يشهد العالم يوم الأحد المقبل ظاهرة فلكية استثنائية تُعرف باسم "قمر الدم"، وهي آخر فرصة لمشاهدة خسوف كلي للقمر قبل انتظار سنوات طويلة للحدث التالي. هذه الظاهرة الفريدة ستتيح لمحبي علم الفلك حول العالم مشاهدة القمر وهو يتحول تدريجياً من لونه الأبيض المعتاد إلى لون أحمر نحاسي مبهر يشبه لون الدم.
ستكون الفرصة الذهبية لرصد هذا المشهد الساحر في قارتي آسيا وأستراليا، حيث يتمتع سكان الصين والهند بأفضل ظروف المشاهدة. كما سيحظى سكان شرق أفريقيا وغرب أستراليا بفرصة ممتازة لمتابعة هذا الحدث الفلكي النادر. أما في أوروبا، فستتاح للراصدين فترة قصيرة مع طلوع القمر في ساعات المساء الأولى لمشاهدة جزء من هذه الظاهرة المذهلة.

تحدث ظاهرة قمر الدم عندما تصطف الأجرام السماوية الثلاثة - الشمس والأرض والقمر - على خط مستقيم واحد بهذا الترتيب تحديداً، مع وجود القمر في طور البدر الكامل. وأثناء انزلاق القمر إلى المنطقة المظلمة من ظل الأرض التي تحجب أشعة الشمس المباشرة، يخفت ضوؤه الأبيض المألوف تدريجياً ويبدأ في اكتساب اللون الأحمر الدموي المميز الذي أعطى الظاهرة اسمها.
يفسر عالم الفيزياء الفلكية في جامعة بلفاست، رايان ميليغان، السر وراء هذا التحول اللوني المدهش بقوله إن أشعة الشمس الوحيدة التي تصل إلى القمر خلال الخسوف تنعكس وتتشتت عبر الغلاف الجوي للأرض. وبما أن الأطوال الموجية الزرقاء للضوء أقصر من الأطوال الموجية الحمراء، فإنها تتشتت بسهولة أكبر أثناء عبورها الغلاف الجوي الأرضي، مما يترك الضوء الأحمر هو المهيمن على إضاءة سطح القمر، منحياً إياه ذلك اللون الدموي الساحر.

على عكس كسوف الشمس الذي يستلزم استخدام نظارات واقية خاصة لتجنب الأضرار المحتملة للعينين، فإن مراقبة خسوف القمر تعد آمنة تماماً ولا تحتاج سوى إلى طقس صافٍ وسماء خالية من السحب، مما يجعل هذه التجربة الفلكية متاحة لعدد كبير من المتحمسين دون الحاجة لمعدات خاصة أو تكاليف إضافية.
يحمل هذا الخسوف الكلي أهمية خاصة كونه الثاني من نوعه خلال العام الحالي بعد الخسوف الذي شهده شهر مارس الماضي، مما يجعل عام 2025 استثنائياً من الناحية الفلكية. كما يشكل هذا الحدث بمثابة مقدمة مثيرة لحدث فلكي أكبر ينتظره علماء الفلك والهواة على حد سواء، وهو كسوف الشمس الكلي المرتقب في 12 أغسطس من العام المقبل 2026.
سيشكل كسوف الشمس المرتقب حدثاً تاريخياً باعتباره أول كسوف كلي للشمس يشهده القارة الأوروبية منذ عام 2006، حيث سيكون مرئياً بالكامل في إسبانيا وأيسلندا، بينما ستحظى دول أوروبية أخرى بفرصة مشاهدة الكسوف الجزئي. هذا التسلسل من الأحداث الفلكية النادرة يجعل الفترة الحالية والمقبلة مميزة بشكل خاص لعشاق مراقبة السماء والباحثين في علوم الفلك.