في تطور صاعق يهز أسس الجيوسياسة الإقليمية، كشفت تصريحات مثيرة أن المجلس الانتقالي الجنوبي اليمني يعرض السيطرة على ثروات تمر عبرها 90% من تجارة النفط العالمية مقابل الدعم الأمريكي. لأول مرة في التاريخ اليمني، تقدم قوة محلية الثروات الوطنية كورقة تفاوض مع قوة عظمى، في صفقة قد ترسم مستقبل المنطقة لعقود قادمة. الساعات القادمة ستحدد مصير قرار تاريخي يتخذ الآن في أروقة واشنطن.
الكشف المدوي جاء عبر تصريحات أحمد عاطف، ممثل المجلس الانتقالي في الولايات المتحدة، لشبكة فوكس نيوز، حيث أعلن استعداد مجلسه لفتح أربعة قطاعات اقتصادية حيوية: النفط والزراعة والثروة السمكية والسياحة، أمام الشركات الأمريكية. "الرئيس ترامب شجاع وقوي للغاية، ونتطلع بشغف إلى دعمه" قال عاطف بحماس واضح، مؤكداً سيطرة مجلسه على أكثر من 3000 ميل ساحلي استراتيجي. محمد الحضرمي، الصياد الذي فقد مصدر رزقه منذ بداية الحرب، يراقب هذه التطورات بعيون مليئة بالأمل والخوف: "ربما تعود الحياة لسواحلنا، لكن بأي ثمن؟"
الخلفية وراء هذا العرض الاستثنائي تكشف عن حاجة المجلس الانتقالي الماسة للدعم في مواجهة قوات صنعاء، وسط تصاعد التوترات في البحر الأحمر الذي يهدد الملاحة العالمية. الخبراء يربطون هذا التطور بصفقات النفط مقابل السلاح التي شهدتها المنطقة في عقود سابقة، لكن بحجم وتعقيد أكبر. بريدجيت تومي، الباحثة في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، تحذر من أن "دعم الولايات المتحدة لانفصال الجنوب يتعارض مع دعمها للوحدة اليمنية"، مما يضع واشنطن أمام معضلة سياسية حقيقية.
التداعيات على الحياة اليومية للمواطنين اليمنيين قد تكون جذرية، فبينما يحلم سكان الجنوب بتحسن الخدمات وعودة الاستثمارات، يخشى آخرون من تعميق الانقسام الوطني. سارة العدنية، رائدة الأعمال في قطاع السياحة، ترى في العرض "فرصة ذهبية لإحياء اقتصاد عدن"، بينما يحذر د. عبدالله الاقتصادي من "خطورة رهن الثروات الوطنية مقابل الحماية الأجنبية". أبوبكر التاجر المقيم في دبي ينتظر بقلق: هل ستعود استثماراته لليمن أم ستضيع في دوامة الصراعات؟ الاحتياطيات النفطية المقدرة بأكثر من 5 مليارات برميل تقف كشاهد صامت على حجم الرهان.
ما يحدث اليوم في اليمن يتجاوز مجرد صفقة سياسية، إنه إعادة تشكيل جذرية لمفهوم السيادة في القرن الحادي والعشرين. الثروات اليمنية التي تعادل ما تضخه الكويت لمدة 15 عاماً باتت ورقة تفاوض في لعبة جيوسياسية أكبر من حدود اليمن. المنطقة تقف على مفترق طرق تاريخي: إما ازدهار اقتصادي مشروط بالتبعية، أو استمرار النزاع مع الحفاظ على وهم الاستقلال. السؤال الذي يطرح نفسه بقوة: هل نشهد نهاية اليمن الموحد أم بداية عهد جديد من الازدهار الاقتصادي على حساب الوحدة الوطنية؟