صنعاء ـ يمن برس
تشهد العاصمة اليمنية صنعاء وباقي المحافظات اليمنية، موجة غلاء غير مسبوقة في كافة أسعار السلع الغذائية والاستهلاكية بدأت مع حلول رمضان ولازالت تتزايد مع اقتراب مناسبة عيد الفطر.
وقد زاد هذا الارتفاع الكبير في الأسعار من الأعباء والمطالب التي تواجه أرباب الأسر من الموظفين وذوي الدخول المحدودة، فضلاً عن شريحة الفقراء الذين يمثلون غالبية السكان.
ويأتي ارتفاع الأسعار بعد 48 ساعة من توجيهات للرئيس علي عبد الله صالح، دعا فيها إلى تخفيض الأسعار، فقد فوجئ مواطنو العاصمة صنعاء منذ مساء الأربعاء بارتفاع سعر الرغيف (الخاص) إلى عشرة ريالات بدلا عن خمسة ريالات مع ارتفاع طفيف في الوزن، كما شهدت أسعار عدد من السلع الغذائية، ارتفاعا ملحوظا، تجاوز في بعضها 50 في المائة، من سعرها الأصلي، الذي كان يباع عليه قبل يومين.
وقد اعترفت الحكومة رسميا في اجتماع مجلس الوزراء الذي انعقد نهاية الشهر بارتفاع أسعار بعض السلع الأساسية، ووصف المجلس الزيادة بأنها "ناجمة عن أعمال اقترفها بعض ضعفاء النفوس وعديمي الضمائر باستغلالهم لإقبال الناس على المواد الاستهلاكية مع دخول شهر رمضان المبارك".
تصريحات متشددة
وبدت التصريحات الحكومية لتفسير ظاهرة الارتفاع الجنوني في أسعار المواد الغذائية والاستهلاكية متناقضة إلى درجة أثارت ارتباكا لدى الرأي العام، ففي الوقت الذي انتقد فيه الرئيس اليمني علي عبد الله صالح موجة ارتفاع الأسعار وقال إنها غير مبررة على الإطلاق، قال خالد راجح شيخ وزير الصناعة والتجارة "إن الأسعار مستقرة"، مرجعاً ما أسماه "الارتفاع الطفيف" إلى تأثير السوق العالمي وأجور النقل. وأوضح الوزير في تصريحات صحفية أن ارتفاع أسعار القمح والدقيق أدى إلى انخفاض إنتاجهما في السوق العالمي بحوالي 20 مليون طن وارتفاع أجور النقل بنسبة 20 دولاراً للطن الواحد، وأكد وجود لجان ميدانية للرقابة ضبطت أكثر من 1500 مخالفة وإحالة التجار المخالفين إلى النيابة.
لكن الرئيس صالح وبعد حوالي أكثر من 20 يوماً من موجة ارتفاع أسعار المواد الغذائية في السوق اليمنية، شن هجوما قاسيا على وزارة الصناعة والتجارة، وحملها مسؤولية ارتفاع الأسعار ووصفها بالوزارة المشلولة، وحذر التجار من "عواقب التلاعب بالأسعار". ووجه الغرف التجارية بعقد اجتماع عاجل لدراسة هذه الزيادة غير المبررة، وهدد الرئيس صالح التجار باتخاذ إجراءات قاسية ضد من يتلاعب بالأسعار وقال: "خفضوا الأسعار، خفضوا أسعار المواد الغذائية والبناء وملابس الأطفال والنساء وغيرها، وإلا سنضطر إلى اتخاذ إجراءات قاسية ضد كل المتلاعبين والجشعين، ورسالتي يجب أن تفهم في كل مكان"، وأضاف الرئيس صالح موجها خطابه للتجار:"خفضوا الأسعار وأنتم في أمن وأمان، لكي لا تصيبكم دعوة المظلومين ودعوة الفقراء والمساكين، وما ستتخذه الدولة من إجراءات قاسية ضد المتلاعبين".
مجرد هروب
ويقول معارضون "إن هجوم المسؤولين المفاجئ ضد التجار وتحميلهم المسؤولية مجرد هروب من تحمل المسؤولية، في حين أن التجار هم الذين يديرون سياسة الحكومة فعلياً معيدين إلى الأذهان فشل لقاء بين التجار والحكومة حول الموضوع ذاته مع ظهور معلومات عن توقف مطاحن في الحديدة وعدن عن طحن القمح". ويعتقد هؤلاء "أن الأزمة لن تحل قبل شهرين على الأقل؛ إذا لم تتراجع حتى الآن الأسعار في المدن في حين أنها أكثر من ذلك في الأرياف".
ويؤكد خبراء اقتصاديون أن ارتفاع الأسعار ترافق مع وجود تضخم نقدي كبير بسبب الإنفاق في الحملات الإنتخابية الذي بلغ عشرات المليارات من الريالات، وهو أمر سيؤدي إلى ارتفاع الأسعار إن لم يكن على المدى القريب فعلى المدى البعيد، فضلاً عما سيلحق بالعملة اليمنية من هبوط مقابل العملات الحرة كالدولار.
وقالت جمعية حماية المستهلك في وقت سابق: إن الأسعار ارتفعت بنسب 15-25 في المائة على المواد الأساسية: القمح والدقيق والسكر والأرز والحليب. وأعربت الجمعية عن خيبة أملها في عدم تجاوب السلطات المختصة بشأن إبلاغها بالمخالفات، ويرجع تجار هذا الارتفاع في أسعار السلع إلى فرض الدولة إتاوات باهظة عليهم مما اضطرهم إلى رفع الأسعار، فيما أرجعها آخرون ذلك إلى تزايد الطلب على السلع خصوصا في شهر رمضان.
لجان للدراسة
وقد وصل سعر الدقيق إلى 2900 ريال سعر بالجملة، بعد أن كان يباع 2550 فيما ارتفعت أسعار الزيوت من 2250 إلى 2450 ريالا، وارتفع سعر الطبق البيض 30 حبة من 450 ريال إلى 650، إلا أن أسعار الخضروات والفواكه تراجعت بشكل طفيف جراء قلة الطلب عليها مع دخول رمضان العشر الأواخر. ومن المرجح عودة الزيادة في الأسعار مع حلول عيد الفطر، بحسب مراقبين.
وكشف محفوظ شماخ رئيس الغرفة التجارية والصناعية بأمانة العاصمة عن أن الاجتماع الذي عقدته الغرفة ظهر أمس استجابة لتوجيهات رئيس الجمهورية عن وجود بعض الخلل من جانب التجار وقال:"إن الخلل عائد إلى مزاجية وعدم وجود فهم وإدراك للعمل التجاري، على نحو تحولت فيه العملية التجارية إلى نوع من التجارة الاستبدادية".
وحول الاجتماع الذي ضم عددا من تجار الدواجن والبيض والحليب والملابس، أفاد رئيس غرفة الأمانة: "لقد اتفقنا أن يتم إنزال إعلانات في الصحف تنبه وترشد المستهلك إلى قائمة الأسعار لمساعدة الجهات المعنية في مكافحة ظاهرة الغلاء الذي لحق بأسعار بعض المواد الغذائية"، وفيما خرج الاجتماع دون تحديد أسعار خاصة بالسلع إلا أنه ناشد كبار المستوردين تحديد السعر للمستهلك، مطالبا المواطن بعدم الإسراف والتبذير في احتياجاته وخاصة في شهر رمضان، كما ناشد جمعية حماية المستهلك القيام بدورها في تثقيف وإرشاد المستهلك فيما يخص شراء مستلزماته واحتياجاته. وأوضح الشيخ محفوظ شماخ في تصريح ليومية (الأيام) الصادرة في مدينة عدن، أن المشكلة التي تواجه التجار وتؤدي إلى رفعهم للأسعار هي "ضريبة المبيعات التي وصلت إلى 80 في المائة، ووجود بعض الأجهزة التنفيذية مثل جهاز المواصفات والمقاييس الذي أصبح عاملا رئيسيا في زيادة الأسعار، ثم تأتي الإتاوات التي تؤذينا"، وطالب شماخ في هذا الصدد الدولة بـ"التعامل بشفافية كاملة واستحداث محاكم إدارية متخصصة".
وفي انتظار ما ستسفر عنه الاجتماعات والمفاوضات بين الحكومة والتجار، فإن المواطن صاحب الدخل المحدود سوف يدفع الثمن باهضا من قوته وقوت عياله.
المصدر - قدس برس
اخترنا لكم
آخر تحديث
السبت,23 نوفمبر 2024
الساعة 02:36
مساء
# | اسم العملة | بيع | شراء |
---|---|---|---|
دولار أمريكي | 2074.00 | 2061.50 | |
ريال سعودي | 542.00 | 540.00 |