في تطور صادم هز أركان الشرق الأوسط، سقطت آخر معاقل الحكومة اليمنية في شرق البلاد خلال 72 ساعة فقط، لتصبح دولة الجنوب - للمرة الأولى منذ 31 عاماً - حقيقة ملموسة على الأرض. مليونا برميل نفط يومياً باتا تحت سيطرة المجلس الانتقالي، والساعات القادمة ستحدد مصير 30 مليون يمني يقفون على مفترق طرق لا عودة منه.
في عملية عسكرية خاطفة ومحكمة التنظيم، أزاح المجلس الانتقالي الجنوبي القوات الحكومية من معاقلها الأخيرة في سيئون وتريم، مسيطراً على قلب حضرموت النفطية. "لن نتراجع عن واقعنا الميداني مهما كانت الضغوط"، قالها المسؤولون في الانتقالي بحزم، بينما تردد صدى المدفعية في شوارع المدن التي شهدت تغييراً تاريخياً. أحمد الحضرمي، تاجر النفط البالغ من العمر 45 عاماً، يحكي بصوت مرتجف: "شاهدت عربات الانتقالي تدخل سيئون وأعلامهم ترفرف فوق مبنى المحافظة... لم أصدق أن هذا اليوم قد جاء أخيراً."
كما انقسمت ألمانيا شرقاً وغرباً، وكما انفصلت تيمور الشرقية عن إندونيسيا، يبدو اليمن اليوم أمام مصير مشابه لا مفر منه. عقود من التهميش الجنوبي وأحلام مؤجلة باستعادة الدولة المفقودة، تتحول الآن إلى واقع عسكري صلب يعيد رسم خريطة المنطقة. الدكتور محمد الاستراتيجي، المحلل السياسي المتخصص في الشؤون اليمنية، يؤكد: "نحن أمام نقطة تحول تاريخية، خريطة جديدة للمنطقة في طور التشكيل"، بينما يتزايد تراجع الدعم السعودي للحكومة المعترف بها دولياً.
في منازل عدن وحضرموت، تتغير ملامح الحياة اليومية بسرعة الإعصار. أنظمة تعليمية جديدة، عملة محتملة مختلفة، وإدارة تحمل طموحات دولة كاملة. فاطمة الجنوبية، الناشطة الحقوقية البالغة 38 عاماً، تقول بعيون تشع أملاً: "هذه فرصتنا الذهبية لبناء دولة عادلة بعد عقود من الظلم". لكن عبدالله القبلي، الشيخ الحضرمي الذي يشهد تغييراً جذرياً لم يره منذ عقود، يحذر: "التغيير سريع جداً، والقبائل لن تقف مكتوفة الأيدي إذا لم تجد مكاناً في النظام الجديد." هذا بينما يرتفع غبار المعارك ورائحة البارود في هواء المدن التي تعيد كتابة تاريخها.
اليمن اليوم على مفترق طرق تاريخي لا رجعة فيه، بين وحدة تتآكل بسرعة وانقسام يصبح أمراً واقعاً. عام 2026 قد يشهد ولادة دولتين مكان دولة واحدة، في سابقة قد تغير وجه الشرق الأوسط إلى الأبد. على المجتمع الدولي التحرك سريعاً قبل أن تتحول هذه التحولات إلى كارثة إنسانية لا يمكن السيطرة عليها. السؤال الذي يحبس الأنفاس الآن: هل سيصبح اليمن النموذج الجديد للتقسيم في منطقة تشهد أصلاً اضطرابات لا تنتهي؟