في تطور اقتصادي نادر يتحدى كل التوقعات، حقق الريال اليمني استقراراً مذهلاً لأكثر من 4 أشهر متتالية في دولة تواجه واحدة من أسوأ الأزمات الاقتصادية عالمياً. الدولار الأمريكي يحافظ على سعره عند 1630 ريال للبيع و1617 للشراء، بفارق ضئيل لا يتجاوز 13 ريالاً - أقل من ثمن كوب شاي - في مؤشر واضح على قوة واستقرار السوق المحلي.
تشهد أسواق الصرافة في العاصمة عدن والمحافظات المحررة مشاهد من الارتياح والثقة لم تُر منذ سنوات طويلة. المصادر المصرفية تؤكد أن هذه الأسعار الثابتة تعكس نجاح السياسات النقدية الحكيمة للبنك المركزي بعدن، فيما يصف أحمد العدني، تاجر التجزئة البالغ من العمر 45 عاماً: "للمرة الأولى منذ بداية الأزمة، أستطيع التخطيط لتجارتي دون خوف من تقلبات مفاجئة قد تدمر أعمالي."
هذا الاستقرار النادر يأتي في ظل انقسام النظام المصرفي اليمني منذ 2016، حيث نجح البنك المركزي بعدن في تطبيق سياسات نقدية فعالة حققت توازناً دقيقاً بين العرض والطلب. الخبير الاقتصادي د. سالم باحارثة يقارن هذا الإنجاز بـ"استقرار بوصلة السفينة وسط العاصفة الاقتصادية العالمية"، مؤكداً أن مثل هذا الاستقرار نادر حتى في الدول المستقرة سياسياً.
التأثير الإيجابي لهذا الاستقرار يتردد صداه في الحياة اليومية للمواطنين والتجار على حد سواء. فاطمة المحرمي، التي تعمل في تحويل الأموال من السعودية، تعبر عن سعادتها: "أخيراً أستطيع إرسال المال لأسرتي دون القلق من خسارة نصف القيمة بسبب تقلبات العملة." هذا الاستقرار فتح الباب أمام فرص استثمارية جديدة وزاد من الثقة في التخطيط طويل المدى، لكن الخبراء يحذرون من ضرورة الاستفادة من هذه النافذة الذهبية بحكمة.
رغم هذا النجاح المؤقت، تبقى التحديات قائمة والمستقبل محفوفاً بالمخاطر والفرص على حد سواء. الاستقرار الحالي يمثل فرصة تاريخية للبناء الاقتصادي وتعزيز الثقة، لكن استدامته تتطلب حكمة في إدارة السياسات واستقراراً أمنياً وسياسياً. السؤال الذي يطرح نفسه الآن: هل سيستمر هذا الاستقرار الاستثنائي، أم أنه مجرد هدوء ما قبل عاصفة اقتصادية جديدة؟
