وقال ان عملية المحاصصة والتقاسم الحاصلة لا يمكن التعايش معها، "لأن من المعروف أن المحاصصة ربما تكون من طبيعة أية مرحلة انتقالية على أن ذلك صحيح في حال كانت شاملة لكل الطيف لا لحساب فريقين أو اكثر"، لافتا إلى ان ذلك يفسر المواجهات المتنقلة سياسيا وميدانياً بين بعض القوى وغير ذلك من الملامح القاتمة التي تفرزها حالة الإقصاء والتطرف وعدم مواكبة الأهداف التي خرج من أجلها الناس .
واضاف الرئيس ناصر في حوار طويل مع موقع " التغيير نت" ، ان نجاح الحوار والتهيئة يجب ان يكون عبر "خارطة طريق" معلنة تحوي كل ما يتعلق بالمعالجات والمقترحات التي وضعت من مختلف القوى المعنية.
واشار إلى ان نجاح الحوار يتوقف على معالجة القضايا والملفات الأساسية وفق معطيات الراهن المعقد، وعلى اسس ومقترحات تتمثل في : " القضية الجنوبية وهي سياسية بامتياز، الجيش الذي يجب ان يتكون من ألوية جديدة في اطار إعادة الهيكلة، قضية صعدة: من الضروري معالجة آثار الحروب الستة، قضية القاعدة ومحاربة الإرهاب، محاربة الفساد، تلبية مطالب الشباب، التنمية".
وحول نظرته للواقع اليمني الحالي ، قال الرئيس ناصر انه ينظر إلى التسوية السياسية بتفاؤل حذر، مؤكدا اهمية ان يمارس الرئيس هادي كافة صلاحياته وفقاً للدستور ووفقا للمبادرة الخليجية، وان لا يظل هناك "اكثر من رئيس" في صنعاء.
وعن وضع القضية الجنوبية والحراك ، اشار الرئيس ناصر إلى ان ادعاءات الزعامة الفردية في الجنوب كثرت ووضعت حولها علامات استفهام كثيرة ، لكنه اكد ان قوة الحراك في وحدته.
وحول تدخلت ايران في الجنوب قال ناصر ، " في المرحلة الراهنة وما يثار حوله فإنه من المهم التأكيد بأن اليمن بات رهناً للتدخلات الخارجية الواضحة، مشيرا إلى ان أي دور خارجي يخدم اليمن ويخرجه من ازماته مرحبا به ، داعيا إلى رسم رؤية واضحة للسياسة الخارجية في اليمن تعتمد البعد الوطني وتقوم بتعميق المصلحة الوطنية.
حول تزيد عمليات الاغتيال في اليمن مؤخرا ، قال الرئيس علي ناصر ، ان ذلك يعد مؤشرا خطيرا، ويذكرنا بماجرى أثناء أزمة 1993 والتي انتهت إلى حرب 1994م .
وتناول الرئيس علي ناصر في حوار مواضيع اخرى ..ولاهمية الحوار الذي اجراه الزميل عرفات مدابش ، يعيد " يمن برس " نشره .
نص الحوار:
* إذا أردنا أن نسترجع التاريخ والذاكرة ماهي القوى السياسة التي كانت تطالب باستقلال الجنوب والثورة المسلحة ؟
ـ إن ثورة 14 أكتوبر هي امتداد للانتفاضات الشعبية في عدن والمحميات منذ بداية القرن العشرين وحتى اعلان قيام الثورة المسلحة التي انطلقت من جبال ردفان بقيادة الجبهة القومية لتحرير الجنوب عام 1963م وقد ساهمت وشاركت كافة القوى السياسية كحزب الشعب الاشتراكي ورابطة ابناء الجنوب وجبهة التحرير واتحاد الشعب الديمقراطي ونقابات العمل والمنظمات الجماهيرية وغيرها من القوى السياسية في الجنوب قبل وبعد انطلاق الثورة ، وعند انطلاقها اعلن الرئيس جمال عبد الناصر من كمدينة تعز "إن على الاستعمار البريطاني أن يحمل عصاه ويرحل من عدن" ، وقدمت مصر كافة اشكال الدعم لثورة الجنوب بقيادة الجبهة القومية وجبهة التحرير حتى تحقق النصر في الثلاثين من نوفمبر 1967م واعلان قيام جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية برئاسة المناضل قحطان محمد الشعبي .
* مرت ذكرى اليوبيل الذهبي لثورة 26 سبتمبر ونعيش هذه الأيام الذكرى الـ 49 لثورة 14 أكتوبر المجيدتين .. وتأتي هذه الذكرى في ظل ثورة شعبية يمنية وتغيرات عربية في إطار ما يسمى الربيع العربي كيف تعني لكم هذه الذكرى في ظل هذه الظروف ؟
ـ ثورة 26 سبتمبر 1962م وثورة 14 اكتوبر1963م، كانتا نصراً للشعب اليمني في ظل ظروف تلك المرحلة، ولم تكونا انتصاراً لليمن أو لشعبنا فحسب بل إنه من حيث النتائج كانت لهما تأثيرات إيجابية على الإقليم والمنطقة ، فقد شكلتا دفعاً للأنظمة في المنطقة لأن تعجل بإصلاحات على مستوى كياناتها السياسية والاجتماعية والثقافية، فعندما تقوم ثورة إلى جوار بلدك تحدث خشية من تأثيرها ومدها إلى داخل حدودك وهذا أمر طبيعي ويمكن تفهمه، لا بل إن الانجليز وبعد 124 عاماً من الاحتلال دفعت بهم الثورة إلى القيام باصلاحات في الجنوب فقد اضطروا لتطوير فكرة اتحاد الجنوب العربي في محاولة لاجهاض ثورة 14 أكتوبر، كذلك كان لثورة 23 يوليو في مصر تأثيرها في اليمن شمالاً وجنوباً وفي الوطن العربي وافريقيا .. ولكن المؤسف هو حالة الارتدادة التي صاحبت مسيرة الثورة اليمنية على مستوى بناء مشروع الدولة إذ تم التراجع في هذا الاتجاه لدرجة جعلت البعض يترحمون على الإمام في الشمال وعلى الانجليز في الجنوب، مع الفارق أن الجنوب خطا خطوات كبيرة في بناء الدولة وتثبيت سلطتها وإرساء هيبتها وحاكميتها، واستفادت جمهورية اليمن الديمقراطية كثيراً من الإرث الإداري البريطاني وأسست عليه ولم تبق رهناً للماضي كما حصل في الشمال، ففي الشمال ظل الكهنوت الإمامي سيمفونية مملة وشماعة تعلق عليها الأخطاء، واتجه الوضع نحو ما قبل الدولة وهذا يعود للسياسات الخاطئة والانقلاب على أهداف الثورة وتحويلها إلى سلطة ومغانم يتم توزيعها بين مراكز قوى متعددة، ومع تقديرنا للظروف الخاصة في عهدي الرئيس السلال والرئيس القاضي الإرياني، إلا أنه تجدر الإشارة إلى محاولة الرئيس الشهيد إبراهيم الحمدي أن يخرق هذه الارتدادة بحالة متقدمة وبدأ في التأسيس لمشروع بناء الدولة سرعان ماتم إجهاضه باغتياله واغتيال مشروعه، وتابع النظام بعده النكوص إلى الوراء نحو ماقبل الدولة وتفشي الفساد وحالة الإثراء غير المشروع الذي لم يحدث في أيام الملكية فالإمام أوصى بما يملك لبيت مال المسلمين -حسب وثائق تاريخية- ، وبالرغم من أن الرئيس السابق علي عبد الله صالح توافرت له فرص مواتية وفي ظروف تاريخية متعددة قبل وبعد الوحدة وبعد حرب 1994م، كما توفر له كل أنواع الدعم المادي والعسكري واللوجستي إضافة إلى النفط والتحكم به وأحيانا التأييد الشعبي الذي يُمكنه من بناء دولة قوية آمنة ومزدهرة أساسها العدل والاستقرار والمواطنة المتساوية، إلا أنه اختار التفرد والاستحواذ وافتعال الأزمات وإدارتها مما قوّض مشروع الدولة وأوصلها إلى حافة الهاوية الأمر الذي أخرج الناس في الجنوب في حراك سلمي منذ العام 2007م وحروب صعدة الستة وثورة شبابية شعبية في فبراير 2011م على مستوى الشمال والجنوب كانت كفيلة بخلعه عن الحكم فقد كان ولا يزال يحاول التشبث بالسلطة بل وتوريثها ولكن هذه الثورة أطاحت بهذا المشروع.. وأثبتت التجربة أنه لا مستقبل للتوريث لا في اليمن ولا في الأنظمة المماثلة.
* تحدثتم عن انتكاسة أو ارتدادة لثورة سبتمبر واكتوبر فهل ينطبق هذا على الثورة الشعبية الراهنة؟
ـ انتصار هذه الثورة الشعبية الراهنة ( ثورة التغيير ) لا يعول عليها فقط بناء الدولة المدنية الحديثة وهي مطلب جماهيري عام، بل أيضاً إعادة الاعتبار لثورتي سبتمبر وأكتوبر التي نعيش هذه الأيام ذكراهما .. ولكن المؤسف أيضاً هنا هو أن هذه الثورة الشبابية الشعبية لم تحقق كافة أهدافها ولا تزال تعاني ما يشبه إلى حد ما معاناة ثورتي سبتمبر وأكتوبر مع ما تضيفه خصوصية المرحلة واختلاف الزمن فقد كانت السلطة لها هيبتها ، ولكنها فقدت ذلك مع توزعها في منظومة مصالح ومراكز قوى متعددة وقد حذرت في مقابلة واكبت الاحتجاجات في إرهاصاتها الأولى من الالتفاف على ثورة الشباب اليمني .
* كيف يقرأ الرئيس علي ناصر المشهد اليمني اليوم لاسيما بعد تطورات عديدة في ضوء التسوية السياسية وكيف ينظر إليها ؟
ـ شخصيا أنظر إلى التسوية السياسية بتفاؤل حذر، وربما استخدمت مصطلح ارتياب في مكان آخر، وكان ذلك الرأي له ما يدعمه في المعطى الواقعي، وهذا المعطى بطبيعة الحال إما أن يتطور إيجاباً بما يخدم التسوية وإما أن يتحرك في الخط المعاكس بما ينذر بفشلها أو انهيارها كما أشرت في سؤالك .. واليوم ومع الأسف فإن الأزمة السياسية تتغور في عمق الوطن وتتغول في الجسد اليمني والوحدة الوطنية وتزرع البغضاء والكراهية وكلنا نعرف بأن المبادرة الخليجية لم تتحدث عن الثورة ولا عن القضية الجنوبية بل ركزت على الأزمة ونقل السلطة ولذلك قامت التسوية السياسية بين فريقين وقَّعا عليها .. وكنا نأمل أن تشمل التسوية كافة الطيف اليمني وأن يكون الشباب الرقم الأبرز فيها فهم من حركوا عجلة التغيير لاسقاط رأس النظام، وهذه الثورة بحراكها وشبابها مهدوا الطريق لحكومة الوفاق الوطني ورئاسة الدولة من بعدها.
إن استبعاد القوى المؤثرة كان له دور كبير في خلق جو من المحاصصة والتقاسم غير المفيد مع عدم القدرة على التعايش معه لأن من المعروف أن المحاصصة ربما تكون من طبيعة أية مرحلة انتقالية على أن ذلك صحيح في حال كانت شاملة لكل الطيف لا لحساب فريقين أو اكثر .. وهذا يفسر المواجهات المتنقلة سياسيا وميدانياً بين بعض القوى وغير ذلك من الملامح القاتمة التي تفرزها حالة الإقصاء والتطرف وعدم مواكبة الأهداف التي خرج من أجلها الناس ..
* وماذا عن موجة الاغتيالات التي تشهدها الساحة السياسية ؟
ـ مسألة الاغتيالات مؤشر خطير وما جرى من محاولات لاغتيال كل من الدكتور ياسين سعيد نعمان واللواء محمد ناصر أحمد وزير الدفاع والدكتور واعد باذيب وزير النقل وغيرهم يستهدف جوهر عملية التغيير والدولة المدنية، ويذكرنا بماجرى أثناء أزمة 1993 والتي انتهت إلى حرب 1994م ، وقد حذرنا من الوصول إلى هذه المحطة الخطيرة حينما أكدنا على ضرورة الحوار وأكدنا رفضنا للاقتتال والانفصال لأن لا بديل للحوار إلا الحرب وفي آخر كل حرب يلجأ الجميع إلى الحوار كنتيجة حتمية .. وإن المنتصر مهزوم في مثل هذه الحروب وهذا ما اكدته التجربة في أعوام : 1986م , 1994م , 2011م.
* هناك طرف وقع على المبادرة الخليجية ومنح الرئيس صالح الحصانة واليوم يخرج مناصروهم لنزعها في ظل الصراع القائم أو التجاذب بين طرفي التسوية .. كيف تقيمون هذه المسألة وهل ترون أن هذا مؤشر لبلوغ محاكمات قادمة لاسيما أن لكم تجربة سابقة في الجنوب في ظل ما كان من صراعات سياسية أشار إليها الرئيس صالح في خطابه بمناسبة الذكرى الثلاثين لتأسيس حزب المؤتمر الشعبي ؟
ـ هناك من يرفض الحصانة من حيث المبدأ والنتيجة على حد سواء وخاصة في صفوف شباب الثورة والحوثيون والحراك الجنوبي وكذلك قوى أخرى لم تنخرط في إطار المبادرة، ومن الغريب والمؤسف أن من حصل على هذه الحصانة فوق إرادة الثورة والشعب يتحدث في خطابه عن (حدث 1986م الإجرامي) على حد وصفه، الذي أشرت إليه في سؤالك فإنه بالنتيجة يمس أطرافاً وقيادات كانت معنا ومعه وبينهم رئيس الجمهورية المشير عبد ربه منصور هادي وغيره من القيادات السابقة العسكرية والمدنية التي كانت محسوبة على ما كان يسمى (الزمرة) وكان عمر الجاوي قد اختصر مصطلحي الطغمة والزمرة بـكلمة ( طُز ) وعلينا أن نفهم المعنى العميق لهذه الكلمة.
ولكي نوقف الجدل واللغط في هذا الموضوع فإنني أدعو إلى تشكيل لجنة محايدة من الأكاديميين والمستقلين الذين ليس لهم علاقة بهذه الصراعات للتحقيق في أهم الأحداث التي جرت منذ قيام ثورتي سبتمبر وأكتوبر بهدف تحليل ما جرى والوقوف على الأسباب والمسببات، واستخلاص الدروس والعبر لتطلع الأجيال الحالية والقادمة على الحقائق كما هي دون تضليل، بما يؤسس لمرحلة جديدة ، وهذا الطرح يتسق ولا يتعارض مع إعلاننا المستمر بأننا نتحمل جزءًا من المسؤولية التاريخية وأنا على استعداد للقبول بالنتائج التي تتوصل إليها هكذا لجنة.
والأهم من كل ذلك التحقيق في الجريمة الكبرى التي ارتكبت بحق الوحدة من قبل الموقعين عليها عام 1990م .. والتي تحولت من حلم جميل إلى كابوس مفزع كما أشار الوزير الأستاذ صالح باصرة في مقابلة معه بأن الوحدة لم تصل بيوتنا أو وصلت ولكن بطريقة مزعجة ، وبرأيي ليس فقط إزعاج بل قتل واحتراب وانقسام وتشظي وكراهية وفساد، وأحب أن استشهد أيضاً بما نُقل عن السيد فيليب نائب السفير الألماني بتشبيهه الوحدة بالباص حيث قال : "الوضع في الجنوب مثل باص تم طرد ركابه عام 1994م وظل ابناء الجنوب يلاحقونه ولم يستطيعوا ان يلحقوا به ولكن فجأه توقف ابناء الجنوب من اللحاق به وعندما عاد الباص ليحملهم رفضوا الركوب فيه".
* الوضع في اليمن يعاني حسبما ماذكرت من ازدواجية سلطة في ظل وجود أكثر من سلطة فهناك الرئيس عبد ربه منصور هادي والرئيس علي عبد الله صالح وعائلته واللواء علي محسن الاحمر والشيخ حميد الأحمر ورئيس الوزاراء محمد باسندوة واحزاب المشترك وحزب المؤتمر وغيرهم، فهل تعتقد أن ذلك مؤشراً على فشل التسوية وعلى قيادة الرئيس للبلاد وبعض المشايخ الذين يعتبرون انفسهم دولة داخل الدولة؟
ـ توصيف "ازدواجية السلطة" لم أقم باختراعه بل إنه استنتاج واضح وطبيعي لأي مراقب للمشهد وخاصة في صنعاء التي تنقسم على بعضها حول مراكز قوى متعددة، ففي السابق تركزت السلطة بيد رئيس واحد وخرج الناس لتغييره وليس لتبديله بأكثر من رئيس، البعض يقول أن هناك أكثر من رئيس في اليمن وأكثر من جيش وأكثر من جماعة مسلحة وأكثر من فضائية ناطقة بإسم كل رئيس، وحتى أكثر من فرع لتنظيم القاعدة وفقاً لاختلاف مرجعياتها هذا فضلاً عن التدخلات الخارجية التي جعلت من البلد حقل تجارب في عملية خطيرة ليس لها من أفق سوى المزيد من التشظي في النفوس والانقسام والعنف في اليمن شمالاً وجنوباً، وأخشى أن لا يصبح الجنوب جنوباً ولا الشمال شمالاً !
* وما هو بتقديرك الحل لازدواجية السلطة في صنعاء ؟
ـ المطلوب أن يمارس الرئيس كافة صلاحياته وفقاً للدستور على أن المشكل هنا تعدد المرجعيات فالمبادرة الخليجية باتت مرجعية يستند الرئيس في قراراته عليها وهذا أمر يعزز نوعاً من الخلل البنيوي في وضع التسوية السياسية الراهنة، ومن جانبي أنصح بالتوصل لمعالجة موضوعية لهذا الخلل ومن جانب آخر أنصح الاخ الرئيس علي عبد الله صالح الذي تربطنا به علاقات قبل وبعد 1986م ولا انسى له مواقفه تجاهنا منذ 86 وحتى عام 90 وما بعدها ونحن نناشده أن يساعد الرئيس عبد ربه منصور هادي الذي كان نائباً له في السلطة والحزب الحاكم بالعمل على التخلي عن الازدواجية وفسح المجال له ليمارس صلاحياته كاملة، وأن يرتاح بعد أن قضى هذه الفترة الطويلة في الحكم بكل إيجابياتها وسلبياتها، وأن يغادر اليمن مؤقتاً فخروجه من السلطة والبلاد لا تعني نهاية الحياة فقد غادر السلطة والوطن قبله كل من الرؤساء المشير عبد الله السلال والقاضي عبد الرحمن الارياني وعلي ناصر محمد وعادوا إليه مرة أخرى في ظروف مناسبة وفي عهده شخصياً، وهي فرصة للإهتمام بشخصه وصحته وممارسة هواياته وكتابة مذكراته، وأنا اقدر صعوبة اتخاذ مثل هذا القرار بأن يغادر وطنه فقد خرجت من عدن وبعدها من صنعاء واديس ولكن الحياة مستمرة.
ولا أغفل توجيه النصح أيضاً للقوى الأخرى من مراكز القوى الحزبية أو القبلية أو العسكرية أن تعين الرئيس هادي على عمله لا أن تضعه بين فكي كماشة .
* قلت انك تعي صعوبة قرار مغادرة الوطن ، فكيف تنصح الرئيس صالح بأن يغادر الوطن؟
ـ لازلت أشعر بمرارة ذلك اليوم الذي غادرت فيه الوطن سواء في عدن عقب أحداث 13 يناير عام 1986م أو قبل اعلان الوحدة عام 1990 عندما اتفق طرفا الوحدة على اخراجي من صنعاء، إلا أن المصلحة الوطنية اقتضت اتخاذ ذلك القرار الصعب، وأنا اليوم عندما أتوجه إلى الأخ الرئيس علي عبد الله صالح بالنصح إنما من باب الحرص على الوطن أولاً وأخيراً، ومن باب الحرص عليه هو شخصياً ، حتى لا يبقى شماعة يعلق عليها الآخرون الأخطاء التي لا يستطيعون تذليلها، وهو عين ما أشار إليه في خطابه بمناسبة الذكرى الثلاثين لتأسيس حزب المؤتمر الشعبي العام.
* وماذا عن الانقسام الحاصل في الجنوب وتعدد القيادات فاليوم هناك البيض وباعوم والعطاس ومحمد علي أحمد والجفري والأصنج والحسني والنوبة والكثيري وأمين صالح وتجمع ابناء الجنوب في صنعاء وغيرهم ممن يطالبون باستعادة الدولة .. وقد كثرت الزعامات والمؤتمرات والتشهير والتخوين ضد بعضهم البعض أليس هذا مؤشراً إلى تراجع الحراك وتشظيه وفي ذلك إنهاك للقضية الجنوبية وتمزيقها مما يؤثر سلباً على مستقبل الجنوب وربما اليمن كله والمنطقة ؟
ـ كثرت ادعاءات الزعامة الفردية في الجنوب وفي ظل الحديث عن استعادة الدولة تحضر علامة استفهام ... حول كيف يمكن استعادة الدولة بهذا التعدد في الزعامة واختلاف الرؤى وفي ظل جو من التوتر والكراهية والذي لم يشهد له مثيل حتى في عهد الاحتلال البريطاني والسلاطين، ولقد ذكرت في وقت مبكر من انطلاقة الحراك الجنوبي السلمي بأن قوة الحراك في وحدته ولكن التطرف يذهب بالبعض إلى اختيار الانقسام والضعف على الرغم من عدالة القضية وعظمة التضحيات لأجلها .. فالشعب هو من يدفع ثمن هذه الإنقسامات التي عانينا منها في الماضي وحتى اليوم ومع الأسف هناك من لم يستفد من أخطاء الماضي منذ 1967م وحتى اليوم .
* قفز اسم ايران إلى واجهت التدخلات الخارجية في اليمن مؤخراً، وهناك من يتحدث عن علاقتكم بها وفقاً لعلاقة تاريخية أثناء فترة رئاستكم لليمن الديمقراطية، فماهي طبيعة هذه العلاقة وكيف تقيمون الدور الإيراني في هذه المرحلة ؟
ـ علاقتنا بإيران بدأت بعد قيام الثورة عام 1979م، فقد اعتبرنا أن قيام الثورة الإسلامية في إيران انتصار للنظام في عدن وللأمتين العربية والاسلامية باعتبار أن نظام الشاه كان على علاقة قوية مع إسرائيل، وكان معادياً للنظام في عدن حيث أرسل قواته إلى حدودنا وقصفت بعض القرى في المهرة من قبل طائرات عسكرية إيرانية واسقطت طائرتان وتم اسر كل من الطيارين "بافيرز علي اشرقيان أوزار" عام 1975م والميجر "تاريوش جلالي" عام 1976م .
وبعد سقوط نظام الشاه تطورت علاقاتنا السياسية والاقتصادية مع النظام الجديد وخاصة بعد استهداف المصافي الإيرانية أثناء حرب الخليج الأولى، التي وقفنا ضدها وطالبنا بوقفها والحوار بين بغداد وطهران، بينما وقفت معظم دول الخليج العربي الى جانب صدام حسين في حربه على ايران التي أنهكت البلدين عسكرياً واقتصادياً واثرت على استقرار المنطقة والملاحة الدولية، واتهمنا حينها من قبل النظام في العراق بأننا نقوم بتشغيل آلة الحرب ضده، ولكننا لم نكترث لذلك لاننا نقوم بتشغيل آلة تكرير النفط في مصفاة عدن التي كادت أن تتوقف بعد انسحاب شركة (BP) البريطانية من اداراتها وتشغيلها منذ عام 1954م وممع الاسف أن بعض الدول النفطية رفضوا مساعدتنا في تشغيل المصفاة، والذي كان سيترتب عليه تسريح الآلاف من العمال وتلحق الضرر بأسرهم اضافة للضرر التي ستلحقه بميناء عدن وتزويد السفن بالوقود وميزانية الدولة.
أما ما يتعلق بدور ايران في المرحلة الراهنة وما يثار حوله فإنه من المهم التأكيد بأن اليمن بات رهناً للتدخلات الخارجية الواضحة، وعلينا أن نفرق على العموم بين التدخل المرفوض والدور المطلوب .. التدخل شيء، وأن يكون ثمة دور لقوى إقليمية أو دولية في مساعدة اليمن للتخلص من أزماته شيء أخر، وهذا الدور الايجابي مرحب به من اي دولة كانت بشرط احترام السيادة الوطنية وعدم التدخل في الشؤون الداخلية مع أهمية بناء العلاقات على أساس الاحترام والتعاون المشترك وفقاً للمصالح المتبادلة ، وأنا أدعو إلى رسم رؤية واضحة للسياسة الخارجية في اليمن تعتمد البعد الوطني وتقوم بتعميق المصلحة الوطنية قولا وعملاً فالسياسة الخارجية من أهم أمور السلطة وقد أفردت في مذكراتي فصلا كاملا وموسعاً باسم السياسة الخارجية .
* هل تواصلتم مع ايران بعد خروجكم من السلطة في عدن ؟
ـ حصل انقطاع في العلاقة مع ايران منذ عام 1986م وحتى 1998م فقد تعاملوا مع من يقف على الارض وعلى راس السلطة قبل وبعد الوحدة وانا لا الومهم فمصالح الدول والشعوب فوق مستوى العلاقات الشخصية، وفي عام 1998م وجهت لي دعوة لزيارة إيران وذلك على خلفية الانفراج السياسي الايراني في العلاقة مع الجيران في الخليج وحينها كنت مقيماً في الامارات العربية المتحدة وحرصت على التشاور بخصوص هذه الزيارة مع الشيخ زايد بن سلطان رئيس دولة الامارات العربية رحمه الله الذي رحب بالفكرة وقال إنه ليس لديه تحفظات، وإن عليّ أن أتحدث مع القيادة الإيرانية بقناعاتي التي يثق بها وأضاف " إن إيران جارة إسلامية شقيقة وصديقة ونحن حريصون على العلاقة معها وعلى حل مشكلة الجزر بالطرق الودية والسلمية استناداً إلى الوثائق والحقائق التاريخية لهذه الجزر" كما نصح الشيخ زايد بزيارة اليمن قبل زيارة ايران واللقاء مع الرئيس علي عبد الله صالح للتشاور قبل الزيارة حتى لا تفهم فهماً خاطئاً ..
كان من أهم من التقيت بهم في طهران السيد هاشمي رفسنجاني رئيس مصلحة تشخيص النظام والدستور الذي نقلت إليه رسالة الشيخ زايد، وبدوره نصح بإدارة حوار هادئ مع دولة الإمارات لحل مشكلة الجزر بعيداً عن الإعلام وردود الأفعال في هذه الأجهزة التي تدفع إلى التصعيد والتعقيد بين البلدين وانه يتفق مع الشيخ زايد بشأن الحوار. هذا الموقف يختلف تماماً عن مواقف بعض المسؤولين الذين التقيتهم والذين كانوا يصرون على أن الجزر إيرانية وأنه لا جدوى من الحديث حولها ، وتحدثت معه حول قضايا رئيسية ومنها أن الاعتراف بالثورة الإيرانية والتعاون معها لا يعني تصديرها إلى دول الجوار كما يردد البعض، وأن دعم قضية فلسطين يجب أن يراعي قرارات المنظمات الإقليمية والدولية وما يقبل به الفلسطينيون وقد اكدت على هذه النقاط الخاصة بالجزر وقضية تصدير الثورة والقضية الفلسطينية في اللقاء الذي جمعني مع السلك الدبلوماسي الايراني والعربي في وزارة الخارجية الايرانية.
* من المعروف أنك دعيت إلى مؤتمر الصحوة الإسلامية في طهران عام 2011م وكان لافتاً مشاركتك فيه ، ماذا عن هذه الزيارة ؟
ـ دعيت إلى ذلك المؤتمر وفقاً لاحتفاظي بعلاقات طيبة ومستمرة مع قيادات إيرانية كثيرة منذ عام 1980م، وقد لبيت الدعوة ووجدت أن من الأهمية بمكان أن أشارك فيه نظراً لأهميته سواءاً من حيث التوقيت أم من حيث الموضوع حيث يأتي في سياق التغيرات التي أحدثتها الثورات العربية، ولم تكن كلمتي في المؤتمر بعيدة عن السياق التاريخي لعلاقة اليمن الجنوبي بالجمهورية الإسلامية، وكانت مناسبة جيدة وفرصة كبيرة لطرح القضية الجنوبية وتوضيحها وتفنيد الأزمات في اليمن ومواكبة الثورة الشبابية الشعبية السلمية التي كانت في بداياتها، كما التقيت بالصادق المهدي رئيس وزراء السودان الاسبق والدكتور ابراهيم الجعفري رئيس وزراء العراق الاسبق وبرهان الدين رباني الرئيس السابق لافغانستان وعدد من الشخصيات العربية والاجنبية المشاركة، وقد وصلتني بعض الملاحظات النقدية حول هذه الزيارة ومشاركتي في المؤتمر من قبل البعض في دول المنطقة وهي التي تقيم علاقات مع إيران ولديها سفراء مقيمين فيها وانا لا أقبل الاملائات وأتصرف بما تمليه علي مبادئي وقناعاتي وأنا أمتلك قراري حيثما كنت وأينما سكنت.
* تتردد مؤخراً أنباء عن قصف طائرات اميركية من دون طيار لأماكن عدة في المحافظات تدار ممن غرفة عمليات مشتركة (أمريكية – يمنية – عمانية – سعودية)، اسفر عنها مقتل ابرياء مما اثار موجة استياء، وتؤكد وثائق ويكيليكس أن الرئيس السابق كان يوافق عليها ونذكر عبارته الشهير للأميركان اضربو وسنقول أننا نحن من ضرب، بينما الرئيس الحالي عبد ربه منصور هادي يصادق على كل عملية تقوم بها الطائرات الأميركية من مطار العند كما أكد ذلك مؤخراً؟ فما هو رأيكم بهكذا قرارات ؟
ـ هذا الأمر من المعروف أنه لم يبدأ في عهد الرئيس عبد ربه منصور هادي بل هو كما أشرت في السؤال امتداد لما كان يحدث في عهد الرئيس علي عبد الله صالح بحجة ملاحقة العناصر الإرهابية، وكان يقول: "اضربوا ولا تقولوا أننا وافقنا على الضرب"، أما الرئيس عبد ربه منصور فقد قال "أنه يصادق شخصياً على كل طلعة وضربة" وأنا لا أتفق مع الأول أو الأخير، وبإمكان النظام أن يقوم بالدفاع عن سيادته وأراضيه ومواطنيه ، وفي الواقع أن أغلب من تضرر من تلك الضربات الجوية هم من المواطنين الأبرياء، وهذا أمر خطير، كما أن مكافحة الارهاب مسؤولية الدولة ولقد سجلت القوات المسلحة مؤخراً بطولات رائعة بالتعاون مع اللجان الشعبية في محافظة أبين وشبوة وغيرها لحماية الوطن والمواطنين من العناصر الإرهابية المسلحة وهذا دليل على أن السلطة تستطيع أن تقوم بدورها عندما تتوفر الإرادة في تحمل مسؤوليتها تجاه الشعب والوطن. ونحن نطالب الأشقاء والأصدقاء بدعم القوات المسلحة وتعزيز قدرتها القتالية والدفاعية للقيام بدورها بالدفاع عن الوطن وسيادته وحفظ أمنه واستقراره.
وإن ما تعرض له الاخ اللواء محمد ناصر أحمد وزير الدفاع وغيره من الضباط والجنود من اغتيال كالذي تعرض له الشهيدان سالم قطن وعمر بارشيد، ومحاولات اغتيال أخرى ما هي إلا دليل على صوابية مواقفهم الجريئة والشجاعة في مجال مكافحة الارهاب وحماية المواطنين في البلاد.
* من المعروف أن الحراك الجنوبي خرج سلمياً ولعل هذا أهم مايميزه ويدفع الآخرين لتفهمه واستيعابه ولكن أصواتاً بين الحين والآخر تلوح بإمكانية الكفاح المسلح .. ما رأيك ؟
ـ لقد أكدت في بداية الحراك على أهمية الطابع السلمي له والذي يعزز قوته أكثر خاصة وأنه ينسجم مع العمق الحضاري لشعب الجنوب وتاريخه المتمدن، وقلت في أكثر من مناسبة بأن التمسك بسلمية الحراك يعني التمسك بجوهر ومشروعية وعدالة القضية ويكسب الحراك قوة داخلية وقبول خارجي، وقد حاولت السلطات إلصاق تهمة الارهاب بالحراك الجنوبي بالرغم من انه كان ولايزال سلمياً فكيف الحال في حالة الكفاح المسلح ! .
* تعددت الرؤى حول مقالك ( قصتي مع الحوار والعبور إلى الفيدرالية وصرخة استنهاض لليمنيين ) فمنهم من رأى أنها تتسق مع التسوية السياسية بصنعاء، وهناك من وجه لكم اتهامات مختلفة، ماهي الرسالة التي أردت إيصالها وكيف تقيم الرؤى المتعددة حول المقال ؟
ـ المقال الذي أشرت إليه يلخص تجربة طويلة ممتدة منذ 67م وحتى الوقت الراهن، وكان واضحاً فيه أنه يتطرق لعدة قضايا شائكة بعضهم يعرفها وكثيرون لا يعلمون عنها شيئاً وهؤلاء هم من أردت ايصال رسالتي إليهم لأن الذين يعرفون هذه الحقائق يدركونها جيداً وبإمكانهم أن يختلقوا الذرائع لعدم تقبلها وهي حقائق مسنودة بالأدلة التي لايزال يشهد عليها الكثير من الأحياء والموجودين في العملية السياسية في الداخل والخارج، وإجمالاً فقد شعرت بالرضا من كافة ردود الافعال، وتقبلت المواقف المضادة بل رحبت بكل الملاحظات النقدية التي كنت أتوقع بعضها سلفاً نتيجة فهمي لتقلب المصالح، وأما الاتهامات فهي ليست بأمر جديد وكان النظام في صنعاء أكثر من وجهها لي وبشكل مستمر، ولذلك أؤكد لك بأني لم أعد أبعث رسائلي للنخب بقدر ما أبعثها للشعب الذي يستحق منا الشفافية والإنصاف، وموقفي من الحوار كمبدأ واضح ومستمر وتاريخي وليس على صلة محددة ومباشرة بالحوار في إطار التسوية السياسية الراهنة فقد حاورت النظام في الشمال لسنوات عندما كنت رئيساً في الجنوب وذلك من أجل وقف نزيف الدم في الجنوب والشمال وحروب المناطق الوسطى آنذاك وهناك من كان يريد الحل بالسلاح بإسقاط النظام في صنعاء وفي المقابل كان هناك من يريد اسقاط النظام في عدن وأوقفنا الحروب وطبّعنا العلاقة مع دول الجوار لمصلحة الوطن في ذروة التطرف والمطالبة بإسقاط أنظمة الخليج وبالذات عُمان والسعودية التي لدينا حدود معها، وأُعتُبر ذلك خيانة وطنية لقوى الثورة في الشمال وعُمان والجزيرة العربية، وعليه فإن التمسك بالحوار سيبقى موقفاً ثابتاً .. فقد كان لنا رؤية واضحة ولم نهرول إلى الأمام كما لم نهرب إلى الخلف، وقدمنا تنازلات أثناء مسيرة الحوار مع كافة الأطراف في اليمن شمالاً وجنوباً في سبيل الوصول إلى قواسم مشتركة تفضي إلى حل لمصلحة الوطن والمواطن ولكن يبدو أنه لا حياة لمن تنادي وخاصة بعد التطورات التي تشهدها الساحة اليمنية شمالا وجنوبا.
* بعد كل هذا التوصيف والتسجيل التاريخي كيف يرى الرئيس علي ناصر المستقبل وهل من حلول ممكنة لتجنب المجهول؟
ـ سجّلتُ في طيات هذه المقابلة بعض المقترحات والنصائح، وأضيف لها التأكيد بمطالبة السلطة والأطراف المؤثرة أن تقوم بإجراءات عملية تسهم في التهيئة للحوار من خلال خارطة طريق معلنة لاسيما كل ما يتعلق بالمعالجات والمقترحات التي وضعت من مختلف القوى المعنية لأن نجاح الحوار يتوقف على معالجة القضايا والملفات الأساسية ويمكن توجيه الحلول الممكنة عملياً من خلال نقاط محددة وفق معطيات الراهن المعقد التي اراها تتمثل بمايلي :
القضية الجنوبية : إن القضية الجنوبية قضية سياسية بامتياز، ومن الضروري إيجاد حل عادل يرتضيه الشعب في الجنوب ويستجيب لآماله وطموحاته وتطلعاته المشروعة. ومعالجة آثار حرب عام 1994م وتعويض المتضررين مادياً ومعنوياً، وإزالة كل المظالم التي لحقت بالجنوبيين -عسكريين ومدنيين- جرّاء تلك الحرب، وإعادة المفصولين إلى أعمالهم، وعودة القيادات والشخصيات الجنوبية من الخارج قبل 1994 وما بعدها حيث نعتبر أن عودتهم الى الداخل وترتيب أوضاعهم في الداخل والخارج، سوف يساهم في حل القضية الجنوبية العادلة، فالوطن والسلطة يتسعان للجميع لان من شأن ذلك تسهيل مهمة الحوار كما اكدنا ذلك للجنة الحوار برئاسة الدكتور عبد الكريم الارياني وكذلك لوفد سفراء الاتحاد الاوروبي .
- وعلى المستوى العسكري ينبغي تكوين مجموعة ألوية عسكرية جديدة . ويُفضل أن تشكل تلك الألوية من المناطق التي تضررت في حرب عام 1994م، وستكون له نتائج إيجابية سياسية واقتصادية واجتماعية.
-إعادة هيكلة القوات المسلحة والأمن وذلك طبقاً لبنود المبادرة الخليجية وبالاستعانة بالخبراء العسكريين اليمنيين من ذوي الخبرة ، بحيث تتحول هذه القوات للدفاع عن الوطن وأمنه واستقراره وليس أداة للقمع بيد المتنفذين .
- قضية صعدة: من الضروري معالجة آثار الحروب الستة العبثية -النفسية منها والاقتصادية- التي شُنت على محافظة صعدة ومواطنيها وتعويض المتضررين مادياً، وإعادة إعمار ما خلفته تلك الحروب من عواقب وإشراكهم في الحوار.
- قضية القاعدة ومحاربة الإرهاب: اثبتت القيادة قدرتها على محاربة الارهاب ومواجته والنجاح في هذا القرار من خلال فتح الطرق في المحافظات وازالة المظاهر العسكرية وعودة النازحين الى ديارهم، ولدينا معلومات أن بعض المجموعات الارهابية أو ما يسمون بانصار الشريعة اختفوا باسلحتهم، إلا أن الحل ليس أمنياً فقط بل عبر الحوار مع هذه الجماعات بهدف ادماجهم في المجتمع لان الحل الأمني هو حل مؤقت وجزئي وأن الحل الجذري هو حل تنموي يكمن في تجفيف منابع الأرهاب المتمثلة بالفقر والجهل والفساد، وان قضية تعويض المتضررين من الأعمال الإرهابية أمر مهم جداً.
- محاربة الفساد : من أهم الإجراءات التي يجب أن تتخذ هي إعادة الأراضي المملوكة للدولة والأراضي الزراعية ومؤسسات القطاع العام وممتلكاتها المادية والعينية التي جرى خصخصتها (مصمصتها) لصالح كبار المسؤولين والمتنفذين في الدولة، وكذلك قطاعات (بلوكات) النفط التي منحت لبعض الشخصيات بهدف كسب ولائهم سياسيا وعسكريا وعشائريا، ونقترح إلغاء لجنة مكافحة الفساد التي لم تكافح فساداً بقدر ما شكلت عبئاً على الدولة وعوضاً عنها يجري تفعيل المؤسسات الرقابية كالجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة والمحاكم المتخصصة ولجان الرقابة المختلفة وربط هذه الأجهزة الرقابية فعلياً برئاسة الجمهورية أو رئاسة الوزراء ومنحهم حصانة قانونية تحميهم من بطش الفاسدين ليؤدوا دورهم كما ينبغي، كما أن لمنظمات المجتمع المدني والصحافة الحرة دور أساسي في كشف الفساد وتتبع منابعه.
- ويجب بدرجة أساسية تلبية مطالب الشباب فهم جوهر عملية التغيير سواءا في الحراك الجنوبي أو الثورة الشبابية، كما سجلت المرأة علامة فارقة في ساحات التغيير والحرية وعليه فإن الاهتمام بهذه الفئة أمر مهم جداً وعلى الدولة أن تساعدهم على بلورة أفكارهم وتأطير هياكلهم السياسية والاجتماعية والثقافية والفنية والرياضية ليقدموا نماذجهم ويسهموا في كل المجالات بفعالية وأن يتم إشراكهم في الحوار بصورة عادلة وبما يشعرهم بدورهم في التغيير والعملية السياسية وصناعة المستقبل.
- التنمية، نؤكد على وضع استراتيجية تعليمية بعيدة المدى تهدف إلى رفع مستوى الجيل الجديد ليسهم في بناء الحاضر والمستقبل ولن تنهض الدولة إلا عبر التعليم .
وأخيراً أجدد التأكيد على أهمية الاستفادة من كل الطروحات والاجتهادات التي وضعتها الأحزاب والقوى والشخصيات الوطنية لحل مشاكلنا وإنني ادعو كافة القوى السياسية في الجنوب من دعاة الوحدة والفدرالية وفك الارتباط إلى عقد مؤتمر للمصالحة الوطنية تنبثق عنه رؤية ومرجعية ولجنة للحوار مع كافة الاطراف المعنية لقضية الجنوب، وأن يجري الاتفاق على انتخاب قيادة سياسية جديدة من الشباب ويمكن أن يشكل مجلس استشاري يضم القيادات السياسية السابقة والمجربة لتقديم المشورة بما يخدم القضية الجنوبية.
وأتوجه بالشكر لجهود الاشقاء والاصدقاء ومبعوث الامين العام للامم المتحدة للجهود التي تبذل للمساعدة على اخراج البلاد والعباد من دوامة الصراع الخطير الذي ينذر بكارثة لن توفر أحداً .