في مشهد مرعب يذكّر بأفلام نهاية العالم، اختفت 6 مدن سعودية كبرى من الخريطة البصرية خلال 12 ساعة فقط، بعد أن أصدر المركز الوطني للأرصاد الإنذار الأحمر الاستثنائي للمرة الأولى منذ 5 سنوات في أهم منطقة نفطية بالعالم. الساعات القادمة حاسمة والمخاطر تتزايد كل دقيقة مع استمرار العاصفة الترابية الكارثية التي حولت النهار إلى ليل دامس.
يعيش أكثر من مليوني نسمة في الدمام والخبر والقطيف والجبيل ورأس تنورة والخفجي كابوساً حقيقياً، حيث انعدمت الرؤية بالكامل لدرجة عدم تمييز السيارة على بُعد متر واحد. "لم نشهد مثل هذه الشدة منذ سنوات، إنها عاصفة استثنائية" يؤكد د. محمد الشهري، خبير الأرصاد. أحمد المطيري، سائق توصيل، لا يزال عالقاً على طريق الدمام-الرياض منذ ساعتين: "أشعر وكأنني أقود في كوكب آخر، لا أرى حتى مقود السيارة بوضوح".
هذا النشاط الاستثنائي للرياح الصحراوية، الذي يحمل ملايين الأطنان من التراب كعملاق هائل يهز كيس دقيق بحجم مدينة كاملة، يذكرنا بعواصف عام 2018 التي شلّت المنطقة لأيام متتالية. تضافرت ظروف جوية نادرة مع الطبيعة الصحراوية المفتوحة لتخلق منطقة متأثرة بحجم دولة لبنان كاملة، في ظاهرة يحذر الخبراء من تكرارها مع التغيرات المناخية العالمية المتسارعة.
ملايين المواطنين محاصرون في منازلهم، بينما مئات السائقين عالقون على الطرقات في مشاهد مرعبة. د. فاطمة الزهراني، طبيبة الطوارئ، تحذر: "المرضى وكبار السن في خطر حقيقي، صعوبة التنفس وحرقة العينين مجرد البداية". سارة الخالدي، أم لطفلين، تصف الرعب: "اختفت الشمس فجأة في وسط النهار، أطفالي يبكون من الخوف". القطاعات الاقتصادية الحيوية تواجه تحدياً حقيقياً، مع احتمال تأثر عمليات النفط والصناعة في قلب الاقتصاد السعودي.
هذه العاصفة الاستثنائية تذكّرنا بقوة الطبيعة الجبارة وضرورة الاستعداد الدائم لمواجهة تحدياتها المتزايدة. مع استمرار التغيرات المناخية وتطور أنماط الطقس الشديد، تبرز الحاجة الملحّة للاستثمار في أنظمة إنذار أكثر تطوراً وخطط طوارئ شاملة. السؤال المحوري الآن: هل ستصبح هذه العواصف المدمرة هي الوضع الطبيعي الجديد، وكيف ستواجه المنطقة الشرقية هذا التحدي المناخي المتصاعد؟