انتقد رئيس الوزراء الماليزي السابق الدكتور مهاتير محمد - خلال مشاركته في مؤتمر مسقط الأول حول التمويل الإسلامي- غياب الإنصاف في توزيع الثروة بالدول الإسلامية التي لا تزال جميعها بحاجة ماسة لتعزيز نموها، وأنها لم تتعلم من استخدام مواردها بما يتلاءم مع الدين والتقاليد الإسلامية “التي تحث على فعل الخير”بما يقود الى تحرير شعوبها من “الفقر المهين”- على حد تعبيره- محذراً من أن عدم اتصاف توزيع الثروة بالعدل والانصاف من شأنه أن يقود الى مطالب عنيفة ويطيح أنظمة حكم كما شهد العالم مؤخراً في عديد من الدول الإسلامية، داعياً المسؤولين إلى استخدام الثروات لتطوير الأمم بما يوجد عالماً أكثر عدلاً، مشيراً إلى أن الدول التي تملك قدراً كبيراً من السيولة النقدية تواجه عوائق كثيرة تقف أمام استثمارها، منها ما يتعلق بخشية التعاملات الربوية والرغبة في عدم الدخول في أنشطة لا تتلاءم مع الشريعة الإسلامية، وأنهم يقومون ببيع “الصكوك”لأطراف قد لا يكونون مقيدين بأحكام الشريعة وليسوا متأكدين من الطريقة التي سيستخدمون بها أرباحهم منها، والتي قد يجري استخدامها في “أعمال ربا أو شراء أسلحة غير شرعية«، وأن ذلك يؤكد الضرورة الملحة لوجود البنوك الإسلامية، خاصة مع نقص الطرق الإسلامية التقليدية في استثمار هذه الأموال وتعرضها للتآكل بفعل التضخم إن تم تخزينها كنقود، وأن استثمار هذه الأموال الضخمة يتطلب وجود تجارة ضخمة وناجحة، مشيراً إلى ما يرصده التاريخ في هذا الشأن من النجاح الكبير للعرب والمسلمين في هذا النشاط عبر قرون “قبل أن تسيطر أوروبا على خطوط التجارة الدولية وتخرج العرب من هذا النشاط«، وأنه أصبح في الإمكان استعادة هذا الدور، خاصة أن العديد من دول مجلس التعاون نجحت في تطوير “خطوط طيران«، وأن عليها السير بالتوازي بحيث يصبح لها وجود ملموس في صناعة الشحن ليس بين الدول العربية والإسلامية فقط إنما مع مختلف دول العالم .
الرؤية والإرادة
ويتحدث رئيس الوزراء الماليزي السابق عن الضعف الشديد لجميع الدول الإسلامية في القطاعات الإنتاجية داعياً إلى تغييره باعتباره السبيل الوحيد للتطور والنهوض، ومؤكداً إمكانية تحقيق ذلك من خلال امتلاك الرؤية والإرادة، مستشهداً في هذا الصدد بتجربة بلاده التي استعانت في البداية ببعض الاستثمارات الأجنبية وانتهت بتحقيق تقدم اقتصادي واجتماعي ملموس حتى أصبح ثمانين في المئة من صادراتها مصنعة محلياً، ولم تعد تعتمد على الاستثمارات الأجنبية متمكنة من استيعاب عدد هائل من الأيدي العاملة الأجنبية، كما أن هذا الوضع الاقتصادي الجيد مكنها أيضاً من خلق “وظائف جيدة”لمواطنيها، وأن الصناعة هي القادرة على إيجاد المزيد من الوظائف وتعزيز النمو، وأن العوائد التي ستجنيها الدول المسلمة من اتباع نظام الصيرفة الإسلامية يمكن استغلالها في اقامة المشاريع الصناعية التي بدورها ستسهم في تعزيز مصادر الدخل من جهة، وتوفير فرص عمل متعددة من جهة إخرى .
وفي إطار التعاون الاستراتيجي الممكن بين الدول الإسلامية، يشير د . مهاتير إلى الإمكانات الهائلة التي توجد في قطاع الزراعة حيث دول فقيرة لديها مساحات كبيرة صالحة للزراعة بينما دول غنية لديها المال، لكن ليس لديها الأراضي الصالحة للزراعة، وأن بلاده التي اشتهرت تاريخياً بزراعة المطاط نجحت في أن تصبح أشهر منتجي “زيت النخيل”في العالم من خلال تخطيط جيد للزراعة وتوزيع زراعة النخيل بين كبار وصغار المستثمرين، وتسهيل الحصول على القروض .
بين الفقر والتقشف
وفيما يتعلق بمناخ الاستثمار، يؤكد على أهمية تمتع الدول الراغبة في التحول إلى دول متقدمة بالسلام وقوانين تحمي وتسهل الاستثمارات، مشيراً في هذا السياق إلى أن الكثير من الدول المسلمة غير قادرة على إحلال السلام في الوقت الراهن، وهو الوضع “الذي لابد أن يتغير«، مشدداً على أهمية العلم والمعرفة في تطور الأمم، وأن امتلاك المعرفة يمكن أن يؤدي إلى نتائج رائعة، وأن التربية والتدريب للقوى البشرية لابد أن يصبحا أولوية لدى الدول الإسلامية خاصة أن اهمال العلوم والمعارف أحد النقاط الأساسية لضعفها، كما لا ينبغي على الإطلاق استغلال المؤسسات التعليمية في نشر تحليلات وتفسيرات دينية تقود لمزيد من الانقسام بين أبناء المجتمع، وإنما ضرورة الاحتكام لجوهر واساسيات الشريعة مع ترك مساحة للاختلاف “فالانقسام لا يمكن أن يحقق تقدماً أو ازدهاراً”.
ويقول أيضاً إن الاسلام يتعرض للإهانة في بعض الأحيان، وأن أحد السبل الأساسية للدفاع هي أن نتعلم وأن نكون على معرفة جيدة بالرياضيات والعلوم وأن ندرك أن الدين الإسلامي يدعو للتقدم وأنه ليس عائقاً أمام التقدم، معرباً عن أسفه لدعوات “البعض”إلى أن يكون المسلمون “فقراء ليكونوا أكثر تقشفاً”معتبرا أن ذلك يعني تحويل مليار وستمئة مليون مسلم إلى “شحاذين”بينما توحد هذه الطاقة البشرية الهائلة سيحولها إلى قوة هائلة .
الشعب والحكومة
وحول الطرق الكفيلة بدعم نشاط الصيرفة الإسلامية الوليد في السلطنة، يقول مهاتير محمد إن تجربة ماليزيا في الصيرفة الإسلامية أثبتت ضرورة التعايش بين الأنظمة المصرفية الإسلامية ونظيرتها غير الإسلامية وإن كان لابد من تحفيز فهو في البداية فقط لتسهيل انطلاق الخدمات الإسلامية التي تفيد الشعب والحكومة .
وحول ما تعلمته ماليزيا ودول النمور الآسيوية من الأزمة المالية الطاحنة التي ضربتها في بداية التسعينيات، يقول إن الدول الآسيوية تأثرت بشدة لكنها عادت ونهضت، وأن بلاده نجحت في تخطي الأزمة بسرعة لأنها رفضت الحلول التي حاولت فرضها جهات مثل البنك الدولي وصندوق النقد .
وعن إشكاليات تتعلق ب”تسمية”الصيرفة الإسلامية في حد ذاتها، وما إذا كانت تعني للبعض أن البنوك التقليدية ليست إسلامية؟ يدعو مهاتير إلى التعامل مع هذا الموضوع بسعة أفق، مشيراً إلى أن المصارف التجارية قامت على يد يهود إلا أنهم لم يطلقوا عليها “البنوك اليهودية«، وهو ما أدى إلى تسهيل تعامل الآخرين معها، وكذلك الأمر بالنسبة للبنوك الإسلامية، حيث يمكن تسميتها “البنوك غير الربوية”.
وفيما يتعلق برأيه في المؤسسات المالية “العالمية”المقرضة ودورها في الضغط على السياسات الخاصة بالدول؟يقول رئيس وزراء ماليزيا السابق إن هذه المؤسسات ليست عالمية حقاً، وإنما هي ملك لبعض الدول الغنية وتخدم مصالحها وتروج لسياساتها، وأن سياسة البنك الدولي - على سبيل المثال- لا تساعد أي دولة على النهوض لأنها تجبر الدول على قبول تجارة العملة وغيرها من الشروط المتعسفة، وحين تعرضت ماليزيا لأزمة طاحنة كان عليها أن تمضي في طريقها الخاص للخروج من الأزمة، ولو أنها عاشت وسط الظروف التي تمليها المؤسسات المالية الدولية “لما تمكنت من النهوض أبداً«!
"الخليج" الاماراتية
الرؤية والإرادة
ويتحدث رئيس الوزراء الماليزي السابق عن الضعف الشديد لجميع الدول الإسلامية في القطاعات الإنتاجية داعياً إلى تغييره باعتباره السبيل الوحيد للتطور والنهوض، ومؤكداً إمكانية تحقيق ذلك من خلال امتلاك الرؤية والإرادة، مستشهداً في هذا الصدد بتجربة بلاده التي استعانت في البداية ببعض الاستثمارات الأجنبية وانتهت بتحقيق تقدم اقتصادي واجتماعي ملموس حتى أصبح ثمانين في المئة من صادراتها مصنعة محلياً، ولم تعد تعتمد على الاستثمارات الأجنبية متمكنة من استيعاب عدد هائل من الأيدي العاملة الأجنبية، كما أن هذا الوضع الاقتصادي الجيد مكنها أيضاً من خلق “وظائف جيدة”لمواطنيها، وأن الصناعة هي القادرة على إيجاد المزيد من الوظائف وتعزيز النمو، وأن العوائد التي ستجنيها الدول المسلمة من اتباع نظام الصيرفة الإسلامية يمكن استغلالها في اقامة المشاريع الصناعية التي بدورها ستسهم في تعزيز مصادر الدخل من جهة، وتوفير فرص عمل متعددة من جهة إخرى .
وفي إطار التعاون الاستراتيجي الممكن بين الدول الإسلامية، يشير د . مهاتير إلى الإمكانات الهائلة التي توجد في قطاع الزراعة حيث دول فقيرة لديها مساحات كبيرة صالحة للزراعة بينما دول غنية لديها المال، لكن ليس لديها الأراضي الصالحة للزراعة، وأن بلاده التي اشتهرت تاريخياً بزراعة المطاط نجحت في أن تصبح أشهر منتجي “زيت النخيل”في العالم من خلال تخطيط جيد للزراعة وتوزيع زراعة النخيل بين كبار وصغار المستثمرين، وتسهيل الحصول على القروض .
بين الفقر والتقشف
وفيما يتعلق بمناخ الاستثمار، يؤكد على أهمية تمتع الدول الراغبة في التحول إلى دول متقدمة بالسلام وقوانين تحمي وتسهل الاستثمارات، مشيراً في هذا السياق إلى أن الكثير من الدول المسلمة غير قادرة على إحلال السلام في الوقت الراهن، وهو الوضع “الذي لابد أن يتغير«، مشدداً على أهمية العلم والمعرفة في تطور الأمم، وأن امتلاك المعرفة يمكن أن يؤدي إلى نتائج رائعة، وأن التربية والتدريب للقوى البشرية لابد أن يصبحا أولوية لدى الدول الإسلامية خاصة أن اهمال العلوم والمعارف أحد النقاط الأساسية لضعفها، كما لا ينبغي على الإطلاق استغلال المؤسسات التعليمية في نشر تحليلات وتفسيرات دينية تقود لمزيد من الانقسام بين أبناء المجتمع، وإنما ضرورة الاحتكام لجوهر واساسيات الشريعة مع ترك مساحة للاختلاف “فالانقسام لا يمكن أن يحقق تقدماً أو ازدهاراً”.
ويقول أيضاً إن الاسلام يتعرض للإهانة في بعض الأحيان، وأن أحد السبل الأساسية للدفاع هي أن نتعلم وأن نكون على معرفة جيدة بالرياضيات والعلوم وأن ندرك أن الدين الإسلامي يدعو للتقدم وأنه ليس عائقاً أمام التقدم، معرباً عن أسفه لدعوات “البعض”إلى أن يكون المسلمون “فقراء ليكونوا أكثر تقشفاً”معتبرا أن ذلك يعني تحويل مليار وستمئة مليون مسلم إلى “شحاذين”بينما توحد هذه الطاقة البشرية الهائلة سيحولها إلى قوة هائلة .
الشعب والحكومة
وحول الطرق الكفيلة بدعم نشاط الصيرفة الإسلامية الوليد في السلطنة، يقول مهاتير محمد إن تجربة ماليزيا في الصيرفة الإسلامية أثبتت ضرورة التعايش بين الأنظمة المصرفية الإسلامية ونظيرتها غير الإسلامية وإن كان لابد من تحفيز فهو في البداية فقط لتسهيل انطلاق الخدمات الإسلامية التي تفيد الشعب والحكومة .
وحول ما تعلمته ماليزيا ودول النمور الآسيوية من الأزمة المالية الطاحنة التي ضربتها في بداية التسعينيات، يقول إن الدول الآسيوية تأثرت بشدة لكنها عادت ونهضت، وأن بلاده نجحت في تخطي الأزمة بسرعة لأنها رفضت الحلول التي حاولت فرضها جهات مثل البنك الدولي وصندوق النقد .
وعن إشكاليات تتعلق ب”تسمية”الصيرفة الإسلامية في حد ذاتها، وما إذا كانت تعني للبعض أن البنوك التقليدية ليست إسلامية؟ يدعو مهاتير إلى التعامل مع هذا الموضوع بسعة أفق، مشيراً إلى أن المصارف التجارية قامت على يد يهود إلا أنهم لم يطلقوا عليها “البنوك اليهودية«، وهو ما أدى إلى تسهيل تعامل الآخرين معها، وكذلك الأمر بالنسبة للبنوك الإسلامية، حيث يمكن تسميتها “البنوك غير الربوية”.
وفيما يتعلق برأيه في المؤسسات المالية “العالمية”المقرضة ودورها في الضغط على السياسات الخاصة بالدول؟يقول رئيس وزراء ماليزيا السابق إن هذه المؤسسات ليست عالمية حقاً، وإنما هي ملك لبعض الدول الغنية وتخدم مصالحها وتروج لسياساتها، وأن سياسة البنك الدولي - على سبيل المثال- لا تساعد أي دولة على النهوض لأنها تجبر الدول على قبول تجارة العملة وغيرها من الشروط المتعسفة، وحين تعرضت ماليزيا لأزمة طاحنة كان عليها أن تمضي في طريقها الخاص للخروج من الأزمة، ولو أنها عاشت وسط الظروف التي تمليها المؤسسات المالية الدولية “لما تمكنت من النهوض أبداً«!
"الخليج" الاماراتية