اثارت الدعوة التي اطلقتها الناشطه الحقوقيه المحامية / رفيقة الكهالي الجدل والتحفظ عند مختلف الشرائح والفئات المجتمعية والدينية فيمادعت اليه الى الاختلاط ودك الجدران العازلة في اختلاط المراءه بالرجل والذي جاء من خلال مقالة صحفية طويله كانت اجتهدت فيها وقدمت خلالها ( مراجع ومستندات ) ماجعلها تدعو الى الاختلاط وتؤكد قناعتها التامه في واقعيه وحقيقه للدعوه التي تحدثت عنها ودعت الى تطبيقها من جوانب عده كما ستطلعون عليها كامله في مقالة الناشطه / رفيقة الكهالي .
في الوقت الذي يحرم الاسلام الاختلاط وتجرمه القوانين والدساتير .
وتوقعت مصادر ان تطورات كبيره قد تشهدها هذه الدعوه الغريبه وردود الافعال عليها وتوقع البعض ان الناشطه الكهالي ستقع في مصيده مايعرف بالتكفير من قبل البعض من العلماء كما حدث لناشطات قبلها نتيجه لدعوات وكتابات مماثله لذلك .
يمن برس ينشر المقال وفق ماورد :
نعم أدعو للإختلاط ودك جدران العازله
المجتمع الإسلامي, مجتمع يقوم في عباداته ومعاملاته وعلاقاته على البساطة والطهارة والنظافة والنقاء والفضيلة والعفاف والرقي في كل مناحي الحياة وجوانبها المختلفة, وبشكل أكثر خصوصية فيما يتعلق بالعلاقة بين طرفي معادلة البناء والأعمار والاستخلاف والتكريم, الرجل والمرأة ,,,
وحين تتأمل المجتمع المدني للرسول محمد عليه أفضل الصلاة والتسليم وصحابته الكرام , سنجد انه أعتمد اعتمادا كليا على النجاح في دمج وتفعيل الجنسين وربطهما عقليا وروحيا وعقائديا وسلوكيا ومصيريا , لتكون النتيجة الحصول على اكبر قدر من المصلحة والفائدة للفرد وللمجتمع بشكل عام ,,
فلذلك لا غرابة إن التحم الرجال بالنساء في معركة النضال الطويلة من اجل سيادة الحق والعدل والخير ودحر الباطل والظلم والشر , فكانا معا نموذجا رائعا راقيا محلقا , في مراعي العبادة والعبودية , والعمل , والجهاد , وكانت خير امة أخرجت للناس ,,,
تحريف الفطرة
ثم جاء بعد ذلك أقوام حرفوا الدين وضيقوا آفاقه الرحبة وخنقوا روحه الممتدة في الفضاء الواسع, فوضعوا الحواجز النفسية وصدروا الأحكام الاجتماعية والفتاوى الشرعية التي ما انزل الله بها من سلطان, تلك الأحكام التي تقوم على افتراض السوء والقذارة والضعف والخور والبهيمية بين الرجال والنساء , فحرموا ما لم يحرمه الله تعالى , وهجنوا العقل بجاهلية امتدت للأسف طويلا ,,,,
وفي الواقع, يأتي هذا الموضوع مترافقا مع واقعنا الثوري الجديد, الذي يبحث عن معالم الدولة المدنية الحديثة, والتي برأيي ينبغي أن تقوم على الشراكة الحقيقية بين الرجل والمرأة وفق الوحي الإلهي والهدي النبوي القائم على الأصالة من جهة والمعاصرة من جهة أخرى ,,,
وطبيعيا أن تلك الدولة لن نصل إليها إلا بإعادة النظر في الأطر الدينية والاجتماعية والفكرية والثقافية والسياسية والتشريعية, وغربلة المفاهيم والقيم التي حكمت حياتنا وأثرت في ذواتنا وأسرنا وامتنا ,غربلة دقيقة بفقه وسطي معتدل ينطلق من روح الإسلام العظيمة ومقاصده الشرعية التي تم التلاعب بها وبمضمونها كما سنرى ,,,,
ومن وجهة نظر فكرية إسلامية صرفة , سنتناول بالبحث والنقاش في مقالنا اليوم احد المفاهيم الذي ارتبط بقضايا المرأة الكثيرة, والذي تم تناوله والتعامل معه بكثير من التضليل والمغالطة والتطرف والاحتيال, إنه مفهوم الاختلاط بين الرجل والمرأة في أماكن العبادة والعلم والعمل والأسواق والطرقات وغيرها ,,
وحقيقة لا يعنيني كثيرا وجهة النظر الغربية ومن يعتنقونها ممن يدعون الانفتاح والتقدم , أولئك الذين أجهدوا أنفسهم بتحرير المرأة ( وتحليلها ) , فقد اثبت الأيام أن هؤلاء الحداثيين المزايدون, لم تزداد المرأة معهم وفي ظلهم الا عبودية وظلم وذل واستغلال وابتذال وانتهاك وامتهان ,,,,
أذن لن أبحر معكم إلا عميقا في جذورنا وأعماقنا , في دين الله وشريعته الغراء التي جاءت لتبني الإنسان - رجل وامرأة – وتبني به , وتحطم كل الموانع والقيود أمام بناء الأمة ونهضتها بإعمال العقل والفكر والفطرة السليمة ,,,
تلك الفطرة التي حررت الأنفس والأرواح والعقول من الرق والأغلال والران الذي تراكم علينا بسبب ابتعادنا عنها دهور طويلة , وهي كما سنرى لا تحتاج إلي عظيم ذكاء حتى نكتشفها أو ننضم إلي من سبقنا من نفضوا غبار الجاهلية وران التخلف والعصبية والتحريف والتعسير والتضييق الذي طالها وطالنا ,,,
ووجهة النظر هذه هي ما نتفق عليها مع الأستاذ محمد سيف عبدالله العديني والتي أوردها في كتابه القيم ( عشر عوائق أمام حقوق النساء في الإسلام , وهو يتحدث عن العائق السابع المتمثل بالفهم الجزئي الذي لا يأخذ بخطاب الله التكليفي للرجال والنساء سواء بسواء فيقول فيه " إن نظرة الإسلام للمرأة تنطلق من خلال النظرة الكلية للإنسان رجل وامرأة نظرة التكامل والتوازن والتنسيق, هذه النظرة قائمة على واجبات وحقوق على كل منهما من غير تمايز ولا تفاضل, والذي يتجرد من النظرة الخاطئة التقليدية ويقرا القران سيحس إحساسا كاملا بهذه النظرة السليمة وسيحس أن الرجل والمرأة جناحا التغيير" انتهى ,,,,
جذور المشكلة
و لنستمع أيضا للمفكر التونسي راشد الغنوشي في كتابه ( الحركة الإسلامية ومسألة التغيير ) وهو يتحدث فيه عن قصور الحركة الإسلامية ويلخص لنا ما جرى فيقول : ( ظل تفاعل الإسلاميين محدودا بسبب عدم الوعي بما لاقته وتلاقيه النساء خلال قرون الانحطاط الطويلة من مهانات ومظالم وتضييق بآفاقها الإنسانية وبدورها في الحياة والحضارة , وطمس لشخصيتها وتحويلها إلي متاع باسم الإسلام , والإسلام من ذلك براء ,, وعندما جاء الغرب مناديا بقيم المساواة والحرية والتقدم , أغرى الأمر المرأة خصوصا وهي ترى صمت رجال الدين عن كل ذلك الظلم , واختصار قضيتها فقط بالحجاب ومحاربة الاختلاط والسفور , فتمردت وهي تبحث عن ذاتها ودورها , وعندما انطلقت الحركة الإسلامية وجدت نفسها أمام مجتمع مائل منحل فثارت ثائرتها ودعت إلي العودة للإسلام الذي لا يعني إلا العودة إلي وضع الحريم وذوبان الشخصية والحرمان من حقها في تقرير مصيرها , فكان من الطبيعي أن لا يلاقي طرح الإسلاميين الأخلاقي لقضية المرأة على أنها قضية عرى واختلاط وعمل خارج البيت غير الرفض واللامبالاة , بل والمقاومة والانحياز إلي صف خصوم الدعوة الإسلامية ممن عزفوا على أوتار تحرير المرأة ) انتهى ,,,
إذن القضية لم تأتي فقط مع الاستعمار الغربي لبلداننا ولا مع الغزو الفكري, المشكلة تاريخيا أقدم من ذلك , وتعود جذورها إلي المتأخرين من فقهاء المذاهب المختلفة الذين تعاطوا مع قضايا المرأة بكثير من التزمت والتشدد والغلو وقصر النظر ,,,
ولا يخفى عليكم قراؤنا الكرام, الآثار المدمرة لتلك الأحكام والفتاوى التي لم تصب المرأة فقط بمقتل, لأنه تم تجميدها وتحجيمها والحد من فاعلية دورها وهي تمثل نصف المجتمع, بل تجاوز الأمر إلي تعطيل الأمة والمجتمعات بالتأثير سلبا على النصف الآخر الخاضع لتربيتها فنشأت الأجيال تحت اكفها وخرج الجميع وهو يلوك معاني الظلم والتهميش والإقصاء والإلغاء والخوف والذل والضعف والاضطهاد والتبعية , وكلها مفاهيم تحمل ختم فتاوى العلماء والفقهاء ومشائخ الدين واجتهاداتهم العلمية البعيدة عن دين الله الحق وروحه المحلقة ,, ,,
التغييب و التضليل
عند تتبع النصوص التي تنص صراحة على إباحة الاختلاط ستستغرب كيف غيبت هذه النصوص عن العامة ,, وكيف ضللت الأمة بعدم تناولها, بل والترويج لما يناقضها ولو كان ضعيفا من حيث سند الدليل أو ركاكة الاستدلال ,,,
هذا التضليل امتد على مدى قرون طويلة, وكان المبرر الجاهز دائما والسيف المسلط على رقاب المجتمع, حجة الأمن من الفتنة والصيانة من الشر والفساد ,,,
وتفنن المانعون للاختلاط في بناء الجدران العازلة والحواجز النفسية والاجتماعية , وصبغ المجتمع بصبغة الهوى والشر والفساد وسوء الظن , وتمت برمجة الرجال والنساء على الضعف والخور الذي يجعلهما عبارة عن عقول فارغة تافهة مليئة بالشهوات العارمة العاصفة التي تجعل الجنسين عرضة للسقوط في براثن الرذيلة والانحطاط بمجرد اقتراب احدهما من الآخر ,,,
ومع تقادم الزمان والجمود والتقليد, استطاعت فتاوي هؤلاء المفتين أن تتحول إلي الدين كله, وتم التعامل معها بقداسة وحرمة جعلت مجرد الاقتراب منها ذنب لا يغتفر وجريمة تستحق العقاب , وفي حين كانت الأحكام الدينية تنخر في المجتمع كان صوت الحقيقة المقابلة خافتا إن لم يكن منعدما , ولا أبالغ أن قلت انه حصل تواطؤ حيث تم تجاهل وتغييب الأدلة الصحيحة التي تتناول قضايا المرأة ومنها قضية الاختلاط بين الرجال والنساء الاختلاط الشرعي المباح الذي ليس فيه ريبة ولا تهمة ولا شك ,,,
ولكن هل فعلا حرم الله تعالى الاختلاط بين الجنسين , أم أن الأمر كان متروك على الأصل في الأشياء وهو البراءة والإباحة مع الاهتمام بالآداب والضوابط , وهل فعلا تحريم الاختلاط حفظ المجتمعات من الفتن والفساد ام ان العكس تماما هو الصحيح ؟,,,
وإذا أتينا نبحث في أكثر المجتمعات تشددا في موضوعنا اليوم, ياترى كم ستكون نسبة الفساد الأخلاقي والقيمي, مقارنة بالمجتمعات الأكثر انفتاحا ,,,
وحتى نفهم موضوعنا بشكل واضح لا لبس فيه , وحتى نستوعب جيدا لماذا ندعو للاختلاط, سنعرض لكم الأدلة التي اعتمد عليها الذين يحرمون الاختلاط سواء في التيارات الإسلامية المتشددة ,أو بعض المتشددين في التيار الإسلامي المعتدل ,ثم سنذكر الأدلة التي استندنا إليها في دعوتنا, مع ذكر أوجه الاختلاط وآدابه وضوابطه في ثنايا العرض,,
أدلة التحريم
تتنوع أدلة من يحرمون الاختلاط بين آيات قرآنية, أو أحاديث صحيحة, او أحاديث ضعيفة وحتى موضوعة منكرة, وكل ما ورد في هذا الموضوع, سنجد انه يتناقض بقوة مع الواقع المعاش في المجتمع المدني وما صح عن رسول الله وصحابته الأطهار ,,,
وسنقوم بذكر الدليل ومناقشته والرد عليه باختصار, ومعظم الأدلة التي سنتناولها وردت في خطبة للشيخ محمد عبدالرحمن العريفي بعنوان (عشرون دليلا على تحريم الاختلاط ) :
قوله تعالى {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى ) وهذه الآية خاصة بأمهات المؤمنين زوجات رسول الله , وهي من التغليظ الذي فرض بحقهن سواء في الخير او في الشر, ومعلوم انه لا يصح التعميم على جميع النساء بناءا على أحكام خاصة بأمهات المؤمنين ,,,
قوله تعالى : (وإذا سألتموهن متاعا فاسألوهن من وراء حجاب ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن) سورة الأحزاب الآية 53.. هذه هي أية الحجاب الخاصة بنساء النبي عليه الصلاة والتسليم وقد نزلت بعد زواج النبي بزينب بنت جحش ,, وينطبق عليها ما قلناه في الآية السابقة ,,,
قوله تعالى " وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمُ امْرَأَتَيْنِ تَذُودَانِ ۖ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا ۖ قَالَتَا لَا نَسْقِي حَتَّىٰ يُصْدِرَ الرِّعَاءُ ۖ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ. فَسَقَىٰ لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّىٰ إِلَى الظِّلِّ فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ. فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا ۚ " 25,24,23القصص
وهذه الآية تروي قصة موسى مع ابنتي النبي شعيب عليهما السلام, وقد استند عليها الشيخ العريفي وغيره للاستدلال على تحريم الاختلاط , بالرغم من الآية تدل بمنتهى الوضوح على الاختلاط المباح الواقع بين الرجال والنساء وعلى أرقى مستوى , فكلا الجنسين متواجدان في بقعة واحدة وزمن واحد ويمارسا وظيفة واحدة, وروعي في اختلاطهما الآداب الشرعية المطلوبة من عدم المزاحمة والحياء والعفة التي التزم بها الطرفان ,,,
,, بل أن الآية تتحدث عن اختلاط ( تواجد ) ثنائي في الطريق العام بين نبي الله موسى وابنة شعيب التي جاءت لتناديه ليجز والدها له الآجر , وهذه دلالة على جواز الخلوة بين الناس وأمامهم من غير تهمة, كما سنؤكدها بأحاديث أخرى قادمة ,,,
قوله تعالى (وراودته التي هو في بيتها عن نفسه وغلقت الأبواب وقالت هيت لك) ... هذه حادثة فردية وقعت مع نبي الله يوسف عليه السلام , والقياس عليها للمنع قياس فاسد, لأنه يفترض السوء في كل النساء, ولأنه يركز على تصرف امرأة العزيز السلبي والغير أخلاقي , ويتجاهل الموقف القيمي القوي والايجابي لنبي الله يوسف, والآية تقدم الدليل أن الاختلاط يبقى على أصله وهو الإباحة وليس العكس ,,,
قوله تعالى (قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون * وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن) ..الدعوة هنا لغض البصر, وهذا يأتي في إطار وضع الضوابط الشرعية للاختلاط المشروع وليس لنفيه ,,,
وهذه بعض الأدلة الصحيحة التي اعتمد عليها المحرمون ,, وسنلاحظ مدى التضليل والاستخفاف الذي مارسه اولئك وهؤلاء الدعاة على عقول عامة الناس وخاصتهم , وسنلاحظ كذلك مدى ضعف الحجج وأوجه الاستدلال التي روجوا لها ومازالوا ,,,
حديث رواه البخاري عن أم سلمه رضي الله عنها, قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سلم من صلاته قام النساء حين يقضي تسليمه, ومكث النبي صلى الله عليه وسلم في مكانه يسيرا.
وفي رواية قالت: كن إذا سلمن من المكتوبة قمن, وثبت رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن صلى من الرجال ما شاء الله , فإذا قام رسول الله صلى الله عليه وسلم قام الرجال .
وفي رواية قالت: كان يسلم فتنصرف النساء فيدخلن بيوتهن من قبل أن ينصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم..
والحقيقة الأكيدة أن هذا الحديث يعتبر من أعظم الأدلة التي تدل على مشروعية الاختلاط وليس العكس كما يدعي المدعون, وانتظار الرسول بعد التسليم, يدل على الأدب الجم والذوق العالي والإحساس المرهف, حيث ترك فرصة للنساء للخروج أولا من المسجد حتى لا يتعرضن للتزاحم مع الرجال, وهذا هو المحظور وليس أصل الاختلاط في الصلاة ,,,
وعند البخاري ( باب طواف النساء مع الرجال ), ما رواه ابن جريج أخبرنا عطاء ــ إذ منع ابن هشام النساء الطواف مع الرجال ــ قال : كيف يمنعهن، وقد طاف نساء النبي صلى الله عليه وسلم مع الرجال ؟ قلت : أبعد الحجاب أو قبل؟ قال: أي لعمري لقد أدركته بعد الحجاب, قلت : كيف يخالطن الرجال؟ قال : لم يكن يخالطن الرجال ، كانت عائشة تطوف حجرة من الرجال، لا تخالطهم، فقالت امرأة: انطلقي نستلم يا أم المؤمنين، قالت: عنك، وأبت، فكن يخرجن متنكرات بالليل فيطفن مع الرجال، ولكنهن كن إذا دخلن البيت قمنا حتى يدخلن، وأخرج الرجال... )
هذا الحديث أيضا صريح في إباحة الاختلاط , وصريح أيضا في أن الحجاب خاصية من خصائص نساء النبي , وقد طاف الرسول صلوات الله عليه وصحابته والأمة إلي يومنا مع بعضهم البعض, وكون عائشة رضي الله عنها كانت تطوف (حجرة ) أي مبتعدة عن الرجال فهذا لا ينفي الاختلاط بين الجنسين بل يؤكده ,,, مع التأكيد على الضوابط وهو عدم المماسة وتجنب المزاحمة كما ذكر ذلك الدكتور الشيخ احمد الغامدي الذي قال : أما قول عطاء: (لم يكن يخالطن الرجال، كانت عائشة تطوف حجرة من الرجال، لا تخالطهم) فإن ذلك لا يعني نفي مطلق الاختلاط، كما قد يغالط به العوام وأشباههم، وإنما معناه لم يكن أزواجه عليه السلام يزاحمن الرجال؛ فإن المزاحمة لا تجوز، وإنما تسمى اختلاطا تجوزا في العبارة، وقد كن يطفن حجرة عن الرجال أي ناحية عنهم فالاختلاط عموما واقع في الطواف،
وفي البخاري ,, عن أم سلمة رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت شكوت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أني أشتكي، فقال: طوفي من وراء الناس وأنت راكبة.
، وهنا لأنها رضى الله عنها كانت مريضة, لم يأمرها الرسول صلى الله عليه وسلم ان تطوف وحدها , بل أمرها أن تطوف وراء الناس أي بعيدة لجهة خارج الكعبة حتى لا تؤذي الناس بدابتها,
أما الأحاديث الضعيفة التي استند عليها المانعون فتتمثل بالتالي :
حديث ابن مسعود رضى الله عنه عن الني صلى الله عليه وسلم :المرأة عورة " وهذ الحديث في سنده مقال وقد ضعفه الإمام الألباني وقال لا يصح مرفوعا عن رسول الله وإنما موقوفا على ابن مسعود ,,
حديث ابن عمر رضي الله عنه قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يمشي الرجل بين المرأتين) وهذا حديث أخرجه البيهقي وإسناده ضعيف جدا وفيه داود ابن أبي صالح الليثي وهو منكر الحديث.,,,
حديث أبو هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (ليس للنساء وسط الطريق),,
أخرجه ابن حبان وإسناده ضعيف جدا، فيه شريك بن عبدالله بن أبي نمر سيئ الحفظ، وفيه مسلم بن خالد الزنجي قال البخاري فيه: منكر الحديث،,,,
حديث أبي أسيد الأنصاري عن أبيه رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول وهو خارج من المسجد واختلط الرجال مع النساء في الطريق فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم للنساء (استأخرن فإنه ليس لكن أن تحققن الطريق عليكن بحافات الطريق)، فكانت المرأة تلتصق بالجدار حتى إن ثوبها ليتعلق بالجدار من لصوقها به) ,,, أخرجه البيهقي والدولابي إسناده ضعيف مرسل، فإن عمرو بن حماس لا تثبت له صحبة وهو مجهول، كما قال أبو حاتم مجهول,,,
وفي منع جواز نظر المرأة للرجل الأجنبي احتجوا بحديث نبهان مولى أم سلمة أن أم سلمة رضي الله عنها حدثته: أنها كانت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وميمونة، قالت: فبينا نحن عنده أقبل ابن أم مكتوم، فدخل عليه وذلك بعدما أمرنا بالحجاب، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (احتجبا منه) فقلت: يا رسول الله، أليس هو أعمى لا يبصرنا، ولا يعرفنا؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أفعمياوان أنتما، ألستما تبصرانه).
أخرجه الترمذي والطحاوي والطبراني في الكبير وإسناده ضعيف لجهالة نبهان مولى أم سلمة وقد ضعفه الألباني أيضا، والصحيح الثابت المعارض له هو المحفوظ,,,,
الأدلة التي تؤكد على إباحة الاختلاط
الأدلة الصحيحة التي تدل على إباحة الاختلاط وشيوعه بين واقع الناس وحياتهم اليومية في المجتمع المدني للرسول الأعظم وصحبه الكرام سنوردها لكم تباعا, وستجدون أن هذه الأدلة تؤكد بما لا يدع مجالا للشك أن الاختلاط والخلطة والتجانس والتمازج بين الرجال والنساء, كانت من الأمور المباحة والعادية والطبيعية في المجتمع الإسلامي الطاهر , وهناك أمور أخرى قد لا تتوقعها عزيزي القارئ لانها تدخل في دائرة العيب والحرام حسب ثقافتنا وعاداتنا وتقاليدنا البعيدة تماما عن الشرع الحنيف ولكنها كانت من صميم المجتمع المدني النقي ,,, فهيا بنا إلي تأمل الأدلة :
من المعروف أن آيات الخطاب التكليفي الذي يحمل مسئولية الدين والدنيا , أو يبشر بالجزاء ويحذر منه, أو يحث على العمل وأداء الأمانة, جاءت كلها بصيغة الجمع والإجمال لا الفرد والتفصيل , ومعلوم بالضرورة أن العمل والبناء والحركة والنشاط وصناعة الحياة لا تكون إلا باختلاط وتكامل الجنسين وتوازنهما وتعاونهما وتشاركهما, ومن الآيات الكثيرة نذكر ,,,
قوله تعالى ,,,
ياايها الذين امنوا قوا أنفسكم واهليكم نارا , ياايها الذين امنوا أوفوا بالعقود , ياايها الذين امنوا استعينوا بالصبر والصلاة , ياايها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم , ياايها الذين امنوا اتقوا الله ولتنظر نفس ما قدمت لغد , ياايها الذين امنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا .....
ومنها قوله تعالى " ليجزي الذين امنوا وعملوا الصالحات بالقسط " ,, يونس آية رقم (4),,,
وقوله تعالى ( وعد الله الذين امنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم امنا يعبدونني لا يشركون بي شيئا )الآية 55 النور ,,
وقوله تعالى ( والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ) الاية 71 التوبة ,,,
وكلام الكاتبة يتبع ....
لكن نعتذر عن نشر بقية المقالة لطولها
لقراءة بقية لمقالة
في الوقت الذي يحرم الاسلام الاختلاط وتجرمه القوانين والدساتير .
وتوقعت مصادر ان تطورات كبيره قد تشهدها هذه الدعوه الغريبه وردود الافعال عليها وتوقع البعض ان الناشطه الكهالي ستقع في مصيده مايعرف بالتكفير من قبل البعض من العلماء كما حدث لناشطات قبلها نتيجه لدعوات وكتابات مماثله لذلك .
يمن برس ينشر المقال وفق ماورد :
نعم أدعو للإختلاط ودك جدران العازله
المجتمع الإسلامي, مجتمع يقوم في عباداته ومعاملاته وعلاقاته على البساطة والطهارة والنظافة والنقاء والفضيلة والعفاف والرقي في كل مناحي الحياة وجوانبها المختلفة, وبشكل أكثر خصوصية فيما يتعلق بالعلاقة بين طرفي معادلة البناء والأعمار والاستخلاف والتكريم, الرجل والمرأة ,,,
وحين تتأمل المجتمع المدني للرسول محمد عليه أفضل الصلاة والتسليم وصحابته الكرام , سنجد انه أعتمد اعتمادا كليا على النجاح في دمج وتفعيل الجنسين وربطهما عقليا وروحيا وعقائديا وسلوكيا ومصيريا , لتكون النتيجة الحصول على اكبر قدر من المصلحة والفائدة للفرد وللمجتمع بشكل عام ,,
فلذلك لا غرابة إن التحم الرجال بالنساء في معركة النضال الطويلة من اجل سيادة الحق والعدل والخير ودحر الباطل والظلم والشر , فكانا معا نموذجا رائعا راقيا محلقا , في مراعي العبادة والعبودية , والعمل , والجهاد , وكانت خير امة أخرجت للناس ,,,
تحريف الفطرة
ثم جاء بعد ذلك أقوام حرفوا الدين وضيقوا آفاقه الرحبة وخنقوا روحه الممتدة في الفضاء الواسع, فوضعوا الحواجز النفسية وصدروا الأحكام الاجتماعية والفتاوى الشرعية التي ما انزل الله بها من سلطان, تلك الأحكام التي تقوم على افتراض السوء والقذارة والضعف والخور والبهيمية بين الرجال والنساء , فحرموا ما لم يحرمه الله تعالى , وهجنوا العقل بجاهلية امتدت للأسف طويلا ,,,,
وفي الواقع, يأتي هذا الموضوع مترافقا مع واقعنا الثوري الجديد, الذي يبحث عن معالم الدولة المدنية الحديثة, والتي برأيي ينبغي أن تقوم على الشراكة الحقيقية بين الرجل والمرأة وفق الوحي الإلهي والهدي النبوي القائم على الأصالة من جهة والمعاصرة من جهة أخرى ,,,
وطبيعيا أن تلك الدولة لن نصل إليها إلا بإعادة النظر في الأطر الدينية والاجتماعية والفكرية والثقافية والسياسية والتشريعية, وغربلة المفاهيم والقيم التي حكمت حياتنا وأثرت في ذواتنا وأسرنا وامتنا ,غربلة دقيقة بفقه وسطي معتدل ينطلق من روح الإسلام العظيمة ومقاصده الشرعية التي تم التلاعب بها وبمضمونها كما سنرى ,,,,
ومن وجهة نظر فكرية إسلامية صرفة , سنتناول بالبحث والنقاش في مقالنا اليوم احد المفاهيم الذي ارتبط بقضايا المرأة الكثيرة, والذي تم تناوله والتعامل معه بكثير من التضليل والمغالطة والتطرف والاحتيال, إنه مفهوم الاختلاط بين الرجل والمرأة في أماكن العبادة والعلم والعمل والأسواق والطرقات وغيرها ,,
وحقيقة لا يعنيني كثيرا وجهة النظر الغربية ومن يعتنقونها ممن يدعون الانفتاح والتقدم , أولئك الذين أجهدوا أنفسهم بتحرير المرأة ( وتحليلها ) , فقد اثبت الأيام أن هؤلاء الحداثيين المزايدون, لم تزداد المرأة معهم وفي ظلهم الا عبودية وظلم وذل واستغلال وابتذال وانتهاك وامتهان ,,,,
أذن لن أبحر معكم إلا عميقا في جذورنا وأعماقنا , في دين الله وشريعته الغراء التي جاءت لتبني الإنسان - رجل وامرأة – وتبني به , وتحطم كل الموانع والقيود أمام بناء الأمة ونهضتها بإعمال العقل والفكر والفطرة السليمة ,,,
تلك الفطرة التي حررت الأنفس والأرواح والعقول من الرق والأغلال والران الذي تراكم علينا بسبب ابتعادنا عنها دهور طويلة , وهي كما سنرى لا تحتاج إلي عظيم ذكاء حتى نكتشفها أو ننضم إلي من سبقنا من نفضوا غبار الجاهلية وران التخلف والعصبية والتحريف والتعسير والتضييق الذي طالها وطالنا ,,,
ووجهة النظر هذه هي ما نتفق عليها مع الأستاذ محمد سيف عبدالله العديني والتي أوردها في كتابه القيم ( عشر عوائق أمام حقوق النساء في الإسلام , وهو يتحدث عن العائق السابع المتمثل بالفهم الجزئي الذي لا يأخذ بخطاب الله التكليفي للرجال والنساء سواء بسواء فيقول فيه " إن نظرة الإسلام للمرأة تنطلق من خلال النظرة الكلية للإنسان رجل وامرأة نظرة التكامل والتوازن والتنسيق, هذه النظرة قائمة على واجبات وحقوق على كل منهما من غير تمايز ولا تفاضل, والذي يتجرد من النظرة الخاطئة التقليدية ويقرا القران سيحس إحساسا كاملا بهذه النظرة السليمة وسيحس أن الرجل والمرأة جناحا التغيير" انتهى ,,,,
جذور المشكلة
و لنستمع أيضا للمفكر التونسي راشد الغنوشي في كتابه ( الحركة الإسلامية ومسألة التغيير ) وهو يتحدث فيه عن قصور الحركة الإسلامية ويلخص لنا ما جرى فيقول : ( ظل تفاعل الإسلاميين محدودا بسبب عدم الوعي بما لاقته وتلاقيه النساء خلال قرون الانحطاط الطويلة من مهانات ومظالم وتضييق بآفاقها الإنسانية وبدورها في الحياة والحضارة , وطمس لشخصيتها وتحويلها إلي متاع باسم الإسلام , والإسلام من ذلك براء ,, وعندما جاء الغرب مناديا بقيم المساواة والحرية والتقدم , أغرى الأمر المرأة خصوصا وهي ترى صمت رجال الدين عن كل ذلك الظلم , واختصار قضيتها فقط بالحجاب ومحاربة الاختلاط والسفور , فتمردت وهي تبحث عن ذاتها ودورها , وعندما انطلقت الحركة الإسلامية وجدت نفسها أمام مجتمع مائل منحل فثارت ثائرتها ودعت إلي العودة للإسلام الذي لا يعني إلا العودة إلي وضع الحريم وذوبان الشخصية والحرمان من حقها في تقرير مصيرها , فكان من الطبيعي أن لا يلاقي طرح الإسلاميين الأخلاقي لقضية المرأة على أنها قضية عرى واختلاط وعمل خارج البيت غير الرفض واللامبالاة , بل والمقاومة والانحياز إلي صف خصوم الدعوة الإسلامية ممن عزفوا على أوتار تحرير المرأة ) انتهى ,,,
إذن القضية لم تأتي فقط مع الاستعمار الغربي لبلداننا ولا مع الغزو الفكري, المشكلة تاريخيا أقدم من ذلك , وتعود جذورها إلي المتأخرين من فقهاء المذاهب المختلفة الذين تعاطوا مع قضايا المرأة بكثير من التزمت والتشدد والغلو وقصر النظر ,,,
ولا يخفى عليكم قراؤنا الكرام, الآثار المدمرة لتلك الأحكام والفتاوى التي لم تصب المرأة فقط بمقتل, لأنه تم تجميدها وتحجيمها والحد من فاعلية دورها وهي تمثل نصف المجتمع, بل تجاوز الأمر إلي تعطيل الأمة والمجتمعات بالتأثير سلبا على النصف الآخر الخاضع لتربيتها فنشأت الأجيال تحت اكفها وخرج الجميع وهو يلوك معاني الظلم والتهميش والإقصاء والإلغاء والخوف والذل والضعف والاضطهاد والتبعية , وكلها مفاهيم تحمل ختم فتاوى العلماء والفقهاء ومشائخ الدين واجتهاداتهم العلمية البعيدة عن دين الله الحق وروحه المحلقة ,, ,,
التغييب و التضليل
عند تتبع النصوص التي تنص صراحة على إباحة الاختلاط ستستغرب كيف غيبت هذه النصوص عن العامة ,, وكيف ضللت الأمة بعدم تناولها, بل والترويج لما يناقضها ولو كان ضعيفا من حيث سند الدليل أو ركاكة الاستدلال ,,,
هذا التضليل امتد على مدى قرون طويلة, وكان المبرر الجاهز دائما والسيف المسلط على رقاب المجتمع, حجة الأمن من الفتنة والصيانة من الشر والفساد ,,,
وتفنن المانعون للاختلاط في بناء الجدران العازلة والحواجز النفسية والاجتماعية , وصبغ المجتمع بصبغة الهوى والشر والفساد وسوء الظن , وتمت برمجة الرجال والنساء على الضعف والخور الذي يجعلهما عبارة عن عقول فارغة تافهة مليئة بالشهوات العارمة العاصفة التي تجعل الجنسين عرضة للسقوط في براثن الرذيلة والانحطاط بمجرد اقتراب احدهما من الآخر ,,,
ومع تقادم الزمان والجمود والتقليد, استطاعت فتاوي هؤلاء المفتين أن تتحول إلي الدين كله, وتم التعامل معها بقداسة وحرمة جعلت مجرد الاقتراب منها ذنب لا يغتفر وجريمة تستحق العقاب , وفي حين كانت الأحكام الدينية تنخر في المجتمع كان صوت الحقيقة المقابلة خافتا إن لم يكن منعدما , ولا أبالغ أن قلت انه حصل تواطؤ حيث تم تجاهل وتغييب الأدلة الصحيحة التي تتناول قضايا المرأة ومنها قضية الاختلاط بين الرجال والنساء الاختلاط الشرعي المباح الذي ليس فيه ريبة ولا تهمة ولا شك ,,,
ولكن هل فعلا حرم الله تعالى الاختلاط بين الجنسين , أم أن الأمر كان متروك على الأصل في الأشياء وهو البراءة والإباحة مع الاهتمام بالآداب والضوابط , وهل فعلا تحريم الاختلاط حفظ المجتمعات من الفتن والفساد ام ان العكس تماما هو الصحيح ؟,,,
وإذا أتينا نبحث في أكثر المجتمعات تشددا في موضوعنا اليوم, ياترى كم ستكون نسبة الفساد الأخلاقي والقيمي, مقارنة بالمجتمعات الأكثر انفتاحا ,,,
وحتى نفهم موضوعنا بشكل واضح لا لبس فيه , وحتى نستوعب جيدا لماذا ندعو للاختلاط, سنعرض لكم الأدلة التي اعتمد عليها الذين يحرمون الاختلاط سواء في التيارات الإسلامية المتشددة ,أو بعض المتشددين في التيار الإسلامي المعتدل ,ثم سنذكر الأدلة التي استندنا إليها في دعوتنا, مع ذكر أوجه الاختلاط وآدابه وضوابطه في ثنايا العرض,,
أدلة التحريم
تتنوع أدلة من يحرمون الاختلاط بين آيات قرآنية, أو أحاديث صحيحة, او أحاديث ضعيفة وحتى موضوعة منكرة, وكل ما ورد في هذا الموضوع, سنجد انه يتناقض بقوة مع الواقع المعاش في المجتمع المدني وما صح عن رسول الله وصحابته الأطهار ,,,
وسنقوم بذكر الدليل ومناقشته والرد عليه باختصار, ومعظم الأدلة التي سنتناولها وردت في خطبة للشيخ محمد عبدالرحمن العريفي بعنوان (عشرون دليلا على تحريم الاختلاط ) :
قوله تعالى {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى ) وهذه الآية خاصة بأمهات المؤمنين زوجات رسول الله , وهي من التغليظ الذي فرض بحقهن سواء في الخير او في الشر, ومعلوم انه لا يصح التعميم على جميع النساء بناءا على أحكام خاصة بأمهات المؤمنين ,,,
قوله تعالى : (وإذا سألتموهن متاعا فاسألوهن من وراء حجاب ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن) سورة الأحزاب الآية 53.. هذه هي أية الحجاب الخاصة بنساء النبي عليه الصلاة والتسليم وقد نزلت بعد زواج النبي بزينب بنت جحش ,, وينطبق عليها ما قلناه في الآية السابقة ,,,
قوله تعالى " وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمُ امْرَأَتَيْنِ تَذُودَانِ ۖ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا ۖ قَالَتَا لَا نَسْقِي حَتَّىٰ يُصْدِرَ الرِّعَاءُ ۖ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ. فَسَقَىٰ لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّىٰ إِلَى الظِّلِّ فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ. فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا ۚ " 25,24,23القصص
وهذه الآية تروي قصة موسى مع ابنتي النبي شعيب عليهما السلام, وقد استند عليها الشيخ العريفي وغيره للاستدلال على تحريم الاختلاط , بالرغم من الآية تدل بمنتهى الوضوح على الاختلاط المباح الواقع بين الرجال والنساء وعلى أرقى مستوى , فكلا الجنسين متواجدان في بقعة واحدة وزمن واحد ويمارسا وظيفة واحدة, وروعي في اختلاطهما الآداب الشرعية المطلوبة من عدم المزاحمة والحياء والعفة التي التزم بها الطرفان ,,,
,, بل أن الآية تتحدث عن اختلاط ( تواجد ) ثنائي في الطريق العام بين نبي الله موسى وابنة شعيب التي جاءت لتناديه ليجز والدها له الآجر , وهذه دلالة على جواز الخلوة بين الناس وأمامهم من غير تهمة, كما سنؤكدها بأحاديث أخرى قادمة ,,,
قوله تعالى (وراودته التي هو في بيتها عن نفسه وغلقت الأبواب وقالت هيت لك) ... هذه حادثة فردية وقعت مع نبي الله يوسف عليه السلام , والقياس عليها للمنع قياس فاسد, لأنه يفترض السوء في كل النساء, ولأنه يركز على تصرف امرأة العزيز السلبي والغير أخلاقي , ويتجاهل الموقف القيمي القوي والايجابي لنبي الله يوسف, والآية تقدم الدليل أن الاختلاط يبقى على أصله وهو الإباحة وليس العكس ,,,
قوله تعالى (قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون * وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن) ..الدعوة هنا لغض البصر, وهذا يأتي في إطار وضع الضوابط الشرعية للاختلاط المشروع وليس لنفيه ,,,
وهذه بعض الأدلة الصحيحة التي اعتمد عليها المحرمون ,, وسنلاحظ مدى التضليل والاستخفاف الذي مارسه اولئك وهؤلاء الدعاة على عقول عامة الناس وخاصتهم , وسنلاحظ كذلك مدى ضعف الحجج وأوجه الاستدلال التي روجوا لها ومازالوا ,,,
حديث رواه البخاري عن أم سلمه رضي الله عنها, قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سلم من صلاته قام النساء حين يقضي تسليمه, ومكث النبي صلى الله عليه وسلم في مكانه يسيرا.
وفي رواية قالت: كن إذا سلمن من المكتوبة قمن, وثبت رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن صلى من الرجال ما شاء الله , فإذا قام رسول الله صلى الله عليه وسلم قام الرجال .
وفي رواية قالت: كان يسلم فتنصرف النساء فيدخلن بيوتهن من قبل أن ينصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم..
والحقيقة الأكيدة أن هذا الحديث يعتبر من أعظم الأدلة التي تدل على مشروعية الاختلاط وليس العكس كما يدعي المدعون, وانتظار الرسول بعد التسليم, يدل على الأدب الجم والذوق العالي والإحساس المرهف, حيث ترك فرصة للنساء للخروج أولا من المسجد حتى لا يتعرضن للتزاحم مع الرجال, وهذا هو المحظور وليس أصل الاختلاط في الصلاة ,,,
وعند البخاري ( باب طواف النساء مع الرجال ), ما رواه ابن جريج أخبرنا عطاء ــ إذ منع ابن هشام النساء الطواف مع الرجال ــ قال : كيف يمنعهن، وقد طاف نساء النبي صلى الله عليه وسلم مع الرجال ؟ قلت : أبعد الحجاب أو قبل؟ قال: أي لعمري لقد أدركته بعد الحجاب, قلت : كيف يخالطن الرجال؟ قال : لم يكن يخالطن الرجال ، كانت عائشة تطوف حجرة من الرجال، لا تخالطهم، فقالت امرأة: انطلقي نستلم يا أم المؤمنين، قالت: عنك، وأبت، فكن يخرجن متنكرات بالليل فيطفن مع الرجال، ولكنهن كن إذا دخلن البيت قمنا حتى يدخلن، وأخرج الرجال... )
هذا الحديث أيضا صريح في إباحة الاختلاط , وصريح أيضا في أن الحجاب خاصية من خصائص نساء النبي , وقد طاف الرسول صلوات الله عليه وصحابته والأمة إلي يومنا مع بعضهم البعض, وكون عائشة رضي الله عنها كانت تطوف (حجرة ) أي مبتعدة عن الرجال فهذا لا ينفي الاختلاط بين الجنسين بل يؤكده ,,, مع التأكيد على الضوابط وهو عدم المماسة وتجنب المزاحمة كما ذكر ذلك الدكتور الشيخ احمد الغامدي الذي قال : أما قول عطاء: (لم يكن يخالطن الرجال، كانت عائشة تطوف حجرة من الرجال، لا تخالطهم) فإن ذلك لا يعني نفي مطلق الاختلاط، كما قد يغالط به العوام وأشباههم، وإنما معناه لم يكن أزواجه عليه السلام يزاحمن الرجال؛ فإن المزاحمة لا تجوز، وإنما تسمى اختلاطا تجوزا في العبارة، وقد كن يطفن حجرة عن الرجال أي ناحية عنهم فالاختلاط عموما واقع في الطواف،
وفي البخاري ,, عن أم سلمة رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت شكوت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أني أشتكي، فقال: طوفي من وراء الناس وأنت راكبة.
، وهنا لأنها رضى الله عنها كانت مريضة, لم يأمرها الرسول صلى الله عليه وسلم ان تطوف وحدها , بل أمرها أن تطوف وراء الناس أي بعيدة لجهة خارج الكعبة حتى لا تؤذي الناس بدابتها,
أما الأحاديث الضعيفة التي استند عليها المانعون فتتمثل بالتالي :
حديث ابن مسعود رضى الله عنه عن الني صلى الله عليه وسلم :المرأة عورة " وهذ الحديث في سنده مقال وقد ضعفه الإمام الألباني وقال لا يصح مرفوعا عن رسول الله وإنما موقوفا على ابن مسعود ,,
حديث ابن عمر رضي الله عنه قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يمشي الرجل بين المرأتين) وهذا حديث أخرجه البيهقي وإسناده ضعيف جدا وفيه داود ابن أبي صالح الليثي وهو منكر الحديث.,,,
حديث أبو هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (ليس للنساء وسط الطريق),,
أخرجه ابن حبان وإسناده ضعيف جدا، فيه شريك بن عبدالله بن أبي نمر سيئ الحفظ، وفيه مسلم بن خالد الزنجي قال البخاري فيه: منكر الحديث،,,,
حديث أبي أسيد الأنصاري عن أبيه رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول وهو خارج من المسجد واختلط الرجال مع النساء في الطريق فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم للنساء (استأخرن فإنه ليس لكن أن تحققن الطريق عليكن بحافات الطريق)، فكانت المرأة تلتصق بالجدار حتى إن ثوبها ليتعلق بالجدار من لصوقها به) ,,, أخرجه البيهقي والدولابي إسناده ضعيف مرسل، فإن عمرو بن حماس لا تثبت له صحبة وهو مجهول، كما قال أبو حاتم مجهول,,,
وفي منع جواز نظر المرأة للرجل الأجنبي احتجوا بحديث نبهان مولى أم سلمة أن أم سلمة رضي الله عنها حدثته: أنها كانت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وميمونة، قالت: فبينا نحن عنده أقبل ابن أم مكتوم، فدخل عليه وذلك بعدما أمرنا بالحجاب، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (احتجبا منه) فقلت: يا رسول الله، أليس هو أعمى لا يبصرنا، ولا يعرفنا؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أفعمياوان أنتما، ألستما تبصرانه).
أخرجه الترمذي والطحاوي والطبراني في الكبير وإسناده ضعيف لجهالة نبهان مولى أم سلمة وقد ضعفه الألباني أيضا، والصحيح الثابت المعارض له هو المحفوظ,,,,
الأدلة التي تؤكد على إباحة الاختلاط
الأدلة الصحيحة التي تدل على إباحة الاختلاط وشيوعه بين واقع الناس وحياتهم اليومية في المجتمع المدني للرسول الأعظم وصحبه الكرام سنوردها لكم تباعا, وستجدون أن هذه الأدلة تؤكد بما لا يدع مجالا للشك أن الاختلاط والخلطة والتجانس والتمازج بين الرجال والنساء, كانت من الأمور المباحة والعادية والطبيعية في المجتمع الإسلامي الطاهر , وهناك أمور أخرى قد لا تتوقعها عزيزي القارئ لانها تدخل في دائرة العيب والحرام حسب ثقافتنا وعاداتنا وتقاليدنا البعيدة تماما عن الشرع الحنيف ولكنها كانت من صميم المجتمع المدني النقي ,,, فهيا بنا إلي تأمل الأدلة :
من المعروف أن آيات الخطاب التكليفي الذي يحمل مسئولية الدين والدنيا , أو يبشر بالجزاء ويحذر منه, أو يحث على العمل وأداء الأمانة, جاءت كلها بصيغة الجمع والإجمال لا الفرد والتفصيل , ومعلوم بالضرورة أن العمل والبناء والحركة والنشاط وصناعة الحياة لا تكون إلا باختلاط وتكامل الجنسين وتوازنهما وتعاونهما وتشاركهما, ومن الآيات الكثيرة نذكر ,,,
قوله تعالى ,,,
ياايها الذين امنوا قوا أنفسكم واهليكم نارا , ياايها الذين امنوا أوفوا بالعقود , ياايها الذين امنوا استعينوا بالصبر والصلاة , ياايها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم , ياايها الذين امنوا اتقوا الله ولتنظر نفس ما قدمت لغد , ياايها الذين امنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا .....
ومنها قوله تعالى " ليجزي الذين امنوا وعملوا الصالحات بالقسط " ,, يونس آية رقم (4),,,
وقوله تعالى ( وعد الله الذين امنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم امنا يعبدونني لا يشركون بي شيئا )الآية 55 النور ,,
وقوله تعالى ( والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ) الاية 71 التوبة ,,,
وكلام الكاتبة يتبع ....
لكن نعتذر عن نشر بقية المقالة لطولها
لقراءة بقية لمقالة