أعلنت وزارة الخارجية الإماراتية رفضها القاطع لاتهامات سلطة بورتسودان، في خطوة دبلوماسية حاسمة وصفت فيها هذه السلطة بأنها "غير شرعية" ولا تمثل الحكومة السودانية المعترف بها، بينما أكدت السلطات السودانية منع الطائرات السودانية من الهبوط في المطارات الإماراتية في تصعيد غير مسبوق للأزمة الدبلوماسية بين البلدين.
وشددت الخارجية الإماراتية في بيانها الرسمي على أن الادعاءات المتكررة التي تصدر عن سلطة بورتسودان تفتقر إلى أي أساس قانوني أو دليل واقعي، مؤكدة أن هذه المزاعم تندرج ضمن حملات إعلامية يائسة تهدف إلى تحويل الأنظار عن المسؤولية المباشرة لهذه السلطة في إطالة أمد الحرب الأهلية التي تجاوزت عامين من الدمار والخراب.
استند الموقف الإماراتي إلى قرارات وتقارير دولية موثقة تدحض الاتهامات السودانية. فقد أشار بيان وزارة الخارجية إلى رفض محكمة العدل الدولية في لاهاي للدعوى المقدمة من سلطة بورتسودان ضد الإمارات، إضافة إلى التقرير الختامي لفريق الخبراء المعني بالسودان الصادر في 17 أبريل 2025، والذي لم يتضمن أي نتائج أو أدلة تدين الدولة الإماراتية.
وفي تطور لافت، أكدت أبوظبي أن ما يُسمى "سلطة بورتسودان" لا تملك الشرعية الكافية لتمثيل الحكومة السودانية أو التعبير عن إرادة الشعب السوداني، داعية المجتمع الدولي إلى دعم عملية سياسية بقيادة مدنية بعيداً عن سيطرة أي من الأطراف المتصارعة في البلاد. هذا الموقف يعكس رؤية إماراتية واضحة ترفض الاعتراف بشرعية السلطة الحالية في بورتسودان.
من جانبه، علق المستشار الدبلوماسي لرئيس دولة الإمارات، أنور بن محمد قرقاش، على التطورات مؤكداً أن الرد الإماراتي يعكس التزام الدولة الراسخ بدعم جهود السلام والاستقرار في السودان، والعمل مع الشركاء الدوليين لإيجاد حل شامل ينهي الحرب ويضمن مستقبلاً آمناً ومستقراً للشعب السوداني.
شكل منع الطائرات السودانية من الهبوط في المطارات الإماراتية تصعيداً عملياً جديداً في الأزمة الدبلوماسية. أعلنت سلطة الطيران المدني السودانية أنها فوجئت بقرار السلطات الإماراتية، مشيرة إلى أن الإمارات منعت أيضاً إحدى الطائرات السودانية من الإقلاع من مطار أبوظبي، مما يؤثر مباشرة على حياة المواطنين والمسافرين بين البلدين.
تأتي هذه التطورات في سياق تاريخي من التوتر المتصاعد، حيث أعلن مجلس الأمن والدفاع السوداني في مايو الماضي قطع العلاقات الدبلوماسية مع الإمارات واعتبارها "دولة معادية"، مع سحب السفارة والقنصلية العامة من أبوظبي. كما قدم السودان دعوى ضد الإمارات أمام محكمة العدل الدولية بتهمة التورط في أعمال "إبادة جماعية"، لكن المحكمة رفضت النظر في القضية.
أكدت الخارجية الإماراتية أن هذه الادعاءات المتكررة تهدف إلى عرقلة مسار السلام والتنصل من الالتزامات الأخلاقية والقانونية تجاه إنهاء الصراع. وجددت الإمارات التزامها الكامل بدعم جميع الجهود الدولية والإقليمية الرامية إلى الوقف الفوري لإطلاق النار وحماية المدنيين ومحاسبة مرتكبي الانتهاكات، مؤكدة عملها مع الشركاء لإيجاد حل شامل ومستدام.
يشير خبراء في العلاقات الدولية إلى أن استهداف الإمارات، المعروفة بدورها الإنساني والدبلوماسي في دعم الشعب السوداني، يكشف ضيق أفق سلطة بورتسودان ويفضح سعيها لتأزيم العلاقات الخارجية بهدف التغطية على إخفاقاتها الداخلية. هذا النهج يضعف موقفها التفاوضي ويقوض فرصها في بناء تحالفات موثوقة في وقت يحتاج فيه السودان إلى قيادة مسؤولة تتسم بالثبات والوضوح.
تُعد الحرب الأهلية في السودان التي اندلعت في أبريل 2023 واستمرت لأكثر من عامين، أزمة إنسانية واسعة النطاق أدت إلى تدهور الأوضاع الأمنية والاقتصادية في البلاد. وفي ظل هذا الواقع المؤلم، تتواصل الجهود الإقليمية والدولية للتوصل إلى حل شامل ومستدام ينهي هذه الحرب المدمرة ويعيد الأمل للشعب السوداني في مستقبل أفضل.