بثت قناة الجزيرة الفضائية يوم أمس فيلم تسجيلي ضمن سلسلة تحت المجهر بعنوان «عالقون في اليمن»، والذي يحكي مأساة اللاجئين الصوماليين الذين فروا من جحيم الحرب الأهلية في بلدهم إلى اليمن، لكن الظروف كانت أقسى وأمر.
محمد أبو بكر، مواطن صومالي معاق اضطرته ظروف بلده السيئة إلى اللجوء لليمن، لكن حاله لم تكن أفضل هناك. ومثله العديد من الصوماليين الذين يتوزعون على مخيمات في ربوع اليمن يعيشون حياة قاسية لم يجدوا من ينقذهم منها.
أبو بكر يعيش وحيدا في مخيم خرز لحج يعبر عن همومه ومشاكله بالرسم، ويشده الحنين إلى وطنه، ويقول إنه يتمنى الموت على أرض الصومال لأنه لن يجد أهلا يدفنونه في اليمن.
يقر أحد المهربين اليمنيين بأنهم يعذبون ويضربون الصوماليين لسلب أموالهم، وهو حال لاجئة قالت إنها تعرضت ومن كانوا معها بعد نزولهم من القارب الذي جاء بهم لليمن للضرب والتعذيب والاغتصاب».
وقد لجأ العديد من الصوماليين إلى اليمن في فترة التسعينيات وحتى قبلها بسبب الحرب الأهلية في بلدهم، وما نجم عنها من انفلات أمني واغتيالات، إضافة إلى تردي الأوضاع الاقتصادية.
سياسة الباب المفتوح
وحسب الدكتورة سارة العراسي، المدير العام لمركز دراسات الهجرة واللاجئين في جامعة صنعاء، يعود اختيار الصوماليين لليمن لقربها من الصومال، والعلاقات الممتدة بين البلدين، إضافة إلى أن صنعاء اتبعت منذ العام 1991 ما تسمى بسياسة الباب المفتوح أمام اللاجئين الصوماليين.
هذا الواقع المزري في الصومال كان سببا لهجرة راحة شريف أبو بكر من مخيم البساتين بعدن، والتي كشف الفيلم أنها لجأت إلى اليمن بعد مقتل زوجها واغتصاب ابنتها أمام عينيها، لتصبح حاملا وهي في سن الحادية عشرة.
قالت هذه السيدة إنها شدت الرحال إلى اليمن رفقة ستمائة شخص على متن مركب وسط معاناة كبيرة قبل وصولهم إلى السواحل اليمنية حيث رفض دخولهم في بداية الأمر.
ويقول أحد المهربين الصوماليين إنه يتقاضى عن تهريب الشخص الواحد ما قيمته مائة دولار، وإن الرحلة من بوصاصو بالصومال إلى اليمن تستغرق عشرين ساعة وتكون حمولة السفينة بين 80 و90 شخصا.
ويقر عبد الله جامح صالح، وزير الموانئ والنقل البحري ومكافحة القرصنة في حكومة بونتلاند بالصومال بوجود مهربين، لكن بعدد قليل بسبب الجهود التي تبدلها حكومته مع دول الجوار في مكافحة هذه الظاهرة، حسب قوله.
مشاكل ومعاناة
ويشتكي اللاجئون الصوماليون في المخيمات من مشاكل عديدة، منها نقص الخدمات والرعاية الصحية وعدم توفر فرص العمل، وهو ما تؤكده اللاجئة راحة شريف أبو بكر بقولها إنها تتسول في الطرقات من أجل إعالة أولادها وأحفادها.
كما لم يعثر اللاجئ بركات أحمد على وظيفة تليق بمستواه رغم أنه يملك الخبرة ويتكلم خمس لغات أجنبية.
ويلخص محمد نور جعل، مستشار الشؤون السياسية لرئيس الوزراء الصومالي حال هؤلاء اللاجئين بالقول إنهم يعيشون حياة دون المستوى الإنساني بدرجة كبيرة، واتهم الهيئات المسؤولة عنهم بالتقصير في عملها.
غير أن يوهانس فان ديركلاوو، ممثل المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بصنعاء يتحدث عما سماه خططا وضعت منذ عشر سنوات لمساعدة الصوماليين، وقال إنهم يحتاجون لخدمات عامة كأبناء الشعب اليمني.
«في ظل هذه الظروف الصعبة، اضطر بعض اللاجئين الصوماليين في اليمن إلى العودة طوعا إلى بلدهم رغم مشاكلها الكبيرة، وينطبق هذا الواقع على اللاجئة حليمة التي تقول إنها رجعت حتى لا تكون تحت رحمة أحد».
وحسب المسؤول الأممي ليس وضع اليمنيين أفضل من الصوماليين، حيث يعانون بدورهم من مشاكل وفقر.
تهريب ونهب
وزيادة على مشاكلهم اليومية داخل المخيمات، يتعرض اللاجئون الصوماليون لعمليات تهريب من أجل نهب الأموال التي تكون بحوزتهم رغم قلتها.
ويقر أحد المهربين اليمنيين بأنهم يعذبون ويضربون الصوماليين لسلب أموالهم، وهو حال لاجئة قالت إنها تعرضت ومن كانوا معها بعد نزولهم من القارب الذي جاء بهم لليمن للضرب والتعذيب والاغتصاب.
ويتحدث مدير أمن محافظة الحديدة، العميد الركن أحمد المقالح عن ضبط عدة حالات للتهريب في منطقة الزهرة.
كما يؤكد المدير العام لمديرية الزهرة بمحافظة الحديدة عبد الرحمن الرفاعي عثورهم على عدة أوكار للمهربين وقعت فيها حالات تعذيب للصوماليين.
وفي ظل هذه الظروف الصعبة، اضطر بعض اللاجئين الصوماليين في اليمن إلى العودة طوعا إلى بلدهم رغم مشاكلها الكبيرة، وينطبق هذا الواقع على اللاجئة حليمة التي تقول إنها رجعت حتى لا تكون تحت رحمة أحد.
ويناشد اللاجئ أبو بكر بدوره الحكومة الصومالية بأن تلتفت للصوماليين الذين يموتون في البحر ثم ينشد «استيقظوا أيها الصوماليون.. استيقظوا وساعدوا بعضكم بعضا».