تعيش إسطنبول على وقع تحذيرات مقلقة أطلقها عالم الزلازل الهولندي الشهير فرانك هوغربيتس، بعد الهزة التي ضربت المدينة أمس وبلغت قوتها 6.2 درجة على مقياس ريختر.
توقعات هوغربيتس، التي نشرها عبر حسابه الرسمي على منصة "إكس"، تشير إلى احتمال أن تكون هذه الهزة مجرد مقدمة لحدث زلزالي أكبر قد يضرب المنطقة، مما أثار موجة من القلق بين السكان وأعاد إلى الأذهان المخاوف المرتبطة بزلزال إسطنبول الكبير المُنتظر منذ سنوات.
واقع الزلزال في إسطنبول:
ضرب زلزال بقوة 6.2 درجة منطقة سيلفري الواقعة على ساحل بحر مرمرة، وفقاً لما أعلنه وزير الداخلية التركي علي يرلي كايا.
الحدث الزلزالي، الذي وقع بشكل مفاجئ، أدى إلى حالة من الهلع ليس فقط في إسطنبول، بل امتد تأثيره ليشمل المحافظات المجاورة، مما دفع السلطات التركية إلى تفعيل إجراءات الطوارئ بشكل عاجل.
تكمن خطورة الموقف في أن المنطقة المتضررة تقع بالقرب من فالق شمال الأناضول، المعروف بأنه أحد أنشط الفوالق في العالم.
هذا الفالق له تاريخ طويل مع الزلازل المدمرة، وتشير الدراسات العلمية إلى احتمالية كبيرة بأن يشهد زلزالاً كبيراً في المستقبل القريب.
ورغم أن الأضرار الناجمة عن الهزة الأخيرة وصفت بأنها محدودة حتى الآن، إلا أنها أعادت إحياء المخاوف من السيناريو الأسوأ الذي يتوقعه الخبراء منذ سنوات.
تحذيرات فرانك هوغربيتس:
في تغريدة مقتضبة لكن ذات وقع كبير، حذر الخبير الهولندي فرانك هوغربيتس قائلاً: "من المحتمل حدوث هزات ارتدادية، وقد تكون أيضًا مقدمة لحدث زلزالي أكبر. كن على أهبة الاستعداد تحسبًا لأي طارئ."
هذه الكلمات، رغم بساطتها، حملت دلالات عميقة وأثارت قلقاً بالغاً لدى سكان المنطقة الذين ما زالوا يعيشون تحت وطأة ذكريات زلازل سابقة مدمرة.
ما يجعل تحذيرات هوغربيتس تستحق الانتباه هو توقيتها المتزامن مع وقوع الزلزال الأخير في منطقة معروفة بنشاطها الزلزالي العالي.
ويشير العلماء إلى أن الهزات الأرضية يمكن أن تشكل أحياناً ما يعرف بالزلازل التمهيدية (Foreshocks)، التي تسبق وقوع زلزال رئيسي أكبر.
وبالنظر إلى موقع الهزة من فالق شمال الأناضول، فإن تحذير هوغربيتس يبدو وكأنه إشارة إلى احتمال أن نكون في بداية سلسلة من الأحداث الزلزالية المتتالية في المنطقة.
تنبؤات هوغربيتس ومكانته العلمية:
يعتبر فرانك هوغربيتس شخصية مثيرة للجدل في أوساط علماء الزلازل، إذ يتبنى منهجية غير تقليدية في توقع الزلازل.
ويعتمد هوغربيتس في حساباته على عوامل مثل محاذاة الكواكب والنشاط الشمسي، وهو ما يضعه خارج إطار المنهج العلمي التقليدي المعتمد من قبل معظم الجيولوجيين والمؤسسات البحثية المتخصصة.
هذا الاختلاف في المنهجية جعله محط انتقاد من قبل العديد من العلماء التقليديين، الذين يشككون في صحة أساليبه وفعاليتها.
بالرغم من هذه الانتقادات، اكتسب هوغربيتس شهرة واسعة بعد أن توافقت بعض توقعاته مع زلازل حدثت بالفعل، مثل زلزال تركيا وسوريا المدمر في عام 2023.
هذا التوافق، وإن كان البعض يعتبره مجرد صدفة، منح الخبير الهولندي قاعدة جماهيرية واسعة تتابع تنبؤاته باهتمام.
ويؤكد مناصرو هوغربيتس أن الاهتمام بتحذيراته لا يعني بالضرورة تصديقها بشكل مطلق، لكنه يمثل جزءاً من الحيطة والحذر الضروريين في المناطق المعرضة للزلازل.
ويبقى السؤال الأهم هو: هل سيثبت تحذير هوغربيتس الأخير صحته فيما يخص إسطنبول؟ وهل يمكن حقاً أن تكون الهزة الأخيرة مجرد مقدمة لحدث زلزالي أكبر؟
ومع الوضع في الاعتبار أن التنبؤ الدقيق بالزلازل لا يزال تحدياً كبيراً أمام العلم المعاصر، يبقى على سكان المناطق المعرضة للخطر أن يكونوا على استعداد دائم، بغض النظر عن مصدر التحذير أو منهجيته.