في تطور صاعق هز أروقة السياسة الدولية، 30 دقيقة فقط احتاجها ولي العهد السعودي محمد بن سلمان لإقناع أقوى رجل في العالم بالتدخل شخصياً لإنقاذ 50 مليون سوداني من أسوأ أزمة إنسانية يشهدها العالم حالياً. وفي حدث تاريخي نادر، اتفقت جميع القوى السودانية المتحاربة للمرة الأولى منذ عامين على ترحيب استثنائي واحد - بينما تقرأ هذه السطور، قد تكون آخر فرصة ذهبية لإنقاذ السودان من الانهيار الكامل.
خلال مؤتمر الاستثمار السعودي-الأمريكي في واشنطن، كشف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تفاصيل مذهلة حول كيف غيّر محمد بن سلمان نظرته للأزمة السودانية في نصف ساعة فحسب. "الأمير محمد بن سلمان شرح لي الأوضاع في السودان في ظل حرب مروعة، كما شرح لي تاريخ السودان وثقافته وشعبه... وبعد 30 دقيقة من حديث ولي العهد بدأت في دراسة الأوضاع والتحرك في هذا الاتجاه"، قال ترامب في تصريح استثنائي. وفي لحظات تاريخية نادرة، رحّب رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان قائلاً: "شكراً سمو الأمير محمد... شكراً الرئيس ترامب".
ما يجعل هذه المبادرة استثنائية حقاً هو فشل جميع المحاولات السابقة من عواصم عالمية متعددة - الرياض وواشنطن والقاهرة والمنامة - على مدى عامين كاملين من الحرب المدمرة. تصنف الأمم المتحدة الأزمة السودانية كأسوأ كارثة إنسانية في العالم، متفوقة على جميع النزاعات الأخرى في القتلى والدمار. مثل دور هنري كيسنجر في وقف حرب أكتوبر 1973، يسعى ترامب الآن لحل عقدة سودانية كانت مستعصية كالحبل المبلل، بحسب تعبير المحلل السياسي د. صلاح حبيب الذي أكد أن "هذه خطوة كبيرة جداً تدفع في اتجاه حل المشكلة السودانية".
التأثير المباشر لهذه المبادرة يمتد لحياة ملايين السودانيين الذين يعيشون كابوساً يومياً من القصف والتشريد، حيث تسمع أصوات القصف المتواصل في الخرطوم وصرخات الأطفال النازحين في مخيمات بحجم مدن كاملة. الخطة الجديدة تنص على هدنة إنسانية لمدة 3 أشهر، تليها مفاوضات شاملة لتشكيل حكومة مدنية، وفق ما كشفه مبعوث الرئيس الأمريكي مساعد بولس. وفي خطوة نادرة تاريخياً، رحّبت حتى الحركة الإسلامية السودانية - المحسوبة على النظام المعزول - بهذه المبادرة، مما يشير إلى إجماع سوداني شامل لم نشهده منذ بداية الصراع.
مع ترحيب استثنائي من جميع الأطراف المتحاربة والقوى السياسية، تبدو فرصة تاريخية قد لا تتكرر لتحويل السودان من أسوأ أزمة عالمية إلى قصة نجاح إقليمية. المحلل حبيب يؤكد: "للمرة الأولى نرى مثل هذا الترحيب بمبادرة لوقف الحرب، خاصة أنها تحظى بدعم محمد بن سلمان المعروف بنفوذه الواسع وقدرته على إقناع الأطراف". السؤال الحاسم الآن: هل ستنجح 30 دقيقة من الحديث في إنهاء عامين من الجحيم السوداني؟