في عملية أمنية نوعية كشفت عنها السلطات الإسبانية مؤخراً، تمكنت قوات الأمن من تفكيك شبكة تهريب دولية تنشط في مدريد وشمال إسبانيا، متخصصة في تهريب المهاجرين، معظمهم من اليمنيين، إلى بريطانيا وكندا عبر استخدام وثائق سفر مزورة.
وحسب المعلومات التي أعلنت عنها الشرطة، فقد نجحت هذه الشبكة في تنفيذ أكثر من 40 عملية تهريب، مقابل تكاليف باهظة وصلت إلى 3 آلاف يورو للشخص الواحد، وتكللت العملية الأمنية بتوقيف عدد من المتورطين في هذا النشاط غير القانوني.
تفاصيل صادمة عن عملية التهريب:
كشفت التحقيقات الأولية أن الشبكة كانت تتبع آلية معقدة في عمليات التهريب، حيث يحصل المهاجرون أولاً على صفة لاجئ في اليونان، وهي الخطوة الأولى في رحلتهم الطويلة.
وتشير المصادر الأمنية إلى أن أعضاء الشبكة كانوا يتواصلون مع الراغبين في الهجرة بعد حصولهم على وضعية اللجوء، ليقدموا لهم خدماتهم مقابل مبالغ مالية كبيرة تصل إلى 3 آلاف يورو للشخص الواحد.
وبعد إتمام الاتفاق المالي، تبدأ المرحلة الثانية من خطة التهريب، حيث يتسلم المهاجرون وثائق سفر مزورة بإتقان داخل المطارات الأوروبية.
وأوضحت التحقيقات أن هذه الوثائق كانت تُسلَّم للمهاجرين في لحظات حساسة أثناء تواجدهم بالمطارات، مما يسهل عليهم المرور عبر نقاط التفتيش الأمنية واستكمال رحلتهم إلى وجهاتهم النهائية في بريطانيا أو كندا دون إثارة الشكوك.
التحقيق والتنسيق الدولي:
لم تُكتشف عمليات التهريب هذه إلا بعد تنبيهات مهمة أرسلتها السلطات الكندية إلى نظيرتها الإسبانية، تتعلق بملاحظة تكرار محاولات دخول مواطنين يمنيين إلى أراضيها باستخدام وثائق مزورة، وجميعهم قادمون من مطارات إسبانية.
وبناءً على هذه المعلومات، بدأت الشرطة الإسبانية تحقيقاتها المعمقة، معتمدة على أساليب تقنية متطورة في تتبع حجوزات السفر والتحويلات المالية المشبوهة.
كما لجأت السلطات إلى مراجعة تسجيلات كاميرات المراقبة في المطارات، للتعرف على طريقة عمل الشبكة وتحديد هوية أعضائها.
وأفادت مصادر الشرطة أن التحقيقات استمرت لأسابيع طويلة، حيث تم جمع الأدلة الكافية قبل الشروع في عملية المداهمة والقبض على المتورطين.
توقيف المتورطين:
أسفرت العملية الأمنية عن توقيف 11 شخصاً، من بينهم زعيم الشبكة، وذلك خلال مداهمات متزامنة نفذتها الشرطة في مدريد وعدة مناطق بشمال إسبانيا.
وأكدت المصادر الأمنية أن الموقوفين يواجهون تهماً خطيرة تتعلق بتهريب البشر واستخدام وثائق مزورة وتكوين عصابة إجرامية منظمة، وهي جرائم تصل عقوبتها في القانون الإسباني إلى سنوات طويلة من السجن.
يمثل تفكيك هذه الشبكة الإجرامية نجاحاً كبيراً للسلطات الإسبانية في جهودها المستمرة لمكافحة الهجرة غير القانونية والجريمة المنظمة.
ومن المرجح أن تتواصل التحقيقات للكشف عن المزيد من الخيوط والارتباطات الدولية للشبكة، خصوصاً وأن الظاهرة تتجاوز الحدود الإسبانية لتشمل دولاً أخرى مثل اليونان وبريطانيا وكندا.
وتأمل السلطات الأمنية أن تشكل هذه العملية رادعاً قوياً لأي محاولات تهريب مستقبلية، مع استمرار تعزيز التعاون الدولي لسد الثغرات التي قد يستغلها المهربون في نقل المهاجرين بطرق غير مشروعة.