كشفت دراسة جديدة أن الدماغ البشري لديه حدود لمقدار المعلومات التي يمكنه معالجتها في وقت واحد بسبب إمدادات الطاقة المحدودة، بحسب ما نشرته صحيفة "ديلي ميل" Daily Mail البريطانية.
ويقول علماء الأعصاب في جامعة "لندن كوليدج"، إن إمدادات الطاقة إلى الدماغ تبقى ثابتة ولا يمكن أن تتخطى الحد الأقصى، مهما كانت المهام صعبة. ولكن مع استخدام الدماغ لمزيد من الطاقة في القيام بمهمة ما في التو واللحظة، فإنه يتم في المقابل خفض الطاقة المتاحة للقيام بأمور أخرى ومعالجتها خارج نطاق الموضوع محل التركيز المباشر.
ألعاب الفيديو,وينتج عن تلك الحالة، ما يُعرف بـ "العمى غير المقصود"، وهي الحالة التي تحدث عندما لا يتم ملاحظة المنبهات المتاحة على مرأى من المحيطين بالشخص في مكان ما، حتى إذا كانت ذات أهمية وقيمة له.
ويمكن أن يساعد هذا التفسير في توضيح سبب عدم قدرة الشخص في بعض الأحيان على التركيز على ما يقوله أفراد عائلته، على سبيل المثال، أثناء ممارسته ألعاب الفيديو أو مشاهدة التلفزيون.
كما تبرز نتائج هذه الدراسة أيضًا مدى خطورة تحويل انتباهنا بعيدًا عن القيادة للتركيز على عوامل التشتيت، مثل الهواتف الذكية.
واستخدم الباحثون طيف النطاق العريض القريب من الأشعة تحت الحمراء لقياس مستويات التمثيل الغذائي في الدماغ بينما قام المشاركون بمهمة حاسوبية.
ووجد الباحثون أن الدماغ يخصص طاقة أقل للخلايا العصبية، التي تستجيب للمعلومات خارج تركيز انتباه الإنسان كلما ازدادت صعوبة المهمة التي يقوم بتنفيذها.
ويستخدم الدماغ باستمرار حوالي 20% من الطاقة الأيضية، حتى عندما يخلد المخ للراحة أثناء النوم.
ولكن لا يزداد هذا الإمداد الثابت والمحدود للطاقة عندما يكون هناك المزيد من المهام التي يتولى المخ معالجتها.
وقالت بروفيسور نيلي لافي: "يتطلب الأمر الكثير من الطاقة لتشغيل الدماغ البشري. ولأن هناك قيودا صارمة على إمدادات الطاقة للدماغ، فقد رجح [فريق العلماء] أن الدماغ ربما يتعامل مع المهام الصعبة من خلال تحويل الطاقة المخصصة للوظائف الأخرى إلى المهمة ذات الأولوية التي تستحوذ على الانتباه في هذه اللحظة".
وتشير نتائج الدراسة إلى أن الدماغ يخصص بالفعل طاقة أقل للخلايا العصبية، التي تستجيب للمعلومات خارج نطاق تركيز انتباه الشخص عندما يكون بصدد أو أثناء تنفيذ مهمة أكثر صعوبة.
وأضافت الباحثة البروفيسورة لافي قائلة: إن "هذا يفسر لماذا نعاني من العمى والصمم المتعمد حتى بالنسبة للمعلومات المهمة التي نريد حقًا أن نكون على دراية بها".
ويعتقد الباحثون أن تركيز الانتباه على مهمة أو فكرة معينة يمكن أن يغير الطريقة التي يتم بها توزيع الطاقة المحددة والمحدودة على خلايا المخ، ونظرًا لأن المخ يستخدم المزيد من الطاقة في معالجة ما يعتني به صاحبه، فإنه يتم توفير طاقة أقل للمعالجة خارج مجال تركيزه.
وشرحت البروفيسورة لافي قائلة: "إذا حاولنا معالجة الكثير من المعلومات، فربما نشعر بضغط الحمل الزائد بسبب القيود الصارمة على قدرة الدماغ."
وأضافت البروفيسورة لافي أن هذه الظاهرة تلعب حاليًا دورًا في حياتنا اليومية، خاصةً أثناء محاولة التأمين والوقاية من العدوى بفيروس كورونا المُستجد، حيث يحاول الكثيرون التوفيق بين مهام متعددة في وقت واحد.
وقالت: "خلال الأشهر الأخيرة، سمعنا من الكثير من الأشخاص الذين يقولون إنهم يشعرون منهمكين ومنهكين بسبب محاولة مواكبة التحديثات إخبارية المتوالية والتحديات الجديدة التي يجب التغلب عليها.
عندما يتم استهلاك مخ الإنسان لكامل طاقته، فمن المحتمل أن يفشل في معالجة بعض المعلومات، إذ ربما لا يلاحظ حتى تلقي رسالة بريد إلكتروني مهمة لمجرد أن طفله أو أفراد عائلته كان يتحدث إليه، أو ربما ينسى الطعام على الموقد لأنه تلقى مكالمة هاتفية غير متوقعة من العمل".