يتكئ المواطن عبدالله رازح على أحد أعمدة جسر جولة تعز، وسط العاصمة صنعاء، منتظراً نصيبه من العمل الذي لا يأتيه أكثر من ثلاث مرات في الأسبوع، حسب قوله. يعمل رازح حمالاً لدى محلات بيع المواد الغذائية بالجملة، ويشير لـ"العربي الجديد" إلى أنه كان يعمل بصورة يومية نتيجة حركة البيع والشراء، لكن الآن تراجعت هذه الحركة بشكل كبير جداً جراء نقص الكثير من المواد التموينية لدى تجار الجملة.
رازح لم يكن يعلم أن ما يحمله على ظهره يومياً ليس من خيرات بلاده، وإنما يأتيه من خلف البحار والمحيطات، ويقول لـ"العربي الجديد": "كنت أعتقد أنه يمكننا أن نعيش بعيداً عن العالم، لأن بلدنا فيها من الخير ما يكفي، لكني تفاجأت عندما شاهدت أن الكثير من البضائع غير متوفرة في المخازن بسبب تراجع الاستيراد". ويلفت إلى أن بلاده أُهملت كثيراً ولم تعمل الحكومات المتعاقبة منذ عقود على استثمار خيراتها لتأمين حياة الناس.
وبالتزامن مع خفض عمليات الاستيراد نتيجة الحظر، تعيش مدينة تعز حصاراً تجويعياً خانقاً من قبل جماعة الحوثي وقوات الرئيس السابق علي عبدالله صالح، وتشهد انعداماً للعديد من المواد الغذائية والأدوية، وتشهد ارتفاعات سعرية تصل في المتوسط إلى 300% وفقاً للعديد من سكان مدينة تعز. هنا، لا شيء حاضراً سوى الموت وأصوات الرصاص والقذائف التي تحصد أرواح العشرات من الأبرياء يومياً، فضلاً عن القتلة الإضافيين: الجوع والمرض. فمنذ ما يقارب النصف عام ومدينة تعز تصارع من أجل الحياة، حيث يواجه ما يقارب 3 ملايين شخص في المحافظة أوضاعاً إنسانية واقتصادية وصحية صعبة. وكانت الحكومة اليمنية قد أعلنت مؤخراً أن تعز مدينة منكوبة.
ويشرح الخبير الاقتصادي مرزوق الصلوي لـ"العربي الجديد" إن "المدينة تعاني من نقص حاد في الغذاء والدواء والمستلزمات الطبية، حيث تبدو الأوضاع في مدينة تعز بأنها الأسوأ على مر التاريخ. إذ تغيب أبسط مقومات الحياة، وفي ظل هذه الأوضاع المتردية تطلق مستشفيات تعز نداءاتها المتكررة لإغاثة المرضى والمصابين وإنقاذ حياة الناس. فالأطباء يقفون عاجزين عن إنقاذ حياة الأطفال والنساء والشيوخ ومختلف الحالات التي تصلهم.
ويقول المواطن حمدان الصبري لـ"العربي الجديد" إن هناك أعمالاً يقوم بها أبناء المدينة لتجاوز تحديات الحصار كاستخدام مواقد الفحم والأفران الطينية التي تعمل بالحطب بديلاً عن أفران الغاز، كما يتم استخدام الدراجات الهوائية والحمير والجمال للتنقل في ظل منع دخول المشتقات النفطية إلى المدينة. ويشير إلى أن المواد الغذائية والدواء لا يمكن توفير بدائل لها في ظل الحصار، ويتابع: "في الكثير من أرياف تعز يلجأ الناس إلى التداوي بالأعشاب، أما بالنسبة للمدينة فيوجد صعوبة تحقيق ذلك".
ويعمل عدد من أبناء تعز على كسر هذا الحصار من خلال العبور عبر طرق وعرة يتم من خلالها نقل الغذاء والدواء على ظهور الشباب والجمال والحمير ولمسافات طويلة من أجل مد هذه المدينة بالحياة.
ويقول الباحث الاقتصادي يوسف البكري لـ"العربي الجديد": "مما لا شك فيه أن تحدث أزمة اقتصادية في بلد يعيش وضع حرب واقتتال، ويشهد هروباً للكثير من رؤوس الأموال إلى الخارج، وهذه الإرهاصات تخلق نوعاً من عدم الاستقرار السلعي خاصة في السلع الغذائية الأساسية، وتزداد خطورة هذه المشكلة في ظل اعتماد اليمن على الخارج". ووفقاً للبيانات الرسمية فإن اليمن تستورد ما نسبته 86% من القمح، وما تنتجه محلياً بنسبة 14% فقط ويلبي الاحتياج الاستهلاكي لمدة شهرين فقط..
بدوره، يؤكد المستشار القانوني للغرفة التجارية الصناعية بأمانة العاصمة، عبدالحكيم المنج، لـ"العربي الجديد" أن هناك تدنياً في عملية الإنتاج المحلي بشكل كبير جداً، يقابل ذلك تعقيدات كبيرة في الجانب الملاحي تسببت في عرقلة دخول البضائع إلى السوق اليمنية وزيادة أسعارها.
وفي ظل نقص السلع التموينية المختلفة وارتفاع الأسعار، تنشط عملية التهريب إلى اليمن وعبر مختلف المنافذ البرية والبحرية، لتصبح نشاطاً تجارياً يحبذه الكثير من الباحثين عن الثروة والمال. ويؤكد مصدر في وزارة الصحة العامة والسكان لـ"العربي الجديد" أن الوزارة ناقشت في اجتماع لها مسألة تهريب الدواء إلى اليمن، وأيدت هذه الفكرة في ظل شح الدواء في السوق، بحيث ستعمل على إخضاعه للفحص والتأكد من صلاحيته للاستخدام.
"التهريب يُعد وسيلة مناسبة لبلد لا يقدر على تدبير احتياجاته محلياً ويحظى بمباركة رسمية"، يقول أحد خبراء الاقتصاد الذي فضل عدم ذكر اسمه، لـ"العربي الجديد". ويضيف أن عملية التهريب تُعد ظاهرة ولم تكن وليدة اللحظة وإنما كانت تتم في ظل وجود الدولة، ولها رجالها ونفوذها في مراكز القرار المختلفة. ويشير إلى أن عملية التهريب تندرج ضمن ما يُعرف بالاقتصاد غير القانوني الذي كان قبل أربع سنوات يشكل نسبة تتراوح مابين 65- 75% من إجمالي الأعمال والمنشآت للقطاع الخاص، وتصاعد خلال السنوات الأخيرة إلى نسبة تتراوح ما بين 80 إلى 90% من الأعمال الخاصة التي تمارس نشاطاتها دون سجلات تجارية أو ضريبية. ووفقاً للتقارير غير الرسمية فإن القطاع غير الرسمي في الاقتصاد اليمني يستحوذ على نسبة تتراوح ما بين 75 - 85% من الاقتصاد ويستحوذ التهريب على النصيب الأكبر من هذه النسبة، في حين أن القطاع الرسمي القانوني تصل مساهمته في الاقتصاد في أعلى نسبة إلى 15%.
رازح لم يكن يعلم أن ما يحمله على ظهره يومياً ليس من خيرات بلاده، وإنما يأتيه من خلف البحار والمحيطات، ويقول لـ"العربي الجديد": "كنت أعتقد أنه يمكننا أن نعيش بعيداً عن العالم، لأن بلدنا فيها من الخير ما يكفي، لكني تفاجأت عندما شاهدت أن الكثير من البضائع غير متوفرة في المخازن بسبب تراجع الاستيراد". ويلفت إلى أن بلاده أُهملت كثيراً ولم تعمل الحكومات المتعاقبة منذ عقود على استثمار خيراتها لتأمين حياة الناس.
وبالتزامن مع خفض عمليات الاستيراد نتيجة الحظر، تعيش مدينة تعز حصاراً تجويعياً خانقاً من قبل جماعة الحوثي وقوات الرئيس السابق علي عبدالله صالح، وتشهد انعداماً للعديد من المواد الغذائية والأدوية، وتشهد ارتفاعات سعرية تصل في المتوسط إلى 300% وفقاً للعديد من سكان مدينة تعز. هنا، لا شيء حاضراً سوى الموت وأصوات الرصاص والقذائف التي تحصد أرواح العشرات من الأبرياء يومياً، فضلاً عن القتلة الإضافيين: الجوع والمرض. فمنذ ما يقارب النصف عام ومدينة تعز تصارع من أجل الحياة، حيث يواجه ما يقارب 3 ملايين شخص في المحافظة أوضاعاً إنسانية واقتصادية وصحية صعبة. وكانت الحكومة اليمنية قد أعلنت مؤخراً أن تعز مدينة منكوبة.
ويشرح الخبير الاقتصادي مرزوق الصلوي لـ"العربي الجديد" إن "المدينة تعاني من نقص حاد في الغذاء والدواء والمستلزمات الطبية، حيث تبدو الأوضاع في مدينة تعز بأنها الأسوأ على مر التاريخ. إذ تغيب أبسط مقومات الحياة، وفي ظل هذه الأوضاع المتردية تطلق مستشفيات تعز نداءاتها المتكررة لإغاثة المرضى والمصابين وإنقاذ حياة الناس. فالأطباء يقفون عاجزين عن إنقاذ حياة الأطفال والنساء والشيوخ ومختلف الحالات التي تصلهم.
ويقول المواطن حمدان الصبري لـ"العربي الجديد" إن هناك أعمالاً يقوم بها أبناء المدينة لتجاوز تحديات الحصار كاستخدام مواقد الفحم والأفران الطينية التي تعمل بالحطب بديلاً عن أفران الغاز، كما يتم استخدام الدراجات الهوائية والحمير والجمال للتنقل في ظل منع دخول المشتقات النفطية إلى المدينة. ويشير إلى أن المواد الغذائية والدواء لا يمكن توفير بدائل لها في ظل الحصار، ويتابع: "في الكثير من أرياف تعز يلجأ الناس إلى التداوي بالأعشاب، أما بالنسبة للمدينة فيوجد صعوبة تحقيق ذلك".
ويعمل عدد من أبناء تعز على كسر هذا الحصار من خلال العبور عبر طرق وعرة يتم من خلالها نقل الغذاء والدواء على ظهور الشباب والجمال والحمير ولمسافات طويلة من أجل مد هذه المدينة بالحياة.
ويقول الباحث الاقتصادي يوسف البكري لـ"العربي الجديد": "مما لا شك فيه أن تحدث أزمة اقتصادية في بلد يعيش وضع حرب واقتتال، ويشهد هروباً للكثير من رؤوس الأموال إلى الخارج، وهذه الإرهاصات تخلق نوعاً من عدم الاستقرار السلعي خاصة في السلع الغذائية الأساسية، وتزداد خطورة هذه المشكلة في ظل اعتماد اليمن على الخارج". ووفقاً للبيانات الرسمية فإن اليمن تستورد ما نسبته 86% من القمح، وما تنتجه محلياً بنسبة 14% فقط ويلبي الاحتياج الاستهلاكي لمدة شهرين فقط..
بدوره، يؤكد المستشار القانوني للغرفة التجارية الصناعية بأمانة العاصمة، عبدالحكيم المنج، لـ"العربي الجديد" أن هناك تدنياً في عملية الإنتاج المحلي بشكل كبير جداً، يقابل ذلك تعقيدات كبيرة في الجانب الملاحي تسببت في عرقلة دخول البضائع إلى السوق اليمنية وزيادة أسعارها.
وفي ظل نقص السلع التموينية المختلفة وارتفاع الأسعار، تنشط عملية التهريب إلى اليمن وعبر مختلف المنافذ البرية والبحرية، لتصبح نشاطاً تجارياً يحبذه الكثير من الباحثين عن الثروة والمال. ويؤكد مصدر في وزارة الصحة العامة والسكان لـ"العربي الجديد" أن الوزارة ناقشت في اجتماع لها مسألة تهريب الدواء إلى اليمن، وأيدت هذه الفكرة في ظل شح الدواء في السوق، بحيث ستعمل على إخضاعه للفحص والتأكد من صلاحيته للاستخدام.
"التهريب يُعد وسيلة مناسبة لبلد لا يقدر على تدبير احتياجاته محلياً ويحظى بمباركة رسمية"، يقول أحد خبراء الاقتصاد الذي فضل عدم ذكر اسمه، لـ"العربي الجديد". ويضيف أن عملية التهريب تُعد ظاهرة ولم تكن وليدة اللحظة وإنما كانت تتم في ظل وجود الدولة، ولها رجالها ونفوذها في مراكز القرار المختلفة. ويشير إلى أن عملية التهريب تندرج ضمن ما يُعرف بالاقتصاد غير القانوني الذي كان قبل أربع سنوات يشكل نسبة تتراوح مابين 65- 75% من إجمالي الأعمال والمنشآت للقطاع الخاص، وتصاعد خلال السنوات الأخيرة إلى نسبة تتراوح ما بين 80 إلى 90% من الأعمال الخاصة التي تمارس نشاطاتها دون سجلات تجارية أو ضريبية. ووفقاً للتقارير غير الرسمية فإن القطاع غير الرسمي في الاقتصاد اليمني يستحوذ على نسبة تتراوح ما بين 75 - 85% من الاقتصاد ويستحوذ التهريب على النصيب الأكبر من هذه النسبة، في حين أن القطاع الرسمي القانوني تصل مساهمته في الاقتصاد في أعلى نسبة إلى 15%.