قبل الحرب في اليمن، كانت الحكومات المتعاقبة تعترف برداءة التعليم نتيجة جملة من الأسباب. هو الأمر الذي دفع حكومة رئيس الوزراء خالد بحاح إلى إعلان العام 2015 عاماً للتعليم، لتسخّر طاقات ومقدرات الدولة في معالجة اختلالات العملية التعليمية. لكنّ الحرب كان لها رأي مختلف، فقد جعلت التعليم من آخر اهتمامات القوى السياسية المتصارعة منذ أشهر، ليؤثر ذلك سلباً على أداء المدرسة والتزام التلميذ واهتمام الأسرة ومستقبل التعليم ككلّ.
أجبرت الحرب الدائرة منذ مارس/ آذار الماضي نصف التلاميذ اليمنيين على ترك التعليم. دمّرت مئات المدارس، وشرّدت عدداً كبيراً من المدرّسين، لتضاف هذه التحديات إلى قائمة المشاكل السابقة.
في هذا الإطار، يبدي أولياء الأمور في اليمن مخاوفهم من انعكاس ضعف العملية التعليمية على مستقبل أبنائهم. يضطر عادل الشامي إلى البحث عن وسائل تساعد أبناءه الثلاثة على تجاوز مشكلة ضعف التعليم في المدرسة الحكومية بما يعزز قدراتهم المعرفية لمواجهة المستقبل بحسب وصفه. يقول لـ "العربي الجديد": "أعلم أنّ التعليم في اليمن ليس تعليماً حقيقياً. فالتلميذ يصل إلى الثانوية ولا يستطيع القراءة والكتابة بشكل جيد". يشير إلى أنه يعمل على تخصيص جزء كبير من وقته لمتابعة أبنائه ليتمكنوا من فهم دروسهم والإلمام بأبسط أساسيات التعليم. يضيف: "أضطر في كثير من الأحيان إلى التنسيق مع بعض الشباب المتمكن ليعطوهم بعض الدروس الخصوصية في الرياضيات والفيزياء والكيمياء". يتابع: "بسبب الحرب، لم يعد التلميذ وحده هو المهمل، بل المدرسة تنافسه في الإهمال والتقصير".
ولا تملك الأسر اليمنية بمعظمها ما يمكّنها من تغطية العجز الذي تتركه المدرسة، وهو ما يؤدي إلى فشل أبنائها، وتسرّبها في عمر مبكر. يعرف خالد السياغي أنّ المدرسة لا تعلم أبناءه بالشكل المطلوب، لكنه لا يستطيع فعل شيء أمام هذا الواقع المؤلم بحسب وصفه. يضيف: "يذهب أبنائي إلى المدرسة صباح كلّ يوم على الرغم من علمي أنّهم لا يتلقون التعليم بشكل جيّد بسبب غياب المدرسين ونزوحهم، وعدم توفر الكتاب المدرسي وبقية المتطلبات المدرسية". يتهم السياغي بعض المدارس بتجهيل التلاميذ لا تعليمهم، وذلك عن طريق توزيع الدرجات والشهادات في نهاية العام كهبات أو مقابل خدمات وأموال تدفع للمدرسين.
إلى ذلك، تعترف المدارس بتقصيرها تجاه التلاميذ، لكنّها ترجع هذا التقصير إلى جملة من الأسباب يبقى أهمها عدم اعتراف الدولة والحكومات المتعاقبة على البلاد، بأهمية التعليم وأهمية الفصل بين السياسة والتعليم بحسب المشرف المدرسي خليل عبد الله. يشير إلى الحرب كسبب طارئ زادت من حالة ضعف التعليم على مختلف المستويات. يقول لـ "العربي الجديد": "في الأساس لم يكن التعليم من أولويات الحكومات قبل الحرب، أما اليوم فالتعليم لا يذكر إلاّ في باب المزايدات السياسية". ويسأل عبد الله: "كيف تطلبون من المدرّس أن يقدم شيئاً وعدد التلاميذ في الفصل الدراسي يتجاوز المائة؟ أو كيف تريدون من المدرّس أن يعمل بضمير وهو لا يجد ما يأكله؟". يشير إلى أنّ العملية التعليمية تعرف حالة فوضى غير مسبوقة ناتجة عن "تراكمات وأخطاء سابقة وانتكاسات وتحديات تعيشها اليوم بسبب الحرب على حدّ سواء".
يتابع: "كانت المدرسة في اليمن تواجه مشكلة جودة التعليم، ورواتب المدرسين المتدنية، لكنها اليوم تعجز عن توفير الكتاب المدرسي أو حتى الطباشير والألواح أو حتى إخراج النازحين من المدارس".
وليس أكثر دلالة على سوء القطاع التعليمي في اليمن من الإشارة إلى وجود 660 مدرسة بنيت من الصفيح في الريف والمناطق النائية، ومدارس أخرى متداعية لا سقوف لها، بحسب وزارة التربية والتعليم.
2.9 مليون متسرّب
بلغ عدد اليمنيين في سن التعليم الذين لم يلتحقوا بالمدارس منذ مارس/ آذار الماضي، 2.9 مليون تلميذ وتلميذة بحسب تقرير صادر عن الأمم المتحدة. وكان المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس لعام 2015 - 2016 قد تجاهل اليمن إلى جانب ليبيا وسورية والعراق والصومال في ترتيب مؤشر جودة التعليم العالمي. ورأى عدم تصنيف الدول مرتبطاً بغياب أبسط معايير الجودة عن قطاعاتها التعليمية.
أجبرت الحرب الدائرة منذ مارس/ آذار الماضي نصف التلاميذ اليمنيين على ترك التعليم. دمّرت مئات المدارس، وشرّدت عدداً كبيراً من المدرّسين، لتضاف هذه التحديات إلى قائمة المشاكل السابقة.
في هذا الإطار، يبدي أولياء الأمور في اليمن مخاوفهم من انعكاس ضعف العملية التعليمية على مستقبل أبنائهم. يضطر عادل الشامي إلى البحث عن وسائل تساعد أبناءه الثلاثة على تجاوز مشكلة ضعف التعليم في المدرسة الحكومية بما يعزز قدراتهم المعرفية لمواجهة المستقبل بحسب وصفه. يقول لـ "العربي الجديد": "أعلم أنّ التعليم في اليمن ليس تعليماً حقيقياً. فالتلميذ يصل إلى الثانوية ولا يستطيع القراءة والكتابة بشكل جيد". يشير إلى أنه يعمل على تخصيص جزء كبير من وقته لمتابعة أبنائه ليتمكنوا من فهم دروسهم والإلمام بأبسط أساسيات التعليم. يضيف: "أضطر في كثير من الأحيان إلى التنسيق مع بعض الشباب المتمكن ليعطوهم بعض الدروس الخصوصية في الرياضيات والفيزياء والكيمياء". يتابع: "بسبب الحرب، لم يعد التلميذ وحده هو المهمل، بل المدرسة تنافسه في الإهمال والتقصير".
ولا تملك الأسر اليمنية بمعظمها ما يمكّنها من تغطية العجز الذي تتركه المدرسة، وهو ما يؤدي إلى فشل أبنائها، وتسرّبها في عمر مبكر. يعرف خالد السياغي أنّ المدرسة لا تعلم أبناءه بالشكل المطلوب، لكنه لا يستطيع فعل شيء أمام هذا الواقع المؤلم بحسب وصفه. يضيف: "يذهب أبنائي إلى المدرسة صباح كلّ يوم على الرغم من علمي أنّهم لا يتلقون التعليم بشكل جيّد بسبب غياب المدرسين ونزوحهم، وعدم توفر الكتاب المدرسي وبقية المتطلبات المدرسية". يتهم السياغي بعض المدارس بتجهيل التلاميذ لا تعليمهم، وذلك عن طريق توزيع الدرجات والشهادات في نهاية العام كهبات أو مقابل خدمات وأموال تدفع للمدرسين.
إلى ذلك، تعترف المدارس بتقصيرها تجاه التلاميذ، لكنّها ترجع هذا التقصير إلى جملة من الأسباب يبقى أهمها عدم اعتراف الدولة والحكومات المتعاقبة على البلاد، بأهمية التعليم وأهمية الفصل بين السياسة والتعليم بحسب المشرف المدرسي خليل عبد الله. يشير إلى الحرب كسبب طارئ زادت من حالة ضعف التعليم على مختلف المستويات. يقول لـ "العربي الجديد": "في الأساس لم يكن التعليم من أولويات الحكومات قبل الحرب، أما اليوم فالتعليم لا يذكر إلاّ في باب المزايدات السياسية". ويسأل عبد الله: "كيف تطلبون من المدرّس أن يقدم شيئاً وعدد التلاميذ في الفصل الدراسي يتجاوز المائة؟ أو كيف تريدون من المدرّس أن يعمل بضمير وهو لا يجد ما يأكله؟". يشير إلى أنّ العملية التعليمية تعرف حالة فوضى غير مسبوقة ناتجة عن "تراكمات وأخطاء سابقة وانتكاسات وتحديات تعيشها اليوم بسبب الحرب على حدّ سواء".
يتابع: "كانت المدرسة في اليمن تواجه مشكلة جودة التعليم، ورواتب المدرسين المتدنية، لكنها اليوم تعجز عن توفير الكتاب المدرسي أو حتى الطباشير والألواح أو حتى إخراج النازحين من المدارس".
وليس أكثر دلالة على سوء القطاع التعليمي في اليمن من الإشارة إلى وجود 660 مدرسة بنيت من الصفيح في الريف والمناطق النائية، ومدارس أخرى متداعية لا سقوف لها، بحسب وزارة التربية والتعليم.
2.9 مليون متسرّب
بلغ عدد اليمنيين في سن التعليم الذين لم يلتحقوا بالمدارس منذ مارس/ آذار الماضي، 2.9 مليون تلميذ وتلميذة بحسب تقرير صادر عن الأمم المتحدة. وكان المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس لعام 2015 - 2016 قد تجاهل اليمن إلى جانب ليبيا وسورية والعراق والصومال في ترتيب مؤشر جودة التعليم العالمي. ورأى عدم تصنيف الدول مرتبطاً بغياب أبسط معايير الجودة عن قطاعاتها التعليمية.