في حديث خاص مع إيلاف ألقى الصحافي والمعارض اليمني "سمير رشاد اليوسفي " الضوء على مجريات الأمور والوضع الحالي في اليمن جازماً بأن حكم علي عبد الله الصالح قد انتهى تماماً، واعتبر أن عبد ربه منصور شخصية عسكرية مثقفة، ولكنها لا تصلح لحكم البلاد في ظل النظام القائم، واتهم مباشرة علي محسن بأنه من يقود العمليات في أبين.
يعتبر "سمير رشاد اليوسفي " واحداً من الشخصيات المثيرة للجدل في اليمن، فهو الإخواني السابق الذي عاش داخل منزل "الزنداني "في مكة"، وهو الصحافي الذي عاد بعد فترة من سفره إلى أفغانستان ليبدأ مرحلة جديدة من حياته المهنية مختلفة كلياً عن سابقتها، الأمر الذي دفع بالزنداني إلى الإنقلاب عليه إثر قضية نشر متهما إياه بالردة، وهو رئيس مجلس إدارة مؤسسة "الجمهورية" للصحافة، ورئيس تحرير لإحدى أهم الصحف الحكومية والتي استقال منها عقب حادثة مقتل 53 شخصا في جمعة الكرامة في آذار (مارس) الماضي.
يتحدث في حوار خاص مع إيلاف متطرقاً إلى الواقع الحالي في اليمن وقراءة ما يدور هناك، إضافة إلى حديثه للمرة الأولى عن حياته الخاصة، معتبرا أن قضية محاكمته كانت تغطية للتوقيع عن اتفاقية الحدود مع السعودية.
- لنبدأ الحديث عن الفراغ الإداري الذي تشهده البلاد في ظل غياب الرئيس ورئيس البرلمان، ونوابه ورئيس الحكومة، كيف تسير البلاد من دونهم؟
تعاني اليمن فراغا إداريا ودستوريا غير مسبوق، وهو قد يشبه مرحلة الرئيس "عبدالله السلال" أول رئيس للجمهورية، حين سجن جمال عبد الناصر حكومته في مصر، وأضحت اليمن في فراغ إداري تام، ومن حينها لم يسبق أن مرت اليمن بفراغ كهذا منذ عام 1967. فرئيس الجمهورية مصاب ويرقد في المستشفى ولا أحد يعلم عن حالته الحقيقية، كما أن لا أحد يعلم شيئا عن كل من رئيس مجلس النواب ورئيس الوزراء، وأعضاء المجلس.
تقول قيادات الحزب الحاكم إن الدولة ما زالت متماسكة، وهذا الكلام غير صحيح، فاليمنيون يحكمون أنفسهم بأنفسهم، ولا يوجد نظام طوال هذه العقود حتى يكون متماسكا الآن، وعن أي تماسك يتحدثون فالدولة لا يوجد فيها ماء ولا كهرباء ولا وقود ولا غاز ولا شيء.
- ما المقصود بعبارة "لا يوجد نظام طوال هذه العقود"؟
من المعروف أن الرئيس علي عبدالله صالح يحكم بانفرادية منذ توليه الحكم في اليمن، وهو لا يعول كثيراً على الحكومة ولا على البرلمان، هو يحكم بالـ"هاتف"، ويعتمد على شخصيات معينة، ولا يوجد رئيس عربي يتواصل مع مدراء مديريات، ورؤساء أقسام شرطة، إلا علي عبدالله صالح، والمعروف أنه أقال الحكومة قبل إصابته بأسابيع وظل يدير الدولة بطريقته المعهودة، أما الآن فمن يدير الدولة هم أولاده وأولاد أخيه وبالطريقة ذاتها، أما نائب الرئيس مع احترامنا له، فهو موظف بسيط يعمل لدى أحمد علي عبدالله صالح الآن.
التواصل عبر الهاتف فقط
- قلت إن الرئيس يتواصل مع رؤساء المؤسسات هاتفياً، هل حدث الأمر ذاته معك حين كنت رئيساً لتحرير صحيفة الجمهورية ورئيساً للمؤسسة؟
نعم، كان أول تواصل هاتفي للرئيس معي بعد تعييني بشهرين، وذلك إثر وشاية من وزير الإعلام السابق "حسين العواضي"، اتهمني فيها أنني أدعم صحافيي المعارضة وأن معظمهم خرجوا من عباءة الصحيفة التي كنت أرأس تحريرها، وهي صحيفة "الثقافية"، وذكر حينها أسماء من كانوا يكتبون في صحيفة "الشورى" وقت ما كانت من أبرز صحف المعارضة، وكانت تهاجم الرئيس بضراوة، حينها سألني الرئيس "ما الذي بينك وبين الوزير العواضي، ولماذا يقول عليك إنك تدعم صحافيي المعارضة؟ أجبته بأن الوزير كان كاتباً عندي في الصحيفة وصديقا، وحين تولى الوزارة صار خصماً، وأنه يعتبر دعم رئيس الوزراء السابق عبدالقادر باجمال لي بأنه يضره، وانتهت المكالمة بيني وبين الرئيس بمودة، لكنه بعد احتفالات الثورة 2005 هاجمني في لقاء للمجلس التنفيذي لمحافظة تعز وأنا غير موجود، وبعدها صار يتواصل معي بين حين وآخر، وكثيرا ما كان يشيد بما أكتب في الصحيفة وكان يطرح بعض الآراء في ما يكتب.
كان الرئيس يتابع 3 صحف فقط في السنوات الأخيرة
- هل كان فعلاً يقرأ الصحف؟
أعتقد إنه كان يقرأ أبرز الصحف الحكومية، ومنها صحيفة "الجمهورية" التي كنت أرأسها، إضافة إلى صحيفة "الثورة"، وصحيفة "السياسية"، لكن لم أسمع منه حديثا عن صحيفة "أكتوبر"، وحين كنت أحدثه عن بعض ما نشر يفاجئني بالقول إنه قرأه ويشيد ببعض ما ينشر.
- هل حدث أن وجهك يوماً لكتابة أو نشر مقال يخالف عملك ورأيك؟
غالباً ما كان رأيه إيجابياً في ما ينشر، ونحن بالطبع نستلهم التوجه السياسي وكتاباتنا من خطاب الرئيس، وأقول هذا الكلام كمعلومة إنه لا يوجد إطلاقاً أي سياسة إعلامية في البلاد منذ 1992 حتى اليوم، وما ينشر كله اجتهادات من رؤساء المؤسسات بناءً على خطابات الرئيس فقط، فإذا أحسنوا سكت عنهم، وإذا أساؤوا يتم لومهم وأحيانا معاقبتهم.
الرئيس يقرأ بعض ما ينشر في الصحف الرسمية، وكنت أعلم في السابق أن الرئيس يركز على صحيفة "الثورة" فقط، وفي السنوات الأخيرة أصبح يقرأ ثلاث صحف من بينها "الجمهورية" و"السياسية" التي أعجب بها خصوصا بعد مهاجمة قادة المشترك بالاسم، و تكلل هذا الإعجاب بزيارة مفاجئة ليلاً للصحيفة في مايو 2010، وأشاد بأداء المؤسسة، صحيح أنه يقدم للرئيس خلاصات لما ينشر، لكنه إذا ركز على صحيفة معينة فإنه يقرأها باهتمام.
- حديثك عن السياسة الإعلامية يقودنا إلى ما يدور حاليًا حول المتحدثين باسم النظام مثلاً ياسر اليماني وكيل أمانة العاصمة ظل ينفي نقل الرئيس إلى الرياض، وأكّد أنه كان موجوداً عنده وهو بخير، في الوقت الذي وصل فيه صالح إلى مطار الرياض في أثناء حديثه، هل هذه أيضا اجتهادات؟
حاول رئيس الوزراء السابق عبدالقادر باجمال أن يعين ناطقا رسميا للحكومة وفعلا أصدر قرارا بتعيين الزميل "نصر طه مصطفى" الذي لم ينطق قط طوال فترة ولايته، وحاول باجمال تنظيم العمل لكن لم يتوفق في ذلك، الحكاية ذاتها حدثت مع وزير الإعلام الحالي وفشل، حين أسندت المهمة له وكان يتحدث عقب اجتماعات الحكومة، وكان حديثه يتناقض في المساء مع كلام قياديين آخرين في الحكومة أو في الحزب الحاكم.
أما أولئك الذين يظهرون على الفضائيات الآن فهم إما من المقربين ممن يديرون الآلة الإعلامية في البلاد، أو ممن قفزوا للواجهة لأنهم أكثر جرأة وربما "وقاحة"، ويقولون كلاما كيفما اتفق، ومن هؤلاء "ياسر اليماني" الذي يظهر كمهرج ويضر أكثر مما ينفع، "يهرف بما لا يعرف"، كل ما لديه أهو محاولة التطبيل للنظام ونحن نعرف أن أقطاب النظام في مقدمة من يحتقرونه، هو يفرض نفسه على وسائل الإعلام، وحين يظهر على "الجزيرة" أو "العربية" يعتقدون أنه يمثل النظام، وهو صورة سيئة للنظام.
ومن هؤلاء أيضاً "أحمد الصوفي"، حيث إن النظام لا يحترمه وإلا لكان تم تسليمه مؤسسة إعلامية من المؤسسات التي يعول عليها توجيه خطاب إعلامي يخدم، وكان له تجربة مع صحيفة الحزب الحاكم التي عين فيها وطرد بعد أشهر وجيزة، والآن تم تعيينه مسؤولا صحافيا في المكتب الصحافي برئيس الجمهورية من باب الاحتواء فقط رغم أنه أكثر نباهة في التعاطي مع وسائل الإعلام، وربما قارئ أفضل.
أما "طارق الشامي" الناطق باسم الحزب الحاكم، وإن كان من الجانب الإنساني أكثر أدبا ولديه من الأخلاق الشيء الكثير، إلا أنه غير مؤهل إعلاميًا ليكون رئيساً لأكبر مؤسسة إعلامية كوكالة "سبأ" للأنباء، فهو عين من باب الثقة وليس الكفاءة.
نائب وزير الإعلام عبده الجندي أكن له احتراما على المستوى الشخصي، لكنه كان أسوأ من أدار الأزمة إعلامياً في هذا الظرف، بحيث أصبح "الجندي" كنديم السلطان مثيراً للضحك أكثر منه مؤديا إعلاميا.
- هل تعتقد أن الرئيس لايزال قادرا على الحكم؟
الرئيس صالح أصبح منتهيا سياسيا وأضعف التقارير تقول إنه مصاب بحروق نسبتها 40% من جسمه، ناهيك عن علل أخرى تجعله غير قادر على الحكم مستقبلا.
- لماذا برأيك لم يعلن من قبل عن زيارة الرئيس أيًّا من أقطاب الأسرة الحاكمة السعودية سواء الملك أو الأمير سلطان أو الأمير نايف أو غيرهم، كما أنه لم يتم الاتصال به للإطمئنان إلى صحته من أي من الرؤساء العرب؟
في وضع مثل هذا كان يفترض أن يحترم النظام نفسه ويتعامل مع ما حدث في جامع النهدين بما تستحقه إعلاميا كجريمة، لكن أول صور بثت للحادث كانت بعد 30 ساعة للحادث، والرئيس ظهر بصوته ثم توقف الأمر برمته على معلومة واحدة قالها مراسل العربية "إن صالح نزل من الطائرة مشياً على قدميه" وهي المعلومة الوحيدة التي تعامل معها الناس على أن الرئيس صحته أفضل.
لم تنشر صورة للرئيس أو لأحد الجرحى الآخرين، رغم أن النظام كان بحاجة إلى كسب التعاطف حتى عبر صور المصابين الآخرين، كانت فرصة تاريخية لإبراز جريمة تاريخية وقت الصلاة وفي المسجد وسيتعاطف معها الملايين.
عدم إظهار الصور أو التحدث يضعنا أمام خيارين إما أن يكون الرجل ميتا أو بصحة جيدة، لا مجال لمعادلة وسطية، رغم أن كل الاحتمالات واردة.
الظروف الحالية وأبناء الرئيس
- لننتقل إلى الجانب السياسي، طغى الحديث في الآونة الأخيرة عن نجل الرئيس "أحمد" الذي يقال إنه يدير البلاد في هذه الأيام، كيف يمكن الحديث عن أحمد علي في هذا الظرف؟
سأبدأ من آخر صورة ظهر فيها العميد احمد علي عبدالله صالح في التلفزيون اليمني حيث بدا ضاحكا مستبشرا، يكاد يقهقه فيها في ظرف عصيب تمر به البلاد، بل حتى في ظل تعرض والده رئيس البلد لإصابة قد تودي بحياته، الصورة توحي للمشاهد بأن أحمد علي يمتلك من التوازن والتماسك الشيء الكثير، وظهر بأنه لا يبالي، وكأنه يريد أن يوحي للآخرين أن البلد ليست في حالة أزمة وأن حالة والده ليست سيئة، وبأنه أيضا قادر على الحكم.
المعروف عن "أحمد علي" من المقربين منه أنه يتعامل بطريقة "مع أو ضد"، بخلاف أساليب والده الذي كان يجيد التعامل مع خصومه بعدة طرق منها شراء الولاءات أو التقريب والتبعيد، ووفقا لشعرة معاوية لأحمد جلساؤه وإعلامه الخاص، وظهر في الحكومات الأخيرة أن لديه أيضا وزراء باسم وزراء "أحمد علي".
يفترض أننا لا نتحدث حاليا عن أحمد علي، ونحن في ثورة كونه جزءا مهما في النظام والثورة قامت ضد فكرة التوريث لأحمد علي، حتى ولو قيل لنا من قبل عبده الجندي إن من حق "أحمد علي" أن يحكم وأنا أقول إن من حقه أن يحكم لكن بعد أن يخرج من هذا النظام، وأن يستقيل من مناصبه، وأن يصبح كأي مواطن ثم يتقدم للانتخابات كغيره.
من المعروف أن أحمد علي صناعة أميركية منذ نعومة أظفاره، يقال إنه ناجح إداريا في إدارة الحرس الجمهوري، هناك إمكانات هائلة في الحرس وبالتالي أميركا حريصة على أحمد كونها خسرت مليارات الدولارات في بناء الحرس خصوصا منذ هجمات سبتمبر 2001.
الولايات المتحدة تفكر بمصلحتها وباليمن التي تملك أهم شريان لنقل النفط ويمر على باب المندب الذي تملكه ثلاثة ملايين برميل نفط يوميا وبالتالي تفكر بأفضل الحلول التي تخدمها وترى أن المبادرة الخليجية هي الأنسب.
- حول هذا الموضوع يقول "يحي محمد عبدالله صالح" قائد الحرس الجمهوري، إنهم ضباط محترفون ويأتمرون بأوامر السياسيين إلى أي مدى يمكن أن نصدق هذا الكلام؟
مع احترامنا لشخص العميد يحيى لكني أقول إن هؤلاء هم أبعد عن الاحتراف كثيرًا، هؤلاء يلبسون الزي العسكري فقط من قبيل التشبه بوالدهم أو عمهم الرئيس علي عبدالله صالح، أتفق معك حول الرئيس لو قلت لي إنه عسكري محترف وقائد محنك وشجاع وسأزيد، أما يحيى أو أحمد وطارق وعمار فإن وصفهم بالاحتراف غير منطقي وأقصى ما يجيدونه كما قال أحد المحللين إنهم يجيدون اللعبة العسكرية بالكمبيوتر أو "الأتاري"، وليسوا بالمستوى الحقيقي في الميدان.
أحمد علي حاول الدراسة العسكرية في كلية محترمة لكنه أخفق فيها ونجح فيها شقيقه خالد.، أقول إن الكثير جدا من أبناء الشعب هم أكثر منهم كفاءة وأكثر منهم قدرة وحنكة وسنهم أكبر من هؤلاء، هؤلاء حصلوا على رتبة "عميد" وهم لا يتجاوزون العشرينات، أعتقد أن من الظلم والغبن، أن نتحول بعد ثورة سبتمبر 1962 إلى هؤلاء باعتبارهم حكاما قادمين.
الرئيس يقول إنه أحد أبناء ثورة سبتمبر وقاتل من أجلها، وبالتالي لا يفترض أن ينتهي حكمه وقد ورث هذه الثورة لأبنائه أو أبناء أخيه.. ما حصل الآن أننا صرنا أسوأ من النظام الأسري الإمامي الملكي، وقد وصلت فترة الرئيس صالح أكثر من عصر الإمامة والجمهورية، وأكثر من حكم الإمام أحمد، وبعده السلال، وبعده الإرياني وبعده الحمدي، وبعده الغشمي هو أكثر من هؤلاء جميعا.
عبد ربه منصور لا يدير البلاد
-الحديث يدور حول الرجل الذي في الواجهة الآن "عبدربه منصور"، إلى أي مدى يمكن أن يفعل شيئا حيال التغيير؟
المعروف عن عبدربه منصور إنه رجل عسكري أكاديمي يتمتع بمميزات إدارية وعسكرية فائقة لكنه في ظل هذا النظام أو تلك الذي كان حاكما في الجنوب، فهو لا قيمة ولا معنى له إطلاقا.
هذا الرجل مثقف وقارئ عكس الاعتقاد الساري عنه عند العامة بسبب لكنته ولهجته، وهو يتميز بهدوء واتزان ولا أريد أن أقول وضعف أيضا، لكنه نتيجة للتجارب والصراعات فهو أضعف من أن يكون قائدا للمرحلة الحالية في ظل هؤلاء المتصارعين، من علي محسن وأبناء الرئيس، وأبناء الأحمر.. وعلي محسن حسب المعلومات هو من قدمه في 1994، حتى أن الرئيس حين تم الحديث عن نقل السلطة للنائب دار الحديث إن الرئيس سيختار علي مجور نائبا له لأنه يخشى من أن تنتقل من عبدربه إلى خصم الرئيس العسكري حاليا علي محسن الأحمر.
أريد القول إن الكلام عن أحمد علي لا معنى له الآن كون هذه الملايين خرجت لاقتلاع النظام واجتثاث فكرة التوريث وإلا فإن الأمور لن تهدأ ولن يقبل أحد بأن يذكر اسمه حاليا.
- هل ما زالت صورة "علي محسن " لدى الأميركيين بأنه راع للإرهاب كما يتم التداول، في حين أحمد مكافح له؟
كان هناك اتهام لعلي محسن إنه وراء الإرهاب بحكم ما قام به منذ العام 1994 من تقريب للقيادات الإخوانية، وأيضا العناصر التي كانت في أفغانستان واحتوائها في الجيش، صحيح أن هذا الكلام قام به علي محسن لكنه قام به برضا النظام وموافقته، هناك قيادات عادت من أفغانستان وعاشت في اليمن من بينها شخصيات كبيرة مثل أيمن الظواهري وغيرهم ومن بين هؤلاء طارق الفضلي الذي عاد وجلس في منزل علي محسن وقامت بينهم علاقة مصاهرة.
قيل بعدها إنه مطلوب لأميركا وغيره من هذا الكلام ولم يكن الأمر صحيحا، والآن يرد الأمر على القيادات العسكرية والأمنية من أبناء الرئيس وأبناء أخيه بأنهم هم من يديرون الجماعات الإرهابية وذلك في آخر مقابلة له مع صحيفة الحياة قبل أيام.
لعبة القاعدة في اليمن لعبة شارك فيها النظام من علي محسن وبقية القيادات الأمنية.
علي محسن حاليا يحاول الإثبات للأميركيين والمحيط الإقليمي إنه كان قادرا على مواجهة الإرهابيين في أبين بكفاءة وقدرة أكثر من الرئيس صالح، كانت قوات علي عبدالله صالح تقتل فيها شخصين أو ثلاثة أشخاص من القاعدة، لكن الآن في ظل قيادة علي محسن في أبين سمعنا عن العشرين والثلاثين.
- هل علي محسن هو من يقود العمليات في أبين؟
نعم قوات الفرقة الأولى المدرعة هي من تدير العمليات هناك، وبنجاح شديد.
- لكن الإعلام الرسمي يصور أن قوات صالح هي من تواجههم؟
الإعلام الحكومي يحاول الاستفادة من أي شيء، لكن أيضا هناك أمر إذا أتينا للأمر الواقع فإن الطائرات الأميركية هي التي تقوم بالقصف على معاقل المسلحين، أما على الأرض فإنها الفرقة الأولى التابعة لعلي محسن.
- لو انتقلنا إلى الجانب المتعلق بأبناء الشيخ عبدالله الأحمر ومدى إمكانية سيطرتهم على الأمور في ظل هذا التجاذب والصراع الثلاثي بين الرئيس من جهة وعلي محسن وأولاد الأحمر والشارع من جهة ثانية؟
أولاد الأحمر أظهروا قوة في الأحداث الأخيرة، وهم كما يعلم الجميع حلفاء تاريخيون للسعودية، وظهروا في الثورة وظهروا بقوة تفوق أداء الحرس الجمهوري والأمن المركزي حتى أنهم سيطروا على كثير من المواقع الحكومية السيادية خلال ساعات.
أولاد الشيخ ظهروا بأنهم مواجهون وليسوا مثل والدهم الذي أبعد أيام الحمدي والغشمي وقبل بالخروج من صنعاء، ولذا يصعب تجاهلهم.
أما الذين يريدون فرض النظام الحالي ولو بشخصيات جديدة من مثل الحديث عن أحمد علي وهذا أمر صعب للغاية في ظل وجود هذا التوازن في القوى.. في حين بدأت التسريبات من قبل مصادر في النظام العائلي حيث تقول إن الرئيس الدستوري الحالي لليمن يفترض أن يكون حمير الأحمر نائب رئيس مجلس النواب كون الدستور يقول إن رئيس البرلمان هو من يتولى الرئاسة في حال حدث شيء لرئيس الجمهورية بينما رئيس المجلس هو مصاب حاليا وبالتالي نائبه هو من يمسك زمام الأمور، حيث إن نائب الرئيس غير معين بقرار جمهوري، وهذا يعني محاولة لإعادة التاريخ وتسليم مجلس النواب لأبناء الشيخ مقابل الرئاسة لأحمد علي.
- لننتقل إلى النقطة الأبرز حالياً وهي الشارع والمعارضة؟
بالنسبة للمعارضة، كنا نعتقد حين خرج الناس للشارع إن المعارضة قد تغيرت، وأنها ستخرج بخطاب موازٍ لخطاب الشارع، وسيكونون قادة جديرين بقيادة الثورة إلى دولة مدنية نبتغيها جميعا، أنا كنت مع النظام في السابق وضد المعارضة لأننا نرى إن أطرافا في المعارضة هي وجه آخر للنظام أو ظل له، تلعب بأدواته نفسها ، ولم يختلفوا على النظام إلا أنهم اختلفوا ذات يوم على المكاسب والمصالح لا أكثر، كنت أظن أن الفترة الماضية قد جعلتهم يتغيرون، لكن لم يحدث ذلك.
حين دخلت قيادات عسكرية ووجوه ملطخة بالفساد حاولت التطهر بالثورة تم التأثير سلبا في الثورة بشكل كبير، ثم الدخول في حوارات ونقاشات حول المبادرات التي أخرت الأمر كثيرا جدا.
علي محسن قال إنه سيدافع عن الثوار لكن المجازر التي تمت في تعز لم يحمها ولم يحم الذين قتلوا خارج ساحات التغيير، هو فقط طوق ساحة التغيير في صنعاء وكأنه يريد السيطرة عليها.
حدثت أمور كثيرة يفترض أنها كانت تأتي بثمارها، عدد القتلى الذين سقطوا في هذه الثورة الآن أكثر بكثير ممن سقطوا في ثورة سبتمبر التي أسقطت النظام الملكي، في 1948 وفي 1968 وكما هو معروف فإن الذين قتلوا على يد نظام الإمام أحمد لم يتجاوزوا 26 شخصا وهذا العدد ضئيل جدا، في حين أن من قتلوا في تعز لوحدها يفوقون هذا الرقم بكثير ناهيك عن صنعاء وبقية المحافظات، فهذا النظام ظل يدندن ويلعن الإمامة ونحن معه وظهر أنه نظام لم يقتل سوى 26 في الثورة عليه، بينما ما حدث هنا جرائم بالمئات وفي ظل نظام جمهوري وديمقراطي.
من أفغانستان إلى الصحافة
- بعيدا عن النقاش السياسي، نريد أن نتحدث في الجوانب الشخصية ونبدأ بموضوع استقالتك من رئاسة مؤسسة الجمهورية للصحافة؟
بقدر تشبثي بالعمل الصحافي، ورؤيتي بأن العمل الرسمي أفضل في الجانب الحكومي بعيدا عن الصحف المعارضة والأهلية التي ليست فيها مؤسسية، آمنت بعد مضي 4 سنوات بالتغيير وأصبح العمل مملا وكنت أنتظر استكمال تركيب المطبعة بعد صراع خمس سنوات مع الجانب الحكومي للحصول عليها.
أما السبب المباشر بعد ذلك فكان حادثة مجزرة جمعة الكرامة، حيث كان القتلى يتساقطون بقنص احترافي، وظهر بعد ذلك التبرير غير الأخلاقي للجريمة من قبل رئيس الجمهورية في المؤتمر الصحافي حين قال إن خلافا مع أهالي كان أحد أبرز أسباب استقالتي، وشعرت إننا سنشارك بتغطية إعلامية لعمل بشع لا نستطيع احتمال جرمه.
- خروجك من الإخوان المسلمين، ثم النظام، ثم هجومك على المعارضة والسلطة معا، ألا تخشى أن تجد نفسك معزولا من الجميع؟
فعلا أنا معزول من جميع الأطراف، أرتبط بصداقات ودودة جدا مع الكثير من الزملاء والأصدقاء من مختلف الانتماءات، مازال لدي علاقات في إطار الإخوان المسلمين منذ كنت منخرطا في الإخوان أجد نفسي محاطا بالإقصاء من كثير من الأطراف رغم أني أتحت للجميع طرح أفكاره ونشرها في صحيفة "الثقافية"، لكن مشكلة العمل الفكري والسياسي في اليمن إنه إذا لم تكن معي تماما 100% فلست صديقي.
تعودت منذ الصغر على أن أكون مواجها وسليطا سواءً في اللسان وأحيانا في القلم أيضا، هذه شخصيتي لا أستطيع التخلي عنها، وبقدر ما أنا صريح غير أني لست متعصبا ابتداءً من الإخوان المسلمين، وأنا لا أنكر فضلهم علي، ويعود الفضل في ما أنا عليه للإخوان وتعلمت على أيديهم، كنت حريصا على الانتماء للإخوان منذ وقت مبكر وبدأت مع السلفيين في السعودية حين كنا نقيم هناك، وكان المجتمع في السعودية منغلقا جدا، إذا أردت أن تكون ليبراليا متحررا فليس أمامك سوى الإخوان المسلمين هذا بالمقارنة مع السلفيين.. التيار العلماني كان يعتبر الإخوان، وبعد الثانوية أعجبت بالإخوان، وكان يؤخذ علي كما عرفت فيما بعد، أنني كنت كثير القراءة والنقاش والجدال، وهم لا يريدون هذا الصنف وتأخر ضمي إلى صفهم لهذا السبب.
كنت قد قرأت كتاب المدخل إلى جماعة الإخوان المسلمين لسعيد حوى، وقرأته وبدأت أطبقه حرفيا، وقبلت بعد جهد جهيد، فاكتشفت أن الجماعة متعددة المشارب والاتجاهات من متشددين إلى مثقفين إلى من يقبل بالاختلاف إلى كل هذه التفاصيل.
تعرفت إلى شخصيات مهمة كثيرة من بينهم المفكر التونسي راشد الغنوشي وكان له تأثير كثير على شخصيتي، ثم حسن الترابي وقد قرأت له كثيرا، وكان له أثر كبير.
- لننتقل إلى الجزء السري في حياتك، ما هي حكاية ذهابك إلى أفغانستان؟
في العام 1989 زار الرئيس علي عبدالله صالح عدن للتوقيع على اتفاقية الوحدة في زيارة مفاجئة، فجن جنون الإخوان المسلمين في السعودية وتحديدا الشيخ عبدالمجيد الزنداني حين كان هناك آنذاك، وكنت أنا من أشد المعجبين بالزنداني منذ وقت مبكر، وكان يشدني بمظهره وحديثه عن الإعجاز العلمي ولدي مئات الأشرطة حول الإعجاز العلمي، وأكشف سرا اليوم أنني كنت أفرغ المحاضرات من الكاسيتات للورق وأحفظها عن ظهر قلب.. كان المسؤول التنظيمي للإخوان في السعودية.
استنفر الزنداني لزيارة الرئيس صالح لعدن الشيوعية حينذاك رافضا فكرة الوحدة مع الشيوعيين وبدأ يحشد كل مالديه من قوة لمواجهة اختراق الشيوعيين لليمن حسب ما كان يعتقد بأن الشيوعية ستلتهم الشمال، وله في ذلك آلاف المحاضرات في هذا الأمر، وفوجئت حينها أن كثيرا من الزملاء يذهبون إلى أفغانستان للتدريب، ثم اجتمعنا مع الشيخ الزنداني وحدثنا بوضوح إنه إذا تمت الوحدة مع الشيوعيين سيكون لنا معسكرات في الحدود مابين السعودية واليمن، وسننقل الجهاد من أفغانستان إلى اليمن، وأنه وأسامة بن لادن سينتقل إلى هذه المعسكرات إذا ما تمت الوحدة.
في تلك المحاضرة طرح سؤال حول من يريد الذهاب إلى أفغانستان للتدرب على السلاح، وفعلا أنا كنت من بين من ذهبوا وجلست هناك فترى ليست طويلة، ربما شهر أو تزيد قليلا، وتدربت على الأسلحة الخفيفة من الكلاشنكوف، والجرينوف الخفيف والجرينوف الثقيل والدوشيكا، والـ آر بي جي وكان أمامي فرصة التدرب على صواريخ ستينجر على ما أظن وانتهت الفترة حينها ولم أتدرب عليها.
كثير من الزملاء بقوا في أفغانستان وكثير منهم قتلوا هناك في ما تبقى من المعارك حيث كان السوفييت على وشك الخروج من هناك، ودخلت إلى بعض المعارك هناك لكني لم أخض معارك فعلا.
-بمن التقيت من القيادات الجهادية هناك؟
خلال هذه الفترة التقيت عبدالله عزام القائد الفكري للجهاد وحينها كان قد بدأ أسامة بن لادن بالظهور وعدد من القيادات العربية واليمنية، وكان الشيخ عزام هو القائد لمعسكر "صدى" على الحدود الأفغانية الباكستانية وهو المكان الذي تدربت فيه، وكان يدير المعسكر روحانيا وإداريا وعسكريا.. يظهر بزيه الأفغاني وسلاحه الكلاشنكوف ويصلي بنا المغرب ويبدأ محاضرة طويلة في الجهاد، وهذا الرجل للأمانة كان يعجبني كثيرا بأحاديثه الروحانية، يجمع في بعض الجوانب بين السلفية وروحانية الصوفيين، وكنت أستمتع بأحاديثه كثيرا ولا أزال أحتفظ بأشرطة له إلى اليوم.. الرجل كان يؤمن بالولاء والبراء بشكل كبير، ويفاصل في هذا الأمر ويرى أن المسلم الموالي للصليبيين والغرب أشد عداوة من الصليبيين أنفسهم.
- ثم عدت إلى السعودية وبقيت لدى الزنداني؟
الشيخ الزنداني حظيت بالجلوس في منزله في السعودية وكانت الفترة حينها فترة الصراع على الدستور الجديد بعد الوحدة في اليمن، وكنت ضمن الزملاء الذين عملوا في مكتبه في بيته في العزيزية في مكة المكرمة، وكنا نلتقي في الصلوات والمحاضرات، -وأريد ذكر معلومة إنني كنت أدرس علوما إدارية، ولكن الإخوان نصحوني أني أصلح للإعلام وفعلا انتقلت لدراسة الإعلام-.. وكانت فترة الحملة ضد الدستور وشاركت بالحملة وكتابة المنشورات وتوزيعها، حتى أنه تم توزيع المنشورات في الحرم المكي وهو أمر غريب حتى على الصرامة السعودية.. بعد ذلك عاد الزنداني إلى اليمن واختلفت رؤيته تلك وأصبح عضوا في مجلس الرئاسة.. توظفت في صحيفة الجمهورية في 1992 وبدأت حينها في قسم الاستماع السياسي، ثم بعد حرب 1994 عينت نائبا لمدير التحرير بديلا للنائب البرلماني الزميل عبدالحبيب سالم مقبل.
بعدها بدأت أفكر بالاستقلال وفعلا تملصت تدريجيا وباءت محاولات إعادتي للإخوان بالفشل، وبدأت استقطب كتابا من الإخوان ومن ذوي الأفكار التحررية أيضا أولا في صحيفة "الجمهورية"، ثم في "الثقافية" التي أصبحت في ما بعد منبرا لمرحلة مواجهة مع الإخوان في حياتي وخصوصا مع الزنداني.
بدأت أنشر كتابات جريئة ضد الشيخ الزنداني والشيخ عمر أحمد سيف، وكان هناك كتاب متحررون أمثال عبدالجبار سعد وحسين الوادعي وغيرهم، فأخذ الأمر منحى شخصيا من قبل الشيخ الزنداني ضدي، وأذكر موضوعا نشر كان لحسين الوادعي بعنوان "الثقافة الشعبية بين دحباش والزنداني" –دحباش شخصية كوميدية شعبية- فاعتبرها الزنداني نقيصة في حقه وبدأ بشن هجوم على الصحيفة وعلي فيما بعد وبدأ التربص بي.
محاكمتي وأزمة "الثقافية" مفتعلة من النظام
- بعدها جاءت حكاية رواية "صنعاء مدينة مفتوحة" لمحمد عبدالولي التي حوكمت بسببها وتعرضت لكل تلك الحملة من جامعة الإيمان والزنداني والشخصيات الراديكالية وصل التهديد بالقتل ؟
نعم الرواية كانت قد نشرت لعدة طبعات من قبل وزارة الثقافة والمؤسسات الحكومية وهي موجودة في الأسواق، لكن حين نشرناها على حلقات في "الثقافية" ولم يتم تنبيهي بأن هناك كفرا في أحد مقاطع الرواية، وظللت أنشرها وبعد أسبوع من نشر الحلقة التي هي مثار الجدل، فوجئت باتصال من محمد اليدومي أمين عام حزب الإصلاح "الإخوان المسلمين سابقا"، وبدأ يسألني هل أنت مسلم، هل أنت مؤمن، وقلت له من المعيب أن تسألني هذا السؤال، فقال المطلوب منك نشر اعتذار عما نشرته الأسبوع الماضي من كفر في رواية محمد عبدالولي، وقال هذا ملحد وكافر وتم حبسه وطرده من صنعاء وربنا عاقبه بالسقوط في طائرة في السبعينات، فرديت عليه بالطريقة نفسها وقلت له لو كان كافر ما طبعت روايته أكثر من 7 مرات على حساب الدولة وأنت كنت وكيلا لجهاز الأمن السياسي وحبسته، لو كنت ترى إنه كافر لماذا لم تقتله في الحبس عندك، فقال لي إذا لم يؤدبك رئيس الوزراء سأؤدبك برئيس الجمهورية وأغلق السماعة في وجهي.
ثم اتصل الأمين العام الحالي عبدالوهاب الآنسي وكان أمينا عاما مساعدا للإصلاح، وحاول تلطيف الجو وطالب بالاعتذار مشيرا إلى أن خطباء المساجد سيخرجون بتظاهرات الجمعة ورفضت طلبه لأني لم أرتكب خطأ، ثم تم التحقيق معي من وزارة الإعلام بتوجيه من رئيس الجمهورية، وطلب الاعتذار مني ورفضت لأن الدولة التي أخطأت في نشر الرواية وليس أنا فلماذا أعتذر بالنيابة عنها.
- ثم انتقلت القضية إلى القضاء بتهمة الردة؟
نعم تم تحويل القضية لنيابة الصحافة، وتم احتواء القضية بطريقة واحدة مقابل أخرى بعد أن تحدث الشيخ الزنداني عن الصحافة بشكل اعتبر على أنه قذف ورفعت قضية ضده فتمت المصالحة بمنزل نائب الرئيس وتم سحب قضيتي وقضية الزنداني من المحكمة.
- ماذا تقول بعد مرور كل تلك السنوات و خاصة عن الرعب الذي عشته من قبل الجماهير التي احتشدت ضدك أمام المحكمة؟
ما أريد قوله الآن ولم أقله من قبل وقد اكتشفته بعد عملي الإعلامي مع النظام، كنت أتساءل أثناء المشكلة وأقول كل هذه الضجة والرعب وحضور الآلاف من طلاب جامعة الإيمان لمواجهتي أمام محكمة الصحافة، وأنا أعيش بخوف وقلق.. وتحولت قضيتي إلى جماهيرية وتحدث الزنداني عن أكثر من مليون توقيع يطالبون الحكم علي بالردة والإعدام، واكتشف أن هناك صمتا مريبا من الحزب الحاكم والنظام، بل إن رئيس الكتلة البرلمانية للحزب الحاكم يحيى الراعي الذي هو رئيس مجلس النواب حاليا قال إنني أسأت للدين وأستحق العقاب، ولم يقف معي حينها سوى أمين عام الحزب الاشتراكي علي صالح عباد مقبل، والأمين العام المساعد الشهيد جار الله عمر وأعلنا تضامنهما معي.
ثم انقلب الأمر رأسا على عقب وتضامن معي الحزب الحاكم.
ما أريد أن أقوله بعد كل ما مر هو أن القضية كانت متزامنة مع توقيع اتفاقية الحدود مع السعودية، ظهر بعد فترة من الزمن زميل صحافي وأكاديمي كان يعمل في مكتب رئيس مجلس الوزراء آنذاك الدكتور عبدالكريم الإرياني، وقال لي هذه القضية طبخت في مكتب الدكتور عبدالكريم الإرياني، وكان الهدف منها الاستفادة من حنق الزنداني المتصاعد عليك منذ سنوات، في قضية رأي عام في صحافية تمثل كل نخب اليمن الفكرية والهدف من كل هذا غض النظر عن اتفاقية الحدود وأديرت القضية وكنت أنت كبش الفداء.. حاولت أن أقنع نفسي أن الأمر غير صحيح لكن أرجع وأتذكر الصمت المريب للحزب الحاكم في البداية، ثم الدعم في الأخير، ثم انتهاء القضية بذلك الشكل.
في النهاية وصلت لقناعة بعد تجميع عدد من الخيوط أن قضية "الثقافية" كانت قضية مفبركة، وتم تحويلها لقضية رأي عام بفعل فاعل من السلطة.