في تطور صادم يستدعي ذكريات مؤلمة، تسارعت نبضات قلوب ملايين سكان دبي مع وصول رسائل طوارئ عاجلة على هواتفهم تحذرهم من عاصفة وشيكة قد تعيد كابوس أبريل 2023 - العاصفة الأعنف منذ 75 عاماً! شرطة دبي تصدر تحذيراً قاطعاً: "البقاء في المنازل إلا في حالات الضرورة القصوى"، بينما تتجمع الغيوم المشؤومة فوق المدينة الذهبية مجدداً.
سارة المنصوري، أم لثلاثة أطفال، لا تزال تتذكر بوضوح مؤلم تلك اللحظات المرعبة حين علقت في سيارتها وسط فيضان شارع الشيخ زايد لساعات، تشاهد المياه ترتفع تدريجياً حول سيارتها وهي تحاول طمأنة أطفالها. "الآن أشعر بنفس الخوف يعتصر قلبي مجدداً"، تقول سارة وهي تراقب السماء المظلمة. المركز الوطني للأرصاد يحذر من "أمطار رعدية متفرقة مصحوبة برياح قوية وبرق" - نفس الوصف المرعب الذي سبق الكارثة السابقة التي حصدت 4 أرواح بريئة.
العاصفة التاريخية لأبريل 2023 لم تكن مجرد حدث جوي عابر، بل كانت نقطة تحول مفصلية في تاريخ الإمارات الحديث. د. فاطمة الزعابي، خبيرة التغير المناخي بجامعة الإمارات، التي حذرت منذ سنوات من هذا السيناريو، تؤكد: "ظاهرة الاحتباس الحراري لن تتوقف عند هذا الحد". شوارع دبي التي تحولت آنذاك إلى أنهار جارية كنهر النيل في فيضانه، ومطار دبي الدولي الذي شُل تماماً، كلها مشاهد قد تتكرر بقوة أكبر هذه المرة.
محمد السويدي، سائق التاكسي الذي أنقذ عائلة كاملة من سيارتها الغارقة العام الماضي، يشعر بالقلق وهو يتابع النشرات الجوية: "الناس الآن أكثر وعياً، لكن الطبيعة أيضاً أصبحت أكثر غضباً". المدارس والجامعات تغلق أبوابها احترازياً، والأنشطة التجارية تتوقف، بينما تنتشر رائحة المطر النادرة في الصحراء - إنذار طبيعي بما هو آتٍ. المهندس أحمد الكعبي، خبير الأرصاد الذي عمل 72 ساعة متواصلة خلال العاصفة السابقة، لا يخفي قلقه: "هذه المرة، الظروف قد تكون أسوأ".
دبي، المدينة التي تتحدى المستحيل وتبني ناطحات السحاب والجزر الاصطناعية، تقف الآن وجهاً لوجه أمام تحدٍ من نوع مختلف - غضب الطبيعة الذي لا يمكن ترويضه بالمال أو التكنولوجيا. كمية الأمطار المتوقعة تعادل ما تهطل على دبي عادة في سنة كاملة خلال يوم واحد فقط، والسؤال الذي يؤرق الجميع: هل تعلمت المدينة من دروس الماضي الأليمة، أم أن التاريخ على وشك أن يعيد نفسه بقسوة أكبر؟ الساعات القليلة القادمة ستحمل الإجابة، بينما تحبس المدينة أنفاسها في انتظار ما ستحمله السماء من مفاجآت.