في تطور مناخي صادم يهدد حياة الملايين، تستيقظ 8 محافظات يمنية اليوم على كابوس البرد القطبي الذي يخترق العظام كالسكاكين المثلجة. المركز الوطني للأرصاد يطلق تحذيراً أحمر عاجلاً: 24 ساعة قد تكون الأكثر برودة وخطورة هذا العام في المرتفعات اليمنية، حيث تنخفض الرؤية لأقل من متر واحد بسبب الضباب الكثيف الذي يغطي الطرقات كالحليب المسكوب.
"الضباب كثيف جداً.. لا أكاد أرى أمامي متراً واحداً"، يروي سالم السائق من ذمار وهو يرتجف من البرد القارس. وفي صنعاء، تقبع أم محمد البالغة 65 عاماً في منزلها المتواضع، تعاني من أمراض مزمنة وتخشى من تدهور حالتها الصحية بفعل البرد الذي يهاجم كالذئاب الجائعة. المتنبئ أحمد الأرصادي، خبير الطقس الذي حذر مبكراً من هذه الموجة القطبية، يؤكد: "هذه أشد موجة برد نتوقعها هذا الشتاء، والخطر محدق بالفئات الضعيفة."
تشهد المحافظات الجبلية - البيضاء وذمار وصنعاء وعمران وصعدة ومرتفعات إب والضالع ولحج - أجواءً قطبية تذكر بموجة البرد القاسية التي ضربت اليمن في شتاء 2010 واستمرت أسبوعاً كاملاً. د. عبدالله الجوي، متخصص في علوم الطقس، يحذر: "التغيرات الموسمية وحركة الكتل الهوائية الباردة تتفاعل مع التضاريس الجبلية المعقدة، مما ينتج عنه ظروف مناخية استثنائية." السواحل الغربية تشهد اضطراباً في البحر وارتفاع الأمواج يهدد الصيادين، بينما تثير الرياح النشطة الأتربة والرمال في المناطق الصحراوية.
يعيش المواطنون في المرتفعات الجبلية ساعات عصيبة، حيث يضطر الآلاف لتغيير روتين حياتهم اليومية تماماً. استهلاك الكهرباء للتدفئة يرتفع بشكل جنوني، والمستشفيات تستعد لاستقبال حالات طوارئ متزايدة، خاصة بين كبار السن والأطفال والمرضى. حركة المرور تشهد شللاً شبه تام في الطرقات الجبلية بسبب الضباب الذي يحجب الرؤية تماماً. الأسواق تشهد إقبالاً محموماً على المدافئ والملابس الشتوية، بينما ترتفع أسعار المحروقات بشكل ملحوظ، مما يضع عبئاً إضافياً على كاهل المواطنين محدودي الدخل.
المركز الوطني للأرصاد يؤكد أن التحسن التدريجي متوقع خلال 3-4 أيام القادمة، لكن الساعات الحالية تبقى حاسمة لسلامة المواطنين. الخبراء ينصحون بالبقاء في المنازل، ارتداء ملابس ثقيلة، فحص المدافئ لتجنب التسمم بأول أكسيد الكربون، وتجنب القيادة في الضباب الكثيف. هل نحن مستعدون فعلاً لمواجهة قسوة الطبيعة؟ الساعات القادمة ستحدد مصير الآلاف في مواجهة البرد القاتل.