في تطور صادم يعكس عمق المأساة اللبنانية، يتحدث وزير العمل عن "الأمان الاجتماعي" بينما 80% من اللبنانيين يعيشون تحت خط الفقر - رقم مدمر يعني أن 4 من كل 5 أشخاص تراهم في الشارع جائعون، وسط أصوات القصف الإسرائيلي التي تهز الجنوب. هذا التناقض المرعب بين الوعود والواقع يطرح سؤالاً صاعقاً: أي أمان يمكن ضمانه في بلد يحتضر؟
جاءت تصريحات الوزير مصطفى كركي في توقيت لا يمكن أن يكون أكثر إثارة للجدل، حيث تشهد البلاد انهياراً اقتصادياً مستمراً منذ 5 سنوات عجاف. مريم الخوري، الموظفة الحكومية التي تكافح لإطعام أطفالها الثلاثة، قالت بصوت مختنق: "كلام الوزير أعطانا بصيص أمل، لكن راتبي لا يكفي لتغطية نصف احتياجات عائلتي." قصتها تتكرر في آلاف البيوت اللبنانية، حيث تحول البحث عن الخبز إلى كابوس يومي.
هذا الإعلان "التاريخي" كما وُصف، يأتي في سياق سلسلة من المحاولات الحكومية المتأخرة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من كرامة المواطن اللبناني. الخبراء يربطون هذا التوجه بضغوط شعبية متصاعدة ومطالب دولية حازمة بإصلاحات جذرية. الدكتور أحمد نصر، الخبير الاقتصادي، حذر بنبرة قاطعة: "الوعود وحدها لن تطعم الجائعين أو تداوي المرضى، نحتاج إلى خطة تنفيذية واضحة، وإلا فإننا أمام كارثة اجتماعية أكبر."
في المقابل، تصاعدت حدة العنف في الجنوب حيث سقط شهيد جديد جراء قصف إسرائيلي استهدف زوطر الشرقية، مما يضع تساؤلات مؤلمة حول معنى "الأمان الاجتماعي" تحت وابل من النيران. العائلات في المناطق الحدودية تعيش رعباً مزدوجاً: خوف الفقر وخوف الموت، بينما الحكومة تتحدث عن أمان لا وجود له على أرض الواقع. هذا التناقض الصارخ بين الشعارات والمعاناة يثير غضباً شعبياً متزايداً قد ينفجر في أي لحظة.
وسط هذه العاصفة من التحديات المتراكمة، يبقى السؤال الأكثر إلحاحاً يطارد كل لبناني: هل ستتحول هذه الوعود إلى واقع ملموس على مائدة الأسر الجائعة، أم أنها مجرد شعارات جوفاء أخرى في ذكرى استقلال أصبح مهدداً؟ الأيام القادمة ستكشف ما إذا كان لبنان على أعتاب نهضة اجتماعية حقيقية، أم أنه يغرق أعمق في بحر من اليأس والوهم.