بالحوار فقط نبني الدولة المدنية الحديثة
يحي محمد القحطاني
الأحد , 24 يونيو 2012
الساعة 11:40
صباحا
ولا ريب أن مثل هذا الطرح قد أفرز نوعاً من الثنائية المتضادة، من خلال إصرار تلك القوى السياسية على القول بأنها تمارس أنشطتها في نطاق المحددات الديمقراطية، ومن ذلك الالتزام بالحوار كوسيلة مُثلى لحل خلافاتها وتبايناتها مع الآخر،ومن بديهيات الحوار بين أي طرفين أن يتفقا أولا على موضوع الهدف النهائي والعريض للحوار وبالتالي على الغاية الأساسية له ومن ثم تأتي آليات الحوار وأدواته وطرائقه والحلول الممكنة في كل عقدة من عقده,فهل كانت اليمن الآمنة المستقرة والمتحولة ديمقراطيا سلما هي الغاية التي من أجلها تم دعوة جميع القوى السياسية اليمنية في الداخل والخارج وتمت اللقاءات والتحاور معهم بواسطة لجنة ألاتصال وأخر اللقاءات بين الطرفين تمت في قاهرة المعز قبل يومين،والذي على ضوء ذلك سيتم تحديد موعد مؤتمر الحوار الوطني بين أقطاب المعارضة الوطنية بمنتسبيها ومستقليها،وسواء آمن هؤلاء بحقيقة أن الحوار هو منطق أصحاب العقول الناضجة والرؤى الرصينة والفكر الرشيد أولم يؤمنوا فإنه لا مخرج لليمنيين من النفق المظلم الذي هم فيه إلاّ بالحوار الذي يضمن لكل ذي حق حقه،ويضمن لليمن تجاوز أزماته ومصاعبه وتحدياته،والسير بكل ثبات نحو المستقبل المشرق والأرغد،وانطلاقاً من هذه القاعدة فقد أصبح الحوار ملازماً لنهج الديمقراطية،الذي غدا هو الآخر اتجاهاً إنسانيا لتحقيق التطور السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي في المجتمعات الإنسانية، ونعتقد أن كل وطني غيور يدرك اليوم أنه ليس أمام الأحزاب والتنظيمات السياسية على الساحة الوطنية من خيار سوى خيار الحوار والانحياز له، إذا ما أرادت هذه المصفوفة السياسية والحزبية الخروج من عنق الزجاجة وتجاوز عبثية ذلك الاختلاف الذي تحول مِنْ اختلاف مع الآخر إلى خلاف مع الوطن!!.وما نتمناه هو أن يعي الجميع أنه لا مفر من الحوار وأن المسافة الموصلة إليه هي أقصر مما يتصوره البعض في خضم ما يشهده الوطن من أحداث وتطورات،ماسبق وأن أكد عليه العديد من المتابعين السياسيين للشأن اليمني، والذين خلصوا إلى أنه لا سبيل للخروج من المأزق الراهن إلاّ عن طريق الحوار وجلوس كافة الأطراف اليمنية حول طاولة واحدة للبحث في الحلول والمعالجات الكفيلة بتجاوز الأزمة الراهنة والحفاظ على أمن واستقرار اليمن أرضا وإنسانا والحفاظ على وحدته وسلمه الاجتماعي،وأن من يعتقد أن بوسعه جعل اليمن بكل مصادرة الخطر والبعبع الذي يخوف ألأمن الإقليمي والدولي عن طريق قوى الظلام من عناصر القاعدة ومن يسمون أنفسهم أنصار الشريعة والشريعة براء منهم كبراءة الذئب من دم يوسف أبن يعقوب،والبعض يريد جعل اليمن نسخة أخرى من أفغانستان وباكستان أو العراق والصومال ،ظنّاً منهم أن ذلك سيكسبهم شهرة أو نفوذاً أو جاهاً أو مصلحة أو منفعة أو كينونة سياسية لم يتأت لهم بلوغها أو الحصول عليها من الجماهير،وهم لم يستفيدوا من دروس الفترة الماضية ولذلك استمروا يلهثون وراء الأوهام كمن يحرث في البحر متجاهلين أن هناك بوناً شاسعاً بين الوهم والحقيقة وبين الواقع والخيال، وبين الممكن وغير الممكن،ولذلك فإن الإسراع في التجاوب مع دعوة فخامة رئيس الجمهورية إلى الحوار هو عين الصواب، باعتبار أن أي تأخير لن يكون في مصلحة أحد حتى ولو كان هذا التأخير لمجرد كسب بعض الوقت، لأن الوطن لم يعد يحتمل أي توتر أو أية مضاعفات أو مواقف مقامرة أو مغامرة تسعى إلى إطالة أمد الأزمة الراهنة ويقيناً فإن العودة إلى طاولة الحوار تمثل قمة العقل والنضج والموضوعية، باعتبار أن الحوار هو خيار الديمقراطية الأول وبدونه يتراجع منطق الاعتدال والتسامح ومبدأ القبول بالآخر،ويحل بدلاً عنها التعصب والتطرف والغلو والخصام والتوتر والشقاق،وبإمكان كل صوت عاقل أن يسهم بدوره في تبديد السحابة السوداء التي تغطي سماء العلاقات بين أطراف العمل السياسي والحزبي بالحوار وليس بالفوضى من أجل بناء الدولة المدنية الديمقراطية الحديثة ، خاصة وأن المراهنة على المجهول لايمكن أن تكون نتائجها مأمونة لأحد، فمن يزرع الشوك لن يحصد سوى الحنظل المر. والله من وراء القصد والسبيل.
اخترنا لكم
آخر تحديث
الأحد,29 ديسمبر 2024
الساعة 11:52
مساء
# | اسم العملة | بيع | شراء |
---|---|---|---|
دولار أمريكي | 2025.00 | 2063.00 | |
ريال سعودي | 538.00 | 539.50 |