الرئيسية / تقارير وحوارات / أربعة عوامل تؤجل سقوط نظام الأسد
أربعة عوامل تؤجل سقوط نظام الأسد

أربعة عوامل تؤجل سقوط نظام الأسد

13 نوفمبر 2012 09:37 مساء (يمن برس)
على الرغم من استمرار الثورة في سوريا لمدة طويلة وتحولها من اعتصامات سلمية الى تمرد مسلح، يستمر نظام الرئيس بشار الأسد بالصمود بوجه المقاتلين السوريين وفصائل المعارضة معتمدا على عناصر عديدة منها صلابة الدائرة المحيطة بالرئيس السوري، الى جانب صعوبة توحيد المعارضة.
 
وفي يوم 18 آب (اغسطس) من عام 2011، أصدر الرئيس الأميركي باراك أوباما بياناً قال فيه: "حرصاً على الشعب السوري، الوقت قد حان بالنسبة للرئيس الأسد للتنحي". هذه الكلمات كانت دعوته الصريحة الأولى للرئيس السوري للاستقالة. لكن اليوم، وبعد 452 يوماً من هذا البيان، الأسد لا يزال في السلطة، ومصمم على البقاء كما قال للتلفزيون الروسي الأسبوع الماضي: "أنا سوري، ولدت في سوريا وأعيش وأموت في سوريا".
 
قبل أن تتحول الثورة السورية إلى صراع مسلح، كانت المطالبات الشعبية تقتصر على الإصلاح، لكن حتى في قتها كان الأسد متشبثاً بعناده مما جعل التظاهرات السلمية في الشوارع تتحول إلى تمرد مسلح كامل.
 
على الرغم من أن المعارك تنتشر في كل مناطق البلاد، نجح الثوار في تحرير الأراضي في المحافظات الشمالية من سوريا، لكنهم ما زالوا غير قادرين على السيطرة.
 
وخلافاً لما حدث في الدول العربية الأخرى، حيث نجح الشعب في إسقاط المستبدين، لا يبدة سقوط نظام الأسد قريباً ولا يظهر أي علامات على التلاشي. أما المصالح المتنافسة لدى اللاعبين الإقليميين والدوليين، فقد منعت حتى الآن حدوث أي تدخل عسكري خارجي، كما أن انقسامات القوى المناهضة للأسد لعبت دوراً كبيراً في عرقلة التدخل الأجنبي المباشر.
 
على ماذا يعتمد بقاء النظام السوري وما هي العوامل التي مكنت الأسد من الصمود في السلطة؟
 
 صلابة الدائرة الضيقة المحيطة بالأسد
 
 الدائرة الضيقة في النظام الداخلي لم تتصدع حتى الآن، على الرغم من الضربة الصاعقة التي تعرض لها المقربون من الأسد في يوليو، عندما أدى انفجار إلى مقتل أربعة من القادة، من بينهم صهر الأسد أصف شوكت ووزير الدفاع داود راجحة. لكن الأسد وزمرته من كبار المستشارين، تعافوا بسرعة من هذه الضربة، وتم تعيين بدلاء للذين قتلوا في الانفجار.
 
ووفقاً لأشخاص مقربين من دوائر النظام، كانت هذه الضربة المرة الأولى التي يشعر فيها نظام الأسد بأنه تحت التهديد.
 
وتقلصت الدائرة المحيطة بالأسد في الأشهر الأخيرة لتقتصر على الشخصيات الأساسية التي يعتمد عليها، من ضمنهم أعضاء ومسؤولي الأمن الذين يثق بهم – من الطائفة العلوية - وبعض من المتبقين من عهد الأسد الأب (حافظ الأسد). ويبدو أن هذه النواة تتكون من شخصيات أكثر تطرفاً، من الذين يرون ان المعركة وجودية فأصبحت استجابة النظام للأحداث أكثر تصميماً وأكثر دموية.
 
قوة وتماسك الجيش السوري النظامي
 
من المعروف أن الجيش السوري ليس قريباً من نقطة الانهيار، إذ يقدر عدد أفراد العاملين في الجيش السوري بنحو 295 ألف جندي، إضافة إلى 314 ألف مجند احتياطي. وعلى الرغم من صعوبة الحصول على الأرقام المؤكدة، إلا أن عملية حسابية بسيطة يمكن أن توضح ان الجزء الأكبر من هذه القوة لم ينضم إلى الثورة.
 
مؤخراً، قال سعد الدين قاسم، قائد الجيش السوري الحر في حمص، إن المنشقين عن الجيش يقدر عددهم بين 50 إلى 100 ألف عسكري. وهذا يعني أن معدل الاستنزاف في الجيش السوري هو في أحسن الأحوال حوالي 5 إلى 10 في المئة – وهي نسبة ليست كافية للقضاء على القدرات القتالية للجيش النظامي.
 
علاوة على ذلك، عندما تتاح لهم الفرصة،  الجنود الذين ينشقون عن الجيش يفضلون العودة إلى بيوتهم وعائلاتهم بدلاً من القتال إلى جانب الجيش السوري الحر.
 
يشار إلى أن خسائر الأسد في صفوف العسكريين تعوّض من خلال الزيادة في صفوف الشبيحة شبه العسكرية، فهؤلاء المقاتلين يتمتعون بقوة قتالية ضخمة بفضل التدريب الذي يحصلون عليه من قبل عناصر حزب الله.
 
المجتمع العلوي متخوف من الثورة
 
المجتمع السوري العلوي لا يزال معاد للثورة والثوار، لا سيما وأنهم يعتبرون أن المعارضة التي تنتمي إلى الطائفة السنية بأغلبيتها تريد الاقتصاص منهم. وعلى الرغم من بعض علامات الاستياء داخل الطائفة العلوية، بسبب الخسائر الفادحة في صفوف قوات النظام العلوي، إلا أن الأسد يكون سريعاً في التعامل مع أي علامة على المعارضة العلوية من خالل التخويف والقول ان الثورة هي انتفاضة اسلامية سنية تستهدف الطائفة العلوية.
 
أي أمل لانهيار النظام يقوم على العلويين، الذين يجب أن يدركوا أنه لا يوجد ارتباط بين بقائهم على قيد الحياة ببقاء الأسد في السلطة. لكن لا توجد دلائل على أن هذه العملية قد بدأت بعد. كما أن المعارضة السورية فشلت تماماً في مخاطبة مخاوف الطائفة العلوية، إذ لم تبذل أي شخصية معارضة بعد جهداً جدياً لإقناع العلويين بأن مستقبلهم في سوريا ما بعد الأسد سيكون في مأمن من عمليات القتل الانتقامية، وأنهم سوف يتمتعون بحقوق متساوية مع المواطنين السنة وسيتم الحفاظ على مصالحهم الاقتصادية.
 
تمزق المعارضة وصعوبة توحيد الصفوف
 
المعارضة السورية لا تزال ممزقة، على الرغم من أن أعضاءها وقعوا على اتفاق مبدئي يوم 11 تشرين الثاني (نوفمبر) يهدف إلى توحيد جميع الفصائل المناهضة للأسد، تحت مظلة تحالف واحد. ومع ذلك، لا يزال هناك الكثير من العمل الذي يتعين القيام به، فالتحدي الأساسي الذي يواجه كل مكونات المعارضة يكمن في عدم وجود برنامج سياسي يوحد وجهات النظر المتباينة إذ لا توجد حتى الآن رؤية سياسية مشتركة لكيفية التصرف من الآن وبعد يوم من سقوط الاسد.
 
باختصار، هناك فراغ سياسي وفراغ تنظيمي على كل مستويات المعارضة السورية، وما زاد الطين بلة هو كثرة وتنوع تيارات التمويل المتاحة للمعارضة، مما يؤدي إلى بروز تشكيلات جديدة سياسية وعسكرية تظهر فقط من أجل الانتفاع المادي.
 
وبغض النظر عمن يرأس النظام السوري في المستقبل، فالهدف الأول سيكون التعامل مع المواطنين الذين لن يقبولوا أن تحكمهم قبضة حديدية من جديد، فنظام الأسد قد لا يسقط قريباً، لكنه لم يعد قادراً على حكم سوريا بعد أن ثبت عجزه عن الإصلاح.
 
"ايلاف"
شارك الخبر