الرئيسية / مال وأعمال / خطر صامت يدق الأبواب: كيف يحول الشتاء ملايين اليمنيين لضحايا جوع خلال أسابيع؟
خطر صامت يدق الأبواب: كيف يحول الشتاء ملايين اليمنيين لضحايا جوع خلال أسابيع؟

خطر صامت يدق الأبواب: كيف يحول الشتاء ملايين اليمنيين لضحايا جوع خلال أسابيع؟

نشر: verified icon مروان الظفاري 28 ديسمبر 2025 الساعة 09:05 مساءاً

في معادلة قاتلة تتكشف خلال أواخر ديسمبر 2025، تتحول كل درجة حرارة منخفضة في المرتفعات اليمنية إلى فاتورة أعلاف مرتفعة بنسبة 30%، ومن ثم إلى ضربة مباشرة لملايين اليمنيين قد تدفعهم نحو هاوية الجوع خلال أسابيع قليلة.

الأجواء الباردة والجافة التي تجتاح البلاد حالياً لم تعد مجرد تقلبات مناخية عابرة، بل تحولت إلى محرك اقتصادي خفي يعيد تشكيل خريطة الأمن الغذائي في أسوأ التوقيتات الممكنة، وفقاً لتقرير الإنذار المبكر والأرصاد الجوية الزراعية الذي اطلع عليه مرصد "بقش" والصادر عن الجهات المختصة بالشراكة مع منظمات دولية معنية بالأمن الغذائي.

الضربة الأولى: انهيار صامت للثروة الحيوانية

في المرتفعات والهضبة الشرقية، تواجه آلاف الأسر التي تعتمد على تربية المواشي معادلة مدمرة: كلما انخفضت الحرارة، ارتفعت احتياجات الحيوانات من الأعلاف للحفاظ على توازنها الحراري، في ظل مراعٍ تعاني أصلاً من ضعف التجدد.

النتيجة المباشرة تتمثل في إجبار المربين، خاصة صغارهم، على اللجوء للأعلاف التجارية المكلفة أو بيع قطعانهم بأسعار متدنية، مما يخلق اختلالات سوقية حادة وينذر بارتفاع جنوني في أسعار اللحوم ومشتقات الألبان.

الضربة الثانية: تآكل الإنتاج الزراعي المحلي

محدودية الهطول المطري خلال العقد الأخير من ديسمبر تبقي مستويات رطوبة التربة دون الحد الكافي لتحفيز نمو المحاصيل البعلية في المحافظات الجبلية. رغم وصول بعض المحاصيل الشتوية لمراحل نمو تقلل حساسيتها الفورية لنقص الرطوبة، إلا أن استمرار الجفاف يشكل تهديداً متزايداً للإنتاج المحلي.

كل تراجع في الإنتاج المحلي يعني توسع فجوة العرض وزيادة الحاجة للاستيراد في بلد يعاني من شح النقد الأجنبي وتذبذب سعر الصرف، مما يرفع فاتورة الغذاء تدريجياً ويضعف هوامش الأمان الغذائي أكثر فأكثر.

جغرافيا الأزمة: عالمان في بلد واحد

بينما تحافظ السواحل اليمنية على استقرار نسبي في الأنشطة البحرية ومصايد الأسماك، تغرق المناطق الداخلية في دوامة من التراجع الاقتصادي، مما يخلق تفاوتاً جغرافياً حاداً قد يعمق الانقسامات الاجتماعية.

استقرار قطاع الصيد يوفر مصدر بروتين أقل كلفة ودخلاً مستقراً لآلاف الصيادين، لكنه لا يعوض خسائر الزراعة والثروة الحيوانية في الداخل، خاصة مع التحديات اللوجستية في شبكات النقل والتوزيع.

التحذير الأخير

يؤكد التقرير أن هذه المخاطر لا تظهر دفعة واحدة، بل تتراكم لتشكل ضغطاً متزايداً على الاستقرار المعيشي، مع ضرورة الانتقال من ردود الفعل إلى الاستباق عبر تعزيز نظم الإنذار المبكر وربطها بقرارات اقتصادية عملية.

كما يشير إلى أن كل إجراء وقائي اليوم يخفف من كلفة التدخل الطارئ غداً، مع ضرورة إدماج المخاطر المناخية ضمن التخطيط الاقتصادي باعتبارها محركاً رئيسياً للاقتصاد وليس مجرد خلفية صامتة.

اخر تحديث: 28 ديسمبر 2025 الساعة 11:15 مساءاً
شارك الخبر