المعنى السامي.. للمشاركة في الرأي..
محمد حمود الفقيه
الأحد , 04 ديسمبر 2011
الساعة 05:40
صباحا
مثل هؤلاء الناس لا بد لهم من ان يراجعوا أنفسهم قليلا ويعلموا انه لا يمكن لأحدٍ ان يعيش بمفرده محاصر بين أفكاره وآرائه ، مقيداً في التدبير المفرد والتفكير المعزول عن منهم محيطون به من التاس .
ان مثل هؤلاء قد انتهت حياتهم بالفشل ولربما بالهلاك ، وقد أخبرنا القرآن الكريم في قصص الذين كانوا قبلنا على مر التاريخ ، مثل فرعون وقارون والذي حاج إبراهيم في ربه _ كل هؤلاء كانو منفردين بإرائهم مغمورون في كبريائهم أمام الآخرين ، ومنهم فرعون الذي نهايته كانت الغرق ،و قارون الذي خسف الله به وداره الأرض ، وكثير من الذين شرح لنا التاريخ عن حياتهم وأنانيتهم ، ولكننا لن نغفل عن عكس هؤلاء الناس الذين لا يمكنهم ان يقرروا لأنفسهم دون الرجوع الى من حولهم من أصحاب الخبرة والحكمة والعلم ، فلو تأملنا قليلاً في قصة ملكة اليمن في مأرب _بلقيس _ التي ما ان جاء خطاب سليمان عليه السلام ، فعندما خلصت من قراءته ، عرضته على أصحاب المشورة الذين من حولها وقالت: (( يا أيها الملاء افتوني في أمري ما كنت قاطعةً أمراً حتى تشهدون )) ، لقد ضربت لنا هذه الملكة أروع الأمثلة التي من خلالها يمكن ان يطبق في حياتنا جميعاً ، فالرئيس بحاجة الى ان يكون كذلك ، والمدير بحاجة الى ان يكون أسوة بهذه الملكة العظيمة ، ضربت لنا مثلاً في عدم اتخاذ القرار المفرد ، ومثلاً في التواضع لعرض أكبر القضايا المصيرية على من يكون أهلاً في الرؤية والمشورة ، وكانت بلقيس باستطاعتها ان تقرر الرد على سليمان عليه السلام بمفردها دون الرجوع الى من هو أقل منها حكماً وشأناً ، ولكنها أبت ان تكون دكتاتوراً في زمانها ، وتعلمت من الحياة ان الانسان مهما عظم فهو ضعيف ، ومهما امتلك من قوة ومنعة ومال وجاه وسلطان فهو ناقص لا محالة ، فلا يمكن للمال أو القوة أو السلطان ان تعطي الانسان الكمال ، لأن الكمال من صفات الذي خلق الانسان وأوجده في هذه الدنيا ، وعلى هذا حين عرضت على القوم الأمر المصيري والقضية المشتركة التي تهم الجميع ، حصلت على تفويض كامل من قومها بما تقرره ان يكون وبما تتخذه من فعل ورد على رجل ليس بالرجل البسيط العادي ، إنما هو نبي ارسله الله تعالى و آتاه ملكاً لا يمكن ان يؤتى لأحد من بعده ، وبالتالي اتفق الجميع الملك والمملوك على قرار واحد وهذا سر صوابه .
إذاً فالمشاركة السليمه البناءة هي التي ستقود الانسان الى الطريق الصحيح ، وهي كفيلة بأن تحرر الانسان من العبودية والإستبداد ، وهي التي ستضع القوانين والدساتير التي من شأنها إصلاح الحاكم والمحكوم و الرئيس و المرئوس والراعي والرعية .
وهذه الأمثلة تنطبق أيضا على واقعنا السياسي ، خاصة في المجتمعات العربية ، نظراً الى القرارات الفردية و الأنانية المستفحلة في بعض الحكام _ وصلت الشعوب الى مستوي كبير من التخلف والفقر والجهل في عالمنا العربي والإسلامي ، والسبب هو جمود الفكر الفردي الذي لم يتيح للآخرين حق المشاركة في إبداء آرائهم ومقترحاتهم ، والنتيجة طبيعية ضعف القرارات المطلوبة لتسيير حياة الناس ، وذلك لأنها تحمل فكرة محدودة ورؤية غير واسعة النطاق عما يحدث في المحيط والبيئة الحياتيتين ، ونظراً لعدم شمولها على رؤية الغير والأفكار المتداخلة ببعضها البعض كي تفرز نتائج سليمة .
ومثال على ذلك _ الأب في بيته إذا لم يشارك أبنائه العملية الحياتية ، والأخذ منهم والقبول بمقترحاتهم و آرائهم حتى وان كانت ناقصة ، فإنه سيواجه تمرداً منهم وكراهية ستزرع في قلوبهم على مدى الأيام ، وستتعالى أصواتهم في البيت لأن يركن أبيهم جانباً من حياتهم ، ويدعهم يتدبروا أمرهم لأنفسهم ، ونفس الشي في المدرس مع تلاميذه وكذلك الرئيس مع شعبه ، والربيع العربي كان أكبر دليلا في مواجهة القرارات الفردية والأنانية الخبيثة التي جعلت من حكامنا تلبسهم الدكتاتورية وتغمرهم الكبرياء في شعوبهم ، حتى ان أفاقت هذه الشعوب المغلوبة سعت للتخلص منهم واحدا تلو الآخر .
ان المشاركة المثالية في الرأي تنطبق على الصديقين ، والأخوة والمجموعات كذلك الشعوب ، فما أجمل ان آخذ برأي أخي في الانسانية والدين والجنسية ، وما أخف ان أسمع كلام الآخر المنطقي ، لماذا لا نتغلب على الأنانية القاتلة ، والفردية والعنصرية البغيضة ، ألم يقول الله تبارك وتعالى معلماً نبيه رسولنا صلى الله عليه وسلم : ((وأخفض جناحك للمؤمنين )) ان هذا مثالاً للتربية ومثالاً للسلطة ومثالاً للحكم يمكن الأخذ به كي لا ينحرف المسار ...
اخترنا لكم
آخر تحديث
الأحد,29 ديسمبر 2024
الساعة 11:52
مساء
# | اسم العملة | بيع | شراء |
---|---|---|---|
دولار أمريكي | 2025.00 | 2063.00 | |
ريال سعودي | 538.00 | 539.50 |