في تطور جوي استثنائي يشهده التاريخ الحديث للمملكة، أصدر المركز الوطني للأرصاد تنبيهات عاجلة تشمل 9 مناطق إدارية كاملة و50 مدينة ومحافظة، في حالة جوية شاملة تستمر لـ19 ساعة متواصلة من العواصف والثلوج والأمطار الجارفة. للمرة الأولى هذا العام، تشهد المملكة حالة جوية تضرب نصف مساحتها في يوم واحد، مما يضع ملايين المواطنين والمقيمين تحت تأثير مباشر لظروف جوية تتراوح بين الأمطار الغزيرة والثلوج الكثيفة والصواعق المدمرة.
وسط أجواء من التوتر والترقب، يروي أبو محمد، سائق عالق في الطريق بين الرياض والدمام منذ 3 ساعات: "لم أشهد مثل هذا الطقس من قبل، الرؤية معدومة تماماً والمطر ينزل كالشلالات." المركز الوطني للأرصاد أكد أن هذه أقوى حالة جوية تشهدها المملكة هذا الموسم، حيث تشمل التنبيهات من الحدود الشمالية حتى جازان جنوباً، ومن الشرقية حتى تبوك غرباً. المهندس سعد، المتنبئ الجوي الذي رصد الحالة مبكراً، يؤكد: "رصدنا تشكل منخفض جوي قوي قبل 48 ساعة، وهذا ما مكننا من إصدار التنبيهات المبكرة لحماية الأرواح."
السبب وراء هذه الحالة الاستثنائية يعود إلى التقاء كتل هوائية باردة مع منخفض جوي عميق، وفق ما أوضحه د. عبدالله المناخي، أستاذ علوم الغلاف الجوي: "نشهد تشكلاً مناخياً نادراً يشبه عاصفة الشتاء العظيمة عام 2018 التي شلّت الحركة لأيام، لكن هذه المرة التأثير أوسع جغرافياً." المنطقة المتأثرة تعادل مساحة فرنسا وألمانيا مجتمعتين، حيث تشهد تبوك تساقطاً للثلوج بينما تواجه الشرقية عواصف رعدية قوية، والجنوب يشهد أمطاراً غزيرة مصحوبة برياح تهب بقوة محرك طائرة نفاثة.
التأثير على الحياة اليومية بدأ واضحاً منذ ساعات الفجر الأولى، حيث أُجبر آلاف السائقين على التوقف في محطات الوقود والاستراحات انتظاراً لتحسن الرؤية. أم فهد من تبوك تصف المشهد: "شاهدت تساقط الثلج لأول مرة منذ 5 سنوات أمام منزلي، الأطفال في غاية الإثارة لكننا قلقون من انقطاع الكهرباء." المزارعون يرحبون بالحالة الجوية كونها ستؤدي إلى تجديد المياه الجوفية وانتعاش المراعي، بينما قطاع النقل يواجه تحديات كبيرة مع توقع امتلاء السدود وتحسن الغطاء النباتي خلال الأسابيع القادمة.
مع استمرار الحالة الجوية حتى منتصف الليل، تبقى التساؤلات مطروحة حول مدى قدرة البنية التحتية على التعامل مع هذا التحدي الطبيعي الاستثنائي. الخبراء ينصحون بتجنب الخروج إلا للضرورة القصوى وتحضير مصادر الإضاءة البديلة، بينما السلطات المختصة تواصل المتابعة الحثيثة لضمان سلامة المواطنين. السؤال الذي يطرح نفسه الآن: هل أنت مستعد لمواجهة أقوى حالة جوية يشهدها هذا الموسم؟