حين زار التونسي عبد العزيز الثعالبي اليمن عام 1924 وصفها بأنّها “جوهرة في يد فحام”، وهي العبارة التي اتخذها الإعلامي والكاتب تركي الدخيل لتكون عنوان كتابه المتضمن رحلاته ومشاهداته وحواراته في اليمن، إضافة إلى مقدمة عن نظرة بعض الرحالة العرب والعالميين إلى اليمن.
بدأ الدخيل رحلاته إلى اليمن وهو ما زال في شهر العسل الذي يعقب الزواج، فاكتست كلماته الواصفة لليمن بالدهشة، كمن يدخل عوالم جديدة أو يكتشف حياة مبهرة تحت أنقاض التاريخ وغباره المتراكم الذي خبأ هذه الحياة.
ولهذا كانت رحلات الكاتب إلى اليمن، كما يقول “مصدر ثراء كبير، ليس لفهم التاريخ اليمني فحسب، وإنّما فرصة لفهم الحالة العربية بأكملها، على اعتبار اليمن خزينة من أعظم خزائن التراث الإنساني، ومن أعرق زوايا الأرض، بكل ما تحمله من إرث ثقافي”. وهو إذ يمضي في أجوائها تبدأ ملاحظته الأولى: إن هذه البقعة تمدّ الأمم بالطاقة، ولا تستطيع إنعاش نفسها “لهذا بقيت الدولة الأكثر إثراء الأقل ثراءً، مع أنها ذات طبيعة غنيّة وساحرة. كان باستطاعة المجتمع اليمني الخروج من شبح الفقر، عبر فرص كثيرة لولا التوتّر السياسي، الذي لم يهدأ حتى اليوم”. ومن ملامح هذا التوتر، يشير الكاتب إلى معادلة (الاتصال والانفصال) بين شمال اليمن وجنوبه، ومشكلة الحوثيين في صعدة، ويلحظ أنه “لا يمكن فصل التأثير السياسي عن التركيبة السوسيولوجية للتكتلات اليمنية المتعسكرة قبائلياً وسياسياً، وعلى الرغم من الثورات العلمية والصناعية التي بلغت رياح تأثيرها عواصم العديد من الدول العربية غير أن طغيان العادات والتقاليد وثبات (اللاثبات) حال من دون إفاقة الروح اليمنية من غفوتها”. مع هذا فأكثر ما جذب تركي الدخيل إلى اليمن “هو ذلك الحراك الذي لا يُفهم، فقد بقي اليمن محور اهتمام العالم، وإلى اليوم لا ينقضي أسبوع، إلاّ ويحدث فيه ما هو جدير بالرصد والتغطية. لقد كانت رحلة اليمن منتصف التسعينات معجونة ببدايات تجربتي الصحافية مع جريدة (المسلمون)، وهي أمدتني بمعارف إنسانية وخبرات مهنية، أدين لها بالكثير من الفضل”.
يتناول الكاتب في مقدماته، كما أسماها، الحياة السياسية في اليمن، مشيراً إلى بعض ملامحها في حياة الأئمة، ثم مع بداية الحركات الثورية والتنويرية، ونشاط لإخوان المسلمين مع مجيء الجزائري الفضيل الورتلاني، وثورة 1948، وصولاً إلى الوحدة اليمنية، وحرب 1994. ويستعيد المؤلف في ثنايا كتابه أقوال الرحالة والزوّار الذين سبقوه إلى اليمن، ومن ذلك قول عالم الآثار المصري أحمد فخري إن “كلّ شيء في اليمن أثري عتيق يستحق خزنه في دار الآثار”، وحيث استطاع اليمن، حسب الدخيل “أن يؤسس فلكلوره الشعري والغنائي الذي يسحر كل من سمعه”. فاليمن “هي أرض (الأحلام)، بمعنى أنها المنبع الرئيسي للإلهام العربي في الفن والآثار. إنّها البلد الذي تعبر تضاريسه عن تاريخ العرب، كما تحكي كل ذرة أو تهامة أو قرية مع الذات ومع الآخر، قصة نضال العرب وتوهانهم في الصحراء، روايات البحث عن المأوى. ترسم اليمن ملامح الحنين إلى البداية”.
في الكتاب حوارات أجراها الكاتب مع الشاعرين عبدالعزيز المقالح ومحمد الشرفي وأمل الباشا والشيخ عبدالمجيد الريمي والشيخ الحبيب علي الجفري وأبو جندل ناصر أحمد البحري، تناولت الفكر والثقافة والدين، السياسة والجهاد والسلفيين، والقاعدة والمرأة. كأن تركي الدخيل في كتابه هذا، ضمّن أبرز ملامح اليمن السياسية والثقافية ليقدّمها إلى العالم، كما يقدّمها لليمنيين أنفسهم ليعيدوا قراءة حياتهم، وربّما اكتشافها من جديد.
بدأ الدخيل رحلاته إلى اليمن وهو ما زال في شهر العسل الذي يعقب الزواج، فاكتست كلماته الواصفة لليمن بالدهشة، كمن يدخل عوالم جديدة أو يكتشف حياة مبهرة تحت أنقاض التاريخ وغباره المتراكم الذي خبأ هذه الحياة.
ولهذا كانت رحلات الكاتب إلى اليمن، كما يقول “مصدر ثراء كبير، ليس لفهم التاريخ اليمني فحسب، وإنّما فرصة لفهم الحالة العربية بأكملها، على اعتبار اليمن خزينة من أعظم خزائن التراث الإنساني، ومن أعرق زوايا الأرض، بكل ما تحمله من إرث ثقافي”. وهو إذ يمضي في أجوائها تبدأ ملاحظته الأولى: إن هذه البقعة تمدّ الأمم بالطاقة، ولا تستطيع إنعاش نفسها “لهذا بقيت الدولة الأكثر إثراء الأقل ثراءً، مع أنها ذات طبيعة غنيّة وساحرة. كان باستطاعة المجتمع اليمني الخروج من شبح الفقر، عبر فرص كثيرة لولا التوتّر السياسي، الذي لم يهدأ حتى اليوم”. ومن ملامح هذا التوتر، يشير الكاتب إلى معادلة (الاتصال والانفصال) بين شمال اليمن وجنوبه، ومشكلة الحوثيين في صعدة، ويلحظ أنه “لا يمكن فصل التأثير السياسي عن التركيبة السوسيولوجية للتكتلات اليمنية المتعسكرة قبائلياً وسياسياً، وعلى الرغم من الثورات العلمية والصناعية التي بلغت رياح تأثيرها عواصم العديد من الدول العربية غير أن طغيان العادات والتقاليد وثبات (اللاثبات) حال من دون إفاقة الروح اليمنية من غفوتها”. مع هذا فأكثر ما جذب تركي الدخيل إلى اليمن “هو ذلك الحراك الذي لا يُفهم، فقد بقي اليمن محور اهتمام العالم، وإلى اليوم لا ينقضي أسبوع، إلاّ ويحدث فيه ما هو جدير بالرصد والتغطية. لقد كانت رحلة اليمن منتصف التسعينات معجونة ببدايات تجربتي الصحافية مع جريدة (المسلمون)، وهي أمدتني بمعارف إنسانية وخبرات مهنية، أدين لها بالكثير من الفضل”.
يتناول الكاتب في مقدماته، كما أسماها، الحياة السياسية في اليمن، مشيراً إلى بعض ملامحها في حياة الأئمة، ثم مع بداية الحركات الثورية والتنويرية، ونشاط لإخوان المسلمين مع مجيء الجزائري الفضيل الورتلاني، وثورة 1948، وصولاً إلى الوحدة اليمنية، وحرب 1994. ويستعيد المؤلف في ثنايا كتابه أقوال الرحالة والزوّار الذين سبقوه إلى اليمن، ومن ذلك قول عالم الآثار المصري أحمد فخري إن “كلّ شيء في اليمن أثري عتيق يستحق خزنه في دار الآثار”، وحيث استطاع اليمن، حسب الدخيل “أن يؤسس فلكلوره الشعري والغنائي الذي يسحر كل من سمعه”. فاليمن “هي أرض (الأحلام)، بمعنى أنها المنبع الرئيسي للإلهام العربي في الفن والآثار. إنّها البلد الذي تعبر تضاريسه عن تاريخ العرب، كما تحكي كل ذرة أو تهامة أو قرية مع الذات ومع الآخر، قصة نضال العرب وتوهانهم في الصحراء، روايات البحث عن المأوى. ترسم اليمن ملامح الحنين إلى البداية”.
في الكتاب حوارات أجراها الكاتب مع الشاعرين عبدالعزيز المقالح ومحمد الشرفي وأمل الباشا والشيخ عبدالمجيد الريمي والشيخ الحبيب علي الجفري وأبو جندل ناصر أحمد البحري، تناولت الفكر والثقافة والدين، السياسة والجهاد والسلفيين، والقاعدة والمرأة. كأن تركي الدخيل في كتابه هذا، ضمّن أبرز ملامح اليمن السياسية والثقافية ليقدّمها إلى العالم، كما يقدّمها لليمنيين أنفسهم ليعيدوا قراءة حياتهم، وربّما اكتشافها من جديد.