تواصل العديد من الجامعات والمراكز البحثية حول العالم جهودها للوصول إلى أدلة واضحة حول علاقة نقص فيتامين "د" بالإصابة بفيروس كورونا المستجد، المسبب لمرض "كوفيد - 19"، وإمكانية استخدامه في علاج المصابين.
يأتي ذلك رغم وجود دراسات سابقة تتحدث بشكل عام عن أهمية امتلاك جسم الإنسان للنسبة الكافية من هذا الفيتامين "د" لتقليل فرص الإصابة بفيروس كورونا المستجد، الذي تحول إلى وباء عالمي (جائحة).
ويقول موقع "إنسيدر" الأمريكي إن هناك أدلة جديدة تقول إن فيتامين "د" يمكن أن يساعد في علاج كورونا عن طريق التخفيف من خطورة الإصابة.
ويضيف: "كشفت دراسة صغيرة شلمت 76 شخصا، وتم نشرها الشهر الجاري، أن مرضى كورونا الذين يحصلون على مادة "كالسيفيديول" من مرضى كورونا، يكونون أقل احتياجا لدخول وحدات العناية المركزة وأنه لم يتم تسجيل حالات وفاة بينهم.
ويقول الموقع إن "هذه النتائج تدعم الأدلة السابقة التي تقول إن حصول الجسم على كميات كافية من فيتامين "د" يمكنها أن تمثل حائط صد للوقاية من كورونا".
ويقول موقع "دايركت ساينس" الأمريكي إن مادة الـ "كالسيفيدول" التي يحصل عليها الجسم من فيتامين "دي" تقلل من حدة الإصابة عن طريق دعم الغدد الصماء في مكافحة تأثير الفيروس على الخلايا والأنسجة.
وتابع الموقع: "ينتج عن ذلك تخفيف حدة الالتهاب الرئوي المصاحب للإصابة بفيروس كورونا أو ما يعرف بـ (متلازمة الضائقة التنفسية الحادة) التي تسبب تدهور حالة المصابين بصورة كبيرة".
ويقول الموقع إن الدراسة التي أجراها مجموعة من الباحثين في جامعة قرطبة الإسبانية أظهرت أنه من بين 50 شخصا حصلوا على جرعات مناسبة من مادة "كالسيفيديول" لم يحتاج سوى شخص واحد الذهاب إلى وحدة العناية المركزة.
وفي المقابل فإنه من بين 26 شخص آخرين لم يتناولوا تلك المادة تطلب إدخال 13 منهم إلى العناية المركزة وتوفي منهم اثنان.
ووفقا لهذه النتائج يمكن القول أن نسبة من يحتاجون عناية مركزة ممن يعانون من نقص فيتامين "دي" تمثل 50 في المئة من المصابين مقارنة بـ 2 في المئة بين من يحصلون على هذا الفيتامين.
ولفت الموقع إلى أن هذه الدراسة الصغيرة كشفت نتائج مهمة حول علاقة فيتامين "د" والإصابة بفيروس كورونا، مشيرا إلى إن إجراء نفس الأبحاث على أعداد كبيرة يمكن أن يقود إلى نتائج أكثر دقة.
دراسات أخرى
وتقول صحيفة "الإندبندنت" البريطانية إن الباحثين في كلية "الملكة ماري" التابعة لجامعة لندن، في بريطانيا، أطلقوا دراسة بحثية لكشف دور فيتامين "د" في الوقاية من كورونا، مشيرة إلى أنهم يستهدفون مشاركة 5 آلاف شخص في تلك الدراسة.
وتعتمد تلك الدراسة أيضا على إعطاء المشاركين فيها نسب مثالية من فيتامين "د" ومتابعة حالتهم لاحقا.
ويقول أدريان مارتينيو، كبير الباحثين المشاركين في الدراسة، إن هناك أدلة كبيرة على أن فيتامين "د" يمكن أن يقلل من مخاطر الإصابة بأمراض الجهاز التنفسي، التي تؤثر على نسبة تدفق الأكسجين إلى الدم.
وأضاف: "الأشخاص الذين لديهم نقص هذا الفيتامين خاصة كبار السن سيكونون أكثر عرضة للإصابة بفيروس كورونا"، بينما يقول باحث آخر هو ديفيد جوليفي، إن الدراسة يمكن أن تساهم العالم في فهم أفضل الطرق لمكافحة كورونا.
وأضاف: "إذا ثبتت فاعلية فيتامين "د" في مكافحة كورونا سيكون ذلك جيدا لأن تكلفة الحصول عليه رخيصة وهو متوفر على نطاق واسع".
وتقول الصحيفة: "رغم ذلك فإن المعهد الوطني للصحة وجودة الرعاية، التابع لوزارة الصحة البريطانية يقول أنه لا يوجد أدلة كافية حتى الآن تمكننا من القول بصورة نهائية أن فيتامين "د" يمكن استخدامه في الحماية من كورونا".
كيف يحصل الجسم على فيتامين "د"؟
يطلق عليه "فيتامين الشمس" لأن جسم الإنسان يمكن أن ينتجه بالتعرض لضوء الشمس، وهو مفيد في حماية العظام والأسنان والعضلات وله دور كبير في تنظيم نسب عنصري الكالسيوم والفوسفات في الجسم.
وتقول صحيفة "الإندبندنت" البريطانية إنه يجب على كل شخص أن يحرص على التعرض لأشعة الشمس حتى يحصل على هذا الفيتامين، لكن في بعض الحالات يمكن تناوله إذا لم يكن ذلك متاحا.
ويمكن أن يحصل عليه الإنسان أيضا من بعض الأطعمة مثل اللحوم بشكل عام ولحوم الأسماك بشكل خاص.
واستجابة لأزمة "كورونا"، أوصت الحكومة البريطانية، على سبيل المثال بتناول 10 ميكروغرام من الفيتامين يوميا.
أعراض نقص فيتامين "د"
يؤدي نقص هذا الفيتامين إلى عدة أعراض أبرزها انخفاض المناعة، وآلام العظام والتعب والإرهاق المستمر، إضافة إلى بطء التئام الجروح والشعور العام بالكآبة، بحسب موقع "هيلث لاين".
تجنب الجرعات الزائدة
يمكن أن يؤدي تناول الكثير من فيتامين "د" إلى تراكم سمي للكالسيوم في الدم، مما يسبب التضخم وارتباك القولون ومشاكل في ضربات القلب، بالإضافة إلى آلام العظام وتلف الكلى وحصى الكلى المؤلمة.
ماذا قالت دراسات سابقة
في مايو/ أيار الماضي، كشفت دراسة أمريكية أن المرضى الأمريكيين الذين عانوا من نقص حاد بالفيتامين كانوا أكثر عرضة مرتين لمضاعفات خطيرة تصل إلى حد الوفاة في أغلب الأحيان، بحسب ما ذكرته صحيفة "ديلي ميل".
ولفتت إلى قول باحثين في جامعة "نورث وسترن" إن هذه الأدلة والملاحظات المسجلة لا تزال أولية، ودعوا إلى إجراء المزيد من الأبحاث حول العالم لفهم أسباب هذا الارتباط بين فيتامين "د" ووفيات الفيروس التاجي.
ونوهت الصحيفة إلى دراسة أخرى لباحثين في جامعة أمستردام، أن البلدان ذات مستويات فيتامين "د" المنخفضة بين سكانها سجلت أعلى نسبة وفيات وإصابات بفيروس كورونا.
وتجاوز عدد المصابين بفيروس كورونا المستجد، الذي تحول إلى وباء عالمي (جائحة) 38 مليون مصاب، بينهم أكثر من مليون حالة وفاة، بينما كانت بداية ظهور الفيروس في الصين، في نهاية ديسمبر/ كانون الأول الماضي.