدة.
وما يؤكد أن اليمن هو بوابة خلفية للخليج، التحرك الخليجي العسكري الصارم وإن كان متأخراً لإنقاذ البلاد التي تمثل زاوية الجزيرة العربية من مستنقع السيطرة الإيرانية، بعد انقلاب مليشيا الحوثي على السلطة بالتحالف مع الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح في سبتمبر/ أيلول من عام 2014.
- مجال حيوي
الدكتور فؤاد الصلاحي، أستاذ علم الاجتماع السياسي في جامعة صنعاء، يرى أن اليمن يعتبر أهم نقاط المجال الحيوي للخليج العربي، ليس من باب الامتداد الجغرافي والثقافي وتقارب الروابط الاجتماعية تاريخياً وحاضراً فحسب، بل من زاوية الجغرافيا السياسية، إذ تعتبر اليمن منفذاً مهماً للخليج ودعماً ديموغرافياً يسند قوة الخليج، وسوقاً اقتصادية كبيرة تستطيع استثمارات الخليج أن تستفيد منها حاضراً ومستقبلاً.
الصلاحي في حديثه لـ"الخليج أونلاين"، أشار إلى أن أهمية اليمن للخليج تمتد أيضاً إلى الصراعات الإقليمية، حيث يمثل دعماً ومجالاً كبيراً لحضور الخليج خاصة في ممكنات الصراعات مع إيران أو مع دول أخرى، وهو أمر يخلق تحديات ومخاطر كبيرة على أمن دول الخليج واستقرارها.
ووفقاً للصلاحي فإن عدم استقرار اليمن لأي سبب كان داخلياً أو خارجياً من شأنه أن يهدد استقرار الخليج، فاليمن يطل على ممرات مائية مهمة مثل باب المندب كمعبر حيوي للتجارة الدولية ومنها نفط الخليج، فاستقرار اليمن يعني استقرار التدفقات التجارية والنفطية بين الخليج والعالم لا سيما في حضور تهديدات بإغلاق مضيق هرمز.
- تجاهل ووعي متأخر
وشدد الصلاحي أن ما نراه في اليمن اليوم هو نتيجة لتجاهل الخليج لليمن في الماضي، وهو ما نجم عنه أزمات انعكست بتهديد إقليمي للخليج، وأضاف: "حضور اليمن داخل مجلس التعاون يفيد الخليج أكثر ممّا يفيد اليمن أمنياً واقتصادياً واستراتيجياً، وهنا تتحقق منافع متبادلة للطرفين".
وأكد أن الجغرافيا لها منطقها في الروابط السياسية والاقتصادية بين اليمن والخليج، وفهم هذه الجغرافيا واستيعاب دلالاتها السياسية من شأنه دعم استقرار منطقة الخليج واليمن في آن واحد.
الصلاحي توقع أن هذا الأمر أصبح في وعي قادة مجلس التعاون، لكنه جاء متأخراً بعد أن امتدت أياد من خارج الإقليم العربي لتعبث به، وهو نتاج غياب رؤى استراتيجية تحدد مصالح الخليج واليمن، وتحدد طبيعة التحديات والمخاطر المحتملة.
- غياب الانسجام
الدكتور فيصل الحذيفي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة الحديدة، قال إن النظرتين المتبادلتين بين اليمن والخليج يغلب عليهما غياب الانسجام وانعدام الثقة، خصوصاً في ظل حكومات يمنية "نفعية" يسقط من سياستها البعد الوطني.
وأشار في حديثه لـ"الخليج أونلاين" إلى أن الواقع يؤكد أن العلاقة السليمة بين دول الإقليم عموماً في أي قارة ضمن نظام إقليمي يكسب أهمية مشتركة يتحقق منها منافع تحمي الأمن القومي وتعزز الاقتصاد من حيث تدفق السلع، أو الدخول في مشاريع اقتصادية مشتركة للتكامل، والسياسة المتبعة بين الدول المتجاورة هي ما تحدد سقف هذه الأهمية أو تعطلها.
وأضاف الحذيفي: "من خلال المتابعة للعلاقة بين اليمن ودول الخليج خلال نصف قرن ماضي نجد سياسياً أن دول الخليج تحرص على علاقة تكون اليمن فيها دولة تابعة وليس دولة مندمجة في النظام الخليجي، وهذا واضح من خلال استبعادها من منظمة مجلس التعاون الخليجي حتى الآن. وبالمقابل برزت سياسة يمنية رسمية مخادعة تحاول التكسب والانتفاع السلطوي من دول الخليج، وتعزز الكراهية في نفوس مواطنيها للخليجيين شعوباً وحكومات دون مبرر، لذلك سقطت الأهمية من هذه العلاقة".
- اختراق إيراني
وبحسب الحذيفي فإن اختراقات جيوستراتيجية حدثت لابتلاع اليمن من قبل إيران؛ بسبب هذا الفراغ الحاصل في سياسة الخليج الخاوية والخالية من أي استراتيجية ذات قيمة مشتركة تحمي الأمن المشترك، وتعزز الشراكة الاقتصادية من خلال سياسة ناضجة وواعية بهذه الأهمية، باستثناء بعض المساعدات ومحاولات الاحتواء، رغم أن المواطن اليمني يجد استفادة فائقة باستيعابه ضمن العمالة الوافدة بحجم كبير في السعودية، وبأعداد ضئيلة في بقية الدول الخليجية.
ويرى الحذيفي أن اليمن يمثل مخزوناً بشرياً فعالاً ذا قيمة، يمكن الاستفادة منه في تحريك عجلة الإنتاج الاقتصادي الزراعي والصناعي والتعليمي والعسكري في الخليج، بدلاً من الاعتماد على العمالة الوافدة من خارج الحدود. وسيكون أداء اليمنيين حسناً في أي خطر محدق على الخليج إن شعر اليمنيون أنهم جزء من المنظومة الخليجية.
- ارتقاء استراتيجي
ولكون اليمن تحاول إيران ابتلاعه لتشكل خرقاً في الأمن القومي الخليجي، فإن تدخل دول الخليج العسكري حالياً يعبر عن هذا الارتقاء السياسي الاستراتيجي، ولكن جاء متأخراً كما يرى الحذيفي بحكم الضرورة، وسيكون استدراك أهميته مكلفاً دون الوصول إلى نتيجة فعالة لأن الهوة بين اليمن ودول الخليج بائنة من خلال سياسة التوجس وعدم الإدماج أو العزلة المصطنعة.
إن كلفة الدفاع العسكري عن اليمن حالياً تتجاوز أثمانها أضعاف ما كان يحتاجه اليمن من دعم مدني وسياسة إدماج في المنظومة الخليجية، ليحقق الأهمية السياسية والاقتصادية والأمنية المنشودة، وهذا يستوجب بادئ ذي بدء إخراجه من حالة الضعف المحيق، وتحصينه من سهولة ابتلاعه أو التلاعب به من أطراف أخرى.
ويختتم الحذيفي حديثه لـ"الخليج أونلاين" بأن اليمن أصبحت بهذا الضعف تهديداً لأمن الخليج من خلال حضور إيران والقاعدة والجماعات الإرهابية، كما تبدو العلاقة معها عديمة الجدوى اقتصادياً؛ بسبب غياب مشروعات اقتصادية مشتركة تفيد الجانبين سواء في الكهرباء المشتركة والتطوير الزراعي المكثف عالي الإنتاجية، أو بنية الطرقات السريعة وسكك القطار والمصانع التحويلية أو المنجمية أو الإنتاجية. كل هذا يعد غائباً وهو يؤكد تضاؤل الأهمية في السياسة الخليجية، لذلك يبقى من الأهمية بمكان تلافي هذا القصور في السياسة بين الجانبين ولن يتحقق دون بناء الثقة والإدماج.
ويبقى السؤال هل يمثل التحرك الخليجي تجاه اليمن المتمثل بعمليات عاصفة الحزم وإعادة الأمل نقطة التحول لبناء اليمن المتطور اقتصادياً والقوي أمنياً وعسكرياً، بما يشكل درعاً واقياً لأمنه ولأمن الخليج، في ظل المحاولات المتكررة والمستميتة من قبل إيران في وضع قدم لها في اليمن والبحرين وبعض مناطق السعودية؟
وما يؤكد أن اليمن هو بوابة خلفية للخليج، التحرك الخليجي العسكري الصارم وإن كان متأخراً لإنقاذ البلاد التي تمثل زاوية الجزيرة العربية من مستنقع السيطرة الإيرانية، بعد انقلاب مليشيا الحوثي على السلطة بالتحالف مع الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح في سبتمبر/ أيلول من عام 2014.
- مجال حيوي
الدكتور فؤاد الصلاحي، أستاذ علم الاجتماع السياسي في جامعة صنعاء، يرى أن اليمن يعتبر أهم نقاط المجال الحيوي للخليج العربي، ليس من باب الامتداد الجغرافي والثقافي وتقارب الروابط الاجتماعية تاريخياً وحاضراً فحسب، بل من زاوية الجغرافيا السياسية، إذ تعتبر اليمن منفذاً مهماً للخليج ودعماً ديموغرافياً يسند قوة الخليج، وسوقاً اقتصادية كبيرة تستطيع استثمارات الخليج أن تستفيد منها حاضراً ومستقبلاً.
الصلاحي في حديثه لـ"الخليج أونلاين"، أشار إلى أن أهمية اليمن للخليج تمتد أيضاً إلى الصراعات الإقليمية، حيث يمثل دعماً ومجالاً كبيراً لحضور الخليج خاصة في ممكنات الصراعات مع إيران أو مع دول أخرى، وهو أمر يخلق تحديات ومخاطر كبيرة على أمن دول الخليج واستقرارها.
ووفقاً للصلاحي فإن عدم استقرار اليمن لأي سبب كان داخلياً أو خارجياً من شأنه أن يهدد استقرار الخليج، فاليمن يطل على ممرات مائية مهمة مثل باب المندب كمعبر حيوي للتجارة الدولية ومنها نفط الخليج، فاستقرار اليمن يعني استقرار التدفقات التجارية والنفطية بين الخليج والعالم لا سيما في حضور تهديدات بإغلاق مضيق هرمز.
- تجاهل ووعي متأخر
وشدد الصلاحي أن ما نراه في اليمن اليوم هو نتيجة لتجاهل الخليج لليمن في الماضي، وهو ما نجم عنه أزمات انعكست بتهديد إقليمي للخليج، وأضاف: "حضور اليمن داخل مجلس التعاون يفيد الخليج أكثر ممّا يفيد اليمن أمنياً واقتصادياً واستراتيجياً، وهنا تتحقق منافع متبادلة للطرفين".
وأكد أن الجغرافيا لها منطقها في الروابط السياسية والاقتصادية بين اليمن والخليج، وفهم هذه الجغرافيا واستيعاب دلالاتها السياسية من شأنه دعم استقرار منطقة الخليج واليمن في آن واحد.
الصلاحي توقع أن هذا الأمر أصبح في وعي قادة مجلس التعاون، لكنه جاء متأخراً بعد أن امتدت أياد من خارج الإقليم العربي لتعبث به، وهو نتاج غياب رؤى استراتيجية تحدد مصالح الخليج واليمن، وتحدد طبيعة التحديات والمخاطر المحتملة.
- غياب الانسجام
الدكتور فيصل الحذيفي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة الحديدة، قال إن النظرتين المتبادلتين بين اليمن والخليج يغلب عليهما غياب الانسجام وانعدام الثقة، خصوصاً في ظل حكومات يمنية "نفعية" يسقط من سياستها البعد الوطني.
وأشار في حديثه لـ"الخليج أونلاين" إلى أن الواقع يؤكد أن العلاقة السليمة بين دول الإقليم عموماً في أي قارة ضمن نظام إقليمي يكسب أهمية مشتركة يتحقق منها منافع تحمي الأمن القومي وتعزز الاقتصاد من حيث تدفق السلع، أو الدخول في مشاريع اقتصادية مشتركة للتكامل، والسياسة المتبعة بين الدول المتجاورة هي ما تحدد سقف هذه الأهمية أو تعطلها.
وأضاف الحذيفي: "من خلال المتابعة للعلاقة بين اليمن ودول الخليج خلال نصف قرن ماضي نجد سياسياً أن دول الخليج تحرص على علاقة تكون اليمن فيها دولة تابعة وليس دولة مندمجة في النظام الخليجي، وهذا واضح من خلال استبعادها من منظمة مجلس التعاون الخليجي حتى الآن. وبالمقابل برزت سياسة يمنية رسمية مخادعة تحاول التكسب والانتفاع السلطوي من دول الخليج، وتعزز الكراهية في نفوس مواطنيها للخليجيين شعوباً وحكومات دون مبرر، لذلك سقطت الأهمية من هذه العلاقة".
- اختراق إيراني
وبحسب الحذيفي فإن اختراقات جيوستراتيجية حدثت لابتلاع اليمن من قبل إيران؛ بسبب هذا الفراغ الحاصل في سياسة الخليج الخاوية والخالية من أي استراتيجية ذات قيمة مشتركة تحمي الأمن المشترك، وتعزز الشراكة الاقتصادية من خلال سياسة ناضجة وواعية بهذه الأهمية، باستثناء بعض المساعدات ومحاولات الاحتواء، رغم أن المواطن اليمني يجد استفادة فائقة باستيعابه ضمن العمالة الوافدة بحجم كبير في السعودية، وبأعداد ضئيلة في بقية الدول الخليجية.
ويرى الحذيفي أن اليمن يمثل مخزوناً بشرياً فعالاً ذا قيمة، يمكن الاستفادة منه في تحريك عجلة الإنتاج الاقتصادي الزراعي والصناعي والتعليمي والعسكري في الخليج، بدلاً من الاعتماد على العمالة الوافدة من خارج الحدود. وسيكون أداء اليمنيين حسناً في أي خطر محدق على الخليج إن شعر اليمنيون أنهم جزء من المنظومة الخليجية.
- ارتقاء استراتيجي
ولكون اليمن تحاول إيران ابتلاعه لتشكل خرقاً في الأمن القومي الخليجي، فإن تدخل دول الخليج العسكري حالياً يعبر عن هذا الارتقاء السياسي الاستراتيجي، ولكن جاء متأخراً كما يرى الحذيفي بحكم الضرورة، وسيكون استدراك أهميته مكلفاً دون الوصول إلى نتيجة فعالة لأن الهوة بين اليمن ودول الخليج بائنة من خلال سياسة التوجس وعدم الإدماج أو العزلة المصطنعة.
إن كلفة الدفاع العسكري عن اليمن حالياً تتجاوز أثمانها أضعاف ما كان يحتاجه اليمن من دعم مدني وسياسة إدماج في المنظومة الخليجية، ليحقق الأهمية السياسية والاقتصادية والأمنية المنشودة، وهذا يستوجب بادئ ذي بدء إخراجه من حالة الضعف المحيق، وتحصينه من سهولة ابتلاعه أو التلاعب به من أطراف أخرى.
ويختتم الحذيفي حديثه لـ"الخليج أونلاين" بأن اليمن أصبحت بهذا الضعف تهديداً لأمن الخليج من خلال حضور إيران والقاعدة والجماعات الإرهابية، كما تبدو العلاقة معها عديمة الجدوى اقتصادياً؛ بسبب غياب مشروعات اقتصادية مشتركة تفيد الجانبين سواء في الكهرباء المشتركة والتطوير الزراعي المكثف عالي الإنتاجية، أو بنية الطرقات السريعة وسكك القطار والمصانع التحويلية أو المنجمية أو الإنتاجية. كل هذا يعد غائباً وهو يؤكد تضاؤل الأهمية في السياسة الخليجية، لذلك يبقى من الأهمية بمكان تلافي هذا القصور في السياسة بين الجانبين ولن يتحقق دون بناء الثقة والإدماج.
ويبقى السؤال هل يمثل التحرك الخليجي تجاه اليمن المتمثل بعمليات عاصفة الحزم وإعادة الأمل نقطة التحول لبناء اليمن المتطور اقتصادياً والقوي أمنياً وعسكرياً، بما يشكل درعاً واقياً لأمنه ولأمن الخليج، في ظل المحاولات المتكررة والمستميتة من قبل إيران في وضع قدم لها في اليمن والبحرين وبعض مناطق السعودية؟