يرى مراقبون أن الأوضاع في اليمن تتجه للحل على ثلاثة مسارات متوازية, وذلك عقب مضيّ أسبوعين على مغادرة الرئيس علي عبد الله صالح للبلاد.
يمضي أولها نحو حلّ الوضع الأمني وإيقاف التدهور الحاصل فيه, ويسعى المسار الثاني إلى إيجاد حل سياسي يُفضي إلى انتقال سلمي وسلس للسلطة ضمن إطار المبادرة الخليجية, ومسار ثوري ثالث يدعو فيه الشباب المعتصمون في الساحات إلى تشكيل مجلس انتقالي يدير البلد.
ففي المسار الأمني أفادت تقارير صحفية بأنه يتم حاليا إجراء مباحثات بين أقارب الرئيس -الذين يديرون البلد فعليا ويتحكمون بالأجهزة الأمنية والعسكرية الموالية لصالح- وبين القيادات العسكرية المنشقة والمؤيدة للثورة عبر الوسيط الأميركي والبريطاني لاختيار قيادات أمنية وعسكرية توافقية تتولى منصبي وزارة الدفاع والداخلية.
وتتلخص مهمة تلك الشخصيات في إعادة هيكلة الوزارتين بصورة يتم من خلالها دمج الوحدات العسكرية الموالية للرئيس والوحدات المؤيدة للثورة تحت قيادة واحدة، كما تحرص تلك القيادات أيضا على بسط الأمن وضمان استمرار الهدنة مع آل الأحمر خلال الفترة الانتقالية.
وتؤكد التقارير أنه تم بالفعل التوافق على شخصية وزير الدفاع بينما تجري مباحثات لاختيار وزير للداخلية يوافق عليه الجميع، ولم ترشح حتى الآن أية تفاصيل توضح من هي الشخصيات التي تم التوافق عليها أو تلك التي يجري بحثها حاليا.
وجاءت تصريحات رئيس اليمن بالوكالة عبد ربه منصور هادي مطمئنة، حيث أكد في لقاء جمعه بمدير المعهد الديمقراطي للشرق الأوسط ليس كامبل يوم الثلاثاء أن "الأولوية عقب محاولة اغتيال صالح وكبار قادة الدولة كانت لعدم حدوث عمليات انتقام ولوقف فوري لإطلاق النار وإخراج المسلحين من العاصمة وفتح الطرقات وتسهيل تحركات المواطنين".
وفي المسار ذاته أتت تصريحات وزير الدفاع الأميركي روبرت غيتس لوكالة أسوشيتد برس يوم الثلاثاء مؤكدة تلك الأنباء، حيث أفاد غيتس أنه توجد حاليا إمكانية للتوصل إلى اتفاقٍ بين أفراد عائلة صالح وبين المعارضة وكبار القادة العسكريين.
وأضاف غيتس أن الوضع في اليمن يتحسن بشكل جوهري بعد مغادرة الرئيس علي عبد الله صالح البلاد للعلاج في السعودية، موضحا أن الوضع أصبح منذ ذلك الحين أكثر هدوءا، كما استبعد أن تؤدي الأحداث الحالية في اليمن إلى اندلاع حرب واسعة النطاق.
أما مسار الحل السياسي فقد تكللت الجهود فيه حتى اللحظة بلقاء جمع رئيس اليمن بالوكالة ومعه قيادات في الحزب الحاكم بممثلين عن المعارضة يوم الاثنين الماضي لبحث آليات انتقال السلطة ولترتيب مرحلة ما بعد صالح ضمن إطار المبادرة الخليجية.
وقال الأمين العام لحزب التجمع الوحدوي اليمني وعضو المجلس الأعلى للقاء المشترك عبد الله عوبل الذي حضر الاجتماع مع هادي، إن "اللقاء كان جيدا وإيجابيا لكن ذلك لا يعني أن الأمور تسير باتجاه الانفراج الكامل".
وأكد أنه تم الاتفاق على التهدئة وتشكيل لجنة إعلامية مشتركة من الحزب الحاكم والمعارضة لتخفيف التوتر الإعلامي، بحيث يمثل ذلك أرضية مناسبة للجهود الساعية لإيجاد حل للأزمة، وتم الاتفاق أيضا على تواصل اللقاءات بين السلطة والمعارضة على قاعدة نقل السلطة سلميا وفق المبادرة الخليجية.
غير أن عوبل أشار في تصريحه للجزيرة نت إلى صعوبة تحديد وقت أو إطار زمني يتم فيه حلّ كل الأوضاع, فالمسألة -وفق رأيه- معقدة وتحتاج إلى جهود كبيرة يلزم لها كثير من التأني والصبر, مؤكدا أن جهود حل الأزمة تتم بوساطة ورعاية أميركية أوروبية مشتركة.
من جهة أخرى أفاد عضو اللجنة الإعلامية لشباب الثورة فهد المنيفي أن سيناريو نقل صلاحيات صالح إلى نائبه عبد ربه منصور لفترة انتقالية مدتها 60 يوما ومن ثم انتخاب رئيس جمهورية وفق رؤية المبادرة الخليجية، مبدأ يرفضه أقارب الرئيس وأبناؤه، فهم –وفق رأي المنيفي– ما زالوا متمسكين بالسلطة ولن يسمحوا بانتقال سلمي لها.
ويضيف المنيفي في حديثه للجزيرة نت أن شباب الثورة حسموا خيارهم لحل الأزمة بإنشاء مجلس ثوري انتقالي يقوم بتسيير شؤون البلاد في الفترة الانتقالية لحين إجراء انتخابات، لأن ذلك يشكل الضمانة الوحيدة لتنفيذ مطالب الثورة ويجنب الالتفاف عليها.
وأكد أن اللجنة التنظيمية للثورة الشبابية الشعبية أعلنت عن تمسك شباب الثورة بمطالب ثورتهم وفي مقدمتها إسقاط بقايا رموز وأركان حكم صالح وتقديمهم للمحاكمة.
وأشار المنيفي إلى أن الوقائع ومنذ رحيل صالح قبل أسبوعين أثبتت عدم قدرة نائب الرئيس على ممارسة مهامه، وأنه لا يمتلك أي صلاحيات لنقل السلطة وأن المتحكم في البلاد حاليا هم أبناء وأقارب الرئيس، مؤكدا أن شباب الثورة أعطوا الأطراف السياسية فرصة كافية لتنفيذ حلولهم ورؤيتهم في نقل السلطة.
وأوضح المنيفي أن "حماقات" أبناء الرئيس وأقاربه المتمسكين بالأجهزة الأمنية والعسكرية وممارسات النظام القمعية هي من سيقنع القوى السياسية المحلية والمجتمع الدولي بضرورة تشكيل مجلس انتقالي معترف به كممثل شرعي ووحيد لليمنيين.
*الجزيرة نت