اليمن... مخاضات ما قبل الرحيل!
نصر طه مصطفى
السبت , 19 نوفمبر 2011
الساعة 04:40
مساء
وحتى كتابة هذا صباح الخميس كان الرئيس علي عبدالله صالح يختلق شروطا تلو أخرى لتوقيع المبادرة الخليجية التي دللته وضمنت له خروجا مشرفا من الحكم لأن المحيط الإقليمي والمجتمع الدولي مثلما الشعب اليمني أدركوا جميعا أن الرجل قد أعطى كل ما عنده على مدى ثلث قرن وأن التغيير أصبح ضرورة وطنية وإقليمية ودولية لأن بقاءه أكثر من ذلك على رأس الحكم – بعد الانتكاسات المستمرة على كل الأصعدة في السنوات السبع الأخيرة تحديدا – سيؤدي إلى مزيد من الدمار لهذا البلد الذي لم تعد ظروفه الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والأمنية تحتمل المزيد من المصاعب بعد أن دخل فعليا في دائرة الفشل ولم ينجح في تلبية متطلبات صندوق الألفية ولا متطلبات الدعم من الصندوق والبنك الدوليين ولا متطلبات الوفاء بما أقره مؤتمر المانحين بلندن عام 2006م ولا متطلبات الانضمام للمزيد من مؤسسات مجلس التعاون الخليجي تمهيدا لعضويته الكاملة فيه كما لم ينجح في تلبية متطلبات مؤتمر أصدقاء اليمن تمهيدا لإنشاء الصندوق الخاص بالتنمية... ولم ينجح في إنجاز اتفاق سلام مع الحوثيين في صعده تماما كما ظل يرفض كل المعالجات المقترحة بشأن الاضطرابات القائمة في المحافظات الجنوبية... ناهيك عن روائح الفساد التي أزكمت الأنوف والفوضى ضاربة الأطناب في معظم جوانب الحياة العامة والعجز السياسي الذي تبدى في رضوخه لتأجيل الانتخابات النيابية عام 2009م بسبب رفضه تعديل قواعد العملية الانتخابية لتكون أكثر عدلا رغم كل الضغوط الدولية حينها... كل هذا الفشل الذي وقع فيه نظام الرئيس صالح في السنوات الأخيرة وعجز كل الحكماء أو من تبقى منهم حوله في دفعه لتداركه فيما كان يمضي دون مبالاة بأحد في التمديد لنفسه فترات أخرى وإعداد نجله لخلافته لاحقا معتمدا على عدد من الشخصيات غير الناضجة سياسيا والتي تسببت ولازالت تتسبب في إرباكه سياسيا أمام الداخل والخارج، وآخرها ما تبدى من مواقف مترددة ومتناقضة ومرتبكة إزاء التوقيع على المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ما قد يؤدي إلى الدفع بنظامه إلى مواجهة محتمة مع شعبه ومع المحيط الإقليمي والمجتمع الدولي في حال استمرار المماطلة بشأن تنفيذ القرار الدولي رقم 2014 الذي أصدره مجلس الأمن في 21 أكتوبر المنصرم.
سيصعب التنبؤ بأي شيء الآن بالنسبة لموقف مجلس الأمن في حال غادر جمال بن عمر مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة اليمن دون توقيع المبادرة بعد أن ثبت له أن الرئيس صالح وعائلته هم من يحبطون عملية التوقيع وليس أي طرف آخر بابتداع شروط جديدة في كل مرة رغم ما تسرب عن احتمالات التوقيع يوم السبت في الرياض، وفيما المحيط الإقليمي والمجتمع الدولي يتعاملان بالكثير من التدليل لصالح تجنيبا لدخول اليمن في صراع مسلح فإن هذا التدليل يبدو أنه الذي سيقود اليمن إلى الخيار المسلح لحسم الأمور وسيصل اليمنيون إلى لحظة يصبح فيها خيار القوة أفضل لهم من خيار السلمية لإنجاز أهداف ثورتهم خاصة بعد عمليات التمزيق المذهبي والمناطقي والشطري التي يمارسها النظام على قدم وساق بهدوء وذكاء وإن كانت مكشوفة من أقصى صعده وحجه شمالا حتى أبين وعدن جنوبا مرورا بتعز وسط اليمن التي يعاملها بقسوة بالغة باعتبارها منطلق الثورة الشعبية وروح المشروع النهضوي المدني الذي يحلم به اليمنيون منذ ثلاثينيات القرن الماضي... وما لم يكن لدول العالم وتحديدا دول الخليج والمملكة العربية السعودية على وجه الخصوص موقفا حازما من هذه المماطلات فإن عليها أن تتحمل ما يمكن اعتباره مخاضات ما قبل الرحيل والتغيير الذي لن يكون لها أي فضل فيه باعتبار أن الشعب اليمني خرج من أجل التغيير ولن يعود من دونه.
اخترنا لكم
آخر تحديث
السبت,23 نوفمبر 2024
الساعة 02:36
مساء
# | اسم العملة | بيع | شراء |
---|---|---|---|
دولار أمريكي | 2074.00 | 2061.50 | |
ريال سعودي | 542.00 | 540.00 |