ثورة المؤسسات .. من وراءها؟
احمد محمد نعمان
الأربعاء , 11 يناير 2012
الساعة 05:40
مساء
فالجزاء من جنس العمل فقد انتفض الصامتون من الإداريين والموظفين المهمشين والمهضومين والمظلومين ضد مسئوليهم رموز الفساد وناهبي البلاد والعباد فهذا يُسحب من علي الكرسي وأخر من على السلم وذاك من الحوش أو من السيارة وكل هذا يحدث والقنوات الفضائية تصور والموظفون والعساكر والضباط يرددون شعارات منها (لا لن نرضى بفاسد مكابر ومعاند) ولم يقف الأمر عند ذلك وحسب فكل فاسد سقط تَجِدْه بين أمرين (الأول) الاختفاء عن أعين الناس في بدروم بناه من المال العام أو من المال الذي اختلسه وجمعه من عرق الضعفاء أما (الثاني) فيظهر بين الناس وتجد الإشارات إليه بالأيدي من كل كائن حي من البشر وعلى بعد وذلك بالهمس أي الصوت المنخفض هذا هو المخلوع هذا هو المسحوب أو اللص أو الفاسد أو أو ... الخ وهلم جر من هذه الألفاظ الملازمة لهم فانك عندما تشاهد الفاسدين وهم يتعرضون لهذه النعوت والأوصاف لا تملك إلا أن تردد حديث الرسول صلى الله وعليه وسلم )الحمدلله الذي عافانا مما ابتلى به كثيراً من الناس وفضلنا على كثير ممن خلقنا تفضيلا) اللهم لا شماته فلقد ظل الفاسدون طيلة الفترة السابقة يحتمون برأس النظام وأركانه حتى بلغ السيل الزبى وبلغت القلوب الحناجر واقترب الناس من اليأس والقنوط وذلك لطول مدة اغتصاب الحكم فقد يئس الكثيرون من الخلاص من هذا النظام الخبيث ولكن سرعان ما رحم الله العباد وهداهم سبل الرشاد فألهمهم سلوك طريق الثورة فهي المخرج لهم من حكم الأوغاد وجاء الطوفان فهد عروشهم وأصبح الفاسد الصغير يتشبث بالفاسد الكبير أو بالطاغية الأكبر ويدور بينهم (حوار) يشبه الحوار الذي ذكره القران الكريم في سورة إبراهيم بين المستكبرين وبين الضعفاء أو بين الشياطين وبين أتباعهم قال تعالى : ( وَبَرَزُواْ لِلّهِ جَمِيعاً فَقَالَ الضُّعَفَاء لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُواْ إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعاً فَهَلْ أَنتُم مُّغْنُونَ عَنَّا مِنْ عَذَابِ اللّهِ مِن شَيْءٍ قَالُواْ لَوْ هَدَانَا اللّهُ لَهَدَيْنَاكُمْ سَوَاء عَلَيْنَا أَجَزِعْنَا أَمْ صَبَرْنَا مَا لَنَا مِن مَّحِيصٍ (21) وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الأَمْرُ إِنَّ اللّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدتُّكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُم مِّن سُلْطَانٍ إِلاَّ أَن دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلاَ تَلُومُونِي وَلُومُواْ أَنفُسَكُم مَّا أَنَاْ بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِن قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ).
والشيء الغريب والملفت للنظر ما نسمعه ولم نكن نتوقعه حيث يتساءل البعض عن سبب ثورة المؤسسات ضد الفاسدين وتنحيتهم والأصح أن نسميها بإسم أخر هو (الصحوة الاجتماعية الرافضة للفساد ) فتجد بعضهم ينسب ذلك إلى اللقاء المشترك وآخرون إلى حكومة الوفاق وهناك من يقول استَعْجَلوا بتصفية الفاسدين من المؤتمر وهذا يؤثر على تنفيذ المبادرة الخليجية .
والمتتبع لمعطيات الواقع وللوضع الراهن سيجد أن هذه الظاهرة الصحية التي حلت ضيفاً جديدا كريما على المؤسسات الرسمية لِترُد لها اعتبارها وحياتها الكريمة فلم يكن ورائها زيد أو عمرو ولم يكن ورائها اللقاء المشترك أو شركاؤه ولا حكومة الوفاق لان الفاسد الذي يسقط لا يَحِل بديلاً عنه احد من اللقاء المشترك وإنما نائبه من نفس المؤسسة أو احد موظفيها الشرفاء ناهيك أن من يقوم بهذه ألانتفاضة هم المضطهدون من الموظفين وأكثرهم من المؤتمر الشعبي العام لان الكل يعلم أن الحزب المذكور احتكر السلطة بيد الفاسدين من أعضائه وأقصى المعارضين منها واستبعدهم من المناصب الحكومية والمنتفضون اليوم هم مظلومون ومضطهدون ومعظمهم من المؤتمر الذين سُلِبت إرادتهم ونُهِبَت حقوقهم ومركزهم ليس سوى (مأمورين) لا آمرين ولم يقتصر ظلم الحزب الحاكم عل معارضيه فحسب فقد تَعدّاهم إلى ظلم بعضهم البعض فالكبير منهم يظلم الصغير فهم أشبه بسمك البحر (الكبيرة) منها تبلع (الصغيرة) وما أن ثار الشعب على (صالح ونظامه ) حتى ثار المضطهدون من حزبه على رموز الفساد ذلك أن نظام (صالح) قد خَلّف ورائه مرضاً مفسدا وداء مفتكا وفقرا منسيا وتاريخ اسودا هذه التركة التي خلقها نظامه هي التي دفعت بالمظلومين لتطهير المؤسسات من رموز الفساد والسعيد منهم هو الذي يخلع نفسه قبل أن يخلعه الآخرون لان السعيد من اتعض بغيره والشارع هو الحكم والحل بالمعتصم والذكي هو من يبادر إلى ترك الكرسي واللئيم هو من يحاول التشبث به فيندم إذن فالظلم والجوع والقهر والاستبداد والكبر والتسلط والتوريث والطغيان والتهميش كل هذه المساوئ وغيرها هي السبب في اشتعال ثورة المؤسسات ولماذا نستغرب من هذه الصحوة أو الثورة ضد هذه المؤسسة أو تلك أو ضد هذا الفاسد أو ذاك ؟ الم تثور الشعوب العربية ضد رموز الفساد من خربوا البلاد وظلموا العباد وورثوا الحكم لأقاربهم والأولاد ؟ كابن علي ومبارك والقذافي وصالح الأسد فكانت نهايتهم أسوأ نهاية عرفها التاريخ وفيهم وفي أمثالهم قال الشاعر قاسم الشهلي:
مَنْ أهملَ القِمَمَ الشماءَ في وطَنٍ
جَاءتْ نِهَايتُهُ في رَكض برغوثي
اخترنا لكم
آخر تحديث
الأحد,29 ديسمبر 2024
الساعة 11:52
مساء
# | اسم العملة | بيع | شراء |
---|---|---|---|
دولار أمريكي | 2025.00 | 2063.00 | |
ريال سعودي | 538.00 | 539.50 |