ارحل حميد .. ارحلوا يا مشترك !
حبيب العزي
الأحد , 01 يناير 2023
الساعة 12:00
صباحا
ولأن نظام على صالح في اليمن ليس بدعاً من تلك الأنظمة ، فقد بدأ يفتش - ومن الوهلة الأولى لانطلاق الثورة في ساحات الحرية والتغيير - عن خصومه السياسيين ، الذين يمكن له أن يستخدمهم كـ \"فزاعة\" لإخافة البسطاء من الناس ، الذين ما عادت تنطلي عليهم حيل وأكاذيب صالح ونظامه ، وقد كان الشيخ / حميد الأحمر في صدارة أولئك الخصوم الذين نالهم الحظ الأوفر من إشاعات واتهامات نظام صالح المتهاوي ، الذي بدأ يبث الشائعات التي تحاول إقناع الناس بأن \"حميد الأحمر\" هو البديل عن علي عبد الله صالح في حال رحيله ، وأنه يسعى ومنذ زمن بعيد للاستيلاء على السلطة لإعادة مجد أسرته ، وأنه يطمح للرئاسة في المرحلة المقبلة ، وأنه يفكر بالاعتماد على قبيلته في كل ذلك ، ومن ثم ستعود اليمن – في حال اختطفها حميد الأحمر من وجهة نظر مروجي تلك الشائعات - دولة تحكمها القبيلة ، وهو يستغل وجوده في المعارضة – فقط - لخدمة ذلك الهدف ، و....و .... الخ من تلك الإشاعات التي لا يصدقها حتى مروجيها أنفسهم .
ولم تكن المعارضة اليمنية - ممثلة بتكتل أحزاب اللقاء المشترك - بمنأى عن تلك الاتهامات أيضاً ، فقد حصدت سيلاً من الاتهامات التي أطلقها صالح وزمرته هنا وهناك \" بالجملة أحياناً وبالتجزئة أحايين أخرى \" والتي كان أقلها وصفه لتلك القوى بأنها قوى تخريبية ، ظلامية ، رجعية ، متخلفة ، انفصالية ، حوثية ، امامية ، إرهابية ، تريد الانقلاب على الشرعية الدستورية ، ...... الخ من تلك الأوصاف ، التي لو \" جلسنا نحسبها\" على عدد \"خُطب \" وخطابات على صالح منذ اندلاع الثورة وحتى اليوم ، لضاقت بنا الاحرف عبر هذا المقال ، وسنحتاج إلى عدة مقالات لنعدد \" فقط \" الأوصاف التي وصف بها على صالح خصومه ومعارضيه في تكتل اللقاء المشترك لوحدهم ، ناهيك عن بقية الخصوم ، وفي مقدمتهم شباب الثورة السلمية .
ولأن نظام صالح لا يأبه لشعبه أساساً منذ 33 عاماً ، فقد تجاهل ثورة الشباب ومطالبهم في ميادين التغيير ، واتجه مباشرة لمخاطبة خصومه السياسيين داخل البلد ، في محاولة منه لإيهام نفسه وإيهام العالم من حوله بأن ما يحدث ما هو إلا مجرد صراع بينه وبين خصومه أولئك ، والذين يأتي في مقدمتهم الشيخ / حميد الأحمر\" الخصم اللدود \" لعلي صالح ، كيف لا وهو الذي تعامل معه بندية طوال الفترات الماضية ، ومن ثم اختزل الثورة بكاملها في خصومات شخصية مع معارضيه ، ليأخذه العناد بعد ذلك إلى تجييش أنصاره في حملة مضادة ، وصفت فيما بعد بـ \" الثورة المضادة \" لثورة الشباب السلمية ، والتي رفعت شعار \" ارحل حميد .. ارحلوا يا مشترك \" في مواجهة شعار\" ارحل علي \" مختزلاً بذلك الوطن بتاريخه وجغرافيته ، ومختزلاً ثورة شعب بأكمله في خصام \"صبياني\" بينه وبين الرجل الذي لطالما أقض مضجعه طوال عقود مضت .
لكن المفارقة اليوم - والتي يُفترض بأن صالح ونضامه قد فهمها - وهي أن خصومه السياسيين في اللقاء المشترك ، وفي مقدمتهم \"الشيخ / حميد الأحمر \" باتوا أكثر ذكاءً ووعياً منه هذه المرة ، في الاستفادة من \" الربيع العربي \" الذي اجتاح – ولا يزال – عواصم عربية كثيرة منذ يناير الماضي وحتى اليوم ، وكذلك في اللعب ببعض الأوراق السياسية التي استطاعوا من خلالها تفويت كثير من الفرص على \" علي صالح ونظامه \" ، ويمكنني حصر بعض نقاط ذكائهم تلك في التالي :
أولاً : تأخرهم \"التكتيكي\" في اللحاق بركب الثورة فور انطلاقتها ، واستمرارهم في الحوار مع النظام والتمسك به كمبدأ أساسي لحل أي مشكلات أو خلافات ، بعيداً عن اللجوء للعنف المتبادل ، وذلك - بتقديري - حتى تنجلي الصورة وتتضح لهم أكثر سواء في المشهد الداخلي لليمن ، أوفي المشهد العربي للثورات العربية في مصر وتونس حينها .
ثانياً : اختفاء الشيخ / حميد الأحمر عن المشهد الإعلامي تماماً ، وعدم إدلاءه بأي تصريحات هنا وهناك في وسائل الإعلام المختلفة طوال الفترة الماضية ، ثم عدم مشاركته في الوفد الذي ذهب إلى الرياض مؤخراً ، مع أن كُلنا يعلم ان \"حميد الأحمر\" شريك أساسي في صناعة القرار داخل المعارضة ، كل ذلك سحب البساط من تحت أقدام خصمه علي صالح ونظامه في \" الفزاعة \" التي اصطنعوها لتشويه سمعته امام الشعب .
ثالثاً : قبولهم بالمبادرة الخليجية – على علاتها – وبمبدأ التفاوض مع النظام عموماً ، في الوقت الذي رفضها أنصارهم والمنتمين لأحزابهم داخل الساحات ، أضف إلى عدم قناعتهم بها هم أنفسهم ، ومع ذلك قبلوا التوقيع عليها ، وذلك بتقديري حتى لا يبدون أمام الأشقاء الخليجين وكأنهم الطرف المعرقل لهذا الاتفاق ، ولأنهم يعلمون – وهذا هو الاهم – أن التوقيع عليها سيكون مجرد حبر على ورق ، ولن يزيد في الأمر شيئاً طالما وأن الشعب يرفضها داخل الساحات وخارجها ، وبذلك يكونون قد سحبوا البساط مرة أخرى من علي صالح ونظامه ، وبذات الوقت حققوا إنجازاً سياسياً يحسب لهم أمام الأشقاء في الخليج ، الذين لا شك بأنهم يعولون عليهم كثيراً في مساعدة اليمن في ثورتها الحقيقية بعد رحيل صالح ونظامه ، وهي ثورة البناء والتنمية لليمن الجديد الذي هو محور أهداف هذه الثورة العظيمة .
* كاتب – ومستشار للتحرير بمجلة المرأة والتنمية الصادرة عن الاتحاد النسائي العربي واتحاد نساء اليمن
اخترنا لكم
آخر تحديث
السبت,23 نوفمبر 2024
الساعة 02:36
مساء
# | اسم العملة | بيع | شراء |
---|---|---|---|
دولار أمريكي | 2074.00 | 2061.50 | |
ريال سعودي | 542.00 | 540.00 |