الرئيسية / كتابات وآراء / المبعوث الأممي وفرص السلام في اليمن

المبعوث الأممي وفرص السلام في اليمن

عادل الشجاع
الاثنين , 08 يونيو 2020 الساعة 03:34 مساء

تنطلق اليوم وغدا جلسات النقاش بين اليمنيين عبر الفضاء الافتراضي بإشراف مكتب المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن جريفث، سيتركز النقاش حول العملية السياسية التي تقودها الأمم المتحدة في اليمن وسبل تحقيق السلام ومحاولة تشكيل إستراتيجيات مستقبلية لبناء الحل الشامل . لقد أخفق جريفث حتى الآن في تقديم رؤية سياسية شاملة لحل الأزمة اليمنية ، وبالمقابل نجح العنف المسلح في تحويل اليمن إلى ساحة صراعات ، وأصبح التغيير عملية مركبة ومعقدة .

ولكي نستطيع الاقتراب من الحل علينا أن نضع على أنفسنا كيمنيين السؤال التالي : من سيبني اليمن من جديد ؟ ومن سيتحمل فاتورة كل الدمار والتخريب الذي جرى ؟ في محاولة الإجابة لا يبدو الانتقالي ومن ورائه الإمارات قادرة على ذلك ، ولا الحوثي ومن ورائه إيران قادرة على ذلك ، بخبرة إيران كلها في التخريب والتدمير وهي لا تحسن البناء والتنمية ، لا في إيران نفسها ولا في الدول التي تسعى إلى التواجد فيها .

نقول بوضوح ، الدولة القادرة على المساهمة الفاعلة في إعادة بناء اليمن فيما لو أعادت تركيزها في تشخيص الأزمة وتحديد مكامن الأخطاء هي المملكة العربية السعودية . وتبقى أسئلة محيرة ومن أهمها هل المملكة قادرة على دمج المليشيات التي صنعتها الإمارات في إطار منظومة الشرعية ؟ وإلى أي مدى ستتجاوب الإمارات مع المملكة في ذلك ؟

من هذا المنطلق نستطيع القول إنه لا توجد حلول جاهزة أمام المبعوث الأممي للأزمة اليمنية المعقدة ، لكن يجب الاستمرار بالتفكير والبحث الدائم عن أفضل الحلول حتى لو خير المفاضلة بين السيء والأسوأ ، بالتأكيد أسوأ تلك الحلول هو ترك اليمن نهبا للمليشيات والقرار الخارجي .

ومما لا شك فيه ، في السياسة تنتصر المدرسة الواقعية على المدرسة المثالية ، هناك من يفكر في المصالح والحلول وهناك من يفكر في المثاليات والمبادئ العامة . تتضرر السياسة حينما تتحول من فن الممكن إلى فن المستحيل . وبما أن اللاعبين الرئيسيين في اليمن ، المملكة العربية السعودية والإمارات ، ثم إيران ومليشياتها ، ثم الشرعية ، فلابد للمبعوث الأممي أن يصيغ مبادرة سلام مع هذه الأطراف ، بشرط أن يطرح عليهم إعادة بناء اليمن وإعمارها .

ولست بحاجة للقول إن الأطراف الداخلية غير قادرة على اجتراح الحلول ، لأنها أصبحت ترتكز على عصبيات طائفية أو مناطقية تلعب دورا خطيرا في تعقيد عملية التغيير وتجعل منها مسارا لتفكيك الدولة وليس الشرعية فقط .الانتقالي بدلا من التغيير السياسي يسعى إلى إعادة النظر بالجغرافيا . والحوثي يسعى إلى إعادة النظر في التركيبة الاجتماعية . هذه الممارسات أعاقت الشرعية في تصحيح مسارها .

الوضع في اليمن سيء جدا ، هناك ما يقرب من ١٢ مليون يمني هائمون ما بين نازح داخل اليمن أو غير نازح في قراهم ، لكنهم في أمس الحاجة إلى كل شيء وعلى رأسه الطعام والمياه النقية والصحة ، وهؤلاء ليسوا أرقاما ولكنهم بشر ، نساء وأطفال وشيوخ .

على المبعوث الأممي أن يقول بصوت مرتفع إن الأزمة اليمنية مسؤلية المنطقة ليس من منطلق أخوي بل من منطلق مسؤلية الحفاظ على أمن اليمن ، ومسؤلية مجلس الأمن بوصفه مسؤلا عن السلم والأمن في العالم . عندما نتحدث عن ٣٠ مليون من الناس يجب ألا نتحدث بما نتمناه أو نتخيله ولكن من منطلق مما سنصل إليه .