مفاهيم وأنوار . النقد واعادة البناء
عارف الدوش
الثلاثاء , 07 أغسطس 2012
الساعة 07:40
صباحا
• ولكي يربح أي مجتمع المعركة ويحقق الانتصار تلزمه استراتيجية النقد وإعادة البناء التي تمثل فلسفة الإصلاح والتجديد في مجال النفس والفكر والإنسان أولا وفي مجال الواقع بعد ذلك انطلاقاً من قوله تعالى\" إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِم\" (الرعد : 11) و يقول المفكر الإسلامي المشهور محمد إقبال في كتابة تجديد الفكر الديني \"وفي هذا المنهج من التغيير التقدمي لا يكون الله في عون المرء على شريطة أن يبدأ هو بتغيير ما في نفسه… فإذا لم ينهض الإنسان إلى العمل ولم يبعث ما في أعماق كيانه من غنى وكف عن الشعور بباعث من نفسه إلى حياة أرقى أصبحت روحه جامدة جمود الحجر وهوى إلى حضيض المادة الميتة على أن وجود الإنسان وتقدمه الروحي يتوقفان على إحكام العلاقات بينه وبين الحقيقة التي يواجهها\" ودائما يؤدي غياب الانسجام بين الفكر وطبيعة الحياة المتميزة بالحركة والتغير إلى اختلال الموازين ولا يتحقق مبتغى الرفاهية وتقدم المجتمعات واستقرارها الذي هو جوهر الدين الإسلامي ومقصده النهائي إلا ببلوغ الروحانية والسمو الروحي في الفكر والسلوك والحياة عامة من خلال سيطرة الإنسان على العلاقات بين وحدات الكون وضمان التوازن بينهما وهذا لن يتحقق إلا من خلال استراتيجية النقد والهدم وإعادة البناء التي تحقق التوازن المطلوب وبما أن الإسلام يقوم على مبدأ ختم الرسالة الإلهية وعلى مبدأ الاجتهاد في الأحكام فإن المفكر محمد إقبال \" أنهما مبدآن يجعلان أهل الإسلام أكثر شعوب المعمورة في الديمقراطية الروحانية والحرية بعيدا عن الرق الروحي وما ينتج عنه من رق حيواني اجتماعي وسياسي واقتصادي\"
• ويطلب إقبال في كتابه \" تجديد التفكير الديني في الإسلام \" من المسلم اليوم أن يقدّر موقفه وأن يعيد بناء حياته الاجتماعية والاقتصادية والسياسية وأن يستنبط من أهداف الإسلام التي لم تتكشف بعد إلا تكشفا جزئيا تلك الديمقراطية الروحية التي هي منتهى غاية الإسلام ومقصده \" والتي يرى \" إقبال\" أنها لا تتكشف للإنسان المعاصر إلا إذا أعاد النظر في ذاته وتفكيره ومحيطه والعالم وأعاد بناء تفكيره وحياته الاجتماعية ضمن استراتيجية تقوم في أساسها على الحياة الروحية وترتبط بالقيم الدينية وتستفيد من التراث الفكري الإنساني والإسلامي ومن الفكر الغربي الحديث والحضارة الأوروبية المعاصرة فالتغيير صار ضرورة ملحة في وضعيته وفي حياته الحاضرة من خلال إعادة بناء الذات والفكر لأن الإنسان إذا استهوته القوى التي تحيط به فإنه يقدر على تكييفها وتوجيهها حيث شاء أما إذا غلبته على أمره فإنه قادر على أن ينشئ في أعماق نفسه عالما أكبر يجد فيه منابع من السعادة والإلهام لا حد لهما ولا نهاية ولهذا فإن الإنسان في صميم كيانه كما صوّره القرآن قوة مبدعة وروح متصاعدة تسمو في سيرها قدما من حالة إلى حالة أخرى تنشد التجدد الذي يبدأ في داخل نفس الإنسان في تفكيره ووجدانه ومشاعره ثم يتحول إلى خارج النفس فيكون عبارة عن تسخير في عالم الطبيعة بواسطة العلوم الطبيعية والصناعات ويكون اجتهادا في الواقع الاجتماعي وفي الأحكام هذه الحركة وهذا التجدد في داخل النفس أو في الطبيعة أو في المجتمع هي من أصل واحد تعود إلى الحركة الإلهية وتسعى إلى بلوغ الروحانية الإلهية التي هي مصدرها ومقصدها كما يقول المفكر الإسلامي محمد إقبال.
ـــــــــــــــــــــــ
صحيفة الثورة : الإثنين, 06- أغسطس-2012م – 18 رمضان 1433هـ
اخترنا لكم
آخر تحديث
الأحد,29 ديسمبر 2024
الساعة 11:52
مساء
# | اسم العملة | بيع | شراء |
---|---|---|---|
دولار أمريكي | 2025.00 | 2063.00 | |
ريال سعودي | 538.00 | 539.50 |