في تطور جوي استثنائي لم تشهده المملكة منذ سنوات، أعلن المركز الوطني للأرصاد عن توقعات بهطول أمطار غزيرة ستضرب 5 مناطق رئيسية خلال 4 أيام متتالية، في حالة جوية نادرة تغطي مساحة تزيد عن 300,000 كيلومتر مربع - أي ما يعادل مساحة إيطاليا كاملة. أكثر من 8 مليون مواطن سيشهدون هذا المشهد الطبيعي المذهل الذي يحمل الخير والتحدي في آن واحد.
وفقاً لمخرجات النموذج العددي السعودي، ستبدأ الحالة الجوية من يوم الاثنين القادم وتستمر حتى الخميس، مستهدفة مرتفعات جازان وعسير والباحة ومكة المكرمة، مع امتداد محتمل للمنطقة الشرقية. "هذه حالة استثنائية تتطلب استعداداً خاصاً من جميع المواطنين" حسب ما أكده خبراء الأرصاد. أبو محمد، المزارع الستيني من عسير الذي فقد 60% من محاصيله العام الماضي، يقول بعيون دامعة: "ننتظر هذه اللحظة منذ شهور، الأرض عطشانة والسماء أخيراً ستروي ظمأها".
لم تشهد المملكة حالة مطرية بهذا الانتشار الجغرافي والزمني منذ شتاء 2018، عندما أدت موجة مماثلة لتحسن 40% في الغطاء النباتي وإعادة إحياء المراعي الطبيعية. السبب وراء هذه الحالة الاستثنائية يكمن في تكون منطقة ضغط منخفض نادرة الحدوث في هذا التوقيت من السنة، مما يخلق ظروفاً مثالية لتكون السحب الممطرة. د. عبدالله الشهراني، خبير المناخ، يؤكد: "حالة جوية كهذه تحدث كل 3-4 سنوات فقط، وتأثيرها يستمر لأشهر".
التأثير لن يقتصر على الطقس فحسب، بل سيعيد تشكيل حياة الملايين خلال الأيام القادمة. المزارعون يستعدون لأكبر موسم ري طبيعي هذا العام، بينما السائقون والمسافرون يعيدون تنظيم خططهم تجنباً للمخاطر. فهد العتيبي، مصور الطبيعة، سافر 800 كيلومتر من الرياض إلى عسير خصيصاً لتوثيق هذا الحدث النادر: "مشاهد كهذه لا تتكرر كثيراً، الطبيعة تحتفل وأريد أن أوثق كل لحظة". بين فرحة المزارعين وحماس المصورين، تبقى هناك تحديات حقيقية تتطلب استعداداً جدياً: إمكانية تكون السيول في الأودية والمناطق المنخفضة، وضرورة تجنب القيادة في المسارات الخطرة.
96 ساعة قادمة ستعيد تشكيل خارطة 5 مناطق سعودية، حاملة معها الخير الذي طال انتظاره والتحديات التي تتطلب حكمة في التعامل معها. هذه الأمطار قد تكون بداية موسم شتوي استثنائي يعيد للأرض خضرتها وللمزارعين أملهم، شرط التعامل معها بالحذر والاستعداد المناسب. فهل ستكون هذه الموجة المطرية نقطة التحول التي تنتظرها المناطق الجنوبية والشرقية؟
