في تطور يُعيد تشكيل حياة أكثر من 13 مليون مقيم في المملكة، أطلقت الحكومة السعودية رسمياً خدمة تجديد الإقامة إلكترونياً عبر منصة أبشر، مع رسوم جديدة تتراوح بين 500 إلى 650 ريال سنوياً. هذا التحول الجذري ينهي عصر الطوابير الطويلة والانتظار ساعات في مكاتب الجوازات، ليحول ما كان يتطلب يوماً كاملاً إلى مجرد 60 ثانية من راحة منزلك.
أحمد العامل المصري، الذي يعمل في البناء براتب 2000 ريال شهرياً، يواجه الآن تحدياً جديداً: 650 ريال سنوياً لتجديد إقامته - مبلغ يعادل راتب أسبوع كامل. "كنت أتمنى أن تكون الرسوم أقل، لكن على الأقل لن أضطر للغياب عن العمل للذهاب للجوازات"، يقول أحمد وهو يتصفح منصة أبشر لأول مرة. هذا المشهد يتكرر في ملايين المنازل، حيث يكتشف المقيمون أن مستقبل إقامتهم أصبح على بُعد نقرات بسيطة.
الخدمة الجديدة، التي جاءت كجزء من رؤية 2030 للتحول الرقمي، تشبه في سرعتها إرسال رسالة نصية - ثوانٍ معدودة بدلاً من ساعات. د. محمد الإداري، خبير التحول الرقمي، يؤكد أن هذه الخطوة ستوفر 40 مليون ساعة عمل سنوياً على الاقتصاد السعودي. جذور هذا التحول تعود لتجربة جائحة كورونا التي أثبتت ضرورة الحلول الرقمية، تماماً كما حدث مع تطبيقي توكلنا وساهر اللذين غيرا وجه الخدمات الحكومية.
فاطمة المديرة الإدارية البالغة 28 عاماً تحكي قصة نجاحها: "جددت إقامتي وإقامة أطفالي الثلاثة في 10 دقائق فقط أثناء استراحة العمل. في السابق، كان هذا يتطلب إجازة يوم كامل وقلقاً مستمراً". هذا التوفير في الوقت يعني المزيد من الإنتاجية للاقتصاد، والمزيد من الراحة للعائلات، خاصة مع إمكانية التجديد في أي وقت - حتى منتصف الليل. مريم العاملة المنزلية الفلبينية تشهد: "الفرق كالليل والنهار مقارنة بالسنوات الماضية حين كنت أنتظر ساعات طويلة".
مع هذا التطور المذهل، تبرز أسئلة مصيرية حول المستقبل: هل سنشهد إلغاء الرسوم كلياً لجذب المزيد من العمالة الماهرة؟ وماذا عن كبار السن الذين يجدون صعوبة في التعامل مع التقنية؟ المؤكد أن السعودية تكتب فصلاً جديداً في قصة التحول الرقمي، وأن المستقبل بات أقرب مما نتخيل. السؤال الآن: هل أنت مستعد لتجديد إقامتك بنقرة واحدة، أم ستبقى في طوابير الماضي؟
