في تطور صاعق هز أركان منطقة الرياض، أكثر من مليون طالب وطالبة سيتحولون غداً من مقاعد الدراسة إلى شاشات الحاسوب في أكبر عملية تحول تعليمي رقمي خلال 24 ساعة فقط. القرار الذي شمل العاصمة و10 محافظات تابعة لها، يعيد ترتيب حياة مئات الآلاف من العائلات بضربة واحدة، وأولياء الأمور لديهم ساعات قليلة فقط لإعادة ترتيب جداولهم بالكامل.
قرار مفاجئ اتخذته وزارة التعليم السعودية مساء الأمس، عندما أعلنت تحويل الدراسة لأكثر من مليون طالب من الحضورية إلى الرقمية عبر منصة "مدرستي" خلال ليلة واحدة. 50 ألف معلم ومعلمة سيعملون من منازلهم غداً في منطقة تمتد على مساحة تفوق 50 ألف كيلومتر مربع. "حرصاً على سلامة الجميع في ظل الحالة الجوية الاستثنائية"، هكذا برّرت الوزارة قرارها العاجل. أم سعد، موظفة في القطاع الخاص، تروي صدمتها: "اضطررت لإعادة ترتيب يومي بالكامل لأرعى طفليّ في المنزل، لكنني متفهمة تماماً لحرص الوزارة على سلامتهم".
ليست المرة الأولى التي تثبت فيها السعودية ريادتها في التحول الرقمي السريع للتعليم، فخلال جائحة كوفيد-19 أصبحت منصة "مدرستي" نموذجاً عالمياً يُحتذى به. تقارير المركز الوطني للأرصاد حذرت من حالة جوية استثنائية قد تعرض الطلاب للخطر أثناء التنقل، مما دفع المسؤولين لاتخاذ هذا القرار الحاسم. د. محمد الجهني، خبير الأرصاد الجوية، يؤكد: "هذه القرارات الاستباقية تنقذ أرواحاً، والطقس المتوقع يستدعي أقصى درجات الحذر". مقارنة بموسم الأمطار الماضي، جاء هذا القرار أسرع وأشمل، يغطي 11 منطقة مرة واحدة في مشهد يذكّر بالاستجابة الطبية الطارئة.
الآن، مئات الآلاف من العائلات تعيد ترتيب جداولها بحمى حقيقية، بينما سائقو حافلات المدارس يحصلون على يوم راحة غير متوقع. شركات الإنترنت تتأهب لضغط إضافي قد يكسر الأرقام القياسية لاستخدام منصة "مدرستي". طالب الثانوية أحمد يعبر عن مشاعر متضاربة: "فرحت بالدراسة من البيت، لكنني سأفتقد رؤية أصدقائي". فرصة ذهبية لتعزيز مهارات التعلم الرقمي تقابلها تحديات حقيقية: صعوبة التعلم عن بُعد للطلاب الصغار، ومشاكل الإنترنت المنزلي، والحاجة للحفاظ على الانضباط المدرسي من المنزل.
مليون طالب، 11 منطقة، قرار واحد، هدف واحد: السلامة أولاً. غداً سنشهد اختباراً حقيقياً لقوة البنية التحتية التعليمية السعودية في مواجهة التحديات الطارئة، وستثبت منصة "مدرستي" مرة أخرى أنها مستعدة للمستحيل. السؤال الآن: هل سنشهد ولادة نموذج جديد للتعليم المرن في المملكة؟ وهل ستصبح هذه القرارات الاستباقية نهجاً دائماً لحماية مليون حلم تعليمي؟