الامير بندر تحرك مع تركيا وطلب من تركيا مزيدا من الضغط على سوريا والامير بندر يعتقد ان سقوط النظام السوري سيكون من خلال اصطدام الجيش السوري بالجيش التركي ومناوشات على طول الحدود السورية – التركية البالغ طولها 800 كلم حيث يتم استنزاف الجيش السوري في مناوشات مستمرة مع الجيش التركي وبالتالي يرتاح الوضع السوري الداخلي بالنسبة للمتظاهرين والمعارضين الذين يقومون بالتحرك بقوة لاسقاط النظام السوري وفق ما يراه الامير بندر، اضافة الى ان التمويل السعودي وان السلاح الذي يمر عبر تركيا الى سوريا سيزداد مع الوقت، وبالتالي تبقى المعارضة السورية ضد النظام. لكن الأمير بندر ينسى أمراً اساسياً وهو أنه يحارب ايران لكن في الواقع يحارب روسيا، وروسيا لا تريد الامير بندر ان ينجح في السعودية ولا ان ينجح في المخطط العربي، وبالتالي فالمعركة جارية بين السعودية وموسكو، وموسكو ستضع كل ثقلها لمنع اسقاط الرئيس بشار الاسد، فاذا كان الجو السعودي هو ان النظام السوري سيسقط بعد الانتخابات الاميركية فان موسكو تعتبر ان النظام السوري سيكون قوياً في الأشهر القادمة بعدما يدمّر عسكريا القوى المسلحة التي ضده. هذا اضافة الى أن موسكو تدعم بالذخيرة والسلاح سوريا مباشرة كذلك تقوم موسكو بالوقوف سداً منيعاً في وجه السعودية وفي وجه اميركا وحلف الناتو وتمنع أي ادانة في مجلس الامن في سوريا، وتمنع اي قرار في مجلس الامن لاستعمال القوة ضد سوريا، وتقول ان لا حل عسكري في سوريا، بل حل سياسي، وروسيا تدخلت مع تركيا بوجه السعودية، وطلبت من تركيا التخفيف من لهجتها ضد سوريا والاهم طلبت من تركيا عدم تحريك جيشها ضد الجيش السوري، ولولا روسيا لكان الجيش التركي قصف الاراضي السورية وسيطر على منطقة عازلة داخل سوريا، كانت ستكون مركزاً للمعارضة المسلحة السورية.
ماذا يفعل الامير بندر الآن؟ انه يحاول دعم المعارضة السورية كي تستطيع مواجهة بشار واسقاط نظامه بعد 6 اشهر، وفي ذات الوقت يقوم باستجماع القوى العربية لمواجهة ايران، وهو بدأ بتعزيز المجلس الوطني السعودي بالطاقات والامكانيات كي يواجه الخطة الايرانية، انها المعركة الحقيقية الآن بين الخليج العربي وايران تماماً كما حصل بين صدام حسين وايران، ولكن بأسلوب مختلف، انه اسلوب الجبهات المشتعلة في عدة أمكنة وانه اسلوب الصراع الديبلوماسي العنيف، والمواجهة تبدأ بين موسكو وواشنطن لتنتقل الى المواجهة بين ايران والسعودية، والامير بندر يراهن ان نظام الرئيس بشار سيكون ضعيفاً بعد اشهر ويسقط تلقائياً. ويعتبر ان الدعم الروسي يمنع تدخل عسكري خارجي وان الدعم الروسي يعطي قوة للنظام السوري بوجه تركيا، لكن الدعم الروسي لا يستطيع ان يوقف التحرك الشعبي السوري الداخلي.
في المقابل، بشار الاسد امام معركة حاسمة، وهو يستعمل امكانيات جيشه ومخابراته في هذه المعركة، ويرى عدواً قوياً على حدوده هو تركيا مع ان سوريا لم تعد تخالف من تركيا مثل الاول في ظل الدعم الروسي، وهو يرى تسلل من حدود لبنان نحو سوريا قام بقطعه عبر القصف المدفعي السوري على الحدود اللبنانية، وهو يرى تحركاً أردنياً ضده لكن مشاكل الاردن التي بدأت قد تخدم بشار في هذا المجال.
الامير بندر زرع رجاله في كل مكان، وأطلق العنان لجهاز الامن الوطني السعودي كي يتحرك، وسيفعل الامير بندر كل ما باستطاعته لانقاذ الملك عبدالله الثاني ملك الاردن من الورطة، حتى لو دفعت السعودية المال اللازم لدعم الوضع الاقتصادي الاردني، كذلك سيقوم الامير بندر بدعم القوى في لبنان التي تقف بوجه حزب الله، ويساعدها في الانتخابات النيابية القادمة مالياً، وسياسياً كي تربح الانتخابات. ويحاول في العراق اضعاف النفوذ الايراني لكن ايران قوية جداً في العراق طالما ان حكومة نور المالكي تسيطر على الوضع.
بندر عقل غير عادي، وبندر عقل مخطط من الطراز الأول، ويعرف اللعبة الدولية خاصة اللعبة الدولية في واشنطن، ولذلك امام بندر 4 اشهر ليعرف مصير خطته، هل يستطيع أن يكون قوياً ويقف في وجه ايران، أم أن ايران ستخلق مشاكل في البحرين والاردن وحتى داخل السعودية في منطقة القطيف، وتحرك الوضع في لبنان وتزيد من دعمها للنظام السوري ضد المعارضة.
هنالك 4 اشهر امام الامير بندر بن سلطان رئيس المجلس الوطني السعودي، فأما ان يستطيع السعودي الامير بندر بن سلطان تحسين موازين القوى والسيطرة والا فان السعودية ستصل الى مأزق حيث تتوازن القوى بينها وبين ايران ويكون الوضع جامداً وتقع المنطقة الايرانية في الشرق الاوسط في ظل امر لا يتغير. وعندها ستجد السعودية نفسها في حرب استنزاف مع ايران، لكن الامير بندر بن سلطان الذي لم يمضِ على عودته الى السعودية شهراً تقريبا او شهرين قام بتغيير الامور بشكل جذري، وبدأت المواجهة السعودية الايرانية تأخذ شكلا حادا ولكن الجديد هو الساحة الاردنية، فالسعودية لا يمكن ان تقبل بسقوط حليف رئيسي لها هو الاردن، كذلك لن تقبل ان يضعف الملك عبدالله الثاني ملك الاردن امام المعارضة الاسلامية.
بندر شخصية خطيرة، وشخصية قوية، وشخصية مميزة، ولكن المشاكل في وجهه والمخطط في وجهه كبير جداً، والمشكلة الاساسية ان الامير بندر بن سلطان تأخر سنة ونصف كاملة في تسلّم فعلي لرئاسة المجلس الوطني السعودي، وضاع عليه وقت ثمين استفادت منه ايران، لكن الامير بندر يعتبر ان الخرق الحقيقي حصل ضد ايران في سوريا، وان النظام السوري الذي يدعم حزب الله وهو حليف ايران الاساسي وهو في موقع العداء ضد السعودية، اصبح ضعيفاً نتيجة الحرب الدائرة في سوريا.
من يربح؟ مخطط الامير بندر، أم المخطط الايراني؟ واذا كنا نريد بحث الموضوع جدياً نقول ان لا أحد يستطيع ان يحسم الامر وبالنتيجة يبقى الوضع ينتظر الانتخابات الاميركية، وعندما تحصل الانتخابات الاميركية سيقرر الرئيس الاميركي الجديد مع الرئيس الروسي بوتين وضع المنطقة في الشرق الاوسط ونفوذ روسيا ونفوذ اميركا واين هو حدود النفوذ الايراني واين هو حدود النفوذ العربي؟ وحتى ذلك الوقت سيكون على الامير بندر دعم الجبهات العربية الضعيفة كي تصبح أقوى حتى الانتخابات الاميركية وظهور نتائجها.
"الديار" اللبنانية