في تطور مذهل يحير العقول، تشهد اليمن اليوم ظاهرة مناخية استثنائية بفارق حراري يصل إلى 22 درجة مئوية بين مناطقها المختلفة، حيث تسجل ذمار انخفاضاً قاسياً يصل لـ 6 درجات مئوية بينما تشهد المخا حرارة خانقة تبلغ 30 درجة في نفس اللحظة. مركز التنبؤات الجوية يطلق تحذيراً عاجلاً: التقلبات الحادة تهدد كبار السن والأطفال، والضباب الكثيف يشل الحركة على الطرق الجبلية.
أحمد السالمي، مزارع من ذمار، يروي بقلق: "درجة الحرارة 6 درجات ليلاً تقتل المحاصيل الصغيرة أمام أعيننا"، بينما يؤكد محمد الجبلي، سائق على طريق صنعاء-تعز: "الضباب الصباحي يجعل القيادة مستحيلة تماماً، كأننا نسير داخل سحابة كثيفة". الإحصائيات تكشف واقعاً صادماً: 15 مدينة يمنية تسجل قراءات متباينة تماماً، كما لو أن البلاد تعيش في 3 مناخات مختلفة خلال 24 ساعة فقط، من الحر الاستوائي على السواحل إلى البرد القارس في الجبال.
السبب وراء هذا التنوع المناخي المتطرف يكمن في الجغرافيا الاستثنائية لليمن، الذي يمتد من سواحل استوائية حارة إلى مرتفعات جبلية تصل لـ3000 متر فوق سطح البحر. د. عبدالله الأرصادي، خبير الطقس، يوضح: "موقع اليمن بين بحرين والمرتفعات الشاهقة يخلق ظاهرة فريدة، كالانتقال من ثلاجة التجميد إلى فرن الخبز في رحلة واحدة". هذا التباين، الذي يعادل السفر من النرويج إلى المغرب خلال ساعات قليلة، يجعل اليمن حالة استثنائية على خريطة العالم المناخية.
فاطمة المكلاوية، أم لثلاثة أطفال، تصف معاناتها اليومية: "الحر نهاراً والبرد ليلاً يصيب أطفالي بالزكام المستمر، نغير الملابس 3 مرات يومياً". التأثيرات تمتد لتشمل الزراعة والثروة الحيوانية، حيث يحذر المختصون من خسائر محتملة في المحاصيل بسبب الصدمة الحرارية. على الصعيد البحري، تتراوح الأحوال من خفيفة الموج على سواحل المهرة وحضرموت إلى معتدلة على السواحل الغربية، مما يؤثر على أنشطة الصيد والنقل البحري. المزارعون ومربو المواشي يواجهون تحدياً يومياً في حماية ممتلكاتهم من هذه التقلبات القاسية.
بينما يتأقلم اليمنيون مع هذا التنوع المناخي المتطرف الذي يجعل بلادهم كقارة مصغرة، يبقى السؤال المحير: كيف لشعب واحد أن يعيش في ثلاثة عوالم مناخية مختلفة كل يوم؟ الإجابة تكمن في قدرة اليمنيين الاستثنائية على التكيف، لكن التحذيرات الأرصادية تؤكد ضرورة اتخاذ احتياطات إضافية خاصة للفئات الأكثر تأثراً. هل نحن مستعدون حقاً لمواجهة هذه القوة الطبيعية المذهلة التي تعيد تعريف مفهوم التنوع المناخي؟