شكلت توقعات الطقس التي أطلقتها الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة في السعودية، استنفارا لدى كثير من الأجهزة الحكومية والجهات المساندة لها؛ تحسبا لأي ظرف طارئ يترتب على تلك التقلبات الجوية المتوقع أن يشهدها عدد من مناطق البلاد ابتداء من اليوم وطوال الأيام الخمسة المقبلة.
حيث قالت الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة إن أجواء المملكة ستتأثر بتقلبات جوية ابتداء من يوم الخميس المقبل، وتستمر حتى يوم الأربعاء من الأسبوع القادم. وبينت الرئاسة أن الفرصة مهيأة لهطول أمطار رعدية متوسطة إلى غزيرة على الرياض والقصيم والشرقية، خاصة المحافظات الجنوبية والغربية منها، بجانب منطقتي مكة المكرمة والمدينة المنورة.
وكان الأمير محمد بن نايف، وزير الداخلية، قد وجه بتسخير الإمكانات الآلية والبشرية والمادية كافة لمواجهة الأخطار المحتملة جراء المتغيرات المناخية المتوقعة خلال الأيام المقبلة، ووجه الدفاع المدني إداراته في المدن الواقعة تحت دائرة التحذير، برفع درجة الاستعداد لمواجهة ما قد يعقب التقلبات المناخية المتوقعة، واتخاذ الإجراءات الاحترازية كافة، لسرعة نشر دوريات السلامة والوحدات الميدانية في المواقع المحتمل تأثرها بمياه الأمطار والأودية المجاورة ومجاري السيول التي تمر قرب المناطق المأهولة بالسكان.
إلى ذلك، أعلن اللواء عبد الله الغنام، مساعد مدير عام الدفاع المدني لشؤون العمليات بالسعودية، أن الأمطار الغزيرة المتوقع حدوثها بدءا من اليوم ستضرب منطقة الرياض والمحافظات الجنوبية الغربية لها؛ الطائف، بيشة، ومركز تثليث.
وتوقع الغنام بلوغ شدة الأمطار 150 ملم حسب توقعات الخبراء، وستكون في القمة يوم غد، مؤكدا أن 700 فرقة من الدفاع المدني في مختلف تخصصاتها مجهزة بأحدث الآليات وجاهزة لعمليات الإنقاذ والتدخل في حال الطوارئ.
وأشار إلى أن جميع فرق الدفاع المدني مرابطة على مدار الساعة وجاهزة للإنقاذ والإسناد. وشدد على المواطنين والمقيمين بتوخي الحذر بعد التوكل على الله وعدم البقاء في بطون الأودية والابتعاد عن بطن وادي بيشة الذي يتوقع أن يجري بكميات كبيرة.
من جانبه، أكد العقيد عبد الله بن ثابت الحارثي، الناطق الإعلامي للمديرية العامة للدفاع المدني؛ أن كافة التحذيرات والتوقعات التي تصدر من المواقع العالمية والمحلية المعنية بمتابعة المتغيرات المناخية، تؤخذ من قبل جهاز الدفاع المدني بعين الاعتبار، مؤكدا أن جهاز الدفاع المدني أخذ كافة الاحتياطات والتدابير اللازمة في مواجهة الأمطار والسيول، لافتا إلى أن التقديرات الأولية لتوقعات الطقس تشير إلى احتمال هطول أمطار من متوسطة إلى غزيرة على بعض مناطق المملكة خلال الأيام القادمة.
وبين الحارثي أن المديرية العامة للدفاع المدني على تواصل دائم ومستمر مع الرئاسة العامة لمصلحة الأرصاد وحماية البيئة وعدد من خبراء الطقس في الجامعات والمراكز العلمية المتخصصة في عمل الفلك والجغرافيا؛ لمعرفة التغيرات المناخية والمستجدات خلال الأيام القادمة.
وأكد الحارثي أن الدفاع المدني يتابع مع كافة الأجهزة المعنية في البلاد التطورات في مجال الطقس، مؤكدا أن يتابع المواطنون والمقيمون كافة التوجيهات والتحذيرات التي تصدرها الجهات الرسمية عبر وسائل الإعلام بمختلف أشكالها المقروءة والمسموعة والمرئية.
وسجل يوم أمس تواجد عدد من فرق الدفاع المدني في مواقع رئيسية وسط المدن السعودية الكبرى، في إطار خطة استباقية ينفذها الجهاز لمواجهة كافة الاحتمالات في حال هطول أمطار غزيرة على تلك المدن.
كما لوحظ انتشار عدد من الآليات والمعدات والطواقم البشرية التابعة لجهاز الدفاع المدني بالقرب من مجاري السيول والأودية في مناطق جنوب وجنوب غربي البلاد، والتي يتوقع، بحسب مراصد محلية، أن تشهد كميات من الأمطار لم تشهدها منذ 25 عاما مضت.
من جانبه، قال لـ«الشرق الأوسط»، حسين القحطاني، الناطق الإعلامي للأرصاد وحماية البيئة: «إن أجواء السعودية ستتأثر بموجة الأمطار وستكون الأجزاء الشمالية والشرقية والوسطى الأكثر غزارة من حيث كميات الأمطار»، مشيرا إلى أن الأمطار على محافظة جدة ستكون في حدود المتوسطة، حسب القراءات الحالية والمعلومات المتوافرة من أجهزة الرصد الآلي وصور الأقمار الصناعية.
وأرجع الناطق الرسمي أسباب الظاهرة إلى تدفق بخار الماء من بحر العرب والبحر الأحمر وأخدود هوائي في طبقات الجو العليا؛ أسهمت في تكون سحب ركامية ممطرة وفرصة لهطول أمطار غزيرة نسبيا على جنوب وغرب منطقة الرياض، وكذلك نجران وبيشة والمرتفعات في الباحة والطائف، وكذلك الأجزاء الجنوبية. وحول محافظة جدة، أشار الناطق الرسمي إلى أن يومي الاثنين والثلاثاء الفرصة تتهيأ على الأجزاء الساحلية لهطول الأمطار، وستعلن الرئاسة يوميا عن الحالة.
وأضاف القحطاني أن الأرصاد تعمل على مراقبة الأجواء على مدار الساعة، ويتم إبلاغ الجهات ذات العلاقة بأي تطورات تحدث في الأجواء، خاصة أن بعض الظواهر لا يمكن الحكم عليها قبل وصولها، فعلى سبيل المثال يتم رصد التغيرات الجوية لحظة حدوثها وتزويد الجهات، سواء الطيران أو الدفاع المدني، بالحالة الجوية والإجراءات المطلوبة.
وحذر القحطاني المواطنين والمقيمين من الاعتماد على معلومات عن حالة الطقس من مواقع أو جهات غير موثوقة، والاعتماد على المعلومات التي تبثها الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة، باعتبارها الجهة المسؤولة عن الطقس وتعمل وفقا لمعايير ومقاييس المنظمة الدولية للأرصاد، نافيا ما يسمى الأمطار البيضاء، وأن الرئاسة لا تطلق أي مسميات على الأمطار.
تجدر الإشارة إلى أن مواقع الرصد العالمية للأحوال الجوية توقعت أن تتأثر أجزاء واسعة من غرب الوسطى وجنوبها وعسير وشرقها، والأخيرة ستتركز عليها السحب وغزارة الأمطار.
وينتظر أن تكون الأمطار، بحسب مراصد أوروبية وأميركية، متقطعة تخف ليلا ثم تعاود الهطول بغزارة خلال ساعات النهار، وقدرت الكمية التي يتوقع هطولها في المنطقة الواقعة بين الرياض والباحة والطائف بـ150 ملليمترا تراكميا طوال فترة التقلبات.
حيث يتوقع أن تبدأ هذه التقلبات الجوية وهطول الأمطار بدءا من ظهر أمس ناحية جنوب المنطقة الشرقية، وقد تشمل الرياض خاصة خلال ساعات المساء على شكل أمطار خفيفة ومتوسطة، ثم تزيد فرص هطولها نهار اليوم الجمعة في الرياض وجنوب المنطقة الشرقية وجنوب غربي السعودية، وتكون أكثر غزارة جنوب الشرقية والرياض ناحية الخرج والدلم والحريق وحوطة بني تميم والأفلاج وما جاورها، وقد تطول الرياض والمحافظات الواقعة شمال وشمال غرب، كما أشار المرصد البريطاني في خرائطه الأخيرة إلى دخول القصيم وحائل ضمن النطاق المطير بدءا من الجمعة.
ويتوقع أن تشتد كثافة هذه الغيوم الركامية لتغطي أجزاء من المرتفعات الجنوبية الغربية والوسطى وجنوب مكة المكرمة، لتتهيأ بذلك فرص هطول الأمطار الغزيرة على أجزاء واسعة من تلك المناطق، كما تتفق معظم المراصد العالمية على أن الأمطار أشد قوة وأكثر اتساعا بداية الأسبوع المقبل، إذ من المنتظر أن تطول القصيم والمدينة المنورة والحدود الشمالية.
وتشير توقعات معظم المراصد العالمية إلى أن الأمطار تفوق المعدل السنوي في مثل هذه الفترة من العام في غرب وجنوب غربي الرياض، وما بين الباحة والطائف والرياض وعسير، حيث يجب التحذير من خطورة الأودية في تلك المناطق بعد هطول الأمطار، كما يتوقع أن تصحب هذه الأمطار برياح شديدة وتساقط كثيف للبرد، نظرا لضخامة السحب المتوقعة نهاية الأسبوع والأسبوع المقبل. وتأتي هذه الحالة نتيجة تدفق كتلة مدارية رطبة جدا رافقها تبريد علوي مناسب تنشأ عنه رياح صاعدة تسهم في تفجر كثيف للسحب الركامية الضخمة في كثير من مناطق السعودية.
وتعد هذه الوضعية المناخية من الوضعيات التي كانت تعيشها السعودية خلال ربيع 1982م والأعوام بين 1981 و1985. وسال على أثرها كثير من الأودية الكبيرة، حيث شهدت فيها معظم مناطق السعودية كميات قياسية من الأمطار، وتسببت في حدوث بعض الأضرار، خاصة في القصيم والمدينة المنورة وجنوب غربي السعودية وجنوب حائل، كما تشمل هذه الأمطار أجزاء من عمان والإمارات وقطر، ويتوقع أن تكون غزيرة جدا في عمان.