أوروبا والكنيسة مجدداً
أيمن الحماد
الثلاثاء , 29 مارس 2016
الساعة 11:07
صباحا
هذا اللقاء يحمل دلالات سياسية واضحة، ولعل الإعلان المشترك يفصح عن تلكم الدلالة دون الحاجة إلى أي رمزية يستوجب اصطناعها أو إظهارها.
في هذه اللحظة يشعر الأوروبيون بأنهم مستهدفون من قبل المتطرفين الإرهابيين الذين يهاجمونهم بشعارات إسلامية دون أن يفهموا أن هذه الشعارات تستهدف المسلمين والعرب أيضاً، ويرون أن تلك الشعارات نابعة من أيديولوجية تحث على قتلهم والتخلص منهم لتحقيق سيادة من نوع خاص، يحدث ذلك في ظل حالة من التداعي والرغبة بالتفكك يشهدها الاتحاد الأوروبي.
فالاتحاد الذي نشأ على أنقاض أحلام موغلة في القدم بدءاً من الإمبراطورية الرومانية إلى أحلام هتلر، هذا الاتحاد اليوم يعيش حالة قلق خوفاً من الانهيار بسبب قيامه على أسس اقتصادية بحتة تتعرض اليوم إلى موجة اقتصادية وخيمة تهدد انفراط عقده، ليس ذلك فحسب بل إن أبرز وأهم دوله وأكثرها تأثيراً وهي بريطانيا تهدد بالانسحاب من هذا الاتحاد، وهو أمرٌ يَقض معشر السياسيين الأوروبيين لاسيما "العقائديين" منهم، وإن تظاهروا بأن الخاسر من تلك الخطوة هي بريطانيا لا الاتحاد الأوروبي، تزامنت حالة التضعضع تلك مع اضطرابات سياسية تضرب مناطق تحاذي القارة الأوروبية ولا تلاصقها، لكن وبفعل الانفتاح وصعود الدولة المدنية في أوروبا جعل ذلك من القارة العجوز قارة يسود فيها رأس المال وعوامل جذبه وجلبه، لذا حدثت الهجرة واللاجئون الذين باتوا قضية محل نزاع بين متخوف من أن يطغوا على ديموغرافية أوروبا الهرمة التواقة لشباب اللاجئين أو أن يَستغل الإرهابيون حالة الانفتاح الحدودية فيجدوا ثغرة يلجون منها فتقع عواصم أوروبا تحت أعمالهم الإجرامية ويتزعزع أمن أوروبا ويختل نظامها، لا ننسى أن انهيار الإمبراطورية الرومانية شاخص على الدوام في ذهن النخب الأوروبية وهو انهيار جاء على يد البرابرة، وهي نظرة تُسقط اليوم على اللاجئين، ألم يشبّه النائب النمساوي روبرت لوجار اللاجئين ب"الإنسان البدائي" غير المتعلم والمتعصب؟
إن مثل ذلك الطرح يبدد استفهامنا من صعود اليمين في عموم أوروبا، وتلك علامة لا يمكن التغافل عنها فهي إشارة واضحة عن حجم القلق الذي يخالج النفس الأوروبية من تأثير قد يطرأ على وجه أوروبا ويغيره للأبد إما نظير الهجرات أو التفكك نتيجة خلافات سياسية بين الأوروبيين، من هذا المنطلق نرى أن أوروبا وتحت هذا الضغط قد تعكس اتجاهها من التداعي إلى الترابط والتوحد على أساس الحفاظ والدفاع عن القيم التي أشار إليها الإعلان الكنسي المشترك صراحة، وبالتالي قد يجعلنا ذلك أمام حالة تأتي على سيادة العلمانية والعولمة بشكل أساسي وهو أمر له تكاليفه الباهظة، إذ سيقوض ذلك من الحضارة الغربية ويجعلها مغلقة على نفسها أكثر أو كما وصف بيندكتوس السادس عشر بابا الفاتيكان السابق الاتحاد الأوروبي بأنه "نادٍ مسيحي" عندما طلب رأيه بانضمام تركيا إلى الاتحاد.
"الرياض السعودية"
اخترنا لكم
آخر تحديث
الأحد,29 ديسمبر 2024
الساعة 11:52
مساء
# | اسم العملة | بيع | شراء |
---|---|---|---|
دولار أمريكي | 2025.00 | 2063.00 | |
ريال سعودي | 538.00 | 539.50 |