28 عاماً من الريادة الإعلامية تنهار في 28 يوماً فقط، هذا هو الواقع الجديد الذي يواجهه ملايين المشاهدين حول العالم. قناة الجزيرة، التي شكلت رمزاً للحرية الإعلامية منذ تأسيسها في 1996، تشهد الآن زلزالاً داخلياً يقلب موازينها رأساً على عقب. للمرة الأولى في التاريخ، تقصف الدوحة من طرفين متعاديين في غضون 3 أشهر، مما يضع الجزيرة في مفترق طرق. التغييرات تحدث الآن، وكل يوم تأخير يعني فقدان معلومات حاسمة حول مستقبل الإعلام العربي.
موظفو الجزيرة يرددون عبارة "الطوفان صار عنا"، وهم يشهدون تفكك إمبراطورية إعلامية بنوها على مدار عقود. الضربات على الدوحة، سواء من إيران أو إسرائيل، تركت أثراً صعباً على المؤسسة. ويقول أرييل أدموني، الباحث بمعهد القدس للأمن، "لعبة القوة الناعمة لم تعد بلا ثمن". مع تعيين الشيخ ناصر بن فيصل آل ثاني، أحد أفراد العائلة الحاكمة، لأول مرة كمدير عام، تتغير المعادلة، ويصبح التساؤل حول مستقبل القناة أكثر إلحاحاً.
لم يكن الأمر مجرد تغيير إداري، بل هو نتاج لأكثر من ثلاثة عقود من استراتيجية قطرية معقدة، توازن بين الشرق والغرب. من 7 أكتوبر تغيرت المعادلة، فلم تعد الجزيرة قادرة على الحفاظ على الموازنة التي جعلت منها صوت المقاومة، واليوم صوتها مهدد بالصمت. التوقعات تشير إلى أن "التغييرات مستمرة" وأن "الجزيرة لن تعود كما كانت"، مع تحذيرات من أن هذا قد يكون نقطة تحول في الإعلام العربي.
قرارات جديدة تعيد تشكيل المشهد الإعلامي، ملايين العرب سيفقدون مصدرهم الإخباري الموثوق، فيلجؤون للبحث عن بدائل. من جهة أخرى، يرى البعض أن هذا الوضع يفتح الأبواب أمام فرص لإعلام عربي أكثر تنوعاً وجرأة. بين مؤيد ومعارض، يطرح السؤال الأخطر: هل يتحول الإعلام العربي نحو مرحلة جديدة من التنوع أو يفقد ما تبقى من مصداقيته؟
مع نهاية عصر الجزيرة كما نعرفه، تنطلق تساؤلات حول المستقبل: هل ستكون الجزيرة الجديدة قادرة على البقاء، أم أنها مجرد ذكرى من زمن مضى؟ دعوة للجميع بأن يتابعوا التطورات وينوعوا من مصادرهم الإعلامية، ليبقى السؤال النهائي: إذا سقطت الجزيرة، فمن سيبقى ليحكي قصة العرب؟