زيارة بن عمر "الكاذبة" إلى تعز!
حبيب العزي
الاثنين , 12 ديسمبر 2011
الساعة 07:40
مساء
كما يبدوا أيضاً أن تلك المناظر المأساوية لأولئك الأطفال \"أبناء الشهداء\" الذين قَدِموا سيراً على الأقدام من منازلهم البعيدة وسط المدينة حتى وصلوا إلى حضرة المندوب داخل الفندق ، وهم يحملون صور آبائهم الشهداء ، ثم منظر تلك النسوة اللواتي فقدن أزواجهن ، الذين قضوا جراء القنص المتعمَّد وجراء القذائف التي تطلقها عصابة القتل \"الممنهج\" في المدينة كل يوم ، لقد جاءت كل تلك المناظر \"المزعجة\" لتعكر على الضيف وعلى مُضيفه تلك الجلسة الفارهة ، فعكرت مزاج الضيف والمضيف معاً ، لدرجة أنه لم يتحمل البقاء في هذه المدينة سوى سويعات قلائل ، وأنا بصراحة أعتب على رجال الأمن كثيراً ، كيف سمحوا لأولئك \"الغوغاء\" بالدخول إلى باحة الفندق الراقي ، الذي لا يدخله إلاّ الناس \"البهوات\" أمثال الصوفي وضيفه ، ولكن كما يبدوا أن الجماعة \"اتزنقوا\" لما وصلت إليهم أسر الشهداء فجأة ، وخافوا من قيام ثورة أخرى داخل الفندق في حال رفضوا الاستماع إلى شكاويهم .
لقد احترقت – وبكل أسف – \"الدبلوماسية\" الأممية لجمال بن عمر داخل مدينة تعز ، التي لم يدخلها بالأصل ، وبات واضحاً للعيان ، ومعلوماً للقاصي وللداني أن تعز بشموخها قد أصبحت \"محرقة\" لكل زيف ، و\"فاضحة\" لكل خداع ، لقد احترقت تلك الدبلوماسية في اللحظة التي كانت \"إسراء\" إبنة الشهيدة تفاحة ، و\"أفنان\" إبنة الشهيد قائد اليوسفي تخاطبانه - وسط تلك المأدبة – بذاك الألم وبتلك الحرقة التي تعتصر قلبيهما على مصابهما ، كما تعتصر قلوب كل أمهات وأبناء الشهداء ، كانا يخاطبانه \"باعتباره مندوباً وممثلاً للعدالة الدولية \"الزائفة\" ، علّه يفهم بعض معاناتهما ولو من الجانب الإنساني ، لكن الرجل كان يحتسي كأس شراب أحسبه - والله حسيبه – \"عصير ليمون طازج\" ، فقد بدا مستمتعاً وكأنه يشاهد فلماً هندياً لا علاقة له حتى بالتراجيديا ، فيما بدا الصوفي مطأطأّ الرأس ليس تواضعاً ولا خجلاً وإنما \"مدعمماً\" كثعلب ماكر .
شخصياً .. لو سألني الآن شخص ما : هل صحيح أن جمال بن عمر زار تعز ؟ صدقوني أنني لن أستطيع الجواب ، ويبدوا أنني سأقف حائراً بين الـ لاء والـ نعم ، وبصراحة أنا حتى الآن لم أفهم \"ولوفي واحد منكم افتهم له حاجة يفهمني\" أنا لم أفهم .. إذا كان الرجل لم يزر الساحة ، ولا الجرحي داخل المستشفى الميداني ، ولا أسر الشهداء ، ولا منازل المواطنين التي تهدمت جراء القصف المتواصل ، ولا دخل المدينة أصلاً ، فأخبروني بربكم .. لماذا جاء بالأساس ؟!
لقد أشفقت على الحرائر من نساء تعز وعلى الشباب الثائر داخل ساحة الحرية ، وهم بعشرات الآلاف ينتظرون الضيف الزائر إلى مدينتهم المنكوبة كي يبلغوه رسالتهم إلى العالم مشافهة ، وكي يسلموه رسالتهم إلى الأمين العام للأمم المتحدة السيد بان كي مون يداً بيد من قلب ساحة الحرية ، فإذا بالضيف يكدر صفاء نفوسهم المفعمة بالأمل ، ويطفئ ضوء تلك الابتسامات التي كانت قد ارتسمت على محياهم ، بهجة بذاك الضيف القادم ، لا لشيء سوى أن قيم وأخلاق الشباب الثائر داخل هذه المحافظة ، والتي تمازجت مع قيم الثورة الشبابية السلمية ، فعلمتهم قيمة الحفاوة والترحيب بالضيف الآتي من البعيد ، فإذا بذاك الضيف يدير ظهره - كما أسلفنا - للضحية ويذهب في ضيافة القاتل والجلاد .
إن أبناء تعز يعلمون جيداً أن زيارة بن عمر أوغير بن عمر لن تقدم شيئاً لمدينتهم الصامدة ولن تؤخر ، وهم يعلمون كذلك جيداً أن أهداف ثورتهم لن تتحقق عبر الأمم المتحدة ولا عبر الجامعة العربية ولا عبر مجلس التعاون الخليجي ولا بالمبادرات ولا بالتسويات السياسية الهشة ، إنهم على وعي ويقين كامل بأن الشيء الوحيد الذي سينتصر لكرامتهم وسيثأر لشهدائهم ، وسيحقق كل أهداف ثورتهم كاملة غير منقوصة ، هو استمرار صمودهم وبقائهم داخل الساحات ، والتمسك بخيار ثورتهم \"السلمي\" ولا شيء غير \"السلمي\" - لأنهم يعون جيداً بأن سر قوتهم هو في سلميتهم - حتى يأذن الله بالنصر .. \"ويسألونك متى هو؟! قل عسى أن يكون قريبا\" .
اخترنا لكم
آخر تحديث
الأحد,29 ديسمبر 2024
الساعة 11:52
مساء
# | اسم العملة | بيع | شراء |
---|---|---|---|
دولار أمريكي | 2025.00 | 2063.00 | |
ريال سعودي | 538.00 | 539.50 |