الرئيسية / مال وأعمال / "بورة طاحنة" تضرب أسواق فاكهة المانجو اليمنية الشهيرة وتكبد المزارعين خسائر فادحة وخبراء يكشفون الأسباب !
"بورة طاحنة" تضرب أسواق فاكهة المانجو اليمنية الشهيرة وتكبد المزارعين خسائر فادحة وخبراء يكشفون الأسباب !

"بورة طاحنة" تضرب أسواق فاكهة المانجو اليمنية الشهيرة وتكبد المزارعين خسائر فادحة وخبراء يكشفون الأسباب !

نشر: verified icon مروان الظفاري 29 مايو 2025 الساعة 08:00 مساءاً

تعيش اليمن هذا العام موسماً استثنائياً لفاكهة المانجو، لكن ليس كما يتمنى المزارعون. 

فقد تحولت البساتين المثقلة بثمار المانجو الشهية إلى مصدر قلق وخيبة أمل للآلاف من المزارعين الذين وجدوا أنفسهم في مواجهة ما يصفونه بـ"بورة طاحنة" تمثلت في حالة انهيار غير مسبوق في الأسعار. 

ووفقاً لتقارير محلية، تراجعت أسعار المانجو إلى مستويات قياسية، مما أدى إلى خسائر فادحة للمزارعين الذين استثمروا أموالهم وجهودهم طوال العام، ليجدوا محصولهم لا يغطي حتى تكاليف الإنتاج الأساسية.

أسباب انهيار أسعار المانجو:

يشير خبراء زراعيون إلى أن وفرة الإنتاج هذا الموسم تعد السبب الرئيسي وراء تدهور الأسعار بشكل دراماتيكي. 

فالظروف المناخية المواتية أدت إلى موسم استثنائي من حيث الكمية، لكن دون وجود آليات تسويقية فعالة لاستيعاب هذه الوفرة. 

ويوضح أحد المختصين في شؤون الزراعة أن "الإنتاج الوفير في موسم الذروة أغرق الأسواق المحلية بكميات هائلة من المانجو، في وقت تعاني فيه القدرة الشرائية للمستهلكين من ضعف ملحوظ بسبب الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي تمر بها البلاد".

وتعكس هذه الأزمة إشكالية هيكلية أعمق في قطاع الزراعة اليمني، حيث يسلط تجار الجملة الضوء على غياب استراتيجيات فعالة للتصدير وعدم وجود قنوات خارجية يمكنها استيعاب الفائض من المحصول. 

وتفيد مصادر مطلعة بأن "المانجو اليمنية رغم جودتها العالية وطعمها المميز، لا تزال محاصرة في نطاق الأسواق المحلية بسبب التعقيدات اللوجستية والقيود المفروضة على التصدير، وضعف البنية التحتية اللازمة للحفاظ على جودة المنتج خلال رحلة التصدير".

تأثير الأزمة على المزارعين المحليين:

على أرض الواقع، تتجلى المعاناة في قصص المزارعين الذين تحولت آمالهم بموسم مربح إلى كابوس اقتصادي. 

يروي "العم عبدالله"، أحد مزارعي المانجو في منطقة تهامة، كيف أن "سعر الصندوق انخفض بنسبة تفوق 70% مقارنة بالعام الماضي، بينما ارتفعت تكاليف الإنتاج من أسمدة ومبيدات ومياه بشكل كبير". 

وأضاف بنبرة حزينة: "اضطررت لبيع محصولي بأسعار لا تغطي حتى نفقات جني الثمار والنقل، ناهيك عن استرداد ما أنفقته طوال العام على الري والعناية بالأشجار".

لم يقتصر تأثير الأزمة على الجانب المادي فحسب، بل امتد ليشمل النسيج الاجتماعي لمجتمعات الريف اليمني. 

إذ تشير تقارير ميدانية إلى أن العديد من الأسر التي تعتمد على زراعة المانجو كمصدر رئيسي للدخل باتت تواجه صعوبات في تلبية احتياجاتها الأساسية. 

وكشف استطلاع أجرته إحدى المنظمات المحلية أن "حوالي 60% من المزارعين المتضررين أعربوا عن عجزهم عن سداد القروض أو الالتزامات المالية المترتبة عليهم، مما يهدد بدخولهم في دوامة من الديون قد تدفع بعضهم للتخلي عن هذا النشاط الزراعي التقليدي".

الحلول المقترحة والدعوات للتدخل الحكومي:

في سياق البحث عن مخارج لهذه الأزمة، يطرح خبراء الزراعة حزمة من الحلول العملية التي يمكن أن تسهم في تخفيف معاناة المزارعين وتحسين سوق المانجو مستقبلاً. 

ومن بين هذه المقترحات، يبرز تفعيل قنوات التصدير الخارجي من خلال تسهيل الإجراءات الجمركية وتوفير الدعم اللوجستي اللازم. 

كما يشدد المختصون على أهمية الاستثمار في الصناعات التحويلية التي تعتمد على المانجو كمادة خام، مثل صناعة العصائر والمربى والفواكه المجففة، لتحويل الفائض إلى منتجات ذات قيمة مضافة وفترة صلاحية أطول.

بالتوازي مع ذلك، تتصاعد الدعوات المطالبة بتدخل حكومي عاجل لإنقاذ موسم المانجو الحالي ودعم المزارعين المتضررين. 

وتنقل مصادر إعلامية عن نقابة المزارعين مطالبتها بـ"إنشاء صندوق دعم خاص للحاصلات الزراعية المتضررة، وتوفير قروض ميسرة للمزارعين لتمكينهم من تجاوز الأزمة الراهنة". 

وفي السياق نفسه، تقترح دراسة أعدتها إحدى الجامعات المحلية ضرورة "وضع استراتيجية وطنية شاملة للنهوض بقطاع زراعة وتسويق المانجو، تتضمن تأسيس بنية تحتية للتخزين والتبريد والنقل، وتطوير معايير الجودة، وتدريب المزارعين على أفضل الممارسات التسويقية".

تمثل الأزمة الحالية في سوق المانجو اليمني جرس إنذار يستدعي تضافر جهود كافة الأطراف المعنية لحماية هذا المحصول الاستراتيجي الذي يعد مصدر فخر للزراعة اليمنية. 

فما بين الخسائر المتراكمة للمزارعين وآمالهم المعلقة على تدخلات حكومية فاعلة، يبقى مستقبل زراعة المانجو في اليمن رهن القدرة على تطوير منظومة متكاملة للإنتاج والتسويق، تمكن هذا القطاع من الصمود في وجه التحديات الراهنة والمستقبلية، وتضمن استدامته كرافد أساسي للأمن الغذائي والاقتصاد الوطني.

اخر تحديث: 31 مايو 2025 الساعة 03:10 صباحاً
شارك الخبر