الرئيسية / كتابات وآراء / عبد الرزاق الجمل: كيف تتعلم النفاق في خمسة أيام بدون معلم

عبد الرزاق الجمل: كيف تتعلم النفاق في خمسة أيام بدون معلم

د. أحمد عبيد بن دغر
الأحد , 01 يناير 2023 الساعة 12:00 صباحا
يمن برس - عبد الرزاق الجمل

باتت وسائل التعليم سهلة وفي متناول كل إنسان بعد الثورة الصناعية مؤخرا ولم يعد للتلقي
تلك المصادر التقليدية القديمة إضافة إلى اتساع دائرة العلوم بشكل كبير جدا حتى أن النفاق
بات علما ووظيفة له مردودات مادية كبيرة خصوصا حين يكون الواقع بحاجة إلى منافقين
أكثر من حاجته إلى غيرهم لتبرير أزماته باختلاق أسباب تقنع المتضررين بأن تلك الجهة
بريئة براءة الذئب من دم يوسف من أي أزمة وبما أننا شعب يعج بالكثير من العاطليــن
خصوصا وأن أكثرهم من خريجي الجامعات ومن أصحاب المؤهلات عليهم أن يستغلوا
قدراتهم العلمية في مثل هذه الوظائف وهي وظائف تمارس بشكل سهل ولا ترتبط بدوام
أو غيره لكنها تحتاج إلى متابعة مستمرة لكثير من صحف الحزب الحاكم والصحف
المناهضة لها سواء التابعة للمعارضة أو الصحف الأهلية الأخرى والمستقلة حتى تعرف
كيف تكون منافقا مهما ومن هي الجهة التي لها أولوية الاستهداف وحتى تتعرف أيضا
على القضايا المهمة لتكتمل فيك شروط النفاق وتنتفي الموانع .
أكبر مُعلم للنفاق في الوقت الحالي هو الأستاذ أمين الوائلي الكاتب في أكثر من صحيفة
تابعة للسلطة لذا يجب أن تكون جميع كتاباته اليومية والأسبوعية ضمن مقتنياتك لأنه
خير من يجيد ذلك وبلغة راقية جدا لا تستغني عنها صحف السلطة ,ستتعلم منه كيف يمكنك
تبرير ما لا يبرر من تجاوزات السلطة وكيف تفسر خطابات الرئيس ونحنحاته وعطا سه
أيضا على أنه أمر يصب في الصالح العام وأن لتلك النحنحة التي لم تكن عفوية إطلاقا
انعكاسات بعيدة المدى تبشر بمستقبل أفضل وأن ذلك العطاس بمثابة حجر أساس لمشاريع
عملاقة ستنفذ في القريب العاجل وسيصل خيرها إلى كل بيت .
لن يحرجك الوضع العام من غلاء معيشة وارتفاع أسعار بشكل يومي وجنوني ولن تضطر
للقول بأن التجار وراء ذلك حتى تتنصل الحكومة من المسئولية أمام شعب لا تسعفه ثقافته
لمعرفة أي شيء يدور حوله فعند الوائلي الخبر اليقين حسب ما كتبه مؤخرا في صحيفة
الميثاق التابعة للمؤتمر الشعبي العام حينما قال إن ذلك ناتج لارتفاع الأسعار في السوق
العالمي بشكل عام مع أن سعر الدقيق في اليمن قد تجاوز ضعف السعر العالمي .
في الجانب الآخر ستتعلم منه أيضا كيف تتعامل مع الجهات التي تزعج السلطة سواء كان
هدف هذه الجهات عاما أم خاصا كما هو حاصل المهم أن يوجد ما يناهض هذا الإزعاج
وهنا سيعلمك طريقة عرض دور المعارضة كيف أنها انتهازية وتستغل كل شيء لتشويه
الوضع في اليمن وإقلاق السكون العام وأنها المتسبب الأول في الأزمة لأن مناقشتها بشكل
علني لمثل هذه القضايا خلق هلعا في قلوب التجار فتجاوزنا بقليل السعر العالمي.

باختصار لا توجد أزمة وراءها الحكومة فكل الأزمات أما أن تدخل ضمن أزمات عامة
خارج إرادة الحكومة ومقدرتها وإما أن يكون للمعارضة دور فيها ,لا تنس أيضا أن تحشر
الوحدة والثورة وغيرها من الثوابت الوطنية في حديثك عن المعارضة ولا تنس أيضا
أن تتطرق لقضية الحوثي والشحتور فلا يقوم النفاق إلا بهما.
رغم أنني ضد مفهوم المعارضة بهذا الشكل كليا إلا أنني ضد تناول الأستاذ الوائلي لها
وتحميلها كل شيء من الأزمات التي يمر بها المواطن إلى انتشار الجراد في المحاصيل
الزراعية ومع ذلك فنحن في صدد تعليم النفاق المثمر كيف يـُمارس ومتى وأين إذ ليس
كل نفاق مقبولا فهناك الكثير والكثير ممن فشلوا في خلق أهمية لنفاقهم إلى درجة أنهم ارتدوا
واقتنعوا بمبدأ الضمير واتجهوا بشكل إجباري إلى المعارضة ليجدوا لضمائرهم مأوى لكنهم
وجدوها في العراء بدون ضمير ومع ذلك فهي تعرف طرقا أخرى لنيل المكاسب بصورة
مناقضة تماما لصورة النفاق
طبعا هناك نفاق أكبر ونفاق أصغر وما تطرقنا إليه يعد من النفاق الأكبر ويعتبر آية الله العظمى
أمين الوائلي من كبار المرجعيات فيه إلى جانب فيصل مكرم وغيره وأذكر أن أحدهم قبل
سنة تقريبا علق على زيارة الرئيس إلى كل من الولايات المتحدة وألمانيا واليابان بقوله
(إن الناظر في زيارة الأخ الرئيس لهذه البلدان وأهدافها لن يجد لها سوى عنوان واحد "وقل
اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله المؤمنون")
في النهاية يجب أن تركز كليا- حتى تكون منافقا لا غبار على نفاقك -على تبديل الأدوار
وإن لم يكن لهذا التبديل أي مسوغ منطقي فهناك عقلية شعبية من مخرجات النظام لديها
استعداد تام لتقبل كل شيء لذا لا مانع من سلطنة المعارضة ومعرضة السلطة عند تناول
الأزمات والمنافق القوي خير وأحب إلى السلطة من المنافق الضعيف وفي كل خير .